; رجل مات على دين إبراهيم زيد بن عمرو بن نفيل | مجلة المجتمع

العنوان رجل مات على دين إبراهيم زيد بن عمرو بن نفيل

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 10-سبتمبر-1996

مشاهدات 9

نشر في العدد 1216

نشر في الصفحة 58

الثلاثاء 10-سبتمبر-1996

  • عندما بلغ الرسول «صلى الله عليه وسلم» سلام زيد بن عمرو عليه في الجاهلية قال: «رحم الله زيد بن عمرو، فقد رأيته في الجنة يسحب ذيولًا وسوف يبعث يوم القيامة أمة وحده».

عندما تفتر همة الداعية فإنه يحتاج إلى طاقة حتى تحرك هذه الشحنات من السلب إلى الإيجاب، فإذا نشطت هذه الشحنات نجد أن هذا الداعية يضاعف جهده حتى ولو كانت هناك مثبطات تقلل وتعرقل من عزم هذه الهمة، وقد تكون هذه الهمة، وقد تكون هذه الهمة تحيي أمة ساكنة «رب همة أحيت أمة» نعم توقظ أمة إذا ما كانت هذه الهمة مقرونة ومرتكزة على قواعد الإخلاص، ولكن من أين يأخذ الداعية هذه الشحنات وما الأمور التي تشحذ هذه الهمة؟

إن النظر إلى نوافذ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والصالحين تزيد هذا الكون إشراقة وبهجة وتعطر ذكراهم أسماعنا بل ويخشع حيال ذكراهم التاريخ ويضعها في الذروة السامقة الباهرة النيرة، هذه النوافذ تطل بنا في عصر الجاهلية قبل أن يشرق نور الإسلام وتتعطر الدنيا بعبير الوحي.. وتتطهر الأرض من رجس الوثنية والكفر فقد قال الرسول عن زيد بن عمرو بن نفيل: «رحم الله زيد بن عمرو فقد رأيته في الجنة يسحب ذيولًا.. وسوف يبعث يوم القيامة أمة وحده» فدعونا نفتح هذه النافذة حتى تهب علينا نفحات هذا الرجل لنشحذ هممنا..

إنه زيد بن عمرو بن نفيل مات في الجاهلية قبل أن يشرق الكون بنور الإسلام، لم يعبد الأصنام، واستنكر وأد البنات، واجتهد في البحث  عن دين الخليل إبراهيم ليعبد الله ولا يشرك به شيئًا.

سفره للبحث عن دين يعبد به الله: ذهب إلى الشام والتقى بأكثر من راهب عرضوا عليه اليهودية والنصرانية فقال: «إنني أبحث عن دين الخليل إبراهيم» فقال أحدهم: «إنك تبحث عن دين لا يوجد الآن، ولكن سوف يبعث نبي رسول من ولد إسماعيل بدين جديد»، ثم رجع زيد من الشام وقد انقشعت عنه الحيرة والبلبلة.

صلاته عند الكعبة: كان يراقب الشمس حتى تغرب ثم يخرج إلى الكعبة ويصلي عندها ركعة واحدة وسجدتين، ولما سأله صديقه جحير بن أبي أهاب بما يفعل فقال له زيد ابن عمرو: «هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل لا أعبد حجرًا ولا أصلي إلا إلى هذا البيت» ثم رفع يده فقال: «اللهم أشهد أني على دين إبراهيم».

الدعوة إلى الله: وقد شهدته أسماء بنت أبي بكر وهو قائم يسند ظهره إلى الكعبة ويقول: «يا معشر قريش ما منكم اليوم أحد على دين إبراهيم غيري» وسمعه محمد بن عبد الله ابن جحش وهو يقول: «إن الشاة خلقها الله وأنزل من السماء ماء وأنبت لها الأرض.. ثم يذبحونها على غير اسم الله.. إنني لا أكل مما لم يذكر اسم الله عليه».

إنكاره للمنكر: وكان إذا رأى رجلًا يئد ابنته يقول له: «مهلًا لا تقتلها فأنا أكفيك مؤنتها» ثم يأخذها إلى أبيها، ويقول له: «إن شئت دفعتها إليك فإن شئت كفيتك مؤنتها».

حجه ووقوفه بعرفة: كان يحج ويقف بعرفة ويلبي قائلًا: «لبيك لا شريك لك ولا نِدَّ لك.. لبيك حقًا حقًا.. تعبدًا ورقًا.. مهما تجشمني فإني جاشم، عذت مما عاذ به إبراهيم».

وصيته قبل الممات: التقى ذات يوم بعامر بن ربيعة وقال له: «يا عامر إنني خالفت قومي واتبعت ملة إبراهيم وما كان يعبد إسماعيل من بعد فقد كانوا يهلون إلى هذه القبلة وأنا أنتظر نبيًا من ولد إسماعيل يبعث ولا أرى أدركه وأنا أؤمن به وأصدقه.. وأشهد أنه نبي.. فإن طالت بك المدة فرأيته فأقرئه مني السلام».

إيصال وصية زيد بن عمرو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: ويعتنق الإسلام عامر بن ربيعة ويحكي للرسول ما قاله زيد ابن عمرو فيتلألأ وجه الرسول كالبدر ويقول: «رحم الله زيد ابن عمرو فقد رأيته في الجنة يسحب ذيولًا.. وسوف يبعث يوم القيامة أمة وحده» وقد توفي وقريش تبني الكعبة قبل أن ينزل الوحي على الرسول بخمس سنوات وقد أنجب ابنه سعيد بن زيد..

نعم هكذا كانت همَّةُ زيدٍ شامخة عالية لم تجرفه تيارات الكفر والوثنية، بل كان يدعو أهل مكة رغم انشغالهم وانغماسهم في المعاصي وسفاسف الأمور، وثباته على أهدافه السامية جعله يواصل في دعوته ويتمسك بدينه ومبادئه حتى قال عنه الرسول: «يبعث يوم القيامة أمة وحده» وهكذا ظلت نافذة زيد مفتوحة تعطر أسماعنا وتحيي هممنا.. ونسأل الله أن يجمعنا وإياهم تحت ظل عرشه يوم القيامة وأن يعيننا على أن نسلك طريقهم ونسير على خطاهم حتى نلقاهم..

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

دعوة الإسلام في ترنداد

نشر في العدد 14

27

الثلاثاء 16-يونيو-1970

لقلبك وعقلك - العدد 14

نشر في العدد 14

31

الثلاثاء 16-يونيو-1970

حوار مع الشيطان

نشر في العدد 59

27

الثلاثاء 11-مايو-1971