; رسائل الإخاء: التحالف | مجلة المجتمع

العنوان رسائل الإخاء: التحالف

الكاتب الشيخ نادر النوري

تاريخ النشر الثلاثاء 13-أكتوبر-1987

مشاهدات 15

نشر في العدد 838

نشر في الصفحة 44

الثلاثاء 13-أكتوبر-1987

الدعوة إلى الله تحتاج إلى جو هادئ خال من المضايقات والعقبات في طريق الدعوة والداعي، لأن بناء الدعوة لا يقوم في الزلازل وانشغال البناة في مدافعة الأذى والاعتداء، لذا كان للمسلم أن يستعين بالمسلمين وغير المسلمين لحمايته ممن يريد إبداءه أو منعه من تبليغ دعوته، فقد كان المصطفى يعرض نفسه ودعوته في المواسم على قبائل العرب ليصدقوه ويمنعوه من أذى المشركين، ويحتمي بعمه «أبو طالب» الذي رفض التخلي عنه بالرغم من إغراء قريش وتهديدها ولما مات نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويطلب من المطعم بن عدي ليجيره حتى يبلغ رسالة ربه، ويقبل أبو بكر عرض ابن الدغنّة للدخول في جواره. ويخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف، ويحاول حقن دماء أصحابه من إيذاء الكفرة وبطشهم بأمرهم بالهجرة إلى الحبشة لأن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد، ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صار الكفار معه ثلاثة أقسام: قسم صالحهم ووادعهم على ألا يحاربوه ولا يظاهروا عليه ولا يوالوا عليه عدوه وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم، وقسم حاربوه ونصبوا له العداوة، وقسم تاركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه، بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه، ثم من هؤلاء من كان يحب ظهوره وانتصاره في الباطن «كخزاعة مسلمهم وكافرهم كانوا عيبه نصح رسول الله» ومنهم من كان يحب ظهور عدوه عليه وانتصارهم عليه، ومنهم من دخل معه في الظاهر وهو مع عدوه في الباطن ليأمن الفريقين «وهم المنافقون» فعامل كل طائفة من هذه الطوائف بما أمره ربه، فصالح يهود المدينة، وكتب بينه وبينهم كتاب أمن، وصالح قريشًا وأهل خيبر لما ظهر عليهم ووادع بني مدلج وحلفائهم بني ضمرة وغير ذلك من القبائل تحييدًا لهم.

وفي هذه الوقائع من الفقه جواز الابتداء بالصلح مع العدو إذا تحققت المصلحة للمسلمين وإن كان فيه ضيم للمسلمين للمصلحة الراجحة، ودفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما.

قال ابن القيم تعليقًا على الحديث الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديبية: «والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» البخاري، قال: إن المشركين وأهل البدع والفجور والبغاة والظلمة إذا طلبوا أمرًا يعظمون فيه حرمة من حرمات الله تعالى أجيبوا إليه وأعطوه وأعينوا عليه وإن منعوا غيره، فيعانون على تعظيم ما فيه حرمات الله تعالى لا على كفرهم وبغيهم ويمنعون مما سوى ذلك، فكل من التمس المعاونة على محبوب لله تعالى مرض له أجيب إلى ذلك كائنًا من كان وهذا من أدق المواضع وأصعبها وأشقها على النفوس» ٢/ ۱۸۲زاد المعاد.

وقال صلى الله عليه وسلم: لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعي به في الإسلام لأجبت، وقال: لا حلف في الإسلام «أي مما يمنعه الشرع كنصر الحليف في الجاهلية ولو كان ظلمًا» وأيما حلف كان في الجاهلية «أي التحالف على طاعة الله من نصر المظلوم وإزالة الظلم والمؤاخاة في الله والقيام في أمر الدين وحفظ العهد» لم يزده الإسلام إلا شدة... رواه مسلم.

فشروطه إذن ألا يكون على حساب معاني الإسلام أو التنازل عن شيء منها، مع التوثق ممن يتحالف معه والاطمئنان إلى عدم خيانته أو كشف ما اطلع عليه، وكل هذه أمور تقديرية تخضع للمصالح الشرعية وتقدير مدى الحاجة إلى ولوج هذا المسلك .

المراجع: السيرة وزاد المعاد وأصول الدعوة لزيدان.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

ندوة الأسرة الأسبوعية - العدد 11

نشر في العدد 11

14

الثلاثاء 26-مايو-1970

أفعى خيبر (قصة تاريخية قصيرة)

نشر في العدد 19

15

الثلاثاء 21-يوليو-1970

المجتمع التربوي (1270)

نشر في العدد 1270

733

الثلاثاء 07-أكتوبر-1997