العنوان رسائل للتبصير والتقدير
الكاتب أبو اليزيد العجمي
تاريخ النشر السبت 24-يناير-2009
مشاهدات 12
نشر في العدد 1836
نشر في الصفحة 22
السبت 24-يناير-2009
أيها المحسنون بالصهاينة ظنًا: حقائق التاريخ تفضحهم فأقرأوها وتفهموا حقائقها لتعلموا أنكم واهمين.
هل نسينا ما جاء في التلمود: لا يجوز لليهودي أن يشفق على غير اليهودي ولا أن يعينه بل إذا وجده واقعا في حفرة سدها عليه ؟!
حيال ما جرى في غزة من إرهاب اليهود وجرائمهم نجد الناس فئات ثلاثة:
الفئة الأولى: من يؤملون خيرا في الصهاينة ويرون إمكانية إقامة علاقات معهم إلى حد أن بعضهم فعل هذا، ويدعو غيره إلى أن يفعل، الأمر الذي جعل هذه الفئة - بعيداً عن الاتهامات - تضطرب في مواقفها تجاه ما حدث في غزة من فظائع.
الفئة الثانية: مجموع الجماهير العربية والمسلمة الذين هبوا وانتفضوا مع المقاومة في غزة، وسلكوا الطرق المتاحة لهم، دعاء وعطاء، بعد أن منعوا - بشكل أو بآخر- من الجهاد بالنفس مع إخوانهم في غزة.
الفئة الثالثة: غزة مقاومة وشعبا.
وواجبنا نحن معشر العلماء والدعاة أن نبصر وأن نقدر، لذا فهذه رسائل ثلاث أقصد منها تبصيراً وتحذيراً للفئة الأولى لعلهم يعيدون النظر في موقفهم، وأقصد منها تبصيرا وتنويرا للمستقبل، وما يجب أن تكون عليه رؤية هذه الفئة حتى تستدرك ما فاتها قبل الحدث الذي نعيشه، حرصا على الفهم الصحيح لقضية الصراع بين الحق والباطل في أزليته وأبديته، أما رسالتي إلى الفئة الثالثة (غزة .. مقاومة وشعبا) فهدفها اعتراف بالفضل لذويه، وبيان المشاعرنا تجاه العمل العظيم الذي يقومون به.
الرسالة الأولى
أيها المحسنون بالصهاينة ظناً، أيها المؤملون في السلام معهم، أيها المفسرون لمذبحتهم في غزة على أنها مسوغة وطبيعية إلى حد أن اضطربت مواقفكم وتصريحاتكم أقول لكم :
حقائق التاريخ تفضح من تثقون فيهم وتدعوكم إلى أن تقرؤوا وتفهموا حقائق التاريخ، لتعلموا أنكم واهمون بل على خطأ عظيم فيما تذهبون إليه، فضلا عن أنكم تقترفون إثما عظيما، لأنكم لم تكونوا مع مجموع أمتكم، فكأنكم حسبما تنطق تصرفاتكم لستم إخوة لهم.
وإذا كان «بن جوريون» وضع أساساً فلسفيا لسياسة الرعب والعنف والتدمير عندما ذكر أن البندقية وجدت من أجل إطلاق النار، وأن الجندي وجد من أجل القتل. (مدكور، عبد الحميد: بحث عن الصهيونية نقلا عن مقال جذور المرتكزات الفكرية للإرهاب الصهيوني للدكتور طلال الخالدي مجلة الفكر العربي ص (۱۲۳).
أقول: إن ما قاله «بن جوريون» مرتكزاً على كتبهم المقدسة التي حرفوها منذ عهد موسى - عليه السلام: «حين تقترب مدينة لكي تحاربها، استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف... هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا» (سفر التثنية ٢٠ / ١٠ . ۱۸).
وفي مكان آخر : «وقد طبق يشوع ذلك على بعض المدن التي دخلها، فأحرقها بالنار وقتل جميع من فيها ». (سفر يشوع الإصحاح السابع والثامن).
وهذا المعنى للقتل والتدمير، ولإعطائه صفة الدين جعل المؤرخ وول ديورانت يقول: « إننا لا نرى في كتاب ما نراه في أسفار العهد القديم من حديث التقتيل والتدمير وكأن الكهنة أنفسهم مولعون بالحروب ولعهم بالمواعظ، وكانت العادة المتبعة أن تدمر المدن التي يستولون عليها في حروبهم، وأن تقطع بحد السيف رقاب جميع الذكور من سكانها ». (قصة الحضارة ٣٧٦/٢).
وحتى لا يقال: إن المعاصرين أبناء حضارة - وليسوا كذلك - نقول لهم: إن واحدا من زعمائهم المعاصرين، «جابوتنسكي» قال: «إن التوراة والسيف أنزلا علينا من السماء»، وتبعه تلميذه «بيجن» قائلا : « إن قوة التقدم في العالم ليست للسلام بل للسيف».. ثم يقول: «أنا أحارب، إذن أنا موجود». (الأيديولوجية اليهودية د. عبد الوهاب المسيري ٢٦١/١).
وهل نسينا ما قاله «مائير كاهانا» (زعيم حركة كاخ» (الشديدة العداء للعرب)، قال: «أعطوني السلطة لكي أتعامل مع العرب مرة واحدة».. ثم قال مرة أخرى: «العرب سرطان سرطان وسطنا، إنني أقول لكم ما يفكر فيه كل واحد منكم في أعماق قلبه ليس هناك سوى حل واحد .. أيها العرب اخرجوا، ولا تسألوني كيف.. دعوني أكن وزيرا للدفاع شهرين، ولن تجدوا صرصارا واحداً هنا إنني أعدكم بأرض إسرائيل نظيفة» (عبد الحميد مدكور: بحث عن الصهيونية في كتاب الثقافة الإسلامية نشر جامعة قطر، ص ۳۷۳).
فإذا أضفنا إلى ما سبق ذكره ما جاء في التلمود (أحد مصادرهم المقدسة): «لا يجوز لليهودي أن يشفق على غير اليهودي، ولا أن يرحمه ولا أن أن يعينه، بل إذا وجده واقعا في حفرة سدها عليه» (الكنز المرصود في فضائح التلمود ص ٧٦).
وما جاء في «بروتوكولات حكماء صهيون»، من هدم الحكومات في كل الأقطار الإسلامية، والاستعاضة عنها بحكومة ملكية استبدادية يهودية .. وذلك عن طريق إغراء الحكام باضطهاد الشعوب.. ثم إلقاء بذور الخلاف والشغب في كل الدول عن طريق الجمعيات السرية السياسية والدينية.. والمحافل الماسونية». (بروتوكولات حكماء صهيون ص ۳۱ - ترجمة: عجاج نويهض).
قلت: آمل أن تكون هذه الرسالة واضحة الدلالة حتى يعود أصحاب الفئة الأولى إلى ساحة الأمة المسلمة، فتتبنى مواقفها ونظرتها إلى هذا العدو الذي أظهر القرآن والسنة حقيقة أخلاقه، وأسفرت كتبه المقدسة عما يدمغه بالإرهاب والعداء للإنسانية.
الرسالة الثانية
إلى الجماهير المسلمة والعربية التي انتفضت وثارت على فهم الفئة الأولى، ونادت بأعلى صوتها : يا قومنا أجيبوا داعي الله ولبوا نداءه للجهاد وامنحونا هذه الفرصة لنؤدي حق الله علينا، فتنصر إخواننا ونؤدي واجبنا الذي هو فرض عين على كل مكلف... ولما لم يتمكنوا من ذلك دعوا وأعطوا للنصرة قدر طاقتهم.
أقول لكم : لقد ظننا - وأنا واحد منكم - إننا بذلك نكون قد أبرأنا الذمة، دعونا وأعطينا، وسنواصل العطاء إن شاء الله.
ولكن حينما سألت نفسي وما الذي أوصلنا نحن معشر العرب والمسلمين إلى هذه الحالة التي تحتل فيها أرضنا، ويراق دمنا، وتنتهك أعراضنا، ونخرج من بيوتنا ....
إلى آخر ما تعرضنا له وتتعرض له غزة من الذي أوصلنا إلى هذه الحال؟
وجدت الإجابة تحملنا مسؤولية أننا ساهمنا في الوصول إلى هذه الحال؛ لأننا أولا: جهلنا أو تجاهلنا الصراع بين الحق والباطل، وكونه أزلياً أبدياً، فمنذ نزول آدم وحواء وإبليس من الجنة قضى الله بهذا الصراع: ﴿قال اهبطا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِينَكُم مَنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ ولا يَشْقَى (۱۲۳) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذكري فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(١٢٤) ﴾ (طه) .
وهذا الصراع مع حتميته بين الله كيفية التعامل معه ليتحقق النصر، وذلك بالاستعداد : ﴿وأعدُوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قَوَّة وَمِن رَبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وآخرين من دونهم لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تنفقوا من شيء في سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ (الأنفال).
جهلنا وتجاهلنا الصراع ولم نستعد المواجهته أو لإدارته.
ثانيا: عرفنا تاريخ العداء بين الحق والباطل، وبخاصة اليهود، ماذا فعلوا في السنوات الأولى من الرسالة، وظل كيدهم حتى أسقطوا الخلافة، وحتى أقاموا لهم دولة على أرضنا ظلما وعدوانا، واستمرت شناعتهم.. أعني علمنا هذه الحقائق وغيرها مما ذكرته لأصحاب الرسالة الأولى - لكننا لم نبقها في وجداننا، ولم نغرسها في تربية أجيالنا، وإعلامنا؛ لذا ماتت قضية الصراع أو شوهت من أعدائنا ، بل وشوهنا نحن نظراً لتصرفاتنا وسلبيتنا، وغلبت علينا مفاهيم التجزئة مصر لمصر، وفلسطين لفلسطين وسورية لسورية، وهلم جرا ....
أقول: لو وعينا حقيقة الصراع وعملنا له بدءا من الإيمان والثقة في الله وفي أنفسنا، ومرورا بالاستعداد بكل أنواعه، وتركيزا على أن يظل الصراع والتعامل معه حيا في نفوسنا، نعمل ونورثه للأجيال، أقول: لو فعلنا ذلك لما وصلت بنا الحال إلى ما نحن عليه.
الرسالة الثالثة
الأهل غزة مقاومة وشعبنا، رسالة الإكبار والتقدير، ولذا لن تكون إسهاباً مطولاً، لكنها اعتراف وشهادة ندين لله بها، فنقول:
* أراكم تحققون أن الجهاد فريضة ماضية، ولذا فأنتم على ذروة الإسلام وسنامه.
أراكم أول من لبى نداء الله سبحانه: ﴿انفروا خفافا وثَقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وأنفسكم في سبيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تعلمون (٤) ﴾ ( التوبة).
* أراكم وقد فضلكم الله على المؤمنين القاعدين: ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أَوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله بأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضْلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بأموالهم وأنفسهم على القاعدين دَرَجَةً وكلا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى القاعدين أجْرًا عَظِيمًا (10) ﴾ (النساء).
* أراكم تعلمون الأمة، بل والبشرية كلها معنى ﴿ولله العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِن الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨) ﴾ (المنافقون). فأنتم غزة العزة»، لأنكم مؤمنون لا تقبلون الدنية في دينكم ولا في دنياكم: «لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه».
أراكم ممتثلون لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ (الأنفال).
* أراكم والنصر يلوح أمامكم، ثقة منكم في قوله تعالى: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لقوي عزيز (الحج)، وقوله: ﴿ ولقد سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (۱۷۳) ﴾ (الصافات) ..
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
قراءة في فقه الشهادة (٣ من ٣)- القتال الاقتحامي ضرورة شرعية
نشر في العدد 1201
12
الثلاثاء 28-مايو-1996