; فتاوى المجتمع: 1843 | مجلة المجتمع

العنوان فتاوى المجتمع: 1843

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 14-مارس-2009

مشاهدات 23

نشر في العدد 1843

نشر في الصفحة 48

السبت 14-مارس-2009

زراعة الشعر.. بين المنع والجوائز

مع التطور الهائل في الطب الحديث ظهر ما يعرف بـ «عمليات التجميل»، والتي غالباً تكلف أموالاً باهظة في إجرائها، ومن تلك العمليات التي انتشرت في عصرنا بل خصصت لها مستشفيات زراعة الشعر، وتجري عملية زرع الشعر لمن يعاني من الصلع وسقوط شعر الرأس والحاجبين والأهداب واللحية والشارب.

وتقوم هذه الطريقة على أخذ شريحة من جلد فروة الرأس الذي يحتوي على شعر وزرعها في المكان الخالي، وتتم عملية الزراعة بالخطوات الآتية كما ذكرها الدكتور سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:

1- تجرى العملية تحت التخدير الموضعي بحيث لا يحس المريض بأي ألم، وفي الوقت نفسه يكون واعياً بما يجرى حوله.

٢- يتم تحديد المنطقة المانحة التي يؤخذ منها «الشعر» خلف الرأس، وعادة ما تكون بعرض 1 سم وطول ١٥ سم.

٣- تستأصل شريحة من مؤخرة فروة الرأس بحيث تحتوي على كمية وافرة من بصيلات الشعر.

4- تقفل فروة الرأس باستخدام خيوط أو دبابيس جراحية، وتلتئم بسرعة، ويختفي أثر العملية بعد عدة أشهر.

5- تقطع الشريحة إلى قطع صغيرة ثم إلى بصيلات شعر عديدة.

٦- يتم إحداث عدة ثقوب صغيرة جداً باستخدام إبرة رفيعة في المنطقة التي يحددها الجراح لزراعة الشعر في مقدم الرأس وأعلاه.

7- تزرع بصيلات الشعر في المناطق المحددة بطريقة متفرقة بحيث تعطي منظراً طبيعياً عند نموها، كما تسمح الفراغات التي بين بصيلات الشعر بوصول الدم إليها. 

8- تستغرق العملية عدة ساعات بناء على عدد بصيلات الشعر المطلوبة.

٩- يذهب المريض إلى البيت في اليوم نفسه. 

١٠- يتساقط الشعر المزروع خلال ثلاثة أسابيع أو أربعة، لكنه يبدأ دورة نمو جديدة ليظهر بعد مدة «۱۲ - ١٦ أسبوعاً» من عملية الزراعة. 

وللحصول على نتائج أفضل يمكن تكرار الجلسات «۲ - ٥ » جلسات لملء الفراغات التي بين بصيلات الشعر.

أقوال العلماء المعاصرين

في زراعة الشعر

اختلف الفقهاء المعاصرون في المسألة على ثلاثة آراء:

القول الأول: جواز زراعة الشعر وهو رأي جمهور الفقهاء المعاصرين منهم الشيخ ابن العثيمين - يرحمه الله - والشيخ محمد صالح المنجد، ونقله عن ابن العثيمين والدكتور نصر فريد واصل - مفتي مصر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية - والدكتور عبد الله الفقيه، والدكتور حسام الدين عفانة أستاذ الفقه والأصول بجامعة القدس بفلسطين، والدكتور يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بالسعودية، وغيرهم. 

القول الثاني: تحريم زراعة الشعر وقال به بعض العلماء المعاصرين، وهو ما ذهب إليه الشيخ صالح الفوزان.

القول الثالث: وهو التوقف، وهو أحد رأيين للشيخ ابن عثيمين.

قال الشيخ ابن العثيمين في برنامج لقاء الباب المفتوح حين سئل عن استزراع الشعر : «أنا أتوقف في هذا؛ لأن النبي ﷺ لعن الواصلة والمستوصلة، واستأذنته امرأة في أن تصل شعر ابنتها لأنه مزقته الحصبة فمنع من ذلك. والحمد لله أن الإنسان إن كان عنده نشاط فذهاب الشعر لا يضره، وإن كان ضعيفاً لو زرع الشعر لا ينفعه».

أدلة التحريم

واستند من قال بتحريم زراعة الشعر إلى أنه من الوصل المنهي عنه شرعاً، كما جاء في فاطمة بنت المنذر تقول: «سمعت أسماء قالت: سألت امرأة النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فامرق شعرها وإني زوجتها أفأصل فيه فقال: «لعن الله الواصلة والموصولة» (البخاري في صحيحه ج 5 ص ۲۲۱۸ حديث رقم : ٥٥٩٧).

أدلة الجواز

واستدل جمهور الفقهاء المعاصرين بعدد من الأدلة، أهمها :

ما جاء في قصة الثلاثة من بني إسرائيل وفيها أن رسول الله ﷺ قال: «إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً .. فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قدرني الناس قال: فمسحه فذهب عنه وأعطي شعراً حسناً ... » الحديث.

ووجه الدلالة: أن الملك مسح على هذا الأقرع فذهب عنه قرعه وأعطي شعراً حسناً فدل ذلك على أن السعي في إزالة هذا العيب واستنبات الشعر الحسن لا بأس به، إذ لو كان محرماً لما فعله الملك. كما يرى الدكتور سعد الخثلان.

- أن من قال بالتحريم من اعتبار زرع الشعر من تغيير خلق الله ليس كذلك، ولكنه من باب رد ما خلق الله عز وجل وإزالة العيب وما كان كذلك فإن قواعد الشريعة لا تمنع منه، وأن الصلع والقرع يعتبر من العاهات التي تسبب ألماً نفسياً عند كثير من الناس والتداوي منها أمر مطلوب، وأن المحرم ما كان المقصود منه التجميل والزيادة في الحسن، وأما ما وجدت فيه الحاجة الداعية إلى فعله فإنه لا يشمله النهي والتحريم. كما يرى الشيخ ابن العثيمين وغيره.

الترجيح

والراجح جواز زراعة الشعر، وأن الحديث الذي استدل به من قال بالتحريم وإن كان في صحيح البخاري، فإنه يتحدث عن وصل الشعر وليس زراعته، وأن الوصل غالباً ما يكون من شعر آخر، وهو محرم، وأن المقصود من الوصل هو تطويل الشعر وتكثيره من باب الزينة، أما الزراعة، فالمقصود منها إحياء منابت الشعر، وأن الوصل يكون بربط الشعر الموصول بالشعر الموجود فعلاً، والزراعة إنبات للشعر في المناطق التي لا يوجد بها واشترط الدكتور عبد الله الفقيه والدكتور يوسف القاسم ألا يترتب على هذه الزراعة ضرر على الإنسان يضر بجسده، لأن من أوجه القول بالجواز إزالة الضرر، كما يذهب الدكتور يوسف القاسم إلى أنه يجب التفريق في زراعة الشعر بين الرجال والنساء فحاجة النساء إليه أكثر من حاجة الرجال خاصة كبار السن، ولاسيما أن الصلع أضحى ظاهرة في الرجال، ولكن يكون الجواز في الرجال كما النساء في حال الشباب، وهو خلاف بينه وبين الدكتور نصر فريد واصل الذي يساوي في الحكم بين الرجال والنساء وإن كان كل منهما يرى الجواز.

وإن كان الراجح هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء المعاصرين من القول بجواز زراعة الشعر شريطة ألا تكون من شعر شخص آخر، فإنه يجب الانتباه إلى عدم الانشغال بهذا الأمر إلى الحد الذي يدخل فيه الإسراف، ولكنه يبقى من باب التداوي المباح والذي يكون فيه الأمر ليس تغيير خلق الله. ولكنه رد ما خلق الله على ما كان عليه.

من فقهاء الصحابة

أبو أمامة الباهلي

هو صدي بن عجلان بن وهب، أبو أمامة الباهلي غلبت عليه كنيته، صحابي كان مع علي في «صفين». 

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة ومعاذ وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وغيرهم، رضي الله عنهم، وروى عنه أبو سلام الأسود ومحمد ابن زياد الألهاني وخالد بن معدان وغيرهم. 

توفي في أرض حمص، وهو آخر من مات من الصحابة بالشام له في الصحيحين ٢٥٠ حديثاً، وتوفي سنة «۸۱ ه».

من آرائه الفقهية

أنه كان يرى جواز تلقين الميت بعد الدفن وصيغته: «يا فلان بن فلان اذكر دينك الذي كنت عليه وقد رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً» رواه الزيلعي.

ومنها: أنه نقل عنه جواز التهنئة، وذلك بصيغة: تقبل الله منا ومنك, قال أحمد: إسناد حديث أبي أمامة جيد.

ومنها: أنه واحد من خمسة من أصحاب رسول ﷺ كانوا يقصون شواربهم ويعفون لحاهم ويصغرونها: «أبو أمامة الباهلي وعبد الله بن بسر، وعتبة بن عبد السلمي والحجاج بن عامر الثمالي، والمقدام بن معدي كرب الكندي، كانوا يقصون شواربهم مع طرف الشفة». رواه البيهقي.

ومنها: أنه كان لا يرى وجوب الوضوء بأكل شيء مما مسته النار، وبه قال جمهور العلماء..

ومنها: أنه كان لا يرى نقض الوضوء بأكل لحم الجزور والإبل. وذلك لحديث: الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل أخرجه الدارقطني. «الإصابة ۲ / ۱۸۲ والاستيعاب ٢ / ٧٣٦، وطبقات ابن سعد ٧ / ٤١١ والأعلام ٣ / ۲۹۱، والموسوعة الفقهية».

الإجابة للدكتور عجيل النمشي

الزواج بنية الطلاق

  • رجل تزوج امرأة في بلاد غربية ونيته تطليقها حين يعود فهل هذا العقد صحيح؟ 

اختلف الفقهاء في النكاح بنية الطلاق إلى ثلاثة اتجاهات:

الأول: صحة العقد وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة في قول جزم به ابن قدامة في المغني، ولخص حجج القائلين به فقال: «إذا تزوج امرأة بنية الطلاق بعد شهر أو أكثر أو أقل فالنكاح صحيح سواء علمت المرأة أو وليها بهذه النية أم لا، وذلك لخلو هذا العقد من شرط يفسده، ولا يفسد بالنية، لأنه قد ينوي ما لا يفعل ويفعل ما لا ينوي». 

الثاني : كراهة العقد وهو قول الشافعية والإمام مالك، وأحمد، وابن تيمية. 

الثالث: بطلان العقد وهو مذهب الحنابلة على الصحيح، وقول الإمام الأوزاعي، وحكي عن الإمام أحمد أنه إن عقد بقلبه تحليلها للأول أو الطلاق في وقت بعينه لم يصح ولعل الراجح من هذه الأقوال المنع من إبرام هذا العقد فهو عقد باطل للأسباب الآتية:

أولاً: مخالفة هذا العقد مقاصد الشرع الحنيف من هذا العقد في تكوين أسرة وإقامة بيت مسلم يحقق فيه الطمأنينة والسكينة، وينعم فيه الأبناء بتربية حميدة بين أب وأم متفاهمين، ولذا افترض الشرع ديمومة العقد. 

ثانيا: أنه لا فرق بينه وبين زواج أو عقد المتعة المتفق على حرمته عند أهل السنة وذلك لاشتراكهما في المقصد.

ثالثاً: الغش والتدليس، فإن إضمار نية الطلاق يقتضي المنع. لأنه تضمن إضمار أمر لو علمه الطرف الثاني وهي الزوجة أو أولياؤها لامتنعوا عن إبرام العقد.

الرابط المختصر :