العنوان شمس الحرية تغيب عن مدينة حلب
الكاتب عمار حمو
تاريخ النشر الأحد 01-يناير-2017
مشاهدات 708
نشر في العدد 2103
نشر في الصفحة 38

الأحد 01-يناير-2017
طويت صفحة من صفحات الثورة السورية في مدينة حلب، بإفراغ أحياء حلب الشرقية من أهلها وثوارها، في عملية «تهجير قسري» هي الأكبر على الساحة السورية، منذ أن سنّ نظام «الأسد» تلك السياسة الرامية إلى تغيير ديموجرافي على أساس «طائفي».
أُفرغت أحياء حلب من 35 ألف مدني وعسكري معارض – وفق تصريحات للأمم المتحدة – بعد اتفاق بين فصائل المعارضة العسكرية وروسيا بوساطة تركية، وجاء ذلك بعد حصار لمدة 4 شهور من الحصار، ذاق أهل حلب الشرقية صنوفاً من العذاب، من شحّ في المواد الغذائية، وانعدام لبعض الأدوية، وغياب للمستشفيات بعد أن دُمرت جميعاً نتيجة القصف الروسي.
في هذه الأثناء كانت – وما زالت – أحياؤها الغربية تمارس حياتها، فبينما تغيب أشكال الحياة عن الأحياء الشرقية، تجدها في الغربية مطاعم وسهرات وحياة طبيعية، كانت أبشعها عندما رقص الموالون فيها بما رأوه انتصاراً لحلب، فيما كان أبناء مدينتهم ينزحون وسط ظروف معيشية وجوية صعبة!
بدأ تنفيذ اتفاق الإجلاء – فعلياً - يوم الخميس 15 ديسمبر 2016م، بمشاركة الهلال الأحمر السوري، وجاء مشاركة الأخير بعد خرق الاتفاق من نظام «الأسد» ومليشياته، وإطلاق النار على سيارات إسعاف كانت تقلّ جرحى من الأحياء المحاصرة، قُتل جراءها شخص وأصيب 5 آخرون بينهم قائد فوج الدفاع المدني في حلب بيبرس مشعل.
عرقلت إيران عبر أذرعها في سورية عمليات الإجلاء من خلال استهداف القوافل، أو توقيفها لساعات طويلة على حواجزها، بهدف إدراج بند يسمح بإجلاء أعداد من بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، وهما بلدتان شيعيتان مواليتان لنظام «الأسد»، وتم لها ذلك، حيث أخلي أكثر من 1500 شخص من البلدتين إلى مناطق نظام «الأسد» في حلب.
فصل مأساوي جديد
في 23 ديسمبر 2016م أعلن نظام «الأسد» سيطرته على مدينة حلب وخلوّها من الثوار، وفي اليوم ذاته قال مهند مخزوم، ناشط ميداني من حلب لـ«المجتمع»: «اليوم مدينة حلب عدو.. بعد اكتمال خروج المدنيين والثوار منها»!
انتقل المهجّرون إلى فصل جديد من فصول المأساة بعد وصولهم إلى ريف حلب الغربي، إذ قالت مصادر إغاثية لـ«المجتمع»: أعداد المهجّرين كبيرة، والحاجة تفوق الجهود المبذولة، وما زاد من معاناتهم العاصفة الثلجية التي غطّت الشمال السوري، وقد سُجل وفاة 5 أشخاص من مهجّري أحياء حلب نتيجة الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة والظروف الصعبة التي عاشوها بعد خروجهم من مدينتهم.
ورغم وجود منظمات وهيئات إغاثية فيما يعرف بـ«النقطة صفر» لاستقبال المهجّرين في حي الراشدين بريف حلب الغربي، فإن هناك فجوة كبيرة بين الجهود المبذولة واحتياجات المهجّرين، لن يتم التغلب عليها إلا بجهود دول ومنظمات دولية.
وتركت عملية التهجير القسري آثاراً سلبية على المدنيين في أرياف حلب المحررة، لعلّ أهمها إحداث أزمة سكن؛ ما أدى إلى ارتفاع في أسعار الوحدات السكنية تفوق احتياجات السكان الأصليين للريف والقادمين الجدد.
ومن التحديات التي واجهت المهجّرين والمنظمات الداعمة لهم على حدّ سواء تدهور الأوضاع الصحية للمهجّرين، ووجود مئات الجرحى تتراوح حالة إصابتهم بين المتوسطة والخطيرة، وسط تدني مستوى الخدمات الطبية في مناطق المعارضة شمال سورية عموماً، ووقوعها تحت مرمى نيران «الأسد» وروسيا.
فيما سمحت تركيا للحالات الحرجة بالدخول للعلاج على أراضيها، ووفق مصدر طبي من منظمة «UOSSMS»، فإن 500 مصاب وصل إلى الأراضي التركية لتلقي العلاج، بينما المئات توزعوا على المستشفيات والمراكز الطبية في المناطق المحررة.
وقد ألقت عملية التهجير بثقلها على كل مناطق المعارضة السورية من شمال سورية إلى جنوبها، رغم أنها ليست العملية الأولى، فقد سبقتها عمليات تهجير عدّة من ريف دمشق مثل داريا، ومعضمية الشام، وقدسيا، والهامة، والتل.
رمزية كبيرة
لمدينة حلب رمزية كبيرة لنظام «الأسد» ومعارضيه، ويسعى كل طرف أن يكسبها لجانبه؛ لما تمثله من ثقل على الخارطة السياسية والعسكرية، فحاول نظام «الأسد» أن يجعل حلب بمنأى عن الحراك الثوري.
يذكر أن مدينة حلب شهدت أول مظاهرة مناهضة لنظام الأسد في 25 مارس 2011م، بعد 10 أيام على اندلاع الثورة السورية، ولكن المدينة عادت للهدوء؛ ما دفع تنسيقيات وناشطي الثورة السورية إلى إطلاق جمعة أسموها «بركان حلب» في 30 يونيو 2011م لتأجيج المظاهرات السلمية فيها.
وفي 22 يوليو 2011م أطلق الثوار معركة «الفرقان»؛ بهدف تحرير الأحياء الشرقية للمدينة من نظام «الأسد»، وسيطروا في معركتهم على أكثر من 60% من أحياء المدينة.
خلت أحياء حلب من أهلها بعد 4 شهور من الحصار المفروض على 279 ألف مدني، وخروج كل مستشفياتها من الخدمة – بحسب بيان صادر عن مديرية صحة حلب الحرة – ومع تقدم النظام على مناطق المعارضة، نزح الآلاف من أهلها إلى مناطق سيطرة النظام أو الأكراد، فيما حوصر 40 ألف مدني في 4 أحياء لا تتجاوز مساحتها كيلومترين مربعين.
اقتاد النظام المئات من شباب مناطق المعارضة بعد سيطرته عليها إلى معسكرات لتجنيدهم إجبارياً، وبحسب شهود لـ«المجتمع»، وقع في معارك حلب الأخيرة عدد من القتلى في صفوف النظام كانوا من المحاصرين بأحياء حلب الشرقية.
كما قام النظام بحملة إعدامات ميدانية بحق العشرات من أبناء المناطق المحاصرة بعد تقدمه إليها، رغم إعطائهم الأمان!
وبعد إفراغ الأحياء من أهلها لم تسلم من انتهاكات نظام «الأسد» والمليشيات المساندة له، حيث استغلت مليشيات تابعة للنظام ظروف المدينة الراهنة، وقاموا بعمليات السرقة والتعفيش؛ وهي ظاهرة انتشرت في أكثر من مدينة سورية بعد تقدم نظام «الأسد» إليها (مدينة حمص مثالاً).
وبحسب أحد أبناء مدينة حلب؛ فإنه على الرغم من الأخطاء التي ارتكبها الثوار على مدى 5 سنوات من سيطرتهم؛ فإن إبرة لم تسرق من أملاكنا، ليأتي عناصر النظام ويسرقون كل شيء في مدة لا تتجاوز 15 يوماً من السيطرة!
محافظة حلب هي أكبر المحافظات السورية، وتعدّ أهم مركز صناعي في سورية، فضلاً عن أهميتها التجارية والزراعية، وأعطاها موقعها الحدودي مع تركيا أهمية إستراتيجية كبيرة.>
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلمن ثمرات التاريخ.. عين جالوت أو قفت الكارثة عن العالم (1من2)
نشر في العدد 1778
29
السبت 24-نوفمبر-2007


