العنوان طائفة الدروز
الكاتب عصام الجيتاوي
تاريخ النشر الثلاثاء 25-أبريل-1978
مشاهدات 9
نشر في العدد 396
نشر في الصفحة 32
الثلاثاء 25-أبريل-1978
حركات ومذاهب هدامة
سموا بالدروز نسبة لأحد واضعي مذهبهم وهو «محمد بن إسماعيل الطهراني الدرزي»ويلقب بـ «لافشكين» أو «نوشتكين».
وهو ثالث ثلاثة دعاة اشتركوا في وضع أصول هذا المذهب، وهم: «الحسن الفرغاني المعروف بالأخرم» و «حمزة بن علي بن أحمد» والدرزي السالف الذكر.
ولم يذكر التاريخ شيئًا عنهم قبل ظهور دعوتهم للمذهب الجديد إلا أنهم كانوا من حاشية «الحاكم بأمر الله الفاطمي» الذين لم يفارقوه وبخاصة «حمزة بن علي» الذي تأثر به «الحاكم»، وربما كان هو الذي أوحى إليه بكل ما قام به من أعمال . وتصرفات شاذة. وخلال وجود حمزة بالقصر كان يطلع على كتب الدعوة الفاطمية فأفادته في تلوين عقليته، وتوجيه فكره إلى ما يرضي طموحه ويحقق أماله.. وفي سنة ٤٠٨هـ لقبه «الحاكم» بالإمام وأطلقه يذيع المذهب الجديد.. ولذلك جعلت تلك السنة «مبدأ تقويم حمزة» وبالتالي «مبدأ تقويم الدروز».
وقد نشب خلاف بين «الدرزي» وبين «حمزة»اللذين عملًا معًا في رسم خطط الدعوة قبل إظهارها.. وذلك لأن «الدرزي» أراد أن يستأثر بالألقاب.. وبالرئاسة . وبإمامة المذهب الجديد.. فأسرع بالكشف عنه.. ولم يستمع إلى نصائح «حمزة»… بالتريث وعدم الخروج على طاعته.
أما الداعي الثالث.. وهو «الحسن بن حميدة الفرعاني» المعروف «بالأخرم» أو «الأجدع ».. فلم يذكر المؤرخون عنه شيئًا سوى اسمه.. ثم ذكروا أنه قتل بعد أيام قليلة من ظهور الدعوة الجديدة .. وكان «الأخرم» هو الذي يقود حركة الدعاية للمذهب الجديد وهو الذي كان يبعث الرقاع والكتب إلى الناس يدعوهم فيها إلى العقيدة الجديدة.. وكان يطلب من العلماء وكبار الدعاة الذين يراسلهم أجوبة على رقاعه.. فكتب الداعي الإسماعيلي «أحمد الكرماني» «الرسالة الواعظة» في الرد عليه.. وكان «الأخرم» قد كتب إليه يقول: إن الشريعة والتنزيل والتأويل.. خرافات وحشو وقشور ولا تتعلق بها نجاة.. وإن الإله المعبود هو الحاكم بأمر الله.. إلخ وهي نفس الآراء التي دعا ليها حمزة.. وآمن بها.. والتي اشتملت عليها كتب الدروز المقدسة.
وقد انقسم الدعاة والمؤمنون بالمذهب الجديد بعد إعلان «الدرزي».. الدعوة إلى فريقين:
فريق الدرزي.. وفريق حمزة وقام «الدرزي» سنة ٤٠٨ هـ بتظاهرة استفزازية.. لمشاعر الجماهير إذ توجه ومعه نحو خمسمائة من أتباعه إلى قصر «الحاكم بأمر الله» فهاجمتهم جموع الناس.. فقتل من قتل من أتباعه.. وفر الباقون واختلفت الأقوال وتضاربت عن «الدرزي» وعما جرى له.. فقيل بأنه قتل مع من قتل من أتباعه.. وقيل: إنه فر إلى «وادي التيم» في بلاد الشام.. وظل يدعو اهل الجبال إلى مذهبه.. ولذلك عرف اهل هذه المنطقة الذين اعتنقوا دعوته.. بالدروز..
ويقال: إن «الحاكم» هو الذي نصح «الدرزي» بالرحيل إلى هذه المنطقة في الشام.. وأعانه بالمال اللازم لذلك.
وبعد اختفاء «الدرزي» و «الأخرم» صار أمر الدعوة الجديدة إلى «حمزة بن علي».. فلقب نفسه بـ «هادي المستجيبين» و «إمام الزمان» و «قائم الزمان» إلى آخر ما هنالك من ألقاب. ثم أخذ يكتب الرسائل التي أودعها مبادئ مذهبه.. ويبعثها إلى المخالفين.. إلى أن كثر مؤيدوه واتباعه.. ثم أخذ «حمزة» ينظم دعوته، ويعين الدعاة في الأقاليم.. مقتبسًا نفس النظام الذي تعلمه عندما كان إسماعيليًا.. فاستطاع بواسطتهم نشر مذهبه في معظم البلدان التابعة للدولة الفاطمية آنذاك وبخاصة في بلاد الشام.
وعندما قتل «الحاكم بأمر الله» بجوار جبل المقطم.. أعلن «حمزة» أن -الحاكم-.. صعد إلى السماء.. وأنه سينزل أخر الزمان.. ثم ادعى الإمامة.. وأعلن أنه سيغيب أيضًا بعد أن أعلن غيبة الحاكم.. ولكنه سيعود ثانية بعد فترة وجيزة..
وبالفعل استتر «حمزة» في مصر.. مدة ثلاث سنوات.. كتب خلالها رسائل كثيرة.. ولما وجد أن دعوته قد بلغت الأوج في بلاد الشام.. رأى من الضرورة أن يتوجه إلى «وادي التيم» بصحبة دعاته «أبي عبد الله محمد بن وهب القرشي» و «أبو إبراهيم إسماعيل بن حامد التميمي»
.. وأن يلقي بأعباء الدعوة في مصر على الداعي «بهاء الدين أبي الحسن علي بن أحمد السموقي»المعروف «بالضيف».. باعتباره لسان الدعوة.. وأحد دعاتها الكبار. واستمر «بهاء الدين» بنشر الدعوة.. وتوجيه رسائله إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الدخول في مذهبه.. كما كتب إلى الذين ارتدوا عن المذهب.. بعد أن كانوا من دعاته البارزين أمثال «معاد بن محمد»و «طاهر بن تميم» رسالة أسماها «التنبيه والتأنيب». كما وجه رسالة أخرى أسماها «الحقائق والإنذار والتأديب لجميع الخلائق» إلى اتباعه في لبنان وإقليم حوران.. ووادي التيم .. يندد فيها ببعض الأفكار التي انتشرت بفعل المرتدين عن المذهب بعد وفاة- حمزة- والتي اعتبرها مخالفة لتعاليم «قائم الزمان».. واتهم الدعاة الذين يروجون لتلك الأفكار بأنهم دجالون مخادعون.
ولما شعر «بهاء الدين» باضطراب الأحوال.. بعد أن كثرت الآراء الدخيلة على المذهب.. اعتزل الدعوة بعد أن أقفل باب الاجتهاد.. حرصًا على الأصول والأحكام التي وضعها بالاشتراك مع «التميمي»و «حمزة».
ومنذ ذلك الوقت اقتصر الدروز على شرح كتب ورسائل دعاتهم دون أن يحاولوا إدخال تعديل عليها.. بل امتنعوا عن التبشير بمذهبهم.. وعقيدتهم.. وأغلقوا باب الانتساب لهذا المذهب.
عقيدة الدروز
يعتقد الدروز بألوهية «الحاكم بأمر الله» وأن «حمزة بن علي» نبيه.. ويقولون: إننا لا نشك بأن «الحاكم» بشر في الأعين المجردة.. وعاش بين الناس كما يعيش البشر.. ولكنه إله معبود اتخذ لنفسه صورة إنسية.. مثلما يتخذ الإنسان ثيابه.. فيرتديها.. ثم ينزعها ويرتدي غيرها.. والثياب ليست من جنس من يرتديها.. ولا تشبهه في شيء وكذلك الإله المعبود ليس من جنس الصورة التي اتخذها ولا هي شبيهة به. ومما يؤيد اعتقاد الدروز بألوهية الحاكم.. ما جاء في «رسالة الغيبة».. والتي بعث بها دعاة القاهرة إلى أتباعهم بالشام بعد شهور من مقتل الحاكم.. ونصه:
«أظهر لنا ناسوت صورته تانييًا للصور، فحار فيها الفكر حين فكر، وعجزت العقول عن إدراك أفعالها، واعترفت بالعجز والتقصير في معلومها.. فبتقدير أحكامه من على خلقه بوجود صورته من جنس صورهم.. فخاطبتهم الصورة بالمألوف من أسمائهم، فأنست العقول إلى ظاهر صورته.. واستدرجتهم إلى معرفته بلطيف حكمته.. امتنانًا منه على خلقه .. إلخ»
ويؤيد ذلك أيضًا.. «أي: قول الدروز بألوهية الحاكم» ما جاء في «ميثاق ولي الزمن» وهو الميثاق الذي وضعه «حمزة بن علي» ويؤخذ على كل مستجيب للمذهب الدرزي.. ونصه:
توكلت على مولانا الحاكم.. الأحد الفرد الصمد المنزه عن الأزواج والعدد.. يقر.. «فلا بن فلان» أنه قد تبرأ من جميع المذاهب والمقالاتوالأديان والأعتقادات على أصنافها وأختلافها.. وأنه لا يعرف شيئًا غير طاعة مولانا الحاكم جل ذكره.. وأن الحاكم بأمره إله واحد.. أتباعه له موحدون وقد اختفى.. وحين يظهر أخر الزمان! سيعين أتباعه أمراء وسلاطين.. يحكمون البشر.. وسيعذب غير أهل ملته عذابًا أليمًا»
واتخذ الدروز لأنفسهم فرائض أطلقوا عليها «الفرائض التوحيدية» وهي معرفة الباري «الحاكم بأمر الله».. ومعرفة الإمام «قائم الزمان»، وهو «حمزة بن علي» ووجوب طاعته طاعة تامة.. ثم معرفة الحدود! بأسمائهم وألقابهم ومراتبهم ووجوب طاعتهم. فإذا اعترف الدرزي بهذه الفرائض التوحيدية.. أصبح موحدًا وليس عليه أن يقوم بتكاليف أية فريضة من الفرائض.
وقد كان للمسيحية تأثير واضح على كتابات دعاتهم.. وخصوصًا «بهاء الدين» إذ جاء في رسالة له بعنوان:
«الرسالة المسيحية وأم القلائد النسكية» ما نصه:
«إن كل ما ورد في الإنجيل من الاضطهاد والتعذيب وغير ذلك أنما یراد به اضطهاد «حمزة» لأعداء مذهبه. وان «حمزة» هو الذي علم الإنجيل.. والإنجيل مبني على حكمة إلهية رمزية معناها: الدين التوحيدي» ثم يذهب إلى ان جميع الألقاب التي لقب بها المسيح في الإنجيل هي ألقاب «لحمزة». فهو روح القدس، وابن الله، وأنه هو الذي ارسل «متى- ومرقص ولوقا- ويوحنا» لتعليم الناس الإنجيل..»
وإنه الغريب.. لأنه غريب عن الديار التي ظهر فيها.. ولأنه غريبًا الأعمال والأفعال.. وإنه المسيح الحقيقي.. أما المسيح الذي صلبه اليهود!.. فهو ابن يوسف النجار..
ويعتقد الدروز أيضًا بالتناسخ والتقمص.. أي: بانتقال النفس من من جسم بشري إلى جسم بشري آخر.. باعتبار أن النفس لديهم لا تموت .. بل يموت قميصها.. وهو الجسم.. ويصيبه البلى فتنتقل النفس إلى قميص آخر.
وقد تكون النفس صالحة في دور.. بينما تكون خاطئة في دور أخر فإن رجحت حسناتها كان لها الثواب.. فتنتقل من درجة دنيا إلى درجة أعلى في الدين.. وإن رجحت سيئاتها كان لها العقاب فتنتقل من درجة عليا إلى درجة دونها من درجات الدين.. ويزداد صاحبها عمى في قلبه في دينه ودنياه.
إذن فلا بعث ولا حساب ولا عقاب ولا جنة ولا نار.
وينقسم الدروز من الناحية الدينية إلى طبقتين:
طبقة العقال: وهم الذين يعرفون أسرار عقيدتهم.
وطبقة الجهال: الذين ليس لهم أي حق في معرفة أي شيء من أسرار دينهم.
ويجتمع «العقال» في أماكن عبادتهم التي تعرف «بالخلوات» مساء كل يوم جمعة.. لسماع ما يتلى عليهم من كتبهم المقدسة.. وللتشاور في أمور الدين والطائفة..
ولا يسمح «للجهال» بحضور هذه الجلسات إلا في يوم عيدهم وهو يوافق عيد الأضحى عند المسلمين.
وإذا حاز أي فرد من طبقة الجهال ثقة «شيوخ العقل» سمحوا له بالانتقال إلى طبقة العقال.. بعد امتحان عسير شاق.. يقوم على ترويض النفس وكبح جماح شهواتها..
وللدروز رؤساء دينيون في كل مكان يقيمون فيه.. وعلى رأسهم جميعًا شيخ يلقب بـ «شيخ العصر» ويتولى منصبه بالانتخاب أو بالاتفاق بين كبار رجال الطائفة.
ولشيخ العصر.. أعوان في كل قرية أو مدينة يلقب بـ «شيخ العقل» ويختلف توزيعهم للميراث عن توزيع المسلمين له.. فالمرأة عندهم لا ترث من دار أبيها شيئا.. والأملاك الموروثة عن الأجداد منك لكل أفراد الأسرة جميعها بالتساوي ولا يحرم واحد منها..
وإذا طلق الدرزي امرأته فإنها. لا تعود إليه بحال من الأحوال.. ولا يجوز له أن يجمع بين زوجتين فإن ماتت زوجته أو طلقها جاز له ان يتزوج غيرها.. إلى غير ذلك من الامور الكثيرة التي يخالفون فيها جماعة المسلمين. وقد قرأت مؤخرا في كتاب «لسان الحال في المواعظ والامثال» لمؤلفه «محمد بن أحمد الخلف»- مفتي الفاو من نواحي البصرة-:
«ان من الدروز من يعبد الفرج ويرددون أثناء عبادتهم: يا أبا مسعود خرجنا منك وإليك نعود. ثم يسجدون عليه».
وذكر أيضا أنهم يقولون بحل جماع البنات قائلون بأن كل زارع له باكورة زرعه.. ومحتجين بأن آدم تزوج حواء وهي مخلوقة منه ولكني لم أجد ذلك فيما اطلعت عليه مما كتبوا أو كتب عنهم.. بغير الكتاب السالف الذكر
وبقيت كلمة أخيرة.. لا بد من ذكرها.. وهي أن الدروز في كل زمان ومكان.. لا يتخذون موقفًا سياسيًا موحدًا.. بل ينقسمون إلى فرقتين.. «كوجهين لعملة واحدة». فرقة تؤيد النظام وأخرى تعارضه.. «أن وجدت هناك معارضة». ليقوم المؤيدون السلطة بحماية من في صفوف المعارضة. والعكس صحيح.
وثانيًا: في هزيمة عام ١٩٦٧ كان قائد إحدى الجبهات العربية درزيًا في حين كان أخوه قائدًا لإحدى فرق العدو اليهودي في تلك الجبهة.
وثالثًا: وقوف فريق من الدروز.. مع بقية الأحزاب الانتهازية إلى جانب المسلمين والثورة الفلسطينية لم يكن إلا لمحاولة فرض الوصاية عليها.. وحرفها عن صحيح أهدافها والاحتماء بمظلتها، وتحقيق مآربهم الحزبية والشخصية عن طريقها وبسيفها ولتنفير المسلمين من مساندتها المساندة الفعالة ومد يد العون لها.
ورابعًا وأخيرا: لقد اشترك الدروز ولا زالوا يشتركون في ذبح المسلمين في المناطق المحتلة.. فسلاح الحدود وهو أقوى فرقة في جيش اليهود يتكون غالبية أفراده من الدروز.
ولهم الحق في الانخراط في صفوف جيش اليهود كأي يهودي زنيم وهم الذين يتولون تعذيب الأهالي والمجاهدين من أبناء فلسطين في أقبية المخابرات وزنازين السجون.. علم ذلك من علمه وجهله من جهله..
وفوق كل ذي علم عليم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل