; التلفاز الصهيوني: حماس تمتلك معلومات استخبارية عن كل عملية ولديها حس أمني على مستوي عال من الدقة | مجلة المجتمع

العنوان التلفاز الصهيوني: حماس تمتلك معلومات استخبارية عن كل عملية ولديها حس أمني على مستوي عال من الدقة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الجمعة 23-يوليو-2004

مشاهدات 14

نشر في العدد 1610

نشر في الصفحة 24

الجمعة 23-يوليو-2004

غزة: خاص بـ المجتمع 

     عملية «النفق الكبير»... إبداع قسامي أذهل الصهاينة

•المجاهدون حفروا نفقًا بطول نصف كيلومترًا واستخدموا طنين من المتفجرات

عسكريون: السيطرة على القطاع أصبحت أكثر صعوبة بعد العملية

كاتب صهيوني: يجب على شارون أن ينسحب من غزة كما قررت فرنسا من الجزائر

الضغوط المتواصلة على المقاومة الفلسطينية وعلى كتائب الشهيد عز الدين القسام بادية للجميع، ورغم كل ذلك تتواصل المقاومة وهي تشارف على الدخول في عامها الخامس وتأبى القسام إلا أن تكون صاحبة الانفرادات، في مجال المقاومة. فأول عملية استشهادية نفذتها كتائب القسام عام ۱۹۹۲، وأول استخدام للصواريخ، وأشهرها القسام والبتار كانت مع انتفاضة الأقصى... وجاءت عملية النفق الأخيرة لتؤكد جدارة المقاومة الفلسطينية، وقدرتها على دحر الاحتلال الصهيوني عن الأراضي الفلسطينية المحتلة وأولها قطاع غزة.

 بدأت العملية بالتخطيط لتفجير موقع حاجز أبو هولي الملقب بموقع «محفوظة» في قطاع غزة بعيد استشهاد مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين فجر يوم ٢٢ مارس الماضي بصواريخ الغدر الصهيوني.

 وقد استطاع مجاهدو كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال عدة أشهر حفر نفق بطول ٤٩٥ م أسفل الموقع، والوصول لعمق الهدف في تمام الساعة ٩.٤٣ من مساء يوم الأحد ١٠ جمادى الأولى ١٤٢٥هـ الموافق ٢٠٠٤/٦/٢٧م تم تفجير الموقع الذي تبلغ مساحته حوالي دونم ونصف (٢٥×٥٠ مترًا) ويوجد فيه غالبًا ما بين ٤٠ – ٦٠ جنديًا على مدار الساعة، مما أدى إلى سقوط سبعة قتلى و ٣٠ جريحًا على الأقل وكلهم من الجنود الصهاينة. 

كما أن الموقع الذي تم تدميره يعد أحد أهم المواقع العسكرية الاستراتيجية للاحتلال، حيث يقع على مفترق طرق ويعتبر ثكنة عسكرية حصينة تشرف على حماية مرور المستوطنين والدوريات العسكرية في المنطقة. 

يقول أحد المحللين العسكريين الصهاينة لم يعد شك لدى أحد في الجيش الإسرائيلي، بأن السيطرة في قطاع غزة حتى فك الارتباط عنه. هي اليوم المهمة العسكرية الأشد صعوبة بعد انهيار الموقع.

 وفي بيان للقسام حول تفاصيل العملية ذكر أن وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للكتائب قامت بحفر نفق يبلغ طوله ٤٩٥ مترًا من منطقة آمنة إلى أن تم الوصول إلى نقطة تقع أسفل الموقع تمامًا، وقد بدأ الحفر في الخندق على عمق سبعة أمتار تحت الأرض وانتهى بعمق ٨٠ سم تحت مستوى الموقع العسكري. وقد قامت الوحدة بتفريع النفق إلى ثلاثة أفرع « شرق. وسط. غرب » وتوزيع العبوات الناسفة على هذه الأفرع الثلاثة حيث تم وضع عبوة شديدة الانفجار تزن ٦٥٠ كيلوجرامًا شرقًا، وعبوة أخرى تزن ۷۰۰ كيلوجرام غربًا وعبوة ثالثة في الوسط تزن ٦٥٠ كيلوجرامًا ليصل مجموع المادة المتفجرة في هذه العملية إلى ۲۰۰۰ كيلوجرامًا. هذا وقد تم تفجير العبوات على مرحلتين حيث انفجرت العبوتان الشرقية والغربية معًا ومن ثم انفجرت العبوة الثالثة بفارق ١٥ ثانية بين المرحلتين، كما يظهر تصوير الفيديو الذي نشرته كتائب القسام منذ الساعات الأولى للعملية.

              رد الفعل الصهيوني

عملية النفق الكبير أحدثت رد فعل مذهلًا داخل المجتمع الصهيوني الذي لم يتوقع عملية فلسطينية بهذه الضخامة وبهذه الدقة من التخطيط.

 يقول عميت كوهين في صحيفة معاريف الصهيونية الإرهاب الغزي هو الأكثر تطورًا في العالم.. ويقول قائد قوات الاحتلال في غزة شموئيل زكاي: كنا نتوقع هجومًا «فلسطينيًا» لكن ليس بهذه الضخامة.. إن الحديث هو عن نفق حفر تحت الموقع العسكري بعمق ١٥ مترًا. ويبدو أن عملية الحفر استمرت عدة أيام، ومن ثم وضعت عبوة ناسفة ضخمة تم تفجيرها بالموقع العسكري عن بعد عن طريق جهاز تبين أنه جهاز هاتف خلوي محسن». 

الكاتب أوري دان في مقال بعنوان خطر الجمود التفكيري في صحيفة معاريف الصهيونية حذر من إمكانية نجاح حماس في حفر أنفاق تحت الجدار العازل الذي يبنيه الصهاينة و يظهرون بعمليات إرهابية -على حد قوله- وهجمات تفجيرية في المستوطنات في قلب البلاد وفي القدس التي ستقع في وهم أن الجدار والمسجات الإلكترونية تزودهم بدفاع مناسب.

 الكاتب إيتان هابر – مدير مكتب رابين سابقًا قارن في مقال له بعنوان «حرب الأدمغة» نزلت إلى الأنفاق في صحيفة «يديعوت أحرونوت» بين عقل قادة القسام والقادة ورموز العسكرية الصهيونية مؤكدًا: أن منفذ إحدى العمليات المخابراتية الصهيونية. ويدعى يعقوب مريدور ألف كتابًا كان صيحة في أوساط الشبان والبالغين بعنوان «طويلة هي الطريق إلى الحرية»، يقع في ٣٥٠ صفحة عن حفر أنفاق وصل أطولها إلى ما يقرب من ٤٠ مترًا. بل وأراد تصوير أفلام سينمائية عنه وأصبح بطلًا قوميًا.

 أما التلفاز الصهيوني فقد عقب على العملية قائلًا: إننا مضطرون للاعتراف بأن حماس تمتلك معلومات استخبارية عن كل عملية تقوم بها، ولديهم حس أمني على مستوى عال من الدقة، الأمر الذي يساعد على نجاح مثل هذه العمليات..

               دلالات العملية

عملية نفق أبو هولي، لم تكن الأولى وإن كانت الأقوى والأكثر تأثيرًا في عمليات الأنفاق التي نفذتها كتائب القسام وإن كان يحسب لها حتى الآن الانفراد بمثل تلك العمليات، فقد نفذت القسام عمليتين من قبل على المواقع العسكرية الصهيونية على الحدود المصرية الفلسطينية، إلا أن عملية أبو هولي الأخيرة تؤكد ما يلي:

١- أن اغتيال قيادات وكوادر حماس والقسام لا يقضي على المقاومة، فهي مستمرة والمقاومة ولادة أو كما يقول كاتب صهيوني كلما قتلنا شخصًا في نابلس قلنا إنه زعيم التنظيم ولقد قتلنا حتى الآن عشرين زعيمًا وما زالت المقاومة مستمرة.

٢- التكنولوجيا العسكرية الصهيونية لم تقف حائلًا أمام المقاومة خاصة في العملية الأخيرة، فالعدو الصهيوني يعتمد على عدة أساليب تكنولوجية -إضافة للعامل البشري خاصة العملاء- منها المناطيد العملاقة ومهمتها مراقبة الحدود والمستوطنات وهي موزعة كالتالي 5 مناطيد: ٢ في غزة و ٣ في الضفة والأقمار الصناعية وطائرة TF12، ومهمتها التصوير في الأماكن الضيقة والمكتظة وبين الأزقة وبين الشجيرات الكثيفة وتستطيع إرسال صور عالية الوضوح وملونة، وطائرة AX13 التي تشبه الأواكس الأمريكية، وتستخدم لمراقبة الاتصالات في جميع أنحاء فلسطين بما في ذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨ وكذا الطائرة بدون طيار الزنانة مهمتها متابعة ورصد المجاهدين ومتابعة المتغيرات على الأرض وأخيرًا تقنية G-B-C وهي تعمل على تحديد مكان الهدف أو الموقع بدقة.

 ٣- تعمد الاحتلال الصهيوني إخفاء حقيقة خسائره وهى الاستراتيجية المتبعة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر ۲۰۰۰ فقد اعترف في البداية بسقوط أكثر من 7 قتلى و ٣٠ جريحًا، ثم عاد وأعلن أرقامًا جديدة قلل فيها من عدد القتلى إلى قتيل واحد فقط وارتفاع عدد الإصابات، رغم أن الموقع باعتراف القيادات العسكرية كان مكتظًا بالجنود وتم تدميره بالكامل ولم يتبق منه إلا الجدار الخارجي، وما يؤكد ذلك تصوير القسام لعملية التدمير بالفيديو وتصريحات مسؤول الإسعاف الصهيوني بإرسال ٢٣ سيارة إسعاف. 

٤- هذه العمليات الموجهة أصابت جنود الاحتلال الصهيوني بحالة هيستيريا جعلتهم يطلقون النار بشكل عشوائي دون إدراك بسبب كثرة العمليات وفقًا لتصريحات مصدر عسكري صهيوني.

٥- .. لقد باتت القسام تمثل مصدر الإزعاج الرئيس للاحتلال الصهيوني واستطاعت بتنويع عملياتها وأهدافها أن تكون بالفعل مصدر التهديد الأول للاحتلال الصهيوني، فقد أطلقت القسام منذ أبريل ۲۰۰۱ طبقًا لتقديرات صهيونية ٢٥٠ صاروخ، قسام على المستوطنات الصهيونية.

وأكد مسؤولون صهاينة أن إصابة صواريخ القسام أهدافًا استراتيجية إسرائيلية مسألة وقت. خاصة بعد نجاح الكتائب في إطلاق الصواريخ على مستوطنة سديروت في الوقت الذي كان رئيس الوزراء الصهيوني شارون موجودًا فيها وسقطت بعيدًا عن مكان وجوده بـ ١٥٠ مترًا وفق المصادر الصهيونية الأمر الذي جعل رئيس الأركان الصهيوني يؤكد لكبار الضباط حول عمليات القسام، يجب أن تتطلقوا في العمل من نقطة الاعتبار بأنهم يجمعون المعلومات الاستخبارية عنا بشكل دائم، إنهم ينتظرون فقط الفرصة المناسبة وحدوث ثغرة كي يوجهوا ضربتهم، إنهم يسجلون كل قافلة تمر على الطريق، يعرفون كل تحرك في الموقع العسكري..

٦- هذه العمليات أوجدت ضغطًا شعبيًا وسياسيًا على شارون لتسريع الانسحاب من غزة حفاظًا على أرواح جنوده، تقول صحيفة هاآرتس الصهيونية في مقال للمكاتب جدعون سامت إن شارون عليه أن ينسحب من القطاع مثلما سارعت فرنسا للفرار من الجزائر. 

أخيرًا فإن تركيز القسام منذ فترة على استهداف جنود الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة أو مستوطناته في النقب لا تعني أنها تخلت عن سلاحها الاستراتيجي، وهو العمليات الاستشهادية ولكنها تكتيكات تعمل في إطار المتاح، لأن الاستراتيجية الرئيسة الحماس هي استمرار المقاومة ضد الاحتلال حتى دحره. 

الرابط المختصر :