; عناقيد الإرهاب الصهيوني | مجلة المجتمع

العنوان عناقيد الإرهاب الصهيوني

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 23-أبريل-1996

مشاهدات 50

نشر في العدد 1197

نشر في الصفحة 9

الثلاثاء 23-أبريل-1996

قدّمت إسرائيل في الأسبوع الماضي صورة عن «الشرق أوسطية»، التي بشر بها رئيس وزرائها شيمون بيريز قبل سنوات في مشروعه عن مستقبل المنطقة، هذه «الشرق أوسطية»، تعني تحطيم المنطقة العربية وتخريب أمنها لتحقيق الأمن «الإسرائيلي».

مَن شك في ذلك فلينظر إلى ما فعلته آلة الحرب الصهيونية في الجنوب اللبناني، ثم لينظر إلى موقف الإدارة الأمريكية ومواقف العواصم الدائرة في فلكها دوليًا وإقليميًا مما يحدث من قتل وتدمير لشعب لبنان.

ولينظر المواطن العربي إلى الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل في كل خطوات عدوانها الأخير ففي البداية تجاهلت واشنطن العدوان، ثم مع استمراره تحدث وزير الخارجية وارن كريستوفر، فحمل المقاومة اللبنانية مسؤولية المذبحة، فلما تصاعدت رائحة الجثث في الجنوب اللبناني وصدمت فظاعة الإسرائيليين الإعلام الدولي بما يفعله جنودهم وطياريهم بالمدنيين، تحركت واشنطن فقط لتتبنى مبادرة صممت لتحقيق ما فشل الجيش الصهيوني فيه من تفريغ للجنوب، ومن أجل ترسيخ الاحتلال وإعطائه الشرعية الدولية.

لقد قطعت إسرائيل بيديها ألسنة كل المنادين بالسلام الزائف معها، وأسكتت سماسرة الصلح الذليل ودعاة الهرولة إلى أحضانها، وقدمت لنا -نحن الخليجيين خصوصًا والعرب والمسلمين عمومًا- صورة واضحة لا لبس فيها عما يمكن أن يحدث لنا لو دارت رياح المصلحة الأمريكية ضد بلادنا، أو كان الاستقرار والأمن في خليجنا عقبة في وجه المطامع الصهيونية والمصالح الأمريكية.

هل لدى الحكومات العربية التي «تورطت» في الصلح مع اليهود شيء تقوله الآن دفاعًا عن المشروع الإسرائيلي للاستسلام في الشرق الأوسط، وهل لدى بعض مسؤولينا في الخليج نفس الحماس الذي كان موجودًا عشية العدوان الأخير للحديث عن المصالح الاقتصادية والسياسية من وراء التسابق على أعتاب تل أبيب؟

إن شعارات مثل «حقوق الإنسان»، و«الشرعية الدولية» و«السلام في الشرق الأوسط»، تبدو دعابات سمجة على خلفية المناظر التي خلفها اليهود في جنوب لبنان، والصورة المفجعة  لإكداس جثث الأطفال في سيارة الإسعاف اللبنانية تعطي إجابات قاطعة عن المفهوم الصهيوني للسلام مع العرب.

 هذا المفهوم يعني إطلاق الغرب ليد اليهود والقصف على كل الأهداف في المنطقة، وإعطاءهم الحرية في تحديد مفاهيم» الإرهاب» وتحديد من هم «الإرهابيون«، وانفراد صفة    الإرهاب  الحقيقي لهم ولجيشهم ولطائراتهم ومخابراتهم. 

 وإذا كانت قمة» شرم الشيخ» خلطت بعض الأوراق، وأطلقت أوهامًا في الرأي العام العربي والدولي حول ماهية الإرهاب وأدواته  فإن «عناقيد الغضب «الإسرائيلية في جنوب لبنان أعادت  فرز هذه الأوراق، وقدمت إسرائيل من جديد بوجهها الدامي القبيح.

 المطلوب الآن من الضمير العربي أن يعيد تحديد الواقع العربي وأن يقرأه على صورته الحقيقية، ليكون مدركًا لعمق القاع الذي هبطنا إليه، وليكون واضحًا  لديه نوع بعض الحكام العرب  ومعدنهم، وقدرة بعض الحكومات المتسلطة على شعوبنا في أن تكون إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين، وأن حكومة مثل تونس تستقبل مندوب إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي ليفتتح مكتبًا لمصالح اليهود في تونس، في الوقت الذي كانت الطائرات اليهودية تطارد سيارات الإسعاف التي تقل الجرحى اللبنانيين، ولا ترحم فيهم طفلًا ولا شيخًا.

وكان عرفات يستقبل بيريز وهو يبتسم أمام الكاميرات، فيما كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

لقد أوضحت أحداث لبنان الأخيرة أن النظام العربي وأيدلوجياته اليسارية والعلمانية لا تمثل أي عائق أمام الاختراق الصهيوني الخطير للأمن العربي، وبقي الإسلام ودعاته ومجاهدوه  وحدهم  هم الخصم الوحيد في الساحة لإسرائيل.

وصدق الله العظيم إذ يقول:﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا (سورة المائدة:82).

الرابط المختصر :