العنوان فتاوى المجتمع- العدد 1491
الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي
تاريخ النشر السبت 09-مارس-2002
مشاهدات 13
نشر في العدد 1491
نشر في الصفحة 58
السبت 09-مارس-2002
دكتور عجيل النشمي
عميد كلية الشريعة. جامعة الكويت سابقًا
■ احذروا هذه الأموال
■ بعض الأشخاص قد يستدرجون في التوقيع والمشاركة مع شركات خارجية تغريهم بالمشاركة، وتحدث من وراء ذلك مشكلات نصب واحتيال، كما قد يجد بعض الأشخاص في حسابهم أموالًا طائلة لا يعرفون مصدرها، فهل يجوز لهم التصرف فيها؟
- القضية ذات شقين
- الأول: المشاركة والاستعمال، فحينما يدعى شخص للمشاركة في مثل هذه الشركات، لا بد أن يحكم عقله، ويثبت ولا يغريه الكسب السريع، قرب كسب سريع جلب مصائب، وإفلاسات، ومشكلات قانونية لأصحابها.
وقد ميز الله – تعالى - الإنسان بالعقل ليميز به بين المصالح والمضار، لذلك لا يعذر بجهله، وتسرعه، ويتحمل التبعة الشرعية في كل ما يقدم عليه. والثاني: قد يجد شخص مبلغًا كبيرًا أو صغيرًا في حسابه، فلا يجوز له أن يتصرف فيه، لئلا يكون هذا طعمًا لإدخاله في شبكة إجرامية كبيرة، مما نسميه «مافيا المال».
ولا يحق له شرعًا أن يتصرف في هذا المال، لأن التصرف فرع الملك بمعنى من ملك شيئًا ملك التصرف فيه، وهذا المال لم يملكه من دخل في حسابه، لأنه لم يدخل حسابه بطريق من طرق كسب الملكية فأسباب الملكية الشرعية معروفة، وهي طريق العقود الناقلة للملكية من بيع وهبة وصدقة، فهذه الأموال لا بد أن تكون ملكيتها ثابتة لمن ينقلها، كذلك من أسباب الملك خلافة الشخص لغيره في شيء ما.
مثل الإرث والوصية، وهناك أيضًا ما يسمى الاستيلاء على الأشياء المباحة، وهذا أيضًا قد يكون سببًا للملك، وذلك إنما يكون في الأشياء التي لم تكن مملوكة لأحد، ولم يقع عليها ملك لأحد، فتثبت الملكية الواضع اليد، وهذا كمن أحيا أرضًا مواتًا، أو اصطاد سمكًا أو طيرًا أو حاز معادن أو كنوزًا، وهذا كله له تفصيل طويل عند الفقهاء.
فهذا المال الذي وجده في حسابه ليس مشروعًا له التصرف فيه بالتأكيد؛ لأنه لم يملك بطريق من الطرق السابقة، فعليه أن يعلن بأقرب وقت المصرف أو البنك الذي فيه الحساب، فقد يكون المال دخل بطريق الخطأ، فإن لم يكن كذلك، فيخرجه من حسابه بمعرفة المصرف أو البنك، ويخلي مسؤوليته بطريق رسمي، ولا يجوز أن يبقيه؛ لينتظر من يسأل عنه، فإن لم يتم السؤال عنه بعد فترة معينة تصرف فيه؛ لأن هذا المال ليس لقطة حتى تشمله أحكام اللقطة من كل وجه؛ لأن اللقطة هي ما يجده الشخص من مال في الطريق العام، فإذا أخذها فهي أمانة عنده، ويلزمه أن يعرفها، ولها أحكامها الخاصة، لكن هذا المال دخل فعلًا في حسابه دون طلب أو سعي أو اتفاق منه مع غيره، فهو يشبه اللقطة من حيث إنه قبض المال فعلًا، فهو أمانة وليس له أن يتصرف فيه كما في اللقطة، لأنه ليس مالًا ليس له صاحب، وإنما هو مال دخل الحساب إما خطأ، أو عمدًا لمكيدة ما، فينبغي أن يعيده، ويشهد على ذلك لدى المصرف أو البنك الذي فيه حسابه، وإن تصرف فيه يكون ضامنًا، كما أنه يتحمل ما قد يترتب على تصرفه بالمال من أمور.
■ ما حكم هذا الزواج؟
■ رجل زنى بامرأة - والعياذ بالله - ثم تاب إلى الله توبة نصوحًا، وبعد سنوات تقدم لخطبة ابنة هذه المرأة، وتزوجها، فما حكم هذا الزواج؟
- مما هو معلوم من الدين بالضرورة حرمة الزنى، وأنه من كبائر الذنوب، فمن وقع فيه وقع في أمر عظيم، ووجبت عليه العقوبة، كما تجب عليه التوبة إلى الله توبة نصوحًا، عسى الله أن يتقبل توبته.
ولكن الفقهاء اختلفوا فيمن زنى بامرأة، وأراد أن يتزوج ابنتها، فالحنفية والحنابلة ذهبوا إلى القول بحرمة ذلك، فمن زنى بامرأة حرمت على أصوله وفروعه، فلا تحل لأبيه ولا لابنه، وحرم على الزاني أصولها وفروعها، فلا يحل له أن يتزوج بنتها سواء كانت متولدة من مائه أو من غيره، وكذلك ابنة بنتها وإن نزلت كما يحرم عليه أن يتزوج أمها وجدتها وهكذا، لكن له أن يتزوج أختها، وتحل أصولها وفروعها لأصول الزاني وفروعه، فيجوز لابنه أن يتزوج ابنتها بشرط ألا تكون متولدة من ماء زنى أبيه ولا راضعة من لبنه الناشئ بسببه.
واستندوا في هذا إلى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ (سورة النساء: 22)، والوطء يسمى نكاحًا ولو كان حرامًا، وروي أن النبي ﷺ قال: «لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها». وروي قوله صلوات الله وسلامه عليه: «ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها»، وقالوا أيضًا: «إن النكاح عقد يفسده الوطء إذا كان بشبهة، فكذلك يفسده الوطء الحرام» «المغني ۷/۱۱۷».
وذهب المالكية في المعتمد، والشافعية إلى أن من زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاح الأم أو ابنتها، ولا تحرم هي على ابنه، ولا على أبيه، واستندوا إلى قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ﴾ (سورة النساء: 24)، وبما روي عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - سئل عن رجل زنى بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها، فقال: «لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح» «أخرجه البيهقي وضعفه»، وبما روي عن عبد الله بن عمرو أن رجلًا من المسلمين استأذن رسول الله الله في الزواج من امرأة يقال لها أم مهزول، كانت تسافح، فقرأ عليه النبي: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾ (سورة النور: 3) «رواه أحمد وغيره ورجال أحمد ثقات»، ففهم من قول النبي أن الزاني يجوز له أن يتزوج المزني بها أو ابنتها. «المجموع ١٥/٣٧٥، وتفسير القرطبي ١٢/١٦٧، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/٣٤»
ولعل الراجح قول المالكية والشافعية ومن معهم في عدم حرمة الزواج من المزني بها أو ابنتها، فأدلتهم عندنا ظاهرة القوة، ولعل أقوى الأدلة مما يمكن أن يستدل به لمذهبهم، فهم الدلالة الشرعية من قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ (سورة النساء: 22)، فمراعاة الدلالة اللغوية للفظ «نكح» تعني مطلق الوطء الحلال أو الزنى، وأما الدلالة الشرعية فتخص الحلال؛ لأنه المقصود الشرعي من اللفظ، وقد تقرر في علم أصول الفقه أو اللفظ إذا دار بين المعنى اللغوي والشرعي، ولم توجد قرينة تعيين المراد منهما، وجب حمل اللفظ على المعنى الشرعي عند جمهور الفقهاء؛ لأنه غالب عادة الشرع استعمال الألفاظ في معانيها الشرعية، وإن كان يطلقها أحيانًا على ما وضعت له في اللغة.
ومن أدلتهم القوية أيضًا أن وطء الزنى لا يثبت به النسب ولا التوارث، وهذا متفق عليه، فلا صلة يحرمها الزنى كما يحرم النسب أو الرضاع.
وترجيح مذهب المالكية والشافعية هنا لا يعني إباحة الزواج من بنت المزني بها إذا ترجح أنها من ماء هذا الرجل، فهي ابنته من الزنى، ونسبها-وإن لم يثبت-له، إلا أنه يحرم الزواج منها في هذه الحال عند الحنفية والمالكية في المعتمد والحنابلة وعند الشافعية يكره الزواج بها، فإن تزوجها لم يفسخ العقد.
■ الإجابة للشيخ يوسف القرضاوي من موقعislam-online.net
■ التخلف عن صلاة الجماعة لحفظ النفس جائز
■ ما حكم تخلف المسلم في أمريكا عن صلاة الجمعة خشية أن يتعرض للأذى في نفسه أو ماله أو عرضه؟
- إذا خشي المسلم على نفسه في مثل هذه الظروف الراهنة، فإن له التخلف عن صلاة الجمعة، ولكن بصفة مؤقتة، وحتى تهدأ الأمور، وهذه من أحكام الضرورات؛ فالخوف من حالات الضرورة؛ فإذا خاف المسلم على نفسه أو ماله أو عرضه، فله عذر التخلف على أن يكون ذلك مرحلة مؤقتة.
كما ينبغي أن تتفاهم المجموعات الإسلامية في الولايات المتحدة على علاج هذا الأمر، وأن تتخذ موقفًا واحدًا بعد الدراسة والتشاور، وكما قال الله - عز وجل -: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ (سورة الشوري: 38)، فالمفروض ألا يتخذ الأفراد أي قرار أو حكم شرعي، وإنما يكون ذلك من قبل المجموعات الإسلامية هناك، علمًا بأن الكلام ينسحب على يوم الجمعة بالذات.
■ الإجابة للشيخ عبد العزيز بن باز - يرحمه الله -لا حرج في ذلك
■ هل يجوز الدعاء بطول العمر أم أن العمر مقدر، ولا فائدة من الدعاء بطوله؟
- لا حرج في ذلك، والأفضل أن يقيد الدعاء بما ينفع المدعو له، مثل أن يقول: أطال الله عمرك في طاعة الله، أو في الخير، أو فيما يرضي الله، ومعلوم أن الدعاء لا يخالف القدر بل هو من القدر كالأدوية، والرقى ونحو ذلك.
وكل الأسباب التي لا تخالف شرع الله تعد من القدر.
وقدر الله ماض في حق المريض والصحيح، ومن دعي له، ومن لم يدع له، لكن الله – سبحانه - أمر بالأسباب المشروعة والمباحة ورتب عليها ما يشاء سبحانه، وكل ذلك من قدر الله – تعالى -.
■ الإجابة للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
■ حفظ «البسملة» على الأوراق
■ ما حكم كتابة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ في الجرائد، علمًا بأنه يتم التخلص من هذه الجرائد بعد ذلك بالرمي في الشوارع أو تداس بالأقدام؟
- كتابة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ مشروعة في أول كتب العلم والرسائل، فقد جرى على ذلك رسول الله ﷺ في مكاتباته، واستمر على ذلك خلفاؤه وأصحابه مع بعده، وسار عليه الناس إلى يومنا هذا، وقد حث الله – تعالى - عليها في القرآن، فقال جلا وعلا: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ (سورة الفتح: 26)، قال الزهري: هي ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وذلك أن الكفار كانوا لا يقرون بها، كما حث على كتابتها رسول الله، فروى عبد القادر الرهاوي في الأربعين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع» «رواه الخطيب في جامعه بنحوه».
فيجب تعظيم ما فيه ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ أو شيء من القرآن أو السنة، لقوله تعالي: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾(سورة الحج: 30)، والحرمات امتثال الأمر من فرائض وسنن، ومما فرضه: احترام كتابه وسنة رسوله ﷺ، و﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ آية من القرآن في سورة النمل بإجماع العلماء.
وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (سورة الحج: 32).
والشعائر: كل شيء لله – تعالى - فيه أمر أشعر به وأعلم، ومن ذلك كتابه وسنة رسوله ﷺ.
وكما يجب تعظيم ذلك فيشرع للإنسان أن يحرقه إذا دعت إليه الحاجة، كما فعل عثمان - رضي الله عنه - فإنه جمع الناس على مصحف واحد وحرق ما سواه من المصاحف ووافقه الصحابة، فكان هذا إجماعًا منهم.
ومن رأى أحدًا يفعل شيئًا من الإهانة، فيجب الإنكار عليه لقوله ﷺ: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
■ الإجابة للشيخ محمد بن عثيمين-يرحمه الله -
لا بأس به
■ ما حكم إعلان اسم الميت ذكرًا أو أنثى عند الصلاة عليه، إذا كان الجمع كبيرًا؟
- لا بأس به من أجل أن يدعو الناس له دعاء التذكير إن كان ذكرًا، أو دعاء التأنيث إن كانت أنثى، وإن لم يفعل فلا بأس أيضًا، وينوي الذين لا يعلمون الصلاة على الميت الذي بين أيديهم، وتجزئهم الصلاة.
■ الإجابة للشيخ سليمان بن ناصر العلوان- snallwan@hotmail.com
■ «أم الأولاد لا تطلق»... ليس له أصل شرعي
■ سمعت من بعض العامة أن «أم الأولاد لا تطلق»، فهل يصح هذا الكلام؟ وهل قال به أحد من أهل العلم؟
- هذا الكلام من الهذيان، وليس له أصل في الشرع، ولا أظن عالمًا أو طالب علم يفتي بمثل هذا.
وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على أن الرجل إذا طلق زوجته صغيرة أم متوسطة العمر أم من القواعد، في طهر لم يمسها فيه أو حاملًا قد تبين حملها أنها تطلق، قال تعالى في المطلقات ذوات الحيض ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾(سورة البقرة: 228).
وقال تعالى في المطلقات اللاتي انقطع عنهن الحيض ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ (سورة الطلاق: 4)، وقال بعد ذلك في المطلقات ذوات الحمل: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ (سورة الطلاق: 4).
فإن كانت الطلقة الثالثة، فقد بانت منه فلا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، وإن كانت الأولى أو الثانية فيشهد شاهدان ويراجعها، وقد روى أبو داود في سننه من طريق يزيد الشك عن مطرف بن عبد الله أن عمران بن حصين سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها، ولم يشهد على طلاقها، ولا على رجعتها فقال: «طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها، ولا تعد».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل