العنوان فتاوى المجتمع.. العدد 1828
الكاتب د. مسعود صبري
تاريخ النشر السبت 22-نوفمبر-2008
مشاهدات 15
نشر في العدد 1828
نشر في الصفحة 50
السبت 22-نوفمبر-2008
عراك فقهي حول ضرب الزوجة زوجها
طالعتنا الصحف بفتويين لاثنين من كبار العلماء والمفكرين الإسلاميين هما
الدكتور عبد المحسن العبيكان، أحد علماء المملكة وعضو مجلس الشورى السعودي،
والمفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن، يجيزان في فتويهما أن تقوم المرأة بضرب
زوجها إن ضربها من باب الدفاع عن نفسها!
وإن كانت كل من الفتويين ينتهيان إلى جواز ضرب الزوجة زوجها إن ضربها، إلا
أن هناك فروقًا في تناول كل منهما للمسألة.
ففي فتوى العبيكان يظهر أن المقصود دفع الضرر عن الزوجة، فيقول: «إذا بادر
الزوج باستخدام الضرب يحق للمرأة الدفاع عن نفسها، واستخدام نفس وسيلة العنف لرد
الضرر عنها».. و«يجوز للمرأة رد عنف زوجها بعنف مثله كدفاع عن النفس؛ فلو ضربها
ضربته بل ولو حاول قتلها فإنه يجوز لها قتله دفاعًا عن نفسها، إن كانت هي الوسيلة
الوحيدة لإنقاذ حياتها».
كما تناولت فتوى العبيكان وسائل دفع الضرر، فـ«أقلها: الكلام والصراخ
والاستنجاد بعد الله بالجيران، أو الاتصال لطلب النجدة، أو بالمعنيين من أجل أن
ينقذوها، ولا رخصة لها إذا غلب على ظنها أنها ستنجو».
كما تناول وسيلة الضرب والدفاع عن النفس، وأن الأولى للمرأة أن تستخدم في
الدفاع عن نفسها أخف الوسائل؛ حتى لا تلحق ضررًا أكبر بالزوج، فقال: «إذا أمكن ضرب
الزوج بغير الجارح «السكين أو الخنجر» ننظر، فالسوط أخف من العصا، ثم السوط يختلف
على مراتب، فالضرب بالسوط من الجلد ليس كالضرب بأسلاك الكهرباء، ونحو ذلك».
مبررات الفتوى
وأصل «د. عبد المحسن العبيكان» لفتواه بأن القول بالجواز يندرج تحت ما يعرف بـ«دفع الصائل»، فأي إنسان إذا
صال عليه صائل كسبع، أو حتى إنسان فله أن يدافع عن نفسه، حتى لو وصل الأمر لقتل
الصائل إن حاول قتله.
بل يذهب «العبيكان» إلى أبعد من هذا، حيث أجاز للمرأة هجر زوجها إذا مارس
زوجها ضدها ما أسماه «العنف الحقوقي» بأن منعها بعض حقوقها الزوجية كالنفقة، وقال:
«يجوز للزوجة الامتناع عن زوجها إذا كان يسيء عشرتها ويمنع حقوقها - ومن ذلك النفقة - واستخدام العنف في معاشرته
الزوجية»، مستندًا في ذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».
أما تناول المفكر الإسلامي «فتح الله کولن»، فيرى أنه يجوز للمرأة
الدفاع عن نفسها، وإن لم تدافع عن نفسها، فهذه جريمة أخرى، وينطلق «فتح الله كولن»
إلى بعد آخر، استعداد المرأة للدفاع عن نفسها من بطش الرجال، فيذهب إلى أنه على من
يضربها زوجها أن تتعلم رياضات الدفاع عن نفسها، كالكاراتيه والجودو والتايكوندو،
ولو لطمها زوجها لطمة، فيحق لها أن تلطمه لطمتين، فهذا دفاع مشروع عن النفس.
هاتان الفتويان لاقتا اختلافًا بين المفتين والفقهاء المعاصرين، فقد قبلها
عدد من الفقهاء منهم رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشيخ عبد الحميد الأطرش، ود. أحمد
السائح، الأستاذ في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
واستند كل من الأطرش والسايح إلى أن الضرب هنا دفاعًا عن النفس، والدفاع عن
النفس يتساوى فيه الرجل والمرأة؛ لأن حساب كليهما عند الله سواء، والرجل والمرأة
متساويان في الحقوق والواجبات.
اعتراض
على الفتوى
غير
أن القول بالجواز خالفه عدد آخر من الفقهاء الذين رأوا حرمة أن تضرب المرأة زوجها
لو اعتدى عليها بالضرب، وأن هناك وسائل أخرى تدافع بها عن نفسها.
ومن
هؤلاء د. مصطفى الشكعة، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والشيخ محمود عاشور،
وكيل الأزهر الأسبق عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، والدكتور سعود الفنيسان،
عميد كلية الشريعة بالرياض بالمملكة العربية السعودية، والدكتور صلاح الدين
زيدان، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق بجامعة الأزهر ،واستند الفريق الذي
يرى حرمة ضرب الزوجة زوجها إلى عدد من الأمور، أهمها:
-
إن شريعة الإسلام لم تبح للزوج ضرب زوجته إلا ضربًا معنويًا للتأديب، وإلا تحول
الأمر إلى عدوان على الحياة، وهذا يرفضه الإسلام.
-
إن الإسلام جاء بمنهج العلاج الحياة الأسرية: فقد منع القرآن الكريم اللجوء إلى
مثل هذه الأساليب في معالجة الخلافات بين الزوجين.
-
إن هذه الفتوى - بناءً على مآلاتها - «مدمرة للبنيان الأسري في الإسلام، ومبدلة
المودة والرحمة، التي جاء بها الإسلام، بالعنف والضرب».
-
وإنه باستقصاء الحقبة التاريخية منذ عهد الإسلام إلى يومنا هذا فليس هناك فتوى
تبيح للزوجة ضرب زوجها، وهذا ما أكده الدكتور صلاح زيدان.
ويفرق
الدكتور سعود الفنيسان بين حالتين: حالة التأديب، فإن كان الرجل يضرب زوجته
ضربًا غير مبرح فليس للمرأة أن تبادله؛ لأنه لا يحق شرعًا للمرأة أن تؤدب زوجها،
أما الثانية فهي حالة الاعتداء، وذلك إذا قام الزوج بالاعتداء عليها اعتداءً
سافرًا يصل إلى حد القتل، ففي هذه الحالة يحق لها أن ترد اعتداءه عليها.
كما
لم يجز أحد ممن يرى حرمة ضرب الزوجة زوجها أن تقوم المرأة بالامتناع عن زوجها في
معاشرتها ونحوه؛ إلا إذا كان هناك ضرر عليها من المعاشرة.
وإن
كانت هناك وجهات نظر متباينة فإن المدقق يلحظ اتفاقًا بينها، وهو أنه لا يجوز
للرجل ابتداءً الاعتداء على المرأة، وأن الضرب إنما أبيح في حالات استثنائية من
باب التأديب لا التعذيب، وأن المرأة إن خافت على حياتها فلها أن ترد عن نفسها.
أما
ما يذهب إليه المفكر فتح الله كولن من تعلمها الكاراتيه والجودو وأن ترد الصاع
بالصاعين، فهو أبعد ما يكون عن الفتوى أو الرأي الشرعي، وأن مثل فتواه دمار للبيوت
وتخريب لها فالبيوت تبنى على قوامة الرجل، كما أنها قبل هذا تبنى على الحب
والمودة.. وليس صراع الديوك.
من المصطلحات الفقهية: الخراج
الخراج في اللغة: الخروج والبروز، وأصله ما
يخرج من الأرض، والجمع: أخراج، وأخاريج، وأخرجة. ويطلق الخراج على عدة معاٍن:
-
الغلة الحاصلة من الشيء كغلة، الدار والدابة، ومنه قول النبي ﷺ: «الخراج
بالضمان».
-
الأجرة، أو الكراء، ومنه قوله تعالى: ﴿فَهَلۡ
نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰٓ أَن تَجۡعَلَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَهُمۡ سَدّٗا ﴾ ( الكهف: 94 )، وقوله تعالى: ﴿أَمۡ
تَسۡـَٔلُهُمۡ خَرۡجٗا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيۡرٞۖ﴾
(المؤمنون: 72)، والخرج والخراج
كلاهما بمعنى واحد.
والخراج عند الفقهاء له معنيان:
المعنى الأول: الأموال التي تتولى
الدولة أمر جبايتها وصرفها في مصارفها،وهذا هو المعنى العام.
المعنى الثاني: الوظيفة أو «الضريبة»
التي يفرضها الإمام على الأرض.
وعرفه كل من الماوردي وأبي يعلى بأنه «ما وضع على رقاب الأرض من حقوق تؤدى
عنها».
«نقلًا عن الموسوعة الفقهية بتصرف»
من
أعلام المفتين
شيخ
الإسلام الفخر الرازي
هو
محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن الرازي، لقبه: فخر الدين، وكان يكنى بأبي عبد
الله، واشتهر بابن الخطيب من نسل أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ولد
بـ «الري»، سنة: 544ه، وإليها نسبته، وأصله من طبرستان، وهو واحد من كبار فقهاء
الشافعية، فقيه وأصولي كبير، اشتهر بموسوعيته، فبجوار تبحره في الفقه والأصول، فقد
كان مجيدًا لعلم الكلام، ومفسرًا لكتاب الله تعالى، كما كان أديبًا بارعًا، له
اطلاع كبير على كثير من العلوم والمعارف.
سافر
إلى خوارزم بعدما مهر في العلوم، ثم رحل إلى ما وراء النهر وخراسان، واستقر في
هراة، وكان يلقب بها «شيخ الإسلام»، بنيت له المدارس
ليلقي فيها دروسه وعظاته، وكان درسه حافلًا بالأفاضل.. منحه الله قدرة فائقة في
التأليف والتصنيف، فكان فريد عصره، وذاع صيته، وأقر له الجميع بالعلم والفضل.
من
أشهر مؤلفاته: «معالم
الأصول»، و«المحصول» في أصول الفقه.
توفي
يرحمه الله في سنة 606هـ.
الإجابة
للدكتور عجيل النشيمي
الخضاب
بالسواد
هل
يجوز لي وعمري في حدود الستين أن أصبغ شعر اللحية وشعر الرأس باللون الأسود؟
اختلف
الفقهاء في حكم الاختصاب بالسواد، فالحنابلة والمالكية والحنفية - ما عدا أبا يوسف
- يقولون بكراهة الاختصاب بالسواد في غير الحرب، أما في الحرب فهو جائز إجماعًا،
بل هو مرغب فيه لقول النبي ﷺ بشأن
أبي قحافة والد أبي بكر لما جيء إليه عام الفتح، ورأسه يشتعل شيبًا: اذهبوا به إلى
بعض نسائه فلتغيره، وجنبوه السواد.
وقال
الحافظ في الفتح إن من العلماء من رخص في الاختصاب بالسواد للمجاهدين، ومنهم من
رخص فيه مطلقًا، ومنهم من رخص فيه للرجال دون النساء، وقد استدل المجوزون للاختصاب
بالسواد بأدلة منها قول رسول الله ﷺ: «إن أحسن ما اختضبتم به لهذا السواد، أرغب
لنسائكم فيكم، وأهيب لكم في صدور أعدائكم».
ومنها
ما روي عن عمر بن الخطاب أنه كان يأمر بالخضاب بالسواد، ويقول: هو تسكين للزوجة
وأهيب للعدو.. ومنها ما ورد عن ابن شهاب قال: «كنا نختضب بالسواد إذا كان الوجه
جديدا «شبابًا» فلما نفض الوجه والأسنان «كبرنا» تركناه».
وللحنفية
رأي آخر بالجواز، ولو في غير الحرب، وهذا هو مذهب أبي يوسف.
وقال
الشافعية بتحريم الاختضاب بالسواد لغير المجاهدين.
والذي
يظهر من عموم هذه الأدلة جواز الصبغ بالسواد؛ إلا إذا كان فيه غش وتدليس، كمن يذهب
للخطبة وقد ابيض شعره للكبر وقصده أن يظنوه صغيرًا، فهذا هو المحرم.. والله أعلم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل