العنوان فتاوى المجتمع : العدد 1405
الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي
تاريخ النشر الثلاثاء 20-يونيو-2000
مشاهدات 14
نشر في العدد 1405
نشر في الصفحة 58
الثلاثاء 20-يونيو-2000
إخراج الطعام هو الأصل
شخص يريد أن يكفر عن يمينه فهل يجوز أن يخرج قيمة الطعام، لأن الآية الكريمة نصت على الطعام قال تعالى: ﴿فَكَفَّٰارَتُهُۥٓ إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ﴾ (المائدة: ۸۹).
ذهب جمهور الفقهاء - عدا الحنفية - إلى أنه يشترط إخراج وإعطاء الطعام لكل مسكين من غالب قوت البلد، ولا يجوز إخراج قيمة ذلك؛ لنص الآية: فَكَفَّٰارَتُهُۥٓ إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ﴾ (المائدة : ۸۹)، كما يشترطون أن يكونوا عشرة بالعدد، وذهب الحنفية إلى جواز أن يدفع قيمة مدين -أي نصف صاع- كما يمكن أن يدفع من عروض تجارة، لأن المقصود هو دفع الحاجة، وهذا يتحقق بالقيمة.
وعلى هذا، فإخراج الطعام هو الأصل الأولى، فإن قدر المكفر أن حاجة الفقير إلى النقد أحوج، فلا بأس بأن يخرج كفارته بالنقد.
الدعاء يكفي
● هل يجوز أن نقرأ القرآن حينما نزور قبر من نعرفه من أهلنا، وما الآيات التي يمكن أن نقرأها؟
○ جمهور الفقهاء (الحنفية، والشافعية، الحنابلة) جوزوا بل استحبوا قراءة القرآن على القبر، لما روى أنس -رضي الله عنه- مرفوعًا قال: "من دخل المقابر فقرأ فيها «يس» خفف عنهم يومئذ وكان له بعددهم حسنات".
وصح عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه أوصى إذا دُفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها، ولمن يريد القراءة أن يقرأ ما شاء من القرآن، وورد عن بعض السلف أنه كان يقرأ سورة الإخلاص أو سورة «يس» و«الملك»، و«التكاثر» وذهب المالكية إلى كراهة القراءة على القبر، لأنه ليس من عمل السلف والذي نراه أن يكتفى بقراءة المأثور من الأدعية أو من غير المأثور إن لم تحفظ شيئًا منه، وكذا لا بأس بأن تقرأ من آيات القرآن التي هي محض دعاء.
سدد دينك أو استئذن
رجل عليه دين ويريد السفر مع أسرته، ويخشى أن يكون السفر سببًا في عدم قدرته على سداد الدين، فهل عليه إثم أو مخالفة شرعية لو سافر وأجل سداد الدين؟
إذا كان الدين قد حل أجله -وهذا هو المفهوم من السؤال- فلا يجوز له السفر حتى يستأذن الدائن، فإذا أذن له فلا بأس بالسفر، ويجوز للدائن أن يمنع المدين من السفر قضاء.
أما إذا كان الدين مؤجلًا، فليس للدائن أن يمنع المدين من السفر إلا إذا كان الدين سيحل أثناء سفر الدائن، فمن حقه حينئذ أن يطالبه بسداد الدين، وله أن يمنعه حفاظًا على حقه.
حكم الأكل في المسجد
جماعة في المسجد اعتادوا صيام أول كل خميس من الشهر العربي، ثم الإفطار في المسجد بإحضار أصناف كثيرة من الأرز والمرق وغيره. فهل هذا جائز؟
يجوز أن يحضروا ما شاءوا من طعام لإفطارهم على أن يحافظوا على نظافة المسجد من بقايا الطعام، ومن رائحة كريهة كالثوم والبصل، فقد صح عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، قال: «كنا نأكل على عهد النبي ﷺ في المسجد الخبز واللحم» (ابن ماجه ۱۰۹۷/۲ بإسناد حسن)، وهذا مذهب الشافعية، وكره ذلك الحنفية، وكذا المالكية في مسجد الحاضرة، وأما مسجد البادية فيجوز بلا كراهة، ومنع الحنابلة الأكل في المسجد، والحجة مع الشافعية للرواية المذكورة، أما الأكل في المسجد بالنسبة للمعتكف فالكل يجيزه، بل استحبه المالكية.
الطلاق واقع .. والغضب يمكن تجنبه
امرأة تقول إنها تحب زوجها، ولا تقصر في واجب من واجباته، ولكن حدث بينهما نزاع، فقد الزوج فيه صوابه، فطلقها مرتين في حالة غضب، واحدة وهي في فترة الحيض، وثانية وهي في فترة النفاس، فما حكم الطلاق هل يقع أم لا؟ وكيف أستطيع امتصاص غضب زوجي إذا غضب؟.
الطلاق الذي وقع من الزوج وقع أثناء الحيض والنفاس، وعلى خلاف الطريقة التي بينها النبي ﷺ لكل زوج وصل الأمر بينه وبين زوجته إلى مرحلة الطلاق، لذلك يسمى الطلاق السني، أي أنه الطلاق الذي يتم على الطريقة الموافقة للسنة، فقد روى عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما - أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر - رضي الله عنه - رسول الله ﷺ عن ذلك، فقال له رسول الله ﷺ: «مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء» (البخاري ٣٤٥/٩ ومسلم (١٠٩٤/٢). فالنبي ﷺ بين لمن يريد أن يطلق كيف يطلق، فإن خالف ذلك كان طلاقًا على خلاف الطريقة السنية، ويسمى طلاقًا بدعيًا.
والذي يترتب على الطلاق في الحيض أو النفاس أنه يقع به الطلاق، ويطالب الزوج بمراجعة زوجته إذا كانت في العدة، كما يترتب الإثم عليه فيجب عليه المراجعة ليرفع الإثم وهذا عند الحنفية والمالكية، ويرى الشافعية والحنابلة أن المراجعة مستحبة.
ويبقى ما ورد من حالة الغضب التي وقع فيها الطلاق، وهذه تحتاج من الزوج، إلى أن يبيِّنها، لأنه تلفظ بلفظ الطلاق، وهو الذي يستطيع أن يبين درجة الغضب، فإذا تبين أن الغضب كان شديدًا بحيث أخرج صاحبه عن حدود تصرف العقلاء، وفقد زمام أمره، وهذا بما لا يعلم فإن طلاقه لا يقع؛ لأنه بلغ مرحلة الإغلاق، أما إذا كان بإمكانه أن يسكت أو يخرج ونحو ذلك فالطلاق واقع.
أما كيف تمتصين غضب الزوج، فبمعالجة أسبابه إن كانت منك، وبتغيير موضوع الحديث إن توقعت أن هذا الموضوع سيؤدي إلى غضبه، مع تذكير الزوج بالله، وأن الغضب إنما يكون لله بأن يرى أمرًا يخالف شرع الله، أو سوء تصرف منك يغضب الله وما عدا ذلك فحظ النفس، وتدخل الشيطان فيه عظيم، وعلى الزوج أن يعلم أن المنغصات والمشكلات في الحياة الزوجية أمر وارد، وأن واجبه أن يتعاون وزوجه على تخطيها، والحفاظ على نعمة الزواج لتحقيق رضا الله وغايات الزواج التي يريدها الله عز وجل وبينهما رسوله ﷺ.
الإجابة للدكتور أحمد يوسف
تفريغ النفس قبل الصلاة
كيف يمكنني أن أخشع في الصلاة، علمًا بأنني أحاول ذلك دون جدوى؟
روح الصلاة الخشوع، وقد وصف الله المؤمنين بقوله: ﴿ٱلَّذِينَ هُم فِي صَلَاتِهِم خَٰشِعُونَ﴾ (المؤمنون : 2)، وإذا أراد المصلي أن يخشع في الصلاة، فعليه قبل أن يدخل إليها أن ينحي جانبًا -ما استطاع- كل ما يشغله من أمور الدنيا، بمعنى أنه إذا كان جائعًا أكل، وإذا كان في حاجة ماسة إلى النوم نام، وإذا كان قد حضر إليه كتاب ويريد أن يقرأه فليقرأه، يعني يفرغ نفسه تمامًا للصلاة، كما أن عليه أن يعلم أنه في أثناء الصلاة يقف ليخاطب الله، وأنه يراه ويستمع إليه، وعليه أيضًا أن يدرك أنها قد تكون آخر صلاته، وأنه يلقى الله عز وجل بعدها مباشرة، لذلك كان النبيﷺ إذا صف أصحابه للصلاة قال لهم: «صلوا صلاة مودع واستحضروا عظمة ربكم، فإذا حاولت نفسه الخروج به عن الصلاة جاهدها، وله أجر كبير، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلمُحسِنِينَ﴾(العنكبوت : 69).
إن الله سبحانه وتعالى يعلم ضعف الإنسان وأنه قد يضعف أمام بعض هموم الحياة، فقال في كتابه الكريم: ﴿فَوَيل لِّلمُصَلِّينَ ٱلَّذِينَ هُم عَن صَلَاتِهِم سَاهُونَ ٱلَّذِينَ هُم يُرَاءُونَ وَيَمنَعُونَ ٱلمَاعُونَ ﴾ (الماعون : 4:7).
ولم يقل: «في صلاتهم ساهون»، وشرع النبي سجود السهو لجبر ما قد يحدث في الصلاة من خطأ سهوًا، وعلى العموم فقد قال النبيﷺ: «ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها»، أي أن أجر الصلاة يكون على مقدار التركيز فيها، واستحضار عظمة الله أثناءها.
نسبة المرأة لزوجها ادعاء باطل
هل يجوز أن تُسمى المرأة بلقب زوجها، إذ إن هذا هو المعتاد في بلادنا؟
نسبة المرأة إلى زوجها دون نسبتها إلى والدها نوع من أنواع الادعاء، والله تعالى يقول: ﴿ف ٱدعُوهُم لِأَبَائِهِم هُوَ أَقسَطُ عِندَ ٱللَّهِ﴾ ﴿(الأحزاب: 5). فالزوجة ينبغي أن يقال عنها فلانة بنت فلان بنسبتها إلى والدها الذي أنجبها، أما نسبتها إلى زوجها تقليدًا للأجانب فهذا ادعاء باطل، ومحرم شرعًا.
مقاطعة اليهود واجبة
ما حكم استيراد لبضائع من البلاد الغربية إلى البلاد الإسلامية من أصحاب المصانع «اليهود»، إذا لم تتوافر هذه البضائع المرغوب فيها إلا لديهم الرغم من أن هذه البضائع يمكن تصنيعها في البلاد الإسلامية لكن ذلك لا يحدث؟ أيضًا هؤلاء التجار لديهم النية لنقل تصنيع هذه البضائع إلى البلاد الإسلامية إذا أتيحت لهم الفرصة والتسهيلات اللازمة من قبل هذه البلاد؟ وهل هناك فرق في استيرادها من أصحاب المصانع اليهود، أو أصحاب المصانع «النصارى»؟
هذا السؤال يسأل عن التعامل مع طائفتين من أهل الكتاب: اليهود، والنصارى.
أما عن الطرف الأول: اليهود، فلا يجوز التعامل معهم بأي حال من الأحوال، لأنهم جميعًا سكريون محاربون للإسلام وأهله، احتلوا أرضنا، وداسوا مقدساتنا، واعتدوا على حرماتنا، ولا يزالون يمارسون اعتداءهم ليل نهار في شأنهم قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُم فِي ٱلدِّينِ وَأَخرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُم وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰ إِخرَاجِكُم أَن تَوَلَّوهُم وَمَن يَتَوَلَّهُم فَأُوْلَٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾ (الممتحنة : 9)، ويقولﷺ : «قاتلوا الكفار بأيديكم وأموالكم والسنتكم».
ونحن لا نملك الجهاد بالسلاح الآن خاصة أننا يحال بيننا وبينه فلم يبق معنا أي سلاح إلا المقاطعة، فوجب على المسلمين مقاطعة اليهود اقتصاديًا، وثقافيًا، وسياسيًا، وكذلك المحاربين من أهل الكتاب كالصرب، والأمريكيين المعتدين والهندوس، وكل من حارب الإسلام، وأعان على حربه، إلا من أضطر من أهل فلسطين المحتلة.
أما الطرف الثاني: وهم النصارى، فإنهم إن كانوا محاربين كالصرب وغيرهم كما قلنا فهؤلاء يقاطعون، أما من كانوا مسالمين غير محاربين فلا شيء في الاستيراد منهم، والتصدير لهم. بشرط أن تكون التجارة فيما أحل الله لا مما حرم، وذلك مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لَّا يَنهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَم يُقَٰتِلُوكُم فِي ٱلدِّينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُم أَن تَبَرُّوهُم وَتُقسِطُواْ إِلَيهِم إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلمُقسِطِينَ﴾ (الممتحنة : 8).
والنبي كان يتعامل مع الكفار بالبيع والشراء ما داموا غير محاربين له ولدينه .
احضر ولكن أنكر بقلبك
● تكثر في كوسوفا الهيئات الغربية التنصيرية النشطة في هذا المجال، وتعقد الكثير من اللقاءات والدورات الخاصة بالتخطيط والمناقشات حول العمل الإنساني في الساحة، وقد تدعى الحضور هذه اللقاءات التي نراها مهمة لمعرفة ما يخططون وما يجري في عقولهم، لكنهم في بعض اللقاءات يشربون البيرة وأحيانًا الخمر، فما حكم حضور مثل هذه اللقاءات علمًا بأن اللقاء فيه نفع؟
○ نحن ندعو لإخواننا في كوسوفا ولإخواننا المسلمين في كل مكان بالتأييد والنصر، ونشد على أيديهم، ونسأل الله لنا ولهم الثبات، أما بخصوص حضور هذه الاجتماعات المعرفة المساعدات الإنسانية، والتصدي للأفكار التنصيرية، وتحصين المسلمين ضدها، فهو أمر في غاية الأهمية، ولكن على المسلم إذا حضر مثل هذه الاجتماعات أن ينكر بقلبه ووجدانه ما يحدث فيها، ولا يشارك فيها، وقد أبحنا حضور هذه الاجتماعات لما يترتب عليها من فوائد عامة لكل المسلمين خصوصًا سكان هذا البلد العزيز لأن النبيﷺ قال في حديث تغيير المنكر: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
الصلاة على المنتحر جائزة
● هل تجوز الصلاة على شاب مسلم عمره ١٩ عامًا توفي بسبب شرب المخدرات أم أن حكمه حكم الكافر وقاتل النفس كما اعتبره بعضهم؟
○ لو افترضنا أن هذا الشاب مات بسبب شربه المخدرات، وأن البعض أنزله منزلة المنتحر، فإن المنتحر تجوز الصلاة عليه، لأنه ليس كافرًا إنما هو مذنب فقط، والقرآن يحذر من الانتحار فالله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَقتُلُواْ أَنفُسَكُم﴾ ﴿ (النساء : ۲۹)، ويقول النبي ﷺ: «إن من قتل نفسه بحديدة فإنه يأتي يوم القيامة وحديدته في يده يبجأ بها بطنه»، لكن ينبغي ألا يصلي عليه الإمام أو كبير البلد أو شيخ العلماء، إنما يصلي عليه عامة الناس، ويستغفرون الله سبحانه وتعالى له، لأنه من المحتمل أن يغفر الله ذنبه لقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِۦ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ (النساء: ١١٦)، وقال ﷺ في حديثه لأبي ذر: «وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
آداب الاستقراض (۲ من2) المبادرة إلى سداد الدين عند توفر المال دون انتظار الأجل
نشر في العدد 1133
18
الثلاثاء 10-يناير-1995