العنوان فتاوى المجتمع (1197)
الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي
تاريخ النشر الثلاثاء 23-أبريل-1996
مشاهدات 37
نشر في العدد 1197
نشر في الصفحة 62
الثلاثاء 23-أبريل-1996
• عميد كلية الشريعة- جامعة الكويت
• تحريك اللسان بالقراءة في الصلاة
السؤال: رجل يصلي ولكنه لا يحرك لسانه في القراءة، ويكتفي باستعراض الآيات على قلبه هل تصح صلاته؟
الجواب: الراجح من أقوال العلماء وهو مذهب جمهورهم أن إسماع القارئ نفسه شرط، ولا يكفي أن يحرك لسانه من غير أن يسمع نفسه؛ لأن المطلوب في الصلاة القراءة، ومجرد تحريك اللسان من غير صوت لا يسمى قراءة، ولا تظهر الحروف، ولا يعلم إتقانه من لحنه، وقال المالكية: لا يشترط أن يسمع القارئ نفسه، ويكفي أن يحرك لسانه، أما عدم تحريك اللسان، وإجراء القراءة على قلبه، فهذا لا يعتبر قراءة، ولا يكفي في الصلاة، وهو أشق على الذهن، والسهو والخطأ فيه كبير، اللهم إلا إن كان مقطوع اللسان ولا يستطيع أن يؤدي الصلاة إلا بذلك، فجائز؛ لأن الحكم بالاستطاعة، قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ (البقرة: 286)، ﴿فَاتَّقُوا اللهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (التغابن: 16).
• الفرق بين الكبائر والصغائر
• السؤال: ما هو الفرق بين الكبائر والصغائر؟ أو كيف يعرف المسلم أنه ارتكب كبيرة، أو ارتكب صغيرة؟ وما هي هذه الكبائر؟ وما حكم الشخص الذي يرتكب الكبيرة، ويريد أن يتوب؟ وهل الحج يكفر الكبائر كلها؟
الجواب: الكبائر هي كل ذنب أوجب الله فيه حدًّا في الدنيا، أو توعد عليه بنار في الآخرة، أو وصف صاحب الفعل بالفسق، أو اللعن، وهذا يفهم من كلام الفقهاء، وإن اختلفوا في تحديده أو تعريفه تعريفًا متفقًا عليه.
وأما عدد الكبائر فمختلف فيه، منهم من قال هي ثلاث، وأوصلها بعضهم إلى سبعين، ومنهم من عدها بالمئات، والوسط في ذلك ما ذكرته الأحاديث الصحيحة أنها سبعٍ أو ثمان، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هي؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» وفي رواية زيادة: وعقوق الوالدين، (البخاري 5/393، ومسلم 1/92).
والكبائر فيها ما هو كبيرة وفيها ما هو أكبر، لما روى أبو بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، «قال ثلاثًا»: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور» فما زال يرددها حتى قلت: لا يسكت، وفي رواية: «قلنا ليته سكت» (البخاري 10/405، ومسلم 1/91) أي إشفاقًا عليه صلوات الله وسلامه عليه.
ومن جانب آخر فإن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة، وقد قرر الفقهاء أنه لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار.
وأما عن حكم مرتكب الكبيرة، فإنه يعتبر فاسقًا وتسقط عدالته، ويختص الشرك من بين الكبائر بالاتفاق في أنه يحبط ثواب الأعمال لقوله تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ (الزمر: 65).
والكبائر تغفر لمن أقلع عنها وتاب قبل الموت، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (النساء: 48)، وقد يغفر الله لمن مات على الكبيرة من المسلمين لقوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾، وإن كانت الكبيرة ارتكبت وهي في حق الله وحق العباد- فيجب أن يعفو صاحب الحق في ذلك.
فأما الحج فإنه يكفر الذنوب جمعيًا لقوله ﷺ: «ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (البخاري 3/382، ومسلم 2/983)، وقد حدث خلاف في تكفير الحج للكبائر والصغائر والمظالم.
ولعل الراجح أن الحج يكفر الذنوب الصغائر، ويكفر إثم تأخير التوبة من الكبائر، فإذا لزمت المسلم كبائر كترك بعض العبادات، وما ترتب عليه من ديون ومظالم، لم يؤدها فعليه بعد الحج المبادرة إلى قضاء ما لزمه من ذلك، إذا قدر عليه، ولا تسقط إلا بأدائها، فإن لم يفعل لم يسقط عنه إثمها، فإذا أداها فقد سقط عنه إثم تأخيرها، فحقوق الله وحقوق العباد لا تسقط بالحج في جملتها.
• الإمامة في الصلاة
• السؤال: صلى شاب بالناس، وكان في قراءته أخطاء كثيرة، حتى في الفاتحة، فهل صلاته صحيحة؟
الجواب: ينبغي أن يصلي بالناس من يتقن القراءة، ولا يجوز أن يتقدم للصلاة من يعلم من نفسه عدم الإتقان، ويدع غيره ممن هو أفضل منه أن يتقدم.
وأما صلاته وأخطاؤه ولحنه في القراءة، فإن كان لم يغير المعنى فالصلاة صحيحة.
لكن إن تغير المعنى، فإما أن يتعمد ذلك فتبطل الصلاة، وإما ألا يتعمده، وقد اختلف الفقهاء في هذه الحال، فالحنفية قالوا: تبطل صلاته، والشافعية قالوا: تبطل إن كان في الفاتحة ولم يستطع التعلم وإتقان القراءة، وعند الحنابلة تبطل أيضًا الصلاة في اللحن الذي يغير المعنى إن كان قادرًا على التعلم وإتقان القراءة.
والمالكية قالوا: إن اللحن لا يبطل الصلاة، ولو غير المعنى.
ولعل القول ببطلان الصلاة إذا تغير المعنى باللحن إذا كان بإمكانه أن يتعلم أولى بالاعتبار سواء في ذلك الفاتحة أو غيرها؛ لأن اللحن إذا تعمده، وكان يغير المعنى يكون كفرًا لا يكون من القرآن، وما ليس من القرآن لا تصح الصلاة به.
• زكاة الفطر بعد العيد
• السؤال: رجل فاته أن يخرج زكاة الفطر، فهل عليه إثم؟ وهل يجب عليه أن يخرجها؟
الجواب: إذا كان التأخير منه قصدًا أثم، ويلزمه أن يقضيها بعد العيد، وهذا عند جمهور الفقهاء عدا الحنفية القائلين بأنه لا إثم عليه في التأخير؛ لأن التأخير مكروه فحسب.
• السلام على رسول الله ﷺعقب الأذان
• السؤال: ما حكم نص السلام بعد الأذان في المساجد، وهو أن يقول المؤذن بعد الأذان: الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله، هل هذا جائز أم لا؟
الجواب: قول المؤذن: «الصلاة والسلام عليك يا رسول الله» عقب الأذان جائز، وهو عند الشافعية والحنابلة سنة مرغوب فيه، واستندوا في هذا إلى قول النبي ﷺ: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ فإنه من صلي علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة» (مسلم 1/288)، ولم يخالف الحنفية والمالكية في مشروعية الصلاة على النبي ﷺ بعد الأذان، ولكنهم قالوا: إنه بدعة حسنة.
ولعل قول الأولين أسند وأقوى حجة، ولأن قوى النبي ﷺ: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» (متفق عليه)، وخطاب النبي ﷺ لمن يسمع النداء يحتمل شموله للمؤذن لئلا يحرم الأجر الموعود به من سمع النداء فردد وراء المؤذن، لذلك فله أن يردد سرًا ما يقوله جهرًا.
وينبغي التنبيه هنا إلى أن المؤذن أو غيره من السامعين إنما يصلي على النبي ﷺ سرًا، لا جهرًا، ولعل من قال: إنَّها بدعة حسنة راعي الجهر فيها، ولربما ظن السامع أن الصلاة على النبي ﷺ جزء من الأذان.
• أحاديث صحيحة
• السؤال: نرجو بيان الأحاديث التالية، فإذا كانت صحيحة فسوف تلتزم بها:
1- «من صلى من يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الغداة».
2- «من صلى قبل الظهر أربعًا، وبعدها أربعًا، حرمه الله على النار».
3- «من أتى عرافًا أو كاهنًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة؟».
الجواب: الحديث الأول صحيح وهو عن أم حبيبة رضي الله عنها، وأخرجه الترمذي، ينظر تخريج الترغيب (1/200- 201)، وصحيح الجامع الصغير وزياداته وكلاهما للشيخ محمد ناصر الدين الألباني (5/316).
والحديث الثاني صحيح أخرجه أحمد والترمذي والنسائي، وابن ماجه عن أم حبيبة رضي الله عنها.
ينظر تخريج الترغيب (1/202)، وصحيح الجامع الصغير وزياداته، كلاهما للشيخ محمد ناصر الدين الألباني (5/223).
والحديث الثالث: صحيح أخرجه أحمد ومسلم عن بعض أمهات المؤمنين، صحيح الجامع الصغير، وزياداته للشيخ محمد ناصر الألباني (5/223).
• الخوف من خروج وقت الصلاة
• السؤال: يحدث في بعض الكليات، وخاصة في الخاصة بسبب الدراسة أن يضيق الوقت على الطالب، بحيث يمكن أن يخرج وقت الصلاة إذا ذهب للوضوء، فهل يجوز له أن يتيمم ليدرك الوقت؟
الجواب: واجب المسلم أن يعمل جهده ويبذل ما في وسعه في أداء الصلاة في وقتها قبل أن يضيق عليه، فإن لم يتمكن بسبب الدراسة، وأدرك آخر الوقت، لكنه إن ذهب لوضوء خرج الوقت فإن ذلك لا يعد عذرًا للتيمم؛ لأنه واجد للماء، ويمكنه أن يحصله، والتيمم إنما يكون لفاقد الماء لقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ (النساء: 43).
• موجبات الغسل
• السؤال: ما معنى حديث النبي ﷺ: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل» هل معناه أن الغسل يجب بمجرد الملاقاة؟
الجواب: معنى الحديث أن الغسل إنما يجب إذا التقى الختانان بمعنى تغييب الحشفة في الفرج، فإذا لم يتم ذلك فلا يجب الغسل ولو حدث، ومن باب أولى إن كان الوطء دون الفرج ولم ينزل فلا غسل عليه.
• عدة المطلقة
• السؤال: امرأة طلقها زوجها، وبعد أسبوع جاءتها العادة الشهرية، فكيف تحسب عدتها، ومتى تبدأ؟ هل وقت أن طلقها، أم من وقت العادة؟
الجواب: تبدأ العدة في هذه الحال مع بداية الحيض وهي العادة الشهرية، ولا تحسب الأيام التي وقعت بعد الطلاق وقبل الحيض ـ وهي أيام الطهر، وهذا رأي الحنفية والحنابلة؛ لأن القرء عندهم هو الحيض، مستدلين بقوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ (البقرة: 228)، فلو كان القرء يطلق على الطهر لكان الاعتداد بطهرين وبعض الطهر الثالث، فلا يكون ثلاثة قروء.
وعند المالكية والشافعية تحسب الأيام قبل الحيض قرء؛ لأن القرء عندهم هو الطهر؛ لأن بعض الطهر وإن قل يصدق عليه قرءًا، فيعتبر هذا الطهر قرءًا كاملًا وتطهر بمرور طهرين بعده، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ (الطلاق: 1) أي: وقت عدتهن.
• تصرف الراهن في الرهن
• السؤال: هل يجوز التصرف بالضمان من قبل الضامن؟
الجواب: يبدو أن المراد من السؤال هو التصرف في الرهن من الراهن باعتبار أن الرهن ضمان.
أما الضمان بمعناه الفقهي هو التزام دين أو التزام بإحضار عين أو إحضار بدن، أو بمعنى آخر: هو إعطاء المثل أو القيمة عند التلف.
وإذا كان المقصود الأول وهو الرهن فنقول وبالله التوفيق: المرهون إذا انتفع به المرتهن، كأن يكون دابة ركبها، أو دارًا سكنها، أو ثيابا لبسها أو غير ذلك، فيحسب من دينه بقدر ما استهلك وانتفع، فالأصل أنه لا يجوز للراهن أن ينتفع بالرهن بأن يستخدم السيارة المرهونة مثلًا، أو أن يسكن الدار المرهونة، كما لا يجوز له أن يؤجر الدار أو يعيرها، إلا إذا تم الاتفاق بينهما على ذلك، فلا بد من إذن المرتهن، فالسيارة والدار وغيرهما يعطلان، ولا ينتفع بهما إلى أن يفك الرهن، ما لم يتفقا على الانتفاع بهما للراهن.
وإذا تصرف الراهن بالرهن بالبيع كأن يبيع السيارة المرهونة مثلا، فهذا التصرف باطل، فإذا أذن فيه المرتهن صح البيع، وبطل الرهن.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل