; فتوى في جهاد الظالم والاستعمار تعزز كفاح مجاهدي جبهة تحرير عفر | مجلة المجتمع

العنوان فتوى في جهاد الظالم والاستعمار تعزز كفاح مجاهدي جبهة تحرير عفر

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 15-فبراير-1977

مشاهدات 10

نشر في العدد 337

نشر في الصفحة 45

الثلاثاء 15-فبراير-1977

وجه أفراد من الشعب العفري المسلم استفتاء إلى علماء المسلمين بمدينة زبيد للإبانة عن الجهاد الذي يقومون به وما يجب على إخوانهم المسلمين حكومات وشعوبًا نحوهم، وهذا نص السؤال ويليه الجواب: الحمد لله: ما قولكم علماء الإسلام أصلحكم الله وأصلح بكم الأنام في شعب مسلم بحت يشغل مساحة واسعة مطلة على البحر الأحمر ممتدة من الحدود الشرقية لجيبوتي إلى قرب مصوع يعرف في جغرافيًا بالمثلث العفري تعرض أكثره لغزو وحشي حبشي بربري من قبل الطغمة الفاسدة الملحدة التي قامت بالانقلاب الغادر في أديس أبابا والتي حملت على عاتقها أن لا تهادن ولا تترك مسلمًا يدين بدين الإسلام حتى تنهب أرضه وماله وتطمس شعائره الدينية وقد عاثت بالشعب وقتلت الكثير من العلماء والأبرياء العزل والنساء والصبيان وأخرجت المساجد وحرقت المصاحف في بلاد العفر الإسلامية وغيرها في أثيوبيا فثار الشعب العفري بغضبته الإسلامية وبسالته الإيمانية في وجه هذا العدوان الغادر الشيوعي وأصبح هذا الشعب المسلم -بإذن الله- ينتصر على أعدائه في كل المعارك الضارية منذ البداية في ٣-٦-٧٥ م إلى هذا التاريخ ٢٣-١١-٧٥ م وضرب أروع المثال في البطولة والصمود أمام التيار الإلحادي حتى سيطر على الطريق الممتد من عصب إلى أديس أبابا وقطع المواصلة بينهما مطلقًا، كما شهدت بذلك وكالات الأنباء الأجنبية والعربية وقد مارس هذا الشعب كل هذه العمليات تحت راية ومبايعة بطل الإسلام السلطان على مراح الموجود حاليًا بجوار حرم الله وحرم رسوله بالمملكة العربية السعودية أعلى الله شأنها ووفقها لما يحبه ويرضاه. هذا وأن الشعب البطل العفري ليفتقر الاستمرار هذا الصمود الجبار إلى معونة مادية ومعنوية من إخوته المؤمنين أينما كانوا- أليس والحالة هذه يتعين على المسلمين على جميع المستويات دوليًا وشعبيًا أن يمدوا يد المساعدة الفعالة لإنقاذ هذا الشعب المسلم المدافع عن دينه وأرضه وعرضه وكرامته بمعونات كافية تمكنه من استرداد حقوقه المغتصبة وتعينه على وقوفه الصامد أمام العدو الغاشم الفاشي الذي يتلقى المعونات من الأسلحة الفتاكة والطائرات والدبابات وغيرها من كل القوى المعادية للإسلام؟ هذا الرجاء من حضرات العلماء الإبانة عن حكم المسألة فهي واقعة حقيقية لا متوقعة خيالية فأنتم شهداء الله في أرضه والعلم أمانة في عنق العلماء وقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا (سورة النساء: 58) والسائل مستفيد ومنتظر الجواب الشافي الكافي لإيضاح الحقيقة مجلي بالدلائل الناصعة وفقكم الله لما يحبه ويرضاه وأدانكم ذخرًا ومرجعًا للمسلمين والإسلام.

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صادق الوعد الأمين وعلى آله الطاهرين وصحابته الراشدين الذين حفظوا بيضة الإسلام بالسيف والسنان والحجج القاطعة والبراهين، والتابعين لهم على سلوك الحق المبين إلى يوم الدين، أما بعد: فاعلم أيها الأخ السائل الكريم أنك قد سألت عن شيء عظيم قد أصبح بعض المسلمين عنه معرضين في حين أن ليس لهم مندوحة وعذر مبين، بل هم سوف يسألون عن كل ما فرطوا في جنب الله وعن جميع ما يجري على الأقليات المسلمين من الويلات والعذاب المهين من الطغاة الملحدين الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ذلك لأنهم قد أوتوا من قوة مادية ومعنوية ما يتمكنون به من إنقاذ أي مسلم يدافع عن دينه ووطنه وأرضه وكرامته، هذا وحيث كان الحال ما شرحه السائل، فالجواب على هذا السؤال العظيم يتطلب منا أن نبين ما هو الجهاد وإىي كمْ ينقسم.. فنقول: الجهاد هو بذل الطاقة النفسية والمالية في سبيل إعلاء كلمة الله وهو قسمان: كفائي، وعيني، كل منهما مشروع لإعلاء كلمة الله تعالى وإعزاز دينه ورفع الفساد عن العباد.. فالأول إذا حصل القيام من البعض سقط عن الباقين لأن في اشتغال الكل به تضييع مادة الجهاد من التجارة والزراعة والصناعة وجميع الحرف التي تقوم بها مصالح العباد فوجب على الكفاية والذي يدل على أنه فرض كفاية قوله تعالى ﴿لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ (سورة النساء: 95)

أي كلًا من الفريقين ولو كان فرض عين لذم القاعد وكانت الصحابة رضوان الله عليهم يغزو بعضهم ويقعد البعض ولو كان فرض عين لما قعدوا وهذا هو الذي تقرر عليه أمر الجهاد. وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الابتداء مأمورًا بالصفح والإعراض عن المشركين كما قال تعالى ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (الحجر: 85) ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (سورة الحجر: 94) ثم أمر بالدعاء إلى الدين بالموعظة الحسنة والمجادلة الحسنة، قال الله تعالى ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (سورة النحل: 125) ثم أمر بالقتال إذا كانت البداية منهم لقوله تعالى ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ (الحج: 39-40) ثم أمر بالقتال في بعض الأزمان بقوله تعالى ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ (سورة التوبة: 5) ثم أمر بالبداية بالقتال مطلقًا في الأزمان كلها وفي الأماكن بأسرها كقوله تعالى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ (سورة الأنفال: 39) إلى غير ذلك من الآيات والأخبار المطلقة، وقد حاصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطائف لعشر بقين من المحرم والمحاصرة نوع من القتال فهذا يدل على أن تحريم القتال في الأشهر الحرام منسوخ هذا هو النوع الأول من الجهاد وهو وأن أعرض عنه المسلمون من مكان بعيد فقد ذكرناه ليعلم أن حكمه باق إلى يوم القيامة وان قصر من قصر وأعرض من أعرض لقوله عليه الصلاة والسلام «الجهاد فرض ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل» وقال عليه الصلاة والسلام «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله. فحكم هذا النوع الكفائي سقوط الإثم عن الكل وإلا فالكل آثمون. 

وأما النوع الثاني أي الفرض العيني فمحله إذا هجم العدو وعلى بلد من بلاد المسلمين ولم يكن لهم قدرة على مقاومة العدو أو كان لهم قدرة إلا أنهم لا يجاهدون لكسل بهم أو تهاون افترض على من يليهم فرض عين ثم من يليهم كذلك حتى يفترض على هذا التدريج على المسلمين كلهم شرقًا وغربًا ومنه يعلم حكم المسألة المذكورة في السؤال المقدم وهو أنه يتعين على جميع المسلمين إنقاذ هؤلاء وغيرهم من المسلمين مما حل بهم، فإن ما حل بهم في الحقيقة فهو حال على جميع المسلمين شرقًا وغربًا.

قال الله تعالى ﴿قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (المائدة: 32) وقال تعالى ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ (سورة التوبة: 71) وقال تعالى ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا (الحج: 40) المعنى والله أعلم ولولا دفع الله الكافرين بالمؤمنين موجود لهدم في زمن موسى الكنائس التي كانوا يصلون فيها في شرعه وفي زمن عيسى الصوامع والبيع وفي زمن نبينا المساجد أي لولا عز الدين وقوة شوكته ما عبد الله في أي زمن، هذا وما دام قد وقع كل من هدم المساجد وتمزيق المصاحف وتحريق الكتب الدينية وقتل الأبرياء العزل وتغيير الشريعة الإسلامية إلى غير ذلك من المفاسد المذكورة في السؤال فقد تعين على دول المسلمين شرقا وغربا أن يمدوا يد المساعدة في جميع النواحي لا سيما وهذه الأمة العفريت المجاورة لشبه الجزيرة والمنحدرة منها دينًا ونسبًا تدافع عن دينها وكرامتها بصلابة إيمانية معتمدة على الله تعالى في جهادها المفروض عليها دفاعًا عن الحرمات. قال تعالى ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ (المائدة: 2) وقال عليه الصلاة والسلام «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»  وقال أيضا: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله»  أي لا يترك نصرته. وقال «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وشبك -صلى الله عليه وسلم- بين أصابعه متفق عليه. وهذا وعلى ملوك المسلمين ورؤسائهم وهيئاتهم التعاونية والتجارية وفقهم الله لما يحبه ويرضاه أن يجعلوا نصب أعينهم قصتين عظيمتين أولاهما قصة جلاء بني قينقاع تلك هي أن امرأة من نساء الأنصار قدمت إلى سوق اليهود من بني قينقاع ومعها حلية لكي تعرضها على صائغ منهم فجلست إلى صائغ في تلك السوق فجعل اليهود يريدون كشف وجهها وهي تأبى فجاء يهودي من خلفها في سهو منها فأثبت طرف ثوبها بشوكة إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوأتها فضحك اليهود فصاحت المرأة صيحة مشوبة بالحزن والندم والخجل والاستغاثة فوثب رجل من المسلمين على الصائغ اليهودي فقتله واجتمعت اليهود على المسلم فقتلوه وحينئذ دعا رسول الله صلى الله عليه وآلة وصحبه وسلم رؤساءهم وحذرهم عاقبة البغي ونكث العهد وطلب إليهم أن يكفوا عن أذى المسلمين حتى لا يصيبهم ما أصاب قريشًا في غزوة بدر ولكنهم استخفوا بوعيده وأجابوا قائلين لا يغرنك يا محمد إن لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة أنا والله لئن حاربناك لتعلمن إنا نحن الناس ثم تظاهروا بالعداوة وتحصنوا في حصونهم فأنزل الله تعالى في سورة آل عمران ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (آل عمران: 12) إلى قوله ﴿تعالى إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ (سورة النور: 44) ثم سار إليهم في نصف شوال من السنة الثانية للهجرة وحمل لواء المسلمين عمه حمزة بن عبد المطلب فحاصرهم خمس عشرة ليلة متتابعة لا يخرج منهم أحد ولا يدخل إليهم بطعام أحد فلما رأوا عجزهم عن المقاومة سألوا الرسول أن يخلي سبيلهم فيخرجوا من المدينة بذراريهم ونسائهم تاركين المال للمسلمين وقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك ووكل بجلائهم عبادة ابن الصامت وأمهلهم ثلاث ليال رحلوا بعدها إلى أذرعات وهكذا كانت نهاية خيانة بني قينقاع نتيجة للأحداث التي ارتكبوها وعدم وفائهم بالعهود التي التزموها، النكتة في القصة ظاهرة هي أن إهانة امرأة مؤمنة واحدة كانت نتيجة لأحداث هامة كما ترى ما تلك إلا عظمة الإسلام في نقض العهد والميثاق فما الحال بالنسبة لشعوب المسلمين الأقليات مع أنه لم يكن بينهم وبين أعدائهم أي عهد أو ميثاق.

وثانيتهما قصة المرأة العربية التي وصل إلى المعتصم من أمرها مع رومي أراد أن يغلها في ثمن سلعتها فلما فطنت له لطمها في وجهها فصاحت وامعتصماه فسخر منها الرومي وكان هناك إنسان عربي مسلم أخذته غيره الإسلام وعزة العربي فوصل إلى المعتصم وأخبره وحينئذ جهز المعتصم جيشه إلى الروم وأحاط بمدينتهم وشدد عليهم الحصار زمنًا طويلًا وكان آخر أمره أن انتصر على الروم فسلموا مدينتهم فاقتحمها العرب وعندئذ تذكر المعتصم العربية المستفيئة فدعاها لتشهد انتصار قومها فأقبلت مزهوة بالانتصار العظيم وقال لها الآن تستطيعين أن تثأري لنفسك منه ولكن العربية المسلمة قالت حسبي إني شرفت بلقائك فقد عفوت عنه ليعلم هو وأهله أننا نحن العرب نعفو عندما نكون قادرين. وهاتان القصتان يجب أن تكونا نصب أعين العرب والمسلمين دائمًا ليكون لهم منهما حافز إلى توحيد الكلمة والصف لينتصروا على أعدائهم وفقهم الله أنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وهو سبحانه حسبنا ونعم الوكيل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

الفقير إلى الله تعالى

محمد بن علي البطاح الأهدل

الزبيدي عفا الله عنه آمين

الفقير إلى الله تعالى

أسد حمزة عبد القادر الأوسي

ثم الزبيدي عفا الله عنه

الفقير إلى الله تعالى

أحمد بن داود البطاح الأهدل

الفقير إلى الله تعالى

حمود عبد الله عبد اللطيف

فقیر عفا الله عنه آمين

الفقير إلى الله تعالى

محمد علي عبد الخالق قبوله

الفقير إلى الله تعالى

محمد سليمان الأهدل

الفقير إلى الله تعالى

محمد عبد الله البازي الزبيدي

لطف الله به آمین

الفقير إلى الله تعالى

عبد الجليل الخليل

الفقير إلى الله تعالى

عبد الرحمن الأهدل 

الرابط المختصر :