العنوان فلتكن قمة عربية على مستوى التحديات والأخطار
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 19-مارس-2005
مشاهدات 18
نشر في العدد 1643
نشر في الصفحة 7
السبت 19-مارس-2005
بعد غد الإثنين الثاني والعشرين من مارس... تشهد الجزائر انعقاد القمة العربية الجديدة، ويأتي انعقاد هذه القمة وسط بيانات وتقارير صادرة عن مداولات الاستعداد لعقدها تفيد بأن جدول أعمالها سيركز على الإصلاحات الداخلية للجامعة العربية وتطوير هيكلها، وسبل اتخاذ القرارات وإنشاء البرلمان العربي المشترك.
ولا شك أن إصلاح الجامعة ودعمها أمور مهمة لكن لا ينبغي أن تتصرف جهود القمة خلال يومي انعقادها (22-23/3/2005م) إلى ذلك فقط، خاصة أن الأخطار المحدقة بالأمة تتزايد يومًا بعد يوم، وأن الهجمة الشرسة على عقيدتها ودينها وقيمها ما زالت متواصلة، كما أن المناطق الملتهبة في العالم العربي تتسع عامًا بعد عام، فإلى جانب الأوضاع المأساوية في كل من فلسطين والعراق يشهد كل من لبنان وسورية تطورات ساخنة ومتسارعة، كما يواجه السودان حصارًا وضغوطًا غربية متواصلة.
في ضوء ذلك لا نبالغ إذا قلنا إن المنطقة العربية تواجه أخطر المراحل في تاريخها، حيث المخططات التي تستهدف استقرارها بل وجودها، ولم يعد أمام الأمة حكامًا وشعوبًا إلا الخيار بين أن نكون أو لا نكون، ولذا فإن القمة القادمة مطالبة بأن تكون على مستوى الحدث والأخطار والتحديات التي تواجهها الأمة، وأن تكون قمة مختلفة في جدول أعمالها ومناقشاتها، الأمر الذي يتطلب من قادة الدول العربية الخروج بقرارات واستراتيجيات تصون للأمة حاضرها، وتحفظ مستقبلها من خلال ما يلي:
أولًا: أن تراجع معظم الأنظمة سياسات حكمها لشعوبها وأن تتوقف عن سياسة الكبت وانتهاك حقوق الإنسان، وأن تنهي حالة العداء التاريخي مع القوى الفاعلة في مجتمعاتها وفي مقدمتها التيار الإسلامي المتنامي الذي يشكل القاعدة العريضة بين الشعوب، ويمثل قوة كبرى تستطيع بفضل الله ثم بالتعاون المشترك مع الأنظمة الصالحة الصمود أمام التحديات وإحباط مخططات الأعداء.
ثانيًا: الإسراع بإعادة ترتيب البيت العربي وذلك أمر ليس صعبًا إذا خلصت النيات واستقامت التوجهات وتعاون الجميع على قلب رجل واحد في أجواء من الخشية لله والسعي لمرضاته والتجرد لنصرة الحق والارتفاع على الخلافات والمشاحنات.
ثالثًا: دعم الجامعة وكل المنظمات الإقليمية العربية لإخراجها من دائرة القيود وتحريرها من الضغوط لتصبح منظمات جامعة للرأي العربي الواحد بحق والعمل العربي المشترك وسط عالم صار يوصف بأنه عالم التكتلات.
إن انعقاد القمة العربية القادمة هو فرصة مهمة أمام القادة العرب لبث روح إيجابية جديدة لدى المواطن العربي حيال القمم العربية، فالقمم السابقة بمناقشاتها وقراراتها لم تزد الحالة النفسية للشعوب العربية إلا إحباطًا، ولم تزد الصورة العربية أمام العالم إلا اهتزازًا، حتى يئست الشعوب من تلك القمم ولم تعد تعرها اهتمامًا، بينما أصبحت القوى الدولية تنظر إلى العالم العربي نظرة انتقاص.. وإن الأعداء المتربصين بالأمة لا يمارسون عدوانهم ولا ضغوطهم لقلة في عددها أو فقر في طاقاتها وإمكاناتها ولكن الفرقة الصف وتشتت الكلمة وقد آن الأوان، قبل أن يجرفنا الطوفان لتصحيح هذه الأوضاع ورص الصف وجمع الكلمة ولعل القمة القادمة فرصة مواتية لذلك... وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصبحتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾. (آل عمران: 103).