العنوان أهداف الهجمة الإعلامية الصهيونية ضد التيار الإسلامي
الكاتب مراسلو المجتمع
تاريخ النشر الأحد 31-مايو-1992
مشاهدات 706
نشر في العدد 1003
نشر في الصفحة 28

الأحد 31-مايو-1992
عمان- مراسل المجتمع
شهدت الشهور القليلة الماضية حملة إعلامية
شعواء، شنتها وسائل الإعلام الصهيونية ضد التيار الإسلامي في فلسطين بشقيها. المحتل
عام ١٩٦٧ وعام ١٩٤٨، وقد أخذت هذه الحملة أبعادًا وأشكالًا تختلف من حيث زخمها
وتركيزها عن سابقاتها وكنا قد أشرنا في عدد سابق من المجتمع إلى آخر أولئك الحملات
المسمومة والتي تمثلت بإشاعة مزاعم مختلفة وكاذبة حول وجود انشقاق داخل صفوف
الحركة الإسلامية على خلفية طبيعة التعامل مع سلطات الاحتلال الصهيوني.
وفي تحريض واضح ضد التيار الإسلامي في
فلسطين المحتلة، قال الكاتب الصحفي اليهودي أوري أفنيري في إحدى مقالاته أن محاربة
المنظمة التي تشغل حكومات إسرائيل منذ عشرات السنوات من شأنها الانضمام لحرب غير
صحيحة ضد العدو غير الصحيح، فهي صرفت النظر عن الخطر الحقيقي الذي يلوح بالأفق(1). وهو يشير بذلك إلى الفترة التي
سبقت الانتفاضة الفلسطينية وأفادت منظمة التحرير الفلسطينية أن سلطات الاحتلال
سكتت فيها بعض الشيء عن النشاطات الإسلامية، بهدف الوقوف في وجه «م. ت. ف» والحد
من قوتها.
الأسباب والدوافع
يمكن تلخيص الأسباب التي دفعت الإعلام
الصهيوني لتكثيف حملته ضد الإسلاميين في فلسطين المحتلة مؤخرًا بشكل واضح في
النقاط التالية:
1- تزايد
وتصاعد العمليات العسكرية الموجعة التي نفذها الإسلاميون ضد الكيان الصهيوني بشكل
أربك سلطات الاحتلال وجعلها تشعر بمدى الخطر الذي يمثله التيار الإسلامي، وقد جاءت
العملية الأخيرة التي أودت بحياة ثلاثة من جنود الاحتلال اليهودي في معسكر تدريب
داخل الخط الأخضر (المناطق المحتلة عام 1948) لتدق ناقوس الخطر، ولتنبه العدو
الصهيوني إلى طبيعة الصراع الجديد الذي ينبغي أن يخوضه في المرحلة القادمة
ضد التيار الإسلامي داخل فلسطين وخارجها.
المعلق العسكري في صحيفة هآرتس اليهودية
تناول في إحدى مقالاته العملية السابقة، واعتبرها «العمل الأكثر خطورة ضد أمن
الدولة الذي قام به عرب من إسرائيل، وأضاف أن الأمر الذي يشكل ميزة محددة هو أن
جميع المتهمين مرتبطون بالحركة الإسلامية في إسرائيل».
أما الكاتب الصحفي اليهودي داني روبنشتاين
«وهو من دعاة التقارب مع منظمة التحرير للوقوف في وجه التيار الإسلامي في فلسطين»
فقد أشار إلى قلق اليهود من تزايد العمليات العسكرية وتساءل: «كيف نحمي أنفسنا من
المتعصبين المسلمين؟ الغالبية الكبرى من القتلى اليهود في إسرائيل الذين
قتلهم العرب خلال السنوات الثلاث الأخيرة، قتلهم مسلمون أصوليون»(2).
وتحدث ديفيد رودج الكاتب الصحفي اليهودي
في جريدة الجيروزالم بوست اليهودية عن عملية المعسكر وقال: «إنها أدت إلى إثارة
تساؤلات جديدة حول التنظيم الأصولي وأهدافه الخطرة».
2- تنامي قوة التيار الإسلامي وبروزه بشكل
قوي على الساحة السياسية والشعبية
فقد برزت الحركة الإسلامية خلال سنوات
الانتفاضة السابقة بشكل قوي شعبيًّا وسياسيًّا من خلال نجاح فعالياتها الانتفاضية
وتجاوب الشعب الفلسطيني بشكل كبير معها، ومن خلال نجاحاتها المتكررة في معظم
الانتخابات التي أجريت مؤخرًا في الضفة والقطاع. وقد عبر الكاتب اليهودي أوري
المنيري عن قلقه إزاء تزايد السيطرة الإسلامية على الشارع الفلسطيني حيث قال إنه
«إذا ما سيطر الأصوليون المسلمون على الكفاح الفلسطيني، فإن مرحلة أخرى ستبدأ»(3) أما في فلسطين المحتلة عام 1948
فقد برزت الحركة الإسلامية كأكبر قوة عربية في الساحة السياسية والشعبية. حيث تحدث
ديفيد رود في «الجيروزالم بوست» عن قوة التيار الإسلامي في مناطق 1948 وقال:
«اكتسبت الحركة الإسلامية مزيدًا من التأييد الشعبي، وحققت فوزًا سياسيًّا باهرًا
في انتخابات المجالس المحلية عام 1989 حيث فازت بـ45 مقعدًا، وسيطرت على خمسة
مجالس محلية، كما اعتبر روني سيكد في مقال له في جريدة يديعوت أحرونوت أن قوة
التيار الإسلامي في مناطق 1948 تزداد باطراد في السنوات الأخيرة».
3- تصاعد شعبية التيارات والحركات الإسلامية
في العالم العربي والإسلامي، وخشية العدو الصهيوني من تأثير ذلك على الشعب
الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد أشار داني روبنشتاين إلى ذلك فقال
«لقد احتار الكثيرون في الغرب وخاصة الولايات المتحدة إزاء تجربة الانتخابات الحرة
في البلدان العربية التي لا تؤدي إلا إلى صعود المسلمين المتعصبين»(4)، كما تحدث
أكثر من كاتب يهودي عن مدى تأثير النجاحات التي يحققها الإسلاميون في العالم
العربي والإسلامي على طبيعة توجهات الشعب الفلسطيني والتيار الإسلامي.
* اليهود يدركون أن
معركتهم مع الأمة العربية هي معركة عقائدية لذلك يعدون كافة وسائلهم لمواجهتها |
أهداف الحملة
يسعى العدو الصهيوني من خلال حملته
الإعلامية المركزة ضد الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة إلى تحقيق مجموعة
من الأهداف يأتي في مقدمتها:
1- تحذير الحركة الإسلامية ودفعها إلى تخفيف
حدة المعارضة السياسية والعسكرية للاحتلال الصهيوني. وقد صرحت عدة مسؤولين في
الكيان الصهيوني وعلى رأسهم رئيس الوزراء إسحق شامير، أن سلطات الاحتلال قد تلجأ
إلى حظر نشاط الحركة الإسلامية في مناطق ١٩٤٨ واعتبارها قوة غير شرعية، إذا أثبتت
علاقتها بعملية معسكر التدريب.
2- تمهيد الأجواء
لمزيد من الضغوط على التيارات الإسلامية وملاحقتها. فقد شنت
سلطات الاحتلال العديد من حملات الاعتقال ضد الحركة
الإسلامية ومؤيديها خلال الشهور السابقة، أما الحركة الإسلامية في مناطق
1948 والتي تتمتع بوضع قانوني هناك، فيبدو أن العدو الصهيوني يريد من
خلال إظهارها كقوة إرهابية خطرة أن يهيئ الأجواء لقبول أي ضغوط صهيونية
ضدها، قد تتمثل في نزع الصفة القانونية عنها أو حتى ملاحقتها، وتحاول وسائل
الإعلام باستمرار أن تربط بين نشاط الحركة الإسلامية في مناطق 1948 والضفة
والقطاع. فقد تحدث روني سيكد حول هذا الموضوع فقال «وجد في السنوات
الماضية تعاون بين الحركة الإسلامية في إسرائيل، والمناطق المحتلة».
3- الإيقاع بين الحركة الإسلامية ومنظمة
التحرير الفلسطينية في محاولة لشق الصف الفلسطيني ودفعه نحو الاقتتال الداخلي.
فقد كتب داني روبنشتاين في محاولة لتحريض
الأطراف الفلسطينية ضد بعضها فقال: «إذا فقدت القيادة الوطنية «أي م. ت. ف»
قوتها في المناطق، وإذا ضعف مندوبوها نتيجة عدم جدوى المفاوضات السياسية، يستفيد
المتعصبون المسلمون من ذلك وتكون دولة إسرائيل هي الخاسر الأكبر من ذلك»(5) وكتب
في موقع آخر: «من لا يريد م. ت. ف سيحصل على المسلمين المتعصبين»(6) أما أوروي
التيري فقد طالب حكومته بصنع السلام مع المنظمة طالما هي مستعدة لذلك، مضيفًا:
«إذا لم تؤد المفاوضات العلمانية التي يترأسها عرفات المعتدل نسبيًّا، الانهيار
أمام القومية الدينية المتشددة، وبالنسبة لمستقبل إسرائيل فإن هذه ستكون كارثة»(7).
وفي تحريض واضح بين التيار الإسلامي
ومنظمة التحرير قال داني روبنشتاين: الذين لديهم القدرة أكثر منا لوقف جموح
المتعصبين المسلمين، هم نشيطو م. ت. ف وأنصارها. إن فيصل الحسيني وزملاءه في
القيادة الوطنية هم الموجودون في مقدمة المعركة ضد المتعصبين المسلمين ويقومون
بذلك ليس دفاعًا عنا وعن دولة إسرائيل، بل دفاعًا عن أنفسهم بالدرجة الأولى».
لا نشك لحظة أن الهجمة الصهيونية الشرسة
بكافة صورها «العسكرية والإعلامية» ضد التيار الإسلامي ستتوقف لمعرفتنا الأكيدة
بأن العدو الصهيوني يدرك حقيقة وطبيعة الصراع الإستراتيجي
الذي يخوضه ليس الشعب الفلسطيني فحسب وإنما ضد الأمة
العربية والإسلامية كاملة، فهو يعلم علم اليقين أن معركته الأخيرة
ضد أمتنا هي معركة عقائدية، ولذلك نتوقع منه مزيدًا من
الافتراءات والهجمات الحاقدة التي نعتقد أن التيار الإسلامي في
فلسطين يدرك أبعادها ويحسن التعامل معها بشكل يفوت فيها على
العدو حساباته ومخططاته.
____________
الهوامش
(1، 2، 7) جريدة القدس 1992/3/16 نقلًا عن
صحيفة «هآرتس».
(2، 5) جريدة الفجر 1992/3/13 نقلًا عن
صحيفة «هآرتس».
(4، 6) جريدة الفجر 1992/1/9 نقلًا عن
صحيفة «هآرتس».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

