; فيلم محمد رسول الله دعاية للإسلام هو أم دعاية للعاملين في الفيلم؟! | مجلة المجتمع

العنوان فيلم محمد رسول الله دعاية للإسلام هو أم دعاية للعاملين في الفيلم؟!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 15-يناير-1974

مشاهدات 17

نشر في العدد 183

نشر في الصفحة 7

الثلاثاء 15-يناير-1974

●     هل حقًا أن الذين يريدون إنتاج فیلم «محمد رسول»، وتصويره وتسويقه، إنما يفعلون ذلك رغبة في نشر الإسلام، والتقرب إلى الله؟

●     إذا كان هذا هو مقصدهم.. فهل هذه الوسيلة صحيحة سليمة وتؤدي إلى هذه الغاية؟ وهل هي أنجح الوسائل وأفضلها؟

●     ثم الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل.. الذين كتبوا.. والذين صاغوا الحوار.. والذين يقومون بالإخراج.. والذين يقومون بالتمثيل.. والذين يقومون بالإنتاج.. هل هؤلاء من الحرص على الإسلام والتفاني في سبيل خدمته، والدقة في تحري الحقائق التاريخية، والحرص عليها، وتمثل معاني الإسلام الجوهرية في عملهم هذا، وإبراز ما هو مطلوب إبرازه.. بحيث يدعو حالهم إلى الاطمئنان؟ وتشير أعمالهم إلى أنهم خير من يقوم بعمل إسلامي كبير؟

 هذه أسئلة تقفز إلى ذهن الإنسان، بمجرد أن يقرأ الخبر الذي نشرته الصحف المحلية، والذي يفيد بأن طليعة بعثة التصوير السينمائي، لفيلم «محمد رسول الله»، قد وصلت إلى مدينة مراكش، لتقوم بتصوير المشاهد الأساسية للفيلم.

 ولمحاولة الإجابة على أي سؤال من هذه الأسئلة، لا بد من دراسة واقعية على الطبيعة لكل سؤال من هذه الأسئلة.

●       فالمعروف أن فكرة هذا الفيلم، جاءت إلى بلادنا مع المغتربين، الذين ذهبوا إلى البلاد الأوروبية، وكان لهم صلة بالأعمال السينمائية، التي بهرتهم في روعة الإخراج، ودقة الأداء وضخامة الإنتاج.. ومدى ما تتركه من أثر في نفوس النظارة والمشاهدين.. وربما وجدوا أن من أضخم هذه الأفلام المنتجة، ما أنتج للدعاية التبشيرية، وتصوير حياة المسيح -عليه السلام- أو حياة «بوذا»، كما في أفلام «كوفادیس» و «وبودا» و«الرداء»، وغيرها من الأفلام التبشيرية الضخمة. فدفعتهم الغيرة من مثل هذه الأعمال، ليكونوا هم أصحاب أعمال توازنها دعاية وضخامة.

 ولما كانوا مسلمين، ويعيشون في بلاد إسلامية، فطبيعي أن يكون هدفهم منصرفًا، إلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، والذي لم يسبق أن أخرج أحد، فيلمًا سينمائيًا عن حياته، وباسمه بالذات.

 فإذا كان الأمر كذلك، فالمسألة لا تعدو إذن، رد فعل ناتج عن الإعجاب بأفلام مشابهة، وطموح في الوصول إلى مجد فني، من وراء مثل هذا العمل، الذي يتوقع أن يكون من ورائه ضجة ما.

 ويرجح هذا القول لدينا أن مثل هذا العمل، لم يبادر بالتفكير فيه أو بتبنيه، هيئة إسلامية، أو جماعة من الجماعات التي تدعو إلى الإسلام، في أقطار العالم الإسلامي.. وهم حريصون على اتباع كل الوسائل، في سبيل الوصول إلى نشر الإسلام بين الناس، وتعميق مفهوماته بين أبنائه.
 ولو أن الذين يضطلعون بهذا العمل، لهم تاريخ حافل في الدعوة إلى الإسلام، وتبنيه منهجًا وأسلوب حياة.. لأمكن القول بأن هذا صادر عن نفوس، غيورة على الإسلام، حريصة على التمكين له في الأرض.

 وغني عن القول أن ننبه بأن هذا القول منا، لا يعني احتكارًا للدعوة الإسلامية، ولكن الإسلام لا يقبل من الذين يدعون الناس إلى عمل، إلا أن يكونوا هم أنفسهم قدوة لهذا العمل.. فالدعوة بالقدوة أهم من الدعوة باللسان.

●     أما هذه الوسيلة بالذات في الدعوة إلى الإسلام، فأمر أيضًا يحتاج إلى أمانة ونزاهة، إذ إن النماذج التي قدمتها السينما العربية عن بعض قادة الإسلامن أمثال خالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي، أو حتى عن معارك المسلمين، جاءت باهتة ومبتذلة، أنقصت من القدر الحقيقي للأبطال في نفوس المشاهدين، وربما يرجع ذلك إلى عدة عوامل، أهمها ما يتصل بالهدف من الفيلم، ثم بالإخراج، وبمن يقومون بالأدوار، ومدى اندماجهم الانفعالي لتمثيل أبطال المسلمين.

 وشيء آخر ما فتئ بعض دارسي الأدب يرددونه، هو أن التصوير والتمثيل للأعمال الأدبية، كثيرًا في إطار هذه الصورة الضيق، ما يعمل على حصر هذا العمل، ويحجب الحدود اللانهائية، التي كان يتصورها قارئ النص الأدبي، للصورة الذهنية المتخيلة عنده عن هذا النص. وإذا انطبق هذا العمل «تصوير حياة الرسول»، فإننا حينئذ نكون قد قمنا بعمل شيء، إذ حصرناها في نفوس الناس، عن حياة الرسول العظيم وجهاده في سبيل نشر دعوة ربه، في هذا الإطار الضيق من الفيلم، وجعلناهم لا يتصورون سيرته، إلا من خلال ما عرضناه عليهم من صور لحياته، بدلًا من تصورها من خلال قراءة كتب السيرة، والأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم، وأسباب النزول في آيات القرآن الكريم.

●     بقي أن نقول إن الذين يقومون بكتابة الحوار لهذا الفيلم، والذين يقومون بإخراجه، والذين يقومون بتمثيله، والذين يقومون بإنتاجه أيضًا، لا بد وأن يكونوا أناسًا نذروا حياتهم للدعوة إلى الإسلام، وكانوا في هذه الحياة نماذج مرئية، لتطبيق هذا الإسلام على أنفسهم، حتى نكون على ثقة بهم، وأن عملهم خالص لوجه الله لا يبتغون من ورائه شهرة ولا كسبًا ماديًا أو دعائيًا، ويكون رائدهم إظهار الحق في أمانة ودقة، مبتعدين عن كل ما يخالف روح الإسلام وتشريعاته.

 ولما كانت هذه الصفات لم تتوفر، فيمن يقومون بمثل هذه الأعمال الفنية في عالمنا العربي والإسلامي، كان شكنا في هذا الفيلم سيظل قائمًا.

 وبهذه المناسبة نود لو راجعت الدول العربية، التي تشترك في تمويل هذا الفيلم أمر اشتراكها هذا، حتى لا يكون منها الندم بعد الانتهاء منه، حين لا ينفع الندم.. وإذا رأت هذه الدول القيام بعمل أفلام للدعوة الإسلامية، فليكن منها المبادرة، وبإشرافها الكتابة والتمثيل والإنتاج، حتى تضمن لعملها الإخلاص والتجرد.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

دعوة الإسلام في ترنداد

نشر في العدد 14

27

الثلاثاء 16-يونيو-1970

لقلبك وعقلك - العدد 14

نشر في العدد 14

31

الثلاثاء 16-يونيو-1970

حوار مع الشيطان

نشر في العدد 59

27

الثلاثاء 11-مايو-1971