; في ظلال شهر الصوم (العدد 83) | مجلة المجتمع

العنوان في ظلال شهر الصوم (العدد 83)

الكاتب د. عمر سليمان الأشقر

تاريخ النشر الثلاثاء 26-أكتوبر-1971

مشاهدات 17

نشر في العدد 83

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 26-أكتوبر-1971

في ظلال شهر الصوم

يكتبها الأستاذ: عمر سليمان الأشقر

دعوة الصائم لا ترد

    العبادة سبب يقرب العبد إلي ربه تعالى، وكلما اقترب العبد من الله تعالى كانت رعاية الله له، أكثر، وولايته له أعظم، فإذا وقع في هم وغم وكربة فدعا : يا الله، فإن الله يفرج ما أحاط به وينجيه مما أصابه وقد اوصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ابن عمه عبد الله بن عباس فقال له: «يا غلام اني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك» وحفظ الله تكون بالمحافظة على أمره ونهيه وعبادته سبحانه بما شرعه، ولذلك كانت الصلاة من أعظم الأسباب التي تقرب العبد إلى الله فيها يرضى الله عنه ويجيب دعاه، وأقرب ما يكون العبد من ربه في صلاته إذا ما كان ساجدًا كما أخبر بذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولذلك حث عليه الصلاة والسلام على الاجتهاد في الدعاء أثناء السجود، فحري إجابة الدعاء هناك.

إذا عرفنا هذا وتبيناه أدركنا السر في أن جعل الله قوله ﴿وإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ (البقرة: 186) ففي ذلك توجيه يتخلل آیات الصيام للصائم أن يشتغل بالدعاء ويكثر منه أثناء الصيام وعند الأفطار وبعده وفي ليل رمضان وبعد أن يتم صيام الشهر. ففي مسند الامام أحمد وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: -

» ثلاثة لا ترد دعوتهم: الأمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم، يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة وتفتح لها أبواب السماء ويقول بعزتي لانصرنك ولو بعد حين» وفي حدیث عبد الله بن عمرو أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة» ولذلك كان عبد الله إذا أفطر جمع أهله وولده ودعا، وكان يقول: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي.

واشتغال الصائم بالدعاء، اشتغال بعبادة عظيمة لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الدعاء هو العبادة» والله أمرنا به في طيات كتابه وقد وعد الداعون بالإجابة وتوعد المترفعين عن دعائه بالعذاب. «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» (غافر60)، وقد بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- معنى قوله سبحانه «أستجب لكم» في الحديث الذي يرويه عباده بن الصامت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «ما على ظهر الارض من رجل مسلم يدعو الله -عز وجل- بدعوة الا أتاه الله إياها أو كف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة». رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح غريب. وفي صحيح البخاري ومسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي». فيا أخي الصائم: اجعل لسانك رطبًا بذكر الله دائمًا، واجتهد في الدعاء، سائًلا إياه المغفرة، طالبًا منه الرضا، مستعيذًا به من النار، فإن أيام الصيام معدودة وهي فرصة ذهبية قد لا ندركها مرة أخرى. فلعل الله أن يقبلنا ويرضى عنا فنكون من السعداء.

صلاة التراويح، فضلها، عدد ركعاتها.

     روی أبو هريرة - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، فقيام رمضان بنية صادقة خالصة تقربًا إلى الله لنيل رضاه ورجاء ثوابه سبب يؤدي إلى غفران الذنوب.

وقد سن لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قيام رمضان في جماعة ثم تركه مخافة أن يفرض على الأمة فلا تستطيع القيام بهذه الفريضة، روى البخاري وغيره عن عائشة -رضی الله عنها- وعن أبيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خرج ليلة في جوف الليل وصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع الناس أكثر منهم فصلوا معه وأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى وصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل الناس فتشهد، ثم قال أما بعد: فإنه لم يخف على مكانكم ولكنني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها» وبقي المسلمون يصلون متفرقين يصلي الرجل وحده ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط وصدر خلافة أبي بكر وصدر خلافة عمر فجمعهم عمر على قارئ واحد روى ذلك البخاري وبذلك يكون عمر قد أقام الحسنة التي فعلها الرسول - عليه الصلاة والسلام - ثلاث ليال وتركها خشية أن تفرض على المسلمين، إذ زال الذي حذر منه الرسول - عليه الصلاة السلام-.

وقد كان الرسول - عليه الصلاة والسلام- يصلى ما نسميه بصلاة التراويح إحدى عشرة ركعة. فقد سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: «ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة يصلي أربعًا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعًا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يؤثر بثلاث «

فأحرى بالمسلمين اليوم أن لا يزيدوا على هذا العدد الذي لم يكن يزيد عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- خاصة وأن الرسول –عليه الصلاة والسلام- قد التزمه، وصدق من قال: ما أقيمت بدعة إلا أميتت سنة فكثير من المصلين للتراويح عشرين يصلونها كنقر الغراب لا يحسنون القراءة، ولا يطمئنون في ركوع ولا سجود ولا يعتدلون في ركوع همهم أن يعدوا على الله ركعات لا أن يحسنوا الصلاة، والرسول -عليه السلام- يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ويقول: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»

«تسحروا فإن السحور بركة»

في صحيح مسلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال «تسحروا فإن في السحور بركة» وتأخير السحور أفضل من تعجيله، كما أن تعجيل الفطر أفضل من تأخيره، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزال امتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطور» رواه الإمام أحمد. وقد عده الرسول -صلى الله عليه وسلم- مميزًا لصيام المسلمين عن صيام أهل الكتاب ففي صحيح مسلم من رواية عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور».

الرابط المختصر :