; قضية المرأة.. بين الماضي والحاضر | مجلة المجتمع

العنوان قضية المرأة.. بين الماضي والحاضر

الكاتب سالم البهنساوي

تاريخ النشر الثلاثاء 11-ديسمبر-1973

مشاهدات 10

نشر في العدد 179

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 11-ديسمبر-1973

قضية المرأة.. بين الماضي والحاضر

الحقوق العامة.. وضوابطها

علاج سوء استعمال الرجال.. لحقوقهم

بقلم الأستاذ سالم البهنساوي

إن المعركة التي تدور رحاها في المجتمع اليوم، معركة قديمة متجددة، وفي الماضي القريب كانت تتخذ الطابع الصريح للتحرر من القيم الإسلامية.

ولكن المعركة اليوم لا يصاحبها مثل هذا الإعلان إذ تعلن التنظيمات النسائية التزامها بشريعة الإسلام وبالتالي يعلن الرجال المنضمون إليها أنهم إنما يسعون إلى علاج سوء استعمال الرجال للحقوق المخولة لهم بمقتضى الشرع.

وعليه فبادئ ذي بدء -استنادًا إلى هذا الظاهر- نقترح علاجًا ليس بخارج عن النصوص الشرعية وليس بمهدر لحقوق أي من الطرفين لأنه علاج من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كما تربط بين أهداف المعركة في الماضي وما عليه واقع المرأة اليوم..

الضوابط الشرعية

ويتركز العلاج المقترح في: أولًا: لا زواج إلا برضا الفتاة، فالإسلام يبطل العقد إذا انعدم فيه الرضا.

ثانيًا: إلغاء بيت الطاعة فالإسلام لا يكره الزوجة على الحياة الزوجية.

ثالثًا: الطلاق لا يكون إلا بيد الزوج، والضوابط التي تحول دون فصم عرى الزوجية لأسباب وقتية هي:

١- بطلان الطلاق المعلق وأظهره ما قصد الحمل على فعل شيء أو تركه.

٢- بطلان الطلاق في فترة الحيض.

٣- بطلان الطلاق في فترة الظهر المصحوب باتصال.

٤- إهدار طلاق الثلاث واحتسابه واحدة.

٥- الإشهاد على الطلاق.

٦- التعويض عن الطلاق البائن.

رابعًا: تعدد الزوجات مشروع وضوابطه هي: -

 ١- القدرة البدنية على التعدد ويدخل في ذلك فوارق السن المخلة.

٢- المساواة في المسكن والمعيشة.

٣- بطلان الوصية لزوجة أو نسلها بشيء من الميراث، وتدخل عقود البيع والشراء في حكم الوصية الصورية.

هذه هي الضوابط الممكنة من حيث الواقع وغير ذلك من القيود قد يحلو للبعض في الظاهر، ولكنه سيفتح الباب للخليلات وذلك أخطر من التعدد المشروع.

 

حيثيات هذا العلاج

إن هذا المشروع ليس وليد معركة اليوم وليس اجتهادًا جديدًا، بل هو التطبيق العملي للسنة النبوية الشريفة وقد سبق أن قدمته إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بجمهورية مصر العربية وأدرج ضمن مقترحاتها بموجب كتابها رقم ١٤٤ الصادر في ٢٥- ٣- ١٩٦٤ كما سلمتها إلى مجلة الوعي الإسلامي في يونيو ۱۹۷۲ لتنشر المشروع بنصوصه على مستوى العالم العربي تمهيدًا لتبادل الرأي الفقهي والوصول إلى علاج أعم وأشمل، ولكن الاتجاهات المذهبية حالت دون النشر.

وقفة موضوعية مع الحقوق العامة

أما مسألة مساواة المرأة بالرجل في الحقوق العامة، فباستثناء قيادتها للدولة نجد النصوص الشرعية لا تحول دون تمتع المرأة بهذه الحقوق، ولكن في إطار الضوابط الإسلامية التي تحول دون أن تصبح المرأة سلعة في الأسواق السياسية والتجارية والتي تحول دون أن تصبح الجامعات والمصالح الحكومية معارض للأزياء وتجارة لأشياء نلمس آثارها في أكثر الدول العربية.

لقد كانت الحقوق العامة للمرأة وسيلة صهيونية لإفساد أوروبا، ومنها امتدت العدوى إلى العرب.

لقد بدأ التخطيط لها بعد الحروب الصليبية، وظهرت بوادرها منذ إضعاف الخلافة العثمانية. ولكن المستقرئ للتاريخ الاجتماعي يجد أن المعركة، إبان فترة احتلال الغرب للبلاد العربية، كانت صريحة الأهداف، فكان من أسموا أنفسهم بأنصار المرأة يجاهرون بأنهم يريدون التحرر من القيم الدينية وأنهم يسعون لتقليد الغرب في كل شيء.

ولعل أوضح مقال لهذا ما قاله أحد دعاة حزب تركيا الفتاة وهو أغا أوغلي أحمد فمن تصريحاته

إنا عزمنا على أن نأخذ كل ما عند الغربيين حتى الالتهابات الرئوية والنجاسات التي في أمعائهم.

وفي هذه الفترة كان الغرب صريحًا في تخطيطه وتحريكه للمعركة فوضع المستشرق الإنجليزي جيب كتابه «حيثما يتجه الإسلام» وهو كتاب صريح في حمل العالم الإسلامي على تقليد الغرب والتمسك بقيمه وسلوكه لغاية حددها المستشرق بقوله «بحسب سير الامور الآن «۱۹۳۰» سيصبح العالم الاسلامي خلال فترة وجيزة، لا دينيا في كل مظاهر حياته ما لم يطرأ على الأمور عوامل ليست في الحسبان فتغير اتجاه التيار هذا كله خلال فترة الاحتلال أما بعده فما زال التخطيط ساريًا في هدوء لاستخدام المرأة كسلاح فعال في هدم القيم الدينية و صبغ الأمة بالصبغة اللادينية تمهيدًا للسيطرة الصهيونية وغيرها من الأهداف الاستعمارية.. وقد وجد الغرب أدواته في تعميق الاتجاهات اليسارية والمادية لتخدم تهيئة البيئة في شكلها العلماني اللاديني... واتفقت المصلحتان من وجه واختلفتا من وجه آخر فهما يتعاونان ضد الروح الإسلامية ويتصارعان من أجل مصالحهما في المنطقة.. فلا عجب أن قامت الاتجاهات اليسارية بدورها في خدمة الاستعمار وإن ظلت ظاهريًا في موقف عدائي له.. لقد ألقى الأستاذ مورو بيرجر محاضرة عن العالم العربي بدعوة من جامعة برنستون الأمريكية جاء فيها «أن نمو وضع النساء ومشاركتهن في الشئون العامة هو أخطر قوي التغيير لا في الأسرة العربية وحدها، بل في المجتمع العربي على العموم فإن سمح للقوى التي حملت سلاحها الآن أن تبرز إمكانياتها فما من شك أن مطامح النساء وحقوقهن سوف يحول المجتمع العربي عميقًا وبصورة أبدية»

المعركة اليوم

ولكن معركة اليوم لا يصاحبها أي تصريح مثير، بل تعلن التنظيمات النسائية في براءة التزامها بحكم الإسلام وبالتالي يعلن المناصرون لمطالب المرأة أنهم لا يسعون إلى الخروج على أحكام الدين..

 وعليه فيجب أن تكون المطالبة بالحقوق العامة مقرونة بالمطالبة بتطهير المجتمع من مظاهر وأسباب الخلاعة والانحراف الفكري والخلقي مع تحرير أجهزة الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون وسينما من رق التبعية الفكرية للشرق والغرب إعمالًا وتنفيذًا لقرار مؤتمر الفكر الإسلامي المنعقد في الجزائر خلال المدة من ١٥ إلى ۲۳ يوليو ۱۹۷۳ فهل إلى علاج صحيح من سبيل؟!!

الرابط المختصر :