; لماذا انقلب السحر على الساحر؟! | مجلة المجتمع

العنوان لماذا انقلب السحر على الساحر؟!

الكاتب محمد صادق أمين

تاريخ النشر السبت 05-أبريل-2008

مشاهدات 13

نشر في العدد 1796

نشر في الصفحة 18

السبت 05-أبريل-2008

الحرب على التيار الصدري.. يقودها المالكي وتقودها قوات الاحتلال..

  • ميناء البصرة المنفذ الوحيد للعراق على الخليج والطريق الوحيد لتهريب النفط.. ومن يتحكم فيه يضمن موردًا ماليًا لا ينضب

  • من يسيطر على البصرة يسيطر على الجنوب... قاعدة هدفها إقامة كيان طائفي في الجنوب ضمن مخطط تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق سنية وكردية وشيعية

  • المسيطرون على الحكم يريدون تحويل اللعبة السياسية والانتخابية إلى ديمقراطية صورية خادعة كالسائدة في كل المنطقة.

منذ احتلال العراق عام ٢٠٠٣ م والقوى السياسية الشيعية فيه تجتمع على كلمة واحدة هي توحيد صفوفها على ما بينها من تناقضات واختلافات وعداوات تاريخية في سبيل تأسيس عراق جديد يكون للشيعة فيه الكلمة العليا، وعلى هذا الأساس تم تشكيل الائتلاف العراقي الموحد الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، ويتكون من مجموعة أحزاب تشكل عموده الفقري هي: المجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة وحزب الفضيلة والتيار الصدري.

 الائتلاف وبالتحالف مع الأكراد- أسس حكومة أكثرية بعد مقاطعة العرب السنة للعملية السياسية وبعد مشاركتهم فيها تم تشكيل حكومة وحدة وطنية وما لبثت العملية السياسية أن انطلقت حتى استحكمت الخلافات بين شركاء حكومة الوحدة الوطنية. ثم بين شركاء قائمة الائتلاف التي يرأس مرشحها الحكومة.

 أما التيار الصدري فقد نأى بنفسه عن هذه الحكومة واتخذ مواقف مغايرة تمامًا لسياسات الائتلاف التي تقوم على مهادنة الاحتلال والتحالف معه... ولجملة أسباب حصلت مواجهات دامية بين التيار الصدري وجيش الاحتلال الأمريكي كان أبرزها المواجهات في مدينة النجف ثم تطور الموقف لتتحول المواجهات مع القوى الأمنية الحكومية وحكومات المحافظات المحلية التي يشكل حزب الدعوة والمجلس الأعلى معظم أعضائها في أكثر من موضع كان أكثرها دموية في الديوانية جنوب العراق.

 السؤال الذي يطرح الآن ماذا حصل في البصرة حتى تعلن الحكومة حربًا شاملة على الصدريين هناك يقودها المالكي ميدانيًا؟ أطفح كيل الحكومة لتعلن الحرب على التيار الصدري أم أن لهذه الحرب أسبابًا أخرى؟

والإجابة على السؤال تتطلب نظرة تحليلية من عدة وجوه:

أولًا: تعتبر موانئ مدينة البصرة المنفذ الوحيد للعراق على الخليج والطريق الوحيد لتهريب النفط ومن يسيطر عليها يكون قد ملك موردًا ماليًا لا ينضب.

ثانيًا: إقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات التي تشكل الحكومات المحلية من قبل مجلس النواب العراقي فجر الموقف بين جناحي الشيعة المتصارعين المجلس الأعلى والتيار الصدري، ورفض عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية عضو المجلس الأعلى التوقيع على القانون بصفته نائبًا للرئيس، وهو ما يعني تعطيله، إلا أن ضغوطًا أمريكية مارسها ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي خلال زيارته للعراق دفعته للتراجع عن ذلك وتمرير القانون لذلك كان لابد من معركة حسم في الميدان تقرر من يكون صاحب الكلمة في المدينة التي ستكون عاصمة لإقليم الجنوب الذي دعا إليه الحكيم وعارضه الصدريون لأن من يسيطر على البصرة سيسيطر على الجنوب، وهذه خطة تهدف إلى تمرير قواعد جديدة للعبة تهدف إلى إقامة كيان طائفي في جنوب العراق ضمن مسلسل يهدف إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق سنية وكردية وشيعية.

 الميليشيات الشيعية تشكل الميليشيات الشيعية حجر الزاوية في المواجهة القائمة في البصرة فقوات فيلق بدر الذراع العسكرية للمجلس الإسلامي الأعلى المنخرطة في صفوف الجيش والشرطة في مواجهة جيش المهدي، الذراع العسكرية للتيار الصدري.. ويعود تشكيل الميليشيات الشيعية في العراق إلى حقبة الثمانينيات من القرن الماضي في إيران، التي كانت في مواجهة النظام البعثي في العراق.. وأهم هذه المليشيات:

1- فيلق بدر:

تشكل فيلق بدر عام ١٩٨٠م في إيران بهدف تغيير نظام صدام حسين بعد اتهام النظام بتصفية رموز إسلامية من بينهم المفكر محمد باقر الصدر وتختلف التقديرات في عدد هذا الفيلق بين ١٥ ألف مقاتل و ٣٥ ألفًا، وبعد احتلال العراق عاد فيلق بدر إلى العراق وتشير المصادر إلى أن آلافًا من مقاتلي الفيلق انخرطوا في صفوف الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية العراقية، بالإضافة إلى أن الفيلق لم يجرد من أسلحته.

2- جيش المهدي:

تشكل من نحو عشرة آلاف عنصر بعد أشهر من احتلال العراق وخاض هذا الجيش معارك دامية مع قوات الاحتلال والقوات العراقية وأنهم من قبل قيادات سنية بارتكاب مجازر ضد السنة.

٣- فرقة جند السماء وجماعة أنصار المهدي ويتزعمها أحمد الحسن الملقب بـ(اليماني).. وقد دخلت في مواجهات واسعة مطلع العام الجاري مع القوات العراقية المالكي دخل من الشباك التيار الصدري اعتبر العملية العسكرية المباغتة في البصرة دخولًا من الشباك (النافذة)، إذ قال بهاء الأعرجي عضو مجلس النواب عن التيار الصدري رئيس الوزراء العراقي بهذا الجيش الجرار استفز أهل مدينة البصرة ، خصوصًا أنه دخل المدينة من الشباك ولم يدخلها من الباب ولم يراجع الحكومة المحلية ممثلة بالمحافظ ومجلس المحافظة، بل ذهب عن طريق الأجهزة الأمنية، واستهدف مناطق محسوبة على التيار الصدري، فكانت الرسالة واضحة على الرغم من أن هناك تقارير من قوات الاحتلال تشير بشكل واضح إلى أن الأعمال الأخيرة في البصرة لم تكن من التيار الصدري بل من الأحزاب الأخرى بنسبة90%.

 ويضيف الأعرجي: كل الأحزاب السياسية لديها ميليشيات، وقرار السيد مقتدى الصدر كان واضحًا بتجميد جيش المهدي وعلى الحكومة وعلى رئيس الوزراء التعامل مع هذا الملف سياسيًا وليس أمنيًا... أنا أستغرب أبناء البصرة في الأمس القريب حرروا البصرة من الاحتلال البريطاني واليوم المالكي يستنجد بالقوات البريطانية للتدخل في المدينة وهذه القوات استجابت وقصفت طائراتها أحياء البصرة في هذه المواجهة.. نحن نسعى إلى تحرير العراق محافظة بعد محافظة، ونستغرب من حكومة منتخبة تستدعي قوات الاحتلال من أجل ضرب أبنائها الذين كانوا سببًا في میلاد هذه الحكومة.

واعتبر الأعرجي أن هناك ثلاثة أسباب تقف وراء المواجهة العسكرية القائمة في البصرة الأول داخلي بين الأحزاب السياسية بسبب قرب الانتخابات، والهدف إفسادها.

 الثاني اقتصادي من أجل السيطرة- المنافذ الاقتصادية في البصرة

 الثالث عامل دولي متمثل في قوات الاحتلال: لأن هناك مفاوضات على اتفاقية أمنية طويلة الأمد: والتيار الصدري هو الوحيد الذي أعلن رفض هذه الاتفاقية وبصوت عال: لأنه يراها تكريسًا للاحتلال فيبدو أنهم أرادوا القيام بهذه العملية لإخراس التيار.

 فشل العملية السياسية

 السياسي العراقي المستقل د. غسان العطية مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية اعتبر العملية العسكرية دليلًا على فشل العملية السياسية في العراق حيث قال: ما نشهده اليوم هو معركة حسم من سيسيطر على جنوب العراق البدريون والمجلس الإسلامي بزعامة الحكيم أم التيار الصدري؟! وهذه خطة تهدف إلى إقامة کیان شيعي في جنوب العراق ضمن مسلسل يهدف إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق سنية، وكردية، وشيعية ما يجري اليوم هو دليل على فشل العملية السياسية في العراق، فعندما تحدث مشكلة لا يستدعى البرلمان لمناقشتها ولا يجتمع مجلس الوزراء لمناقشة الموضوع وإنما يقفز رئيس الحكومة- بقواته- وبدعم أمريكي وبريطاني. لكي يذهب إلى البصرة ويقوم بقمع قوى سياسية- أخرى مناوئة له..

 واعتبر العطية أن هدف المعركة هو استئصال التيار الصدري وإبعاده عن انتخابات مجالس المحافظات لأنه يقف عقبة أمام مشروع الفيدرالية الذي دعا إليه الحكيم: وقال ما فجر المشكلة هو قانون انتخابات مجالس المحافظات هذه المحافظات لديها شكوى مريرة من أداء- الحكومة، ومن أداء مجالس المحافظات التي يسيطر عليها المجلس الإسلامي وحزب الدعوة وهم يعلمون أنه إذا تمت انتخابات صريحة وحرة وعلنية فسيحصل تبدل جذري- في قياداتها وبالتالي مشروع الفيدرالية الذي دعا إليه الحكيم ينتهي بسبب وصول التيار الصدري في أكتوبر القادم.

 وأكد العطية استحالة تحقيق هذا الهدف معللًا ذلك بالقول: التيار الصدري ظاهرة اجتماعية سياسية قبل أن يكون حزبًا، استقطب القوى الشيعية الفقيرة الكادحة التي تشكل معظم مناطق جنوب العراق مثلًا معظم أنصار التيار في بغداد من مدينة الصدر، وهي عبارة عن تجمع الأبناء الشيعة من جنوب العراق الذين كانوا يعيشون بما يسمى باللهجة البغدادية في الصرائف.

 هذه الطبقة المحرومة تشعر بعد التغيير وإسقاط النظام السابق أنها لا تزال محرومة ولا تزال مهمشة وعن المخرج من هذه الأزمة قال العطية المخرج الوحيد لها هو صناديق الاقتراع وما يجري اليوم هو إنهاء لأي أمل من جمل صناديق الاقتراع سبيلًا للتغيير السياسي في العراق، فالمسيطرون على الحكم اليوم يريدون تحويل اللعبة السياسية والانتخابية إلى خداع وإلى ديمقراطية صورية كالموجودة في المنطقة.

 الذين يحكمون العراق اليوم صعدوا إلى الحكم على أكتاف هؤلاء الناس البسطاء الذين يقتلون والجماهير الشيعية في الجنوب تسأل الآن ماذا تحقق لنا من هذه القيادات السياسية؟...

أخيرًا. البصرة تعاني من خلل أمني كبير والحكومة ليس لديها القدرة للحفاظ على الموارد الوطنية، ولا يتحدث أحد عن تهريب النفط من قبل أحزاب بعضها في الحكم، فيما تقف الحكومة على حافة الهاوية لعدم قدرتها على الوصول إلى توافق وطني مع الفرقاء السياسيين، بينما المصالحة الوطنية تراوح مكانها.. الحكومة التي أعلنت عام ۲۰۰۸م عامًا للإعمار بدأته بتخريب البصرة عاصمة الجنوب فمن يستطيع أن يتكهن إلى أين يتجه المشهد العراقي؟

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

المسابقة الأولى

نشر في العدد 1

730

الثلاثاء 17-مارس-1970

رجلان من بلادي

نشر في العدد 38

18

الثلاثاء 08-ديسمبر-1970

مساحة حرة (العدد 1777)

نشر في العدد 1777

13

السبت 17-نوفمبر-2007