العنوان مأساة الزواج بالإكراه في زنجبار
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أكتوبر-1970
مشاهدات 64
نشر في العدد 33
نشر في الصفحة 12
الثلاثاء 27-أكتوبر-1970
مأساة الزواج بالإكراه في زنجبار
تزويج الفتيات المسلمات بالإكراه من رجال الحكومة
عروس زنجبارية تتسلل هاربة إلى الخارج..
ماذا تعرف عن زنجبار؟
• تقع جزيرة زنجبار في قارة إفريقيا مع أختها جزيرة «بمبا» وزنجبار جزء من المنطقة الساحلية لشرق إفريقيا، تلك المنطقة التي شاركت في تجارة المحيط الهندي منذ أزمنة قريبة، وقد جذبت إليها العرب من عمان في القرن الثامن كما جذبت المسلمين من شيراز في فارس في القرن التاسع، أما تنجنيقا المعروفة الآن بأنها قاعدة تنزانيا الرئيسية فهي الجارة الأقرب تتلوها كينيا وأوغندة.
وأهمية زنجبار الاقتصادية تتمثل فيما تُنتجه من القرنفل ولب جوز الهند وتنتج زراعة القرنفل في زنجبار 80% من الإنتاج العالمي، وقد كان هذا أعظم قفزة إلى الأمام في البناء الاقتصادي الذي ما زال قائمًا في زنجبار إلى اليوم.
أما إنتاج جوز الهند فهو الصناعة الرئيسية الثانية في الأهمية في الجزيرة وتتراوح الصادرات الرئيسية بين19% و35%.
طرد الاستعمار وتحقيق الاستقلال
• في أثناء السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر ازداد النفوذ الأوروبي في زنجبار، وفي سنة ۱۸۹۰ أصبحت زنجبار محمية بريطانية، وبعد الحرب العالمية الثانية انتشرت فكرة القومية بسرعة وأدت إلى استقلال زنجبار في كانون الأول ١٩٦٣.
وقد كانت هناك ثلاثة أحزاب سياسية حاربت من أجل تحقيق الاستقلال وهي حزب زنجبار الوطني وحزب شعب زنجبار وبمبا وحزب أفرو شرزي، وقد شكل الحزبان الأولان الحكومة التي لم تمكث في الحكم أكثر من شهر عندما سقطت على يد الانقلاب العسكري في الحادي عشر من كانون الثاني ١٩٦٤، ذلك الانقلاب الذي نفذه الحزب الأفروشرزي الذي هو الحزب الثوري الحاكم.
السلطة في زنجبار في أيدي المسلمين
• فيما يتعلق بزنجبار لم يكن المسلمون أقلية، بل كانوا أكثرية وحتى تتمكن أية جماعة من الناس لإقامة أي نمط من أنظمة الحكم، فإنه ينبغي أن تكون لدى الشعب مقدرة جيدة وسيطرة، وعلى ذلك فإن المسلمين كانت في أيديهم السلطة لأنهم تحلّوا بالمعرفة الجيدة والمقدرة وهذا السبب هو الذي أثار حقد المستعمرين ودفعهم إلى تحريض المعارضة على القيام بثورة ١٩٦٤، ولقد كان مبدأ «فرق تسد» مبدأً مشهورًا احتذته بريطانيا في حكم مستعمراتها ولم تكن زنجبار بدعًا في ذلك، ومما ساعد على ذلك تعدّد العناصر العرقية والدينية في مجتمع زنجبار.
الأجناس والأديان والطوائف الموجودة في زنجبار
• يتكون شعب زنجبار من الإفريقيين والعرب والكموريين والهنود، ولكنهم جميعًا يعتبرون أنفسهم زنجباريين، وأغلبية زنجبار من المسلمين الذين تصل نسبتهم إلى ٪۹۸ أما النسبة الباقية 2٪ فهم من المسيحيين. ومعظم مسلمي زنجبار من الشوافعة والبقية من الأحناف ويوجد في زنجبار كاثوليك وپروتستانت، وهؤلاء هم سبب ما يعانيه الفقراء في زنجبار.
كيف دخل الإسلام زنجبار؟
• لو عدنا إلى تاریخ زنجبار فسنجد أنها جزء من شرق إفريقيا الذي مارس التجارة في المحيط الهندي منذ الأزمنة القديمة، وقد جاء العرب إلى شرق إفريقيا من كل أرجاء الخليج ومن مصر ومن اليمن في وقت مبكر يعود إلى القرن العاشر وبجانب أعمالهم التجارية كان هؤلاء العرب يقومون بالدعوة إلى مبادئ الإسلام، وإلى تطبيق شعائره.
وقد ثبتت أقدام الإسلام في زنجبار في القرن الثالث عشر وهي فترة تميّزت بتوسع تجاري وإسلامي عظيم، وفي هذه الفترة بُنيت المساجد في جزيرتي زنجبار وبمبا، ويعتقد أن مسجد کرم کازي واحد من أقدم المساجد التي بناها الشيرازيون الفرس في زنجبار، وقد بنى حسن بن علي الشيرازي عددًا طيبًا من المساجد ما زال بعضها قائمًا حتى اليوم. وقد اشتهر «مونيبي مكو» بأنه أحد الزعماء المسلمين الذين جاهدوا وتحمّلوا الكثير من المشاق من أجل حمل المسلمين على تطبيق شعائر دينهم في كل أنحاء زنجبار وبمبا، وفي القرن الثامن عشر عادت زنجبار وبمبا إلى الظهور ثانية تحت حكم الأسرة العظيمة الحاكمة التي قدمت من عمان وكان أول حاكم لزنجبار من هذه الأسرة هو السيد سعيد بن سلطان.
أما اليوم فإن أهل زنجبار وبمبا تلقوا الكثير من تعاليم الإسلام عن طريق التعليم في المدارس وعن طريق المدارس المحلية في القرى في زنجبار وبمبا.
إن تعاليم الإسلام لم تلقن لهم فحسب، بل قد أصبح الإسلام جزءًا من حضارة زنجبار، وبعدئذٍ أصبحت زنجبار مركز الإسلام في شرق إفريقيا.
هذه الخريطة تبين جزيرتي زنجبار وبمبا مواجهتين للساحل الإفريقي مقابل كينيا وتنجنيقا.
وبعد هذا السرد التاريخي لزنجبار وبعد أن انتقلت الجزيرة المسلمة بثورة دامية قتل فيها آلاف المسلمين إلى حكم فدرالي مع تنزانيا نرى اليوم مؤامرات تدبر في الخفاء للقضاء على الإسلام والمسلمين في هذه الجزيرة ولإذلالهم واستعبادهم وما زواج الإكراه الذي سنشير إليه في هذه البيانات إلا حلقة من حلقات هذه السلسلة المتآمرة البغيضة.
نداء من زنجبار
كشف النقاب عن زواج الإكراه في زنجبار
أعربت جمعية النساء المسلمات المركزية في شرق إفريقيا عن استنكارها لزواج الإكراه في زنجبار، وفي بيان لها وصفت الجمعية هذه الأعمال بأنها عملية اختطاف تستحق العقوبة، كما ناشدت الرئيس نيريري الضرب بشدة على أيدي المجرمين الذين يرتكبون هذا العمل البشع.
وفي الوقت ذاته وُجه خطاب مفتوح إلى الرئيس نيريري قدمه له رئيس الاتحاد الوطني لمسلمي كينيا، أعرب فيه عن قلقه البالغ لحالات زواج الإكراه في الجزيرة، وقد أعرب الاتحاد عن رأيه بأن هذا الإجراء في زنجبار يتنافى مع أبسط معتقدات الإسلام الأساسية ويتعارض مع مبادئ الديمقراطية الأساسية، وقبل بضعة أيام زُوِّجت أربع فتيات من أصل فارسي زواجًا بالإكراه دون موافقتهن وزُفَّت إلى أعضاء في المجلس الثوري.
وقد سمح لهن برؤية آبائهن لأول مرة منذ أن أُخذن من بيوتهن، ويقول أقرباؤهن في زنجبار بإن الفتيات استغرقن في البكاء طوال ساعتين كاملتين ثم انتزعن من بيوتهن بالقوة على يد جنود مسلحين.
وقالت الفتيات لآبائهن بإنهن سيقدمن على الانتحار إذا لم يعمل الآباء على تخليصهن.
لقد قرأت التقرير السابق بشعور من الاستنكار الشديد، فهو عمل وحشي والمعروف أن زنجبار جزء من تنزانيا، لذلك فإن اللوم يقع على عاتق الدولة كلها، ومن المفزع أن نسجل هنا أن الذين ينهمكون في هذا العمل الإجرامي هم من موظفي الحكومة، وأشد من ذلك إجرامًا أن أعضاء الأسرة الذين رفضوا الموافقة على زواج الفتيات تعرضوا للتعذيب الوحشي، كل ذلك يتنافى مع أبسط قواعد اللياقة أنه شر اجتماعي ولعنة على وجه القارة الإفريقية كلها، فلا يمكن لأي حكم ديمقراطي أن يبرد مثل هذا العمل الإجرامي المنافي الإنسانية، كما أن هذا العمل يتعارض وتعاليم الإسلام التي تشترط موافقة الزوجة لصلاحية الزواج، ودون ذلك لا يتم الزواج وليس ذلك فحسب، بل إن موافقة ولي الزوجة ضروري كذلك حسب نصوص الفقه الشافعي إذ إن جميع المسلمين في شرق إفريقيا من الشافعيين أو الأحمديين الذين يشترطون نفس الشرط ولقد كان سيدنا عمر وسيدنا علي -رضي الله عنهما- يجلدان مرتكبي زواج الإكراه الذي يتم دون موافقة ولي الزوجة، فلو عاش هؤلاء الزنجباريون في عهد الخليفة المذكور لتم جلدهم على فعلتهم.
«ابن زنجبار»
الجمعيات الإسلامية تستنكر هذا الزواج الوحشي
٩٠٠ فتاة إيرانية ربما يُسمَح لهن بالخروج
هربت الآنسة هنساربراتاب سنغ، وهي فتاة بنجابية تبلغ السادسة عشرة من العمر، كانت قد أُجبرت من قبل الرسميين العسكريين التنزانيين على التوقيع بالموافقة على الزواج من رجل لم يسبق لها أن رأته، هربت من الجزيرة في ٣٠ - ٩ - ١٩٧٠.
وقد تسلّلت هاربة في قارب صيد هبط الجزيرة تحت جنح الظلام وغادرها ليرسو على ساحل القارة الإفريقية.
وقد اضطر السفير الإيراني لدى إثيوبيا السيد موغادان أن يطير إلى زنجبار في ۲۹ - ۹ - ۱۹۷۰ ليقابل نائب رئيس جمهورية تنزانيا، عبيد كارومي شخصيًا لبحث موضوع الزواج القهري، ويعتقد أن زيارته تهدف إلى عمل ترتيبات لنقل ۹۰۰ شخص من أصل ايراني يعيشون في الجزيرة، وهناك اعتقاد في الجزيرة أن جهوده ستكلل بالنجاح.
وقد فهم أن السيد موغادان الذي طار إلى دار السلام من أديس أبابا عندما تسرب أول تقرير عن الزواج الإجباري إلى خارج الجزيرة عرض نقل الزنجباريين ذوي الأصل الإيراني قالت الآنسة سنغ، التي هربت من الجزيرة إنها تعرضت للضرب وأُجبرت بالزواج من رجل لم تره من قبل، وكان من المنتظر أن يتم الزواج في اليوم الذي هربت فيه، وكانت الفتاة قد أُعطيَت مبلغ من المال لشراء ملابس لزفافها لعريس مجهول ولكنها رفضت استلامها.
وفي ممبا في كينيا شجب اجتماع عام لجمعية الإصلاح الإسلامية الزواج القهري، وقد خطب في الاجتماع مساعد وزير الصحة السيد جاماوي ومستشار هو السيد سيف سليم، والأمين العام للمنظمة السيد أحمد أمانه، وقد قالوا إن تزويج الفتاة دون موافقتها ودون موافقة والديها مخالف للإسلام.
وقد أرسل الزعيم الإسلامي الكبير في ممبسا، السيد الحاج إبراهيم الحاج إسحاق نداءً قويًا إلى الرئيس نيريري للتدخل في الحال لوضع حد للزواج القسري، وقد طالب الرئيس نيريري كذلك أن يُنهي صمته ويواجه التحدي في زنجبار.
وقد وجه رئيس الجمعية الإسلامية في ممبسا، الدكتور م. أ. رانا، نداءً إلى جميع المسلمين الأتقياء والجمعيات الإسلامية المخلصة في العالم أن يهبوا بقوة لمواجهة هذه الإهانة الصارخة للكرامة الإنسانية والحضارة. وأضاف الدكتور رانا أنه راقب بقلب محزون مختلف أنواع المظالم التي تتعرض لها الأقليات من حين لآخر في زنجبار، وليس موضوع الزواج القهري فحسب، وقد عبر الدكتور رانا عن شكره لكل الجماعات الإسلامية التي هبت بشجاعة لتقف ضد المعاملة البربرية التي يلقاها قسم من الزنجباريين الذي ينتظر العالم بترقب أن يُقال له ما هي جريمتهم.
وفي تنزانيا، على أرض الساحل الإفريقي، التقى زعماء مختلف الطوائف في دار السلام وأدانوا الزواج القهري بالإجماع، وقد نظروا باهتمام كبير إلى حرمان الفتيات اللواتي جرى إكراههن على الزواج وحرمان والديهن من حقوق الإنسان الأساسية، واعتبروا أن الزواج القهري ما هو إلا الاغتصاب بعينه.
كما قرروا إعداد مذكرة يقدمونها بأنفسهم للرئيس نيريري شخصيًا ليطالب بتدخله الشخصي لإيقاف هذه المعاملة غير الإنسانية.
«ابن زنجبار»
رئيس القضاة في كينيا يعاني الإرهاب!!
رفض رئيس القضاة في كينيا، الشيخ عبد الله صالح الفارسي أن يعلن رأيه في موضوع الزواج القسري الذي يتم في جزيرة زنجبار، وقال الشيخ إنه يحاول برفضه إعلان رأيه أن يجنّب أصدقاءه وأقاربه في الجزيرة أن يقعوا ضحية الانتقام، فتُعرض حرياتهم وحياتهم للخطر بسبب آرائه.
وقال الشيخ:
منذ أن غادرت زنجبار بعد إسقاط سلطان زنجبار وبمبا لم أقم بأي عمل يمكن أن يعتبر عدائيًا ـو انتقاديًا ضد السلطات الحالية في الجزيرة.
ولكنكم ستلاحظون أنه حدث في الفترة الأخيرة في تنزانيا في التاسع عشر من سبتمبر، وبعد أن وجَّه مسلمون بارزون في كينيا النقد إلى عمليات الزواج القهري في زنجبار، حدث أن سلطات زنجبار ألقت بسيل من الاتهامات ضدي، وقد ذهبوا إلى حد وصفي بالخيانة وادّعوا أنني كنت طوال الوقت معاديًا لحكام زنجبار الحاليين قبل مغادرتي للجزيرة وأثناء إقامتي هنا.
إن أولادي وأصدقائي وأقاربي يعيشون في زنجبار، ومن أجل سلامة حريتهم لا أجدني راغبًا في إعلان آرائي في الموقف الحالي في الجزيرة، ذلك الموقف الذي نشأ عن الزواج القهري.
ويبدو لي أنه ستكون هناك ردود فعل ضد هؤلاء الناس إذا عبرت عن آرائي حول هذا الموضوع المتأجج.
وبعد ذلك، فإن «المجتمع» تتوجه بهذه النداءات إلى المسلمين في جميع أنحاء العالم -الرسميين منهم وغير الرسميين- أن يهبوا إلى نجدة إخوانهم في زنجبار حتى تنجلي هذه الغمة وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
مؤتمر العالم الإسلامي بمكة يقرر: التكتل لمواجهة الاستعمار الجديد أوقفوا إبادة شعب تشاد المسلم
نشر في العدد 39
14
الثلاثاء 15-ديسمبر-1970