العنوان مؤتمر الدوحة والأسرة المسلمة .
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 27-نوفمبر-2004
مشاهدات 12
نشر في العدد 1628
نشر في الصفحة 7
السبت 27-نوفمبر-2004
تشهد العاصمة القطرية الدوحة بعد غد الإثنين فعاليات المؤتمر الدولي بعنوان معًا من أجل أسرة متماسكة، وهو أول مؤتمر عالمي يناقش مباشرة تأثيرات العولمة على الأسرة في الدول العربية والعالم، والقواعد الدينية والحقوقية التي يجب أن تبنى عليها الأسرة في القرن الحادي والعشرين.
ولا شك أن هذا المؤتمر الذي أقرته الأمم المتحدة وتشارك فيه. يمثل أول بادرة حسنة من المنظمة الدولية، ويمثل في الوقت ذاته مبادرة جيدة من العالم الإسلامي نحو مناقشة واقعية وجادة للأسرة انطلاقًا من عقيدته وحضارته وثقافته.
وفي ضوء انعقاد هذا المؤتمر المهم يجدر بنا التوقف عند ما يلي:
أولًا: لقد شهد العالم وعبر ما يقرب من ثلاثين عامًا انعقاد سلسلة من المؤتمرات الدولية التي تبنتها الأمم المتحدة منذ عام ١٩٧٥م حين انعقد المؤتمر الأول في المكسيك، ثم مؤتمر نيروبي عام ١٩٨٥ م ثم القاهرة عام ١٩٩٤م وبكين عام ١٩٩٥م وإسطنبول عام ١٩٩٦م ثم نيويورك وبكين. ورغم أن العنوان المعلن لهذه المؤتمرات كان يدور حول «السكان»، «والأسرة» «والمرأة»، إلا أن حقيقة برامجها ووثائقها وأهدافها كانت تتمحور حول نقطة واحدة فيما يخص المرأة وهي الإلحاح على الدعوة لإطلاق الإباحية الجنسية ومنح المرأة كامل التصرف في جسدها، والدعوة لإلغاء نظام الميراث الذي أقره الإسلام -بزعم المساواة- والدعوة الصريحة لهدم بنيان الأسرة وتقويض أساسها بشل سلطة الأبوين على الأبناء ليبقى كل فرد فيها هائما على وجهه.
ثانيًا: إن الحقيقة المؤكدة التي ينطق بها تاريخ تلك المؤتمرات تثبت أنها تأتي في إطار المشروع الغربي الاستعماري العولمة العالم وإفساده. فبينما تسعى الآلة السياسية والعسكرية الغربية لدمج العالم سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا في المنظومة الغربية تأتي تلك المؤتمرات ويخطط لها الغرب ويرعاها ممتطيًا المنظمة الأممية الدولية لعولمة البشرية ودمجها في أتون النمط الغربي الاجتماعي الفاشل، حيث الإباحية المطلقة والدمار الأسري والانهيار الأخلاقي، وإن المستهدف من وراء ذلك كله المرأة المسلمة والمجتمع المسلم لضرب بنيانه المتين الذي أقامه الإسلام بقيمه ومبادئه.. ثم إن المستهدف في النهاية هو الإسلام ذاته، فهم يرمون إلى تنحيته عن حياة المسلمين وتغريبهم عن مبادئه وقيمه وتشريعاته والإلقاء بهم في أتون النموذج الغربي الاجتماعي المدمر الذي ثبت فشله.
ثالثًا: لقد بات واضحًا أن الغرب وسماسرته في البلاد الإسلامية من المؤسسات والمنتديات والأقلام العلمانية المتطرفة يتلاعبون بقضية المرأة تحت شعارات خادعة ومضللة لتحقيق مكاسب اقتصادية عبر المتاجرة بالمرأة وجسدها في الفن والدعاية والغواية أو تحقيق مكاسب سياسية رخيصة باستخدامها كورقة ضغط على الدول والشعوب لابتزازها، وقد نجحت للأسف الشديد في إحداث تغييرات بقوانين الأسرة في المغرب والأردن ومصر وتونس لصالح المشروع الغربي.
لكن الواقع -ورغم كل تلك المخططات والمكائد والشعارات الخادعة لقضية الأسرة والمرأة- يؤكد فشل التجربة الغربية فشلًا ذريعًا، بل اكتشفت المرأة والأسرة في الغرب ذاته أنها سقطت في أتون من الشهوانية المريضة من جهة وواقعة تحت مطارق الابتزاز والمتاجرة من جهة أخرى. إن الدراسات العلمية واستطلاعات الرأي في الغرب هي التي تشهد بذلك، فقد أكد استطلاع للرأي داخل الولايات المتحدة أن ۸۷% من النساء قلن لو عادت عجلة التاريخ لاعتبرنا المطالبة بالمساواة بين الجنسين مؤامرة اجتماعية، وقالت مجلة «يو إس نيوز» الأمريكية إن ٤٥% من مواليد الوقت الحاضر بدون آباء. وفي فرنسا أثبتت الدراسات أن ٥٣% من النساء يلدن دون زواج شرعي.
في ضوء ما تقدم فإن المؤتمر الذي سينعقد بعد غد في الدوحة يمثل فرصة مواتية لتقديم مشروع إسلامي متكامل عن بناء الأسرة والحفاظ على كيانها ودورها الأساسي في المجتمع وبيان حقوق المرأة التي كفلها الإسلام للعالم وهي القوانين التي ليس لها مثيل في سموها في القوانين والدساتير الغربية. فقد كرم الإسلام المرأة التي هي نواة الأسرة الأولى وصان حقوقها وكرامتها وإنسانيتها أما وزوجة وابنة، فالأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق، وقد كانت المرأة دومًا هي درة المجتمع الإسلامي وحصنه الحصين، ولذا كان الاستعمار القديم والحديث يستهدفها بغية إفسادها واستخدامها سهما مسمومًا لهدم مجتمعاتنا لكن.. ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (الأنفال: 30).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل