العنوان مؤتمر القمة العربي - السباحة.. في البحار الصعبة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 20-نوفمبر-1973
مشاهدات 24
نشر في العدد 176
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 20-نوفمبر-1973
المجتمع
مؤتمر القمة العربي
السباحة.. في البحار الصعبة
بسهولة أهدر المتأمركون، وأتباع موسكو في المنطقة، أهدروا بلاء الرجل المقاتل واستبساله في قتال العدو وضربه.
وكما رد بعض الذين يجري الجحود في دمهم، لحظات النصر التي تمت باسم الله، إلى عراقة التاريخ الوثني، وكما حاول بعض الكتاب، تجريد التحرك الأفريقي نحو العرب من كل عمق أو تأثير إسلامي!
كما فعل هؤلاء، راح المتأمركون وأتباع موسكو في المنطقة، يلغون دور أمتنا في المعركة، دورها القتالي ودورها النفطي والمالي والسياسي، والعقائدي والشعبي، ويردون لحظات النصر إلى روسيا وأمريكا فحسب!
وقيل اختلفوا على توزيع العائد!
المتأمركون قالوا: إن أمريكا هي التي صبرت أيامًا، قبل أن تقيم الجسر الجوي لتزويد العدو بما يريد، وصبرها هذا هو الذي مكن العرب من لحظات النصر!
أتباع موسكو قالوا: ولو!! موسكو هي التي ملأت نفوس العرب بالثقة، لكي يقاتلوا، بينما ظهرهم مسنود باطمئنان إلى الكرملين.
وعملية السطو الضخمة على لحظات انتصارنا، ما كانت لتجري إلا تحت غطاء الدعاية التي أغدقت بإسراف على أمريكا وروسيا.
هؤلاء المتأمركون، وأتباع موسكو، لا يروجون للأطماع الأمريكية والروسية في المنطقة فحسب، إنهم كذلك يستكثرون على أمتنا أن يطلع في ليلها فجر، أو أن ترفع هامتها مرة، أو تظفر بلحظات نصر.
لقد تعجلوا في تأبين الأمة.
وهذا التعجل ليس هواية غير رابحة.
إنه يريد أن يمكن الأمريكان والروس من قطف ثمار الحرب، وأن يحققوا أرباحًا كبيرة من وراء الدماء الزكية التي أريقت في سيناء والجولان.
وهذا من أبشع سلبيات المعركة بالنسبة لنا.
ومن هنا راجت في العالم العربي حكاية «الضمانات» الروسية والأمريكية.
ضمانات!!
لماذا نسلم مصائرنا لبلدان أجنبية؟
لماذا نفقد استقلالنا بهذه الطريقة؟
لماذا تكون «الثقة» بالآخرين، أقوى من ثقتنا بأنفسنا وشعوبنا؟
وإلى جانب الاعتراض المبدئي، هناك خطأ التقدير العملي في الاعتماد على هذه «الضمانات».
ولنأخذ أمريكا، مثلًا.
● الغلو في تقدير التحول الأمريكي لصالحنا، أملته الأماني، أكثر مما قادت إليه «الحقائق».
كيف؟؟
إن «القرار» السياسي الذي تتخذه أمريكا، تشكله قوى شتى، والقرار هو المهم.
نعم، يمكن أن تقوم مظاهرة شعبية أمريكية تهتف لصالح العرب، ويمكن أن تكتب بعض الصحف مقالات، تخدم قضية العرب، ويمكن أن يفاجئ محاضر أمريكي في جامعة أمريكية طلبته بأن الحق - في هذا الصراع - مع العرب.
يمكن أن يحدث هذا
ولكن ذلك لا يمثل تحولًا مهمًا في السياسة الأمريكية نحو قضايانا.
التحول يأتي من القوى الفاعلة، من القرار السياسي.
والقرار السياسي الأمريكي، يتكون من آراء الكونجرس وتقارير وزارة الدفاع، ووكالة المخابرات المركزية، وأخيرًا من البيت الأبيض.
ولنعترف حتى نستطيع التعامل مع الحقائق لا مع الأوهام - لنعترف بأن العدو، تسلل إلى مراكز القوى هذه منذ زمن بعيد، ومن ثم رأينا الكونجرس – مثلًا – يربط قضية منح روسيا درجة التعامل المفضلة، بقضية هجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة.
وأثناء الحرب، علق نكسون هذه الاتفاقية وجمدها حتى تعود موسكو إلى السير في خطى أمريكا، بالذات في الصراع بيننا وبين اليهود.
وحتى الآن، لم يقدم العرب على تأسيس دور صحف وشبكات للتلفزيون تخدم قضيتهم في أمريكا.
وهذا نفسه لا يكفي، لأن هذه الآراء تظل بعيدة عن غرف اتخاذ الموقف، ومؤسسات صناعة القرار. هل فكر العرب في إنشاء حزب أمريكي، يرتكز برنامجه على خدمة المصالح الوطنية الأمريكية، المجردة من التوسع الإمبريالي، والسيطرة الصهيونية؟
هل فكروا في الاشتراك الفعلي في معارك الانتخابات هناك؟
إن العاطفة العربية في سرعة الحصول على الشيء، لم يصبح لها مجال في هذا العصر المليء بالتعقيدات، والعاكف على الدراسات المستقبلية، طويلة الأمد.
• لم يبق من الضمانات سوى الاعتماد على «شخصية» کیسنجر.
هل تعرفون من هو كيسنجر؟
إنه يهودي
وهو صهيوني حركي ملتزم بمعنى أنه مقيد - بحكم التزامه الأيديولوجي والحركي - بمقررات المنظمات اليهودية والصهيونية.
كيسنجر يهودي صهيوني تربطه بجولدا مائير وموسى ديان، وبيجال آلون، وقائد اللواء اليهودي الذي قتل في سيناء، تربطه بهؤلاء علاقات تنظيمية، ودساتير منظمات، ولوائح خطط مشتركة، وتربطه بهم عقيدة دينية هي اليهودية.
فهل من الواقعية أن نطمع في أن تكون ضمانات كيسنجر، مأمونة الجانب؟
● في هذه الظروف، يجتمع مؤتمر القمة العربي في الجزائر وبنفس السهولة التي تحدثنا عنها آنفا، يتناول فريق من هنا وفريق من هناك هذا المؤتمر.
فريق يقرر - بأمنيته - أن الحرب ستندلع مرة أخرى قبل انتهاء الجلسة الختامية للمؤتمر، أي أن أحد مقررات المؤتمر سيكون «شن حرب شاملة وفورية ضد العدو الصهيوني» وفريق يقرر - بأمنيته أيضًا - أن القضية «المزمنة» ستطوى نهائيًا في قمة الجزائر عن طريق موافقة جماعية على ما يسمى «بالسلام العادل!! مع العدو».
وهذا تحليل مريح، لكنه يميل إلى التبسيط الأقرب إلى السذاجة.
من قال: إن هذا المؤتمر مكلف بتقرير مصير أمة بكاملها يضعها في «موقف» تاريخي لا تستطيع أن تتخطاه، ويشل حركتها - الآن وفي المستقبل - عن العمل؟
إن الذين يرون أنه ليس من حق أحد أن يكلفهم بتحرير فلسطين، لا يقبل منهم أيضًا «التفريط» في القضية في جلسة ما، في يوم ما، في مؤتمر ما.
إن تحقيق الحد الأدنى هو المطلوب في هذه المرحلة والحد الأدنى يتلخص في:
● الضغط المستمر بالنفط وغيره حتى ينسحب العدو من الأراضي المصرية والسورية، والضفة الغربية والقدس.
وما دام سلاح النفط قد حقق نتائج لم تكن في حسبان الضاغطين العرب، ولا في حسبان الذين تجاهلوا قضايانا طويلًا، ما دام البترول قد حقق هذا، فإن قمة الوعي السياسي أن نعدل على عجل خريطتنا السياسية.
والتعديل في هذه النقطة هو: أن ينسحب العدو من الأراضي التي احتلها عام ١٩٦٧، مقابل إعادة ضخ النفط، لا مقابل فقرة من قرار مجلس الأمن رقم ٢٤٢ تجعل الاعتراف بكيان العدو ثمنًا للانسحاب.
● أن يصدر المؤتمر وعدًا عربيًا شاملًا بعودة الفلسطينيين إلى وطنهم، يكون مضادًا لوعد بلفور.
بلفور أعطى وعده بالباطل، وعلى العرب أن يعطوه بالحق.
كان اليهود يوم وعد بلفور في الشتات، وها هم الفلسطينيون أثناء انعقاد مؤتمر القمة، مشردون في الشتات.
وهذا الوعد المطلوب، يحبط - طبعًا - كل محاولة للاعتراف بالعدو.
● تحديد سياسي علمي لمفهوم الحقوق الفلسطينية وهو: عودة جميع الفلسطينيين إلى أرضهم.
● للتوازن والاحتياط، يطالب المؤتمر إيقاف الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفيتي إلى فلسطين المحتلة.
في حالة رفض اليهود لهذا المطلب، نطالب بفتح الهجرة لجميع العرب إلى فلسطين المحتلة.
في حالة رفض الاتحاد السوفيتي، يتخذ المؤتمر موقفًا حازمًا، ويحدد علاقته بالروس في ضوء هذه القضية، قضية المهاجرين المقاتلين والخبراء والعلماء والطيارين الذين يقصفون مدننا ومدارسنا، ونساءنا، وأطفالنا، ومساجدنا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
أمريكا.. لم تتغير واحترموا.. قراراتكم!! لماذا يرفع الحظر عن أمريكا؟
نشر في العدد 191
21
الثلاثاء 12-مارس-1974