; مؤتمر الوحدة الإسلامية الإطار النظري وخطوات التطبيق | مجلة المجتمع

العنوان مؤتمر الوحدة الإسلامية الإطار النظري وخطوات التطبيق

الكاتب محمد الراشد

تاريخ النشر الثلاثاء 16-فبراير-1993

مشاهدات 10

نشر في العدد 1038

نشر في الصفحة 38

الثلاثاء 16-فبراير-1993

فيما كان العالم الإسلامي يمر بعواصف من الانتهاكات لحقوقه والاعتداءات عليه ناشد أكثر من ٢٥٠ عالمًا ومتخصصًا وأكاديميًّا وما يقارب (٤٠) صحفيًّا من العالم الإسلامي بحكوماته وهيئاته وشعوبه التحرك العاجل لنصرة الشعوب والأقليات الإسلامية في فلسطين وفي البوسنة والهرسك والصومال وبورما وكشمير والهند وجنوب الفلبين. 

كان ذلك في كولالمبور بماليزيا في ختام مؤتمر «الوحدة الإسلامية الإطار النظري وخطوات التطبيق»، والذي عقد في الفترة ما بين السادس والتاسع من شعبان ١٤١٣هـ الموافق الثامن والعشرين إلى الحادي والثلاثين من يناير ۱۹۹۳ تحت إشراف الندوة العالمية للشباب الإسلامي «والتي مركزها الرئيسي في الرياض».

وطالب المؤتمرون المجتمع الدولي ممثلًا بمجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة أن يتعامل مع العالم الإسلامي بمعيار عادل في تطبيق قرارات الأمم المتحدة كما طالب الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل لإعادة المبعدين الفلسطينيين ورفع الظلم عن المسلمين في البوسنة والهرسك.

وفيما يتفاعل الموقف في أفغانستان والصراع بين المجاهدين ناشد المؤتمرون أطراف النزاع إلى الاحتكام إلى أمر الله وإلقاء السلاح وحل مشكلاتهم عن طريق الشورى والإصلاح.

 وبارك الجميع الدعوة إلى إنشاء محكمة العدل الإسلامية لحل المنازعات الإسلامية على كافة المستويات في الإطار الإسلامي وعلى المستوى الداخلي للأمة فقد ناشد المؤتمرون تحكيم الإسلام في حياة المسلمين والعمل المنظم الجاد من أجل توحيد كلمتهم كما حذروا من هيمنة الغرب عليهم وأكد هؤلاء العلماء والمتخصصين والأكاديميين على اتجاه الحريات السياسية والشورى وانفتاح الأنظمة الإسلامية على هذه المبادئ وتأصيل المشاركة الشعبية على أن يُبنَى كل ذلك على أسس إسلامية وأكدوا على أن ذلك يمثل أهم الضمانات لتوفير الأمن والاستقرار والرخاء في بلاد المسلمين ويجنب البلاد والعباد نزعة التطرف والغلو واعتبر المؤتمرون أن ما يحدث في بعض البلدان العربية والإسلامية من انتهاكات لحقوق الإنسان إنما هو نذير شؤم على الأمة. وناشدوا الحكومات الإسلامية باتباع سبل قانونية مستمدة من شريعة الله واتباع الوسائل المتحضرة للتعامل مع الشعوب. 

وطالب المؤتمرون الجماعات والأحزاب الإسلامية باتباع أساليب الشورى وإفساح المجال للنقد البنَّاء وإصلاح الذات وتربية أبناء الحركة الإسلامية تربية إسلامية أصيلة حرة متعمقة تفسح المجال للاستيعاب الشامل للمعارف والثقافات وتوفر العقلية الناقدة المبدعة التي تتسم بالشورى وتتبع أصول الحوار البنَّاء.

 وفي الجلسة الختامية يوم السبت 31/۱/۱۹۹۳ والتي رعاها رئيس مجلس الوزراء الماليزي الدكتور مهاتير محمد أكد في إجابة له حول كيفية حل مشكلة البوسنة والهرسك بأن الدول الإسلامية في منظمة المؤتمر الإسلامي غير قادرة وليست قوية في أن يكون لها دور في حل هذه المشكلة ولهذا لا تستطيع أن تتعامل مع المشكلة خارج نطاق الأمم المتحدة وأنه لا توجد أسلحة كافية عند المسلمين لمواجهة هذه المشكلة وطالب المسلمين بتوحيد صفوفهم وأن يكون لهم صوتًا واحدًا داخل الأمم المتحدة للضغط عليها للقيام بعملية عسكرية لإنقاذ الإخوة في البوسنة والهرسك وأكد الدكتور مهاتير محمد أنه في غالب اجتماعات الدول الإسلامية في مؤتمر المنظمة لا يتفق المجتمعون حول سياسات دولية موحدة «فلكل منا أفكار مختلفة ومن خلالها يستطيع الآخرون التلاعب بنا». وطالب بأن يكون المؤتمر الإسلامي فعالًا.

وعندما سأله أحد الحاضرين عن دور الحكومة الماليزية في حل مشكلة المسلمين في جنوب الفلبين «وكان رئيس وزراء الفلبين يقوم بزيارة لماليزيا في حينها» أكد الدكتور مهاتير محمد بأننا لا نؤيد إنشاء دولة مستقلة ولا بثورة إسلامية ولا نمانع أن يكون لهم حكم ذاتي وأن الحكومة الفلبينية معظمها من الكاثوليك المسيحيين وعليهم أن يعطوا المسلمين فرصة ليعيشوا أحرارًا للارتقاء بوطنهم حيث لا توجد مقبرة للمسلمين في مانيلا ولا مسجد يؤدي فيه المسلمين شعائرهم.

وحول شعار المؤتمر طلب الدكتور إبراهيم القعيد الأمين المساعد في الندوة العالمية للشباب الإسلامي من رئيس مجلس وزراء ماليزيا الدكتور مهاتير محمد توضيح رأيه في شعار المؤتمر «الوحدة الإسلامية الإطار النظري والتطبيق» فكان رأيه أن مشكلة البوسنة والهرسك مثال حي عن ضعف هذه الوحدة في أن تأتي ثمرها وأننا مازلنا نطلب العون من خارج نطلق المسلمين لتقرير «ماذا نفعل؟» حيث إن المسلمين لا يملكون رأيًا موحدًا في القضايا الرئيسية ويضيعون الوقت في قضايا خلافية هامشية، ففي مجال العلوم لم تحدد الأيديولوجية المناسبة والتي من خلالها تستطيع مواجهة الأيديولوجيات الضاغطة على المسلمين، كما أن الديمقراطية التي يعيشها العالم الغربي تفرض علينا قسرًا بطريقة غريبة غير نابعة من ديننا ولا إسلامنا وعلينا أن نفهم الديمقراطية في إطارها الإسلامي، كما طالب بأن يكون للمسلمين وضعا صحيحا في النظام الدولي الجديد، وطالب بالتدرج ومراعاة الظروف وتحديد القضايا الرئيسية في قضية الوحدة مع مراعاة طبيعة كل مجتمع مسلم. ففي ماليزيا تتعدد الثقافات والجنسيات فالمسلمون يشكلون ٦٠% من السكان والباقي من الهندوس والصينيين وعلى المسلمين أن يمارسوا العدل مع الأقليات الإسلامية فالتاريخ الإسلامي أثبت للعالم أجمع أننا خير من يحكم بالعدل مع الآخرين وعلينا تطبيق شريعة الإسلام وفق الظروف والتدرج المناسب حتى لا يستغل أعداءنا قصورنا في التطبيق لتشويه صورة ديننا الإسلامي ويتهمون الإسلام بالتشدد والتطرف والظلم وحتى نستطيع أن نتحدث عن وحدة إسلامية صحيحة لابد من أن ندرس ديننا في كل إطاراته وأعتقد أن منظمة الندوة للشباب الإسلامي منطلقًا لإحداث تصور مشترك للتفاهم حول الوحدة التي نريدها. وقد طالب الرئيس الماليزي في الكلمة التي ألقاها في ختام المؤتمر بأن يلحق المسلمون ركب الحضارة وأن يستفيد المسلمون من نُظم الحكم والإدارة ومسايرة تطورات العصر حيث إن الدول الإسلامية لا تدار إدارة جيدة وأن نظم إدارة الدولة في الإسلام تدعو إلى ذلك، حيث إن كل نجاحات الحضارة في الإدارة انبثقت من المسلمين خلال تاريخهم الماضي والمسلمون هم الذين جاءوا بنظم وسياسات إدارية واليوم المسلمون متخلفون في مختلف المجالات ومضطهدون في كل مكان.

 ودعا إلى تطوير الصناعة في العالم الإسلامي وإن ماليزيا مهتمة لهذا الاتجاه بالصناعة والمسلمون بشيء لم يلزموا أنفسهم في هذا المجال وكانت النتيجة التخلف وفرض شروط خارجية على المسلمين ودعا إلى إعادة العقول المهاجرة التي بنت الكثير من الصناعة الحديثة ودعا إلى التمسك الجاد بتعاليم الإسلام وتفسيراته للحياة وأن نستقي من مصادر واحدة وأكد على دور الشباب في هذا المضمار.

ورحب الرئيس الماليزي بنشاطات الندوة العالمية للشباب الإسلامي ودعا إلى تفعيل دورها لتحريك الشباب لاستعادة مجد الإسلام كما كان في القرون السابقة بعد مجيء الإسلام وأن الماليزيين يعيشون مع المسلمين هذا الأمل في ماليزيا. 

وكان في وقت سابق «الخميس السادس من شعبان ١٤١٣هـ «الموافق الثامن والعشرين من يناير ۱۹۹۳» وفي قاعة «فاننتج الدولية» للمؤتمرات بفندق «هوليداي فيلا» في كولالمبور والذي يقع أمام بحيرة صغيرة تحيط بها حدائق من الأشجار الطبيعية والأسواق الحديثة عقدت جلسة الافتتاح والتي تمت تحت رعاية وزير المالية الماليزي الأستاذ أنور إبراهيم والذي حضره فعاليات إسلامية على رأسها معالي الأستاذ عبد الوهاب عبد الواسع وزير الحج والأوقاف السعودي وسعادة السفير الكويتي في ماليزيا الشيخ سالم جابر الأحمد الصباح وجمع غفير من الفعاليات الرسمية الشعبية وممثلو المنظمات الطلابية والتجمعات الإسلامية وقد دعا الأستاذ أنور إبراهيم للعودة إلى طريق الحق بالتمسك بالكتاب والسنة وتطرق إلى أهمية العمل من أجل أسلمة الاقتصاد الإسلامي تدريجيًّا حتى لا يتأثر اقتصاد المسلمين بالمؤثرات العالمية كما استنكر الأستاذ أنور أبراهيم المعايير المزدوجة لهيئة الأمم المتحدة مع القضايا وقال إنها تكيل بمكيالين وبين أن كل ذلك ناتج من تفكك جسم الأمة وعدم وجود المؤسسات والقنوات والوسائل التي تعمل على توحيد بلاد المسلمين وانتقل الأستاذ أنور إبراهيم للتطرق إلى تاريخ الندوة العالمية للشباب الإسلامي بصفته أحد أعضاء مجلس الأمناء في بداياتها حيث إنه كان ممثل منطقة آسيا والباسفيك فيها وتحدث كذلك عن التطور الذي تشهده ماليزيا في جميع المجالات وبين دور الندوة العالمية للشباب الإسلامي في التغيرات الإسلامية التي تشهدها ماليزيا.

وقد تحدث في حفل الافتتاح الدكتور مانع الجهني «الأمين العام للندوة» مبينًا أهداف الندوة العالمية للشباب الإسلامي مؤكدًا أن الوحدة الإسلامية التي ننشدها ينبغي أن تقوم على دعائم ثابتة تتمثل في العقيدة الإسلامية الصحيحة والتطبيق الكامل للإسلام عقيدة وعبادة وشريعة وأخلاق وتقديم مصلحة الأمة على كل مصلحة سواها ...

وقد سبقه في كلمة الافتتاح الأستاذ قمر الدين محمد نور ممثل الندوة في آسيا والباسفيك مرحبًا بالحضور وأبدى اعتزازه كماليزي بعقد المؤتمر في بلاده وأكد على أهمية المؤتمر في الظروف الراهنة مذكرًا الحاضرين بأن المآسي تعطي المسلمين القوة والعزم للسير إلى الإمام في ضوء الهدْي الرباني.

وقد شارك في المؤتمر أكثر من ٢٥٠ عالمًا ومتخصصًا من قادة الفكر والعلم وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي والدكتور عبد الحميد أبو سليمان مدير الجامعة الإسلامية في ماليزيا والكاتب الإسلامي فهمي هويدي والأستاذ الألماني أحمد فون دو نفر، حيث عرضت عشرات البحوث التي تمحورت حول هدف المؤتمر وهو الوحدة الإسلامية للإطار النظري وخطوات التطبيق وكان من أهم البحوث التي طرحت بحث حول دور حرية الرأي في الوحدة الفكرية بين المسلمين للدكتور عبد المجيد النجار كما دعا الدكتور زكريا عبد الرزاق المصري إلى مشروع وحدة الأمة الإسلامية على أسس صحيحة وواقعية وذلك عن طريق الولاء للإفتاء. كما دعا الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أيضًا «ألقى البحث نيابة عنه الأستاذ خليل القوقا» إلى طريق محدد وواضح لتوحيد الأمة الإسلامية، وكان أول بحوث المؤتمر التي ألقيت هو بحث الدكتور شرف بن علي الشريف مبينًا الوحدة الإسلامية في إطارها النظري كما تناول الدكتور أبو لبابة الطاهر حسين الوحدة الإسلامية في السنة النبوية واستعرض الدكتور محمد محمد أحمد کرار تجربة دولة صلاح الدين الأيوبي كتجربة تاريخية وعالمية في الوحدة الإسلامية كما ناقشت بعض البحوث دور المنظمات الشبابية والطلابية ودور الأسرة المسلمة ودور الأدب الإسلامي المعاصر في الوحدة الإسلامية وقد تناول الدكتور عبد القدوس أبو صالح هذا الدور. 

واتجه بعض الباحثون إلى التحدث عن السوق الإسلامية المشتركة ودورها في تحقيق الوحدة الإسلامية وكذلك إلى أهمية تنظيم وبناء الاقتصاد الإسلامي أما الدكتور حسن الداودي فقد ناقش في بحثه الهيكل الاقتصادي الإسلامي الموحد.

كانت توصيات المؤتمر قد صدرت في عدة مجالات منها المجال الإسلامي والاقتصادي والتربوي والثقافي والاجتماعي والعقدي وكذلك مجال الجماعات والهيئات والمنظمات الإسلامية.

ومن هم توصيات المؤتمر في مجال الوحدة الإسلامية:

 1 -تحقيق التنسيق والتكامل والتعاون بين الدول الأعضاء المنظمة المؤتمر الإسلامي.

2-تقليص النفوذ الهيمنة الأجنبية في مختلف المجالات واستبداله بتعاون مخلص بين دول العالم الإسلامي..

3-تشكيل اللجان والهيئات الفنية المتخصصة للعمل على وحدة المسلمين ودعم وتشجيع مناشط الهيئات الإسلامية العالمية التي تسعى إلى ذلك. 

4-تشكيل لجنة في الندوة العالمية للشباب الإسلامي لمتابعة توصيات المؤتمر.

كما وجه القائمون على المؤتمر الشكر للحكومة الماليزية لاستضافتها هذا المؤتمر وحكومة المملكة العربية السعودية وشعبها على دعم الندوة العالمية للشباب الإسلامي وحكومة دولة الكويت ممثلة بوزارة الأوقاف ووكيلها الدكتور علي الزميع، كما تم على هامش المؤتمر تعديل النظام الأساسي للندوة العالمية للشباب الإسلامي وانتخاب مجلس أمناء جديد وتَلَا في الجلسة الختامية أهم إنجازات الندوة العالمية للشباب الإسلامي في العام المنصرم وهو شخصية مهمة في ماليزيا كما أن رئيس مجلس الوزراء الماليزي قد حضر اختتام هذا المؤتمر وهذا اهتمام كبير من الماليزيين وحسب ما لاحظ أن الكثير من الدول الإفريقية والأوروبية والآسيوية مشاركون في هذا المؤتمر كما لاحظت أن المسلمين من كمبوديا وفيتنام من الآن قبل أن تصبح مشكلة وتأتي كما حصل ف بالبوسنة مثلًا متأخرين ولابد وأن تقوم بمساعدتهم والنظر في احتياجاتهم من الآن وأعتقد وجودهم هنا.

إخواننا من الكمبوديين والفلبينيين المسلمين وبعد رجوعهم إلى بلدهم سيعطي أملًا لهم بأننا المسلمين مهتمون بهم. 

ماذا قال العلماء والمفكرون في الوحدة الإسلامية؟

استطلعت المجتمع آراء بعض العلماء والمفكرين الذين حضروا المؤتمر حول الوحدة الإسلامية فجاءت إجاباتهم على النحو التالي: 

المجتمع: ما هو رأيك في الجانب العملي في الوحدة هل من الممكن أن تتجسد حقيقيا وما هو تصورك لقضية الجانب العملي.

القعيد: قد يبدو أن الوضع الذي تعيش فيه الأمة الإسلامية وضع صعب ولا شك في ذلك فنحن نعيش في وضع مأساوي، الفُرقة تمزق المسلمين والحديث عن الوحدة الإسلامية يبدو كأنه قضية نظرية بعيدة وليس لدينا الآن للأسف الشديد الحدود الدنيا لنوع من التعاون والتنسيق على مستوى الدول العربية والإسلامية في المنظمات العالمية وفي المستوى الاقتصادي ومن ثم فإن الحديث عن الوحدة الإسلامية وكأنه قضية نظرية من الصعب تحقيقها ولكن أود أن أقول إن الإنسان الذي يدرس التاريخ ويحلل ما هو التاريخ يعرف أن فكرة الوحدة في أي حضارة وفي أي مجتمع تبدأ بنشر القناعات حول هذه الفكرة وتبدأ في العمل الجماعي للمؤسسات نحو هذه الوحدة ويبدأ أيضًا بهذه القناعات لدى العلماء والمفكرين والمثقفين الذين سيكونون في المستقبل قادة للأمة ومن ثم عن طريق تثبيت هذه القناعات تبدأ مسيرة الوحدة الإسلامية وقد تأخذ بعض الوقت لكنها إن شاء الله ستكون المسير في الاتجاه المناسب ولا يغيب عن بالنا. وعلى سبيل المثال أن أوروبا أكثر فرقة من العالم العربي والإسلامي يومًا من الأيام وأوروبا بينها كثير من النزاعات والحروب وأوروبا أديانها مختلفة وأجناسها مختلفة وثقافتها مختلفة ولكن بسبب وعيها الحضاري وبسبب قناعتها لصيانة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها وصلت إلى قناعة بأن الوحدة والتكتل على المدى البعيد فيه مصلحة الجميع وفيه مصلحة أوروبا ومن ثم بدأت مسيرة أوروبا منذ أكثر من ٤٠ عامًا والآن نرى أن هذه المسيرة تحقق أهدافًا كبيرة ونرى أن أوروبا تسير في اتجاه مضاد، ومن ثم مهما يكن وضعنا مأسويًّا وضعنا صعب في عالمنا العربي والإسلامي لكن قضية الوحدة ممكنة ونحتاج فقط لوسائل وأهداف مرحلية حيث تحقق هذه الوحدة على المدى البعيد وأعتقد أن أفضل طريقة البدء بحد عينها، وعلى سبيل المثال نأخذ المجال الاقتصادي المجال الثقافي المجال الاجتماعي المجال التربوي والتعليمي ونضع خطة لكل واحد من هذه المجالات ولا يهمنا أن يكون الأمر بعد 10 سنوات أو ٢٠ سنة أو ٣٠ سنة المهم أن نبدأ بخطوة مرحلية طويلة المدى توصلنا في نهاية الأمر إلى بناء الوحدة الإسلامية على أسس واقعية وأسس قوية لا يمكن لها أن تتزعزع.

تصريح وزير الحج والأوقاف السعودي عبد الوهاب عبد الواسع

أعتقد أن المؤتمر موقف يصب لصالح القضايا الإسلامية عامة والبحوث المطروحة في المؤتمر تتحول من الوحدة الإسلامية في الإطار النظري وخطوات التطبيق أن تتحول من الإطار النظري إلى خطوات التطبيق والإطار النظري هو البداية .. أنا شخصيًّا أعتقد أن جميع المؤسسات الإسلامية المختلفة نرجو من الله أن يأتي يوم وأن تتوحد حتى تكون قادرة على توحيد المسلمين في مفاهيم وأفكارهم وتضامنهم وحتى يصبحوا قوة.

يوسف القرضاوي :

ما أسباب معوقات هذه الوحدة؟

هناك معوقات كثيرة من ضمنها أن وحدة الاتجاه لم تحقق بعد، فهناك من يتجه إلى اليمين وهناك من يتجه إلى اليسار وهناك من يستورد من الشرق وهناك من يستورد من الغرب مادامت هناك مذاهب واتجاهات مستوردة من هنا وهناك لا يمكن أن يجتمع الجميع لهذا لابد قبل هذا التوصية إلى الجميع لكي يوحدهم الإسلام منهجًا بعد أن وحدهم اعتقادًا وهنا يقول القرآن ﴿وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَ ٰ⁠طِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِیلِهِۦۚ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣] فمادامت هناك سبل متفرقة فلابد أن يتفرق الناس. هناك أيضًا الولاءات المختلفة هذا يوالي ذاك البلد، وذلك يوالي غيره فلابد من تحديد الولاء أيضًا من ناحية أخرى هناك مصالح للأسف تكرِّس الإقليمية والتجزئة، فالكثيرون يستفيدون من هذا الوضع وضع التجزئة؛ فلذلك يريدون أن يتشبثوا به لكن المصلحة العليا للأمة تقتضي أن يتجاوزوا هذا الوضع الذي فرضته أوضاع غير إسلامية بعد زوال الخلافة الإسلامية وسقوط هذه القلعة التاريخية وقيام الدويلات القومية والإقليمية.

ولابد من عمل لتقريب الثقافات وإذابة الفوارق المختلفة حتى يمكن إقامة تضامن حقيقي ينتهي إلى وحدة مأمولة.

فهمي هويدي :

في الخطاب السياسي العام الآن (۱۹۹۳) إن الدولة التي يقل عدد سكانها عن ١٠٠ مليون نسمة لن يكون لها وزن في مستقبل الخرائط العالية فقضية الوحدة الآن مطروحة على أصعدة متعددة في الحياة الفكرية والسياسية والوحيدون الذين تخلفوا عن هذا الركب سواء بالقول والفعل هم العالم الإسلامي وأنا أظن أن الكلام الذي قيل عن موضوع الوحدة وأحالها إلى قضية ضد الطبيعة قبل عشرين عامًا تعتبر الآن إلى حد كبير غير صحيحة بحيث أصبحت الوحدة الإسلامية ليست فقط مطلبًا أو التزامًا عقيديًّا ولكن أيضًا أصبحت التزامًا سياسيًّا وإستراتيجيًّا حيث بغيرها لن يكون لهذه الأمة لا وزن ولا قيمة في مستقبل الحياة السياسية.

صحيح أن هناك صعوبات تعترض طريق الوحدة الإسلامية لكن أنا أزعم أن في الفكر السياسي لم يعد هناك مستحيل ما كان حلمًا في الماضي تحول إلى حقائق فتجربة الوحدة الأوروبية التي ضمت دول تتحدث 9 لغات ثانيًا فيها من الخلافات والصراعات التاريخية والقومية لا حصر لها ومع هذا حدثت وحدة اقتصادية أنا أقول إن تحقيق الوحدة مطلوب وممكن، والمستحيل يمكن أن يتحول إلى واقع بشرطين الشرط الأول أن نكون متفقين على مضمون مفهوم الوحدة، والشرط الثاني أن يتوفر التصميم والنفَس الطويل والعمل الجاد المطلوبان للمُضي على هذا الطريق صحيح أن العالم الإسلامي تربط بين أبناء وحدة شعورية وهذه ميزة كبرى ولكننا ندعو الآن إلى الانتقال من وحدة الشعور إلى وحدة العمل والواقع. 

تصريح الدكتور عبد الحميد أحمد أبو سليمان مدير الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا

يجب أن ندرك أن الوحدة ليست في الجوانب السياسية وحدها فهناك أمة إسلامية وبينها عوامل وحدة وعوامل أساسية وكل ما في الأمر يجب أن نعرف كيف نتعامل مع هذه العوامل ونجعلها تؤدي ثمارها في الجوانب الاقتصادية والتعليمية والثقافية وبما فيها السياسية أيضًا والوحدة السياسية تأتي ثمرة لوحدة العقول والنفوس والمصالح في الأفراد والمؤسسات، والحكومات تستطيع أن تعين في هذا السبيل إلى أن تأتي ثمارها لا شك بنمو هذه العلاقات وتحسين نوعية قدرات الفرد المسلم كفرد وجماعة يستطيع أن يكون مشاركًا في النظام الدولي الجديد وعلى الأصح في نظام الحضارة الغربية فمن هذا النظام الدولي الجديد هو في الواقع مرحلة جديدة من أكبر مراحله بسبب تغير طبيعة مراكز القوى لا أكثر ولا أقل ولكنه يظل في الواقع العالم الإسلامي على الطرف وليس أساسي في هذا النظام والمطلوب أن نبذل الجهد أولًا وأن نكون من القوة والقدرة لكي تكون شركاء.

فالأمل أنه بالوعي الصحيح على أهمية الجوانب الفكرية والثقافية وجوانب الوحدة الأخرى في طبيعة التكوين الإسلامي والشخصية الإسلامية أن نصبح في مركز شرکاء نشكل به حقيقة تجديد في النظام العالمي مبنِيّ على مفاهيم لإسلام حقيقي وإخاء الإنسان ووحدة الإنسان. 

تصريح الشيخ سالم جابر الأحمد الصباح - سفير دولة الكويت في ماليزيا

س -ما رأيك في قضية الوحدة الإسلامية وهل هناك تطبيقات لهذه الوحدة؟

الكل ينادي ويناشد بالوحدة الإسلامية والأمة الإسلامية وأنا أعتقد، وهذا شيء طيب ، أولًا تعتبر ماليزيا دولة إسلامية وهي دولة في شرق آسيا وعدد سكانها كثير والاجتماعات الإسلامية بوجود عدد كبير من رجال الجزيرة والدول العربية ويجتمع هنا أيضًا عدد كبير من دول إسلامية أُخر، والكل يتكلم عن الوحدة الإسلامية والأمة الإسلامية فهذا شيء جيد وله أثر كبير على المسلمين في الدول الأسيوية نلاحظ أن وسائل الإعلام «الصحافة والتلفزيون» قد تحدثت عن هذه الندوة وقد اختتم الندوة وزير المالية أنور إبراهيم وهو شخصية مهمة في ماليزيا، كما أن رئيس مجلس الوزراء الماليزي قد حضر اختتام هذا المؤتمر وهذا اهتمام كبير من الماليزيين وحسب ما لاحظنا أن الكثير من الدول الإفريقية والأوروبية والآسيوية مشاركون في هذا المؤتمر، كما لاحظت أن المسلمين من كمبوديا وفيتنام موجودين هنا و علينا أن نهتم بهم من الآن قبل أن تصبح مشكلة ونأتي كما حصل في البوسنة مثلًا متأخرين ولابد وأن نقوم بمساعدتهم والنظر في احتياجاتهم من الآن وأعتقد أن وجود إخواننا من الكمبوديين والفلبينيين ورجوعهم إلى بلدهم سيعطي أملًا لهم بأن المسلمين مهتمون بهم.

الرابط المختصر :