; ماذا بعد الحرب؟! | مجلة المجتمع

العنوان ماذا بعد الحرب؟!

الكاتب بدر الدين غازي

تاريخ النشر السبت 24-يناير-2009

مشاهدات 9

نشر في العدد 1836

نشر في الصفحة 13

السبت 24-يناير-2009

في ضوء الأحداث المتسارعة والزخم الشعبي الهائل ضد هذه الحرب في العالمين العربي والإسلامي، وكذلك في أوروبا وأمريكا، والأداء البطولي الرجال المقاومة في «غزة»؛ رغم قلة عددهم وعدتهم، وافتقارهم إلى عمق جغرافي، وفي ضوء المعنويات المرتفعة التي أحدثها أداء رجال المقاومة وقيادتهم للمعارك العسكرية والسياسية والإعلامية، يبدو هذا السؤال غير وارد (على الأقل في أذهان البعض) أو غير مطروح، وبخاصة في ضوء الجرائم البشعة التي ترتكبها آلة الحرب الصهيونية ضد المدنيين والمباني.

ولكنه سؤال مشروع؛ بل إن التفكير فيه وحسن الاستعداد لعواقبه يعد من أهم عناصر التخطيط الاستراتيجي للمعركة على كافة المستويات العسكرية، والمعنوية، كما أنني لا أشك في أنه قد تمت دراسته باستفاضة من قبل قيادة المقاومة، وأعدت له البدائل المختلفة التي لم تعلن بطبيعة الحال.

إن الإجابة عن هذا السؤال تبدو ملحة ولكنها محفوفة بالأخطار، نظرا للشراسة البالغة للمعارك، والإجرام اللامتناهي لقادة العدو، وآلة حربه، والجسر الجوي والبحري الذي ينقل إليه أحدث أنواع الأسلحة والقنابل والصواريخ من «واشنطن»، وربما من «أوروبا» واستدعاء ثلاثين ألفًا من جنوده الاحتياطيين والموقف المعروف للحكومات العربية وإحكام الحصار حول «غزة» الصامدة من البر والبحر والجو، وتزايد وتيرة المعارك وأعداد الشهداء ومعدل الإصابات في جنوده، طبقاً لما أعلنه العدو ذاته، وما صاحب ذلك من احتقان في مشاعر العرب والمسلمين.

وفي محاولة لقراءة مجريات الأحداث، نود أن نسرد عددًا من الملامح:

1- إن المقاومة قد حققت نصراً استراتيجيا واضحا، له ما بعده، بصرف النظر عن نتيجة المعركة العسكرية من حيث إنها منعت الكيان الصهيوني من تحقيق أي من الأهداف التي شن من أجلها تلك الحرب، برغم آلاف الغارات الجوية، وآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ، وآلاف الشهداء والجرحى، وبرغم الفرق الهائل في العدد والعدة، بل إنها أرغمت قوات العدو على التراجع المستمر في سقف آمالها من تلك الحرب، بدءًا من تغيير الوضع الأمني في «غزة» بإزالة «حماس»، وتنصيب إدارة صديقة، إلى وقف إطلاق الصواريخ إلى تقليل عدد الصواريخ، إلى وقف تهريب السلاح .. إلخ .

2- إن إرادة المقاومة في شعب غزة لم تنكسر، على الرغم من بشاعة العدوان وحجم الإصابات وقسوة الحصار، وهو أي شعب غزة بذلك يقدم العمق البشري والإنساني (رغم صغره الذي كان ينبغي أن يأتي من بلدان الجوار لرجال المقاومة وقادتها، ولذلك ظلت إرادة ومعنويات المقاومة عالية، كما يرى الجميع.

3- بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الحرب ومع اقتحام قوات العدو بعض المناطق ذات الكثافة السكانية كان من الطبيعي أن تزداد معارك الالتحام المباشر، وتزداد معها الخسائر في الأفراد والعتاد، وفي حين تقبل أهل غزة ذلك، واحتسبوا شهداءهم عند الله فإن الصهاينة جزعوا لذلك جزعاً شديداً.

4- إن الصورة أكدت صلابة موقف المقاومة من حيث القيادة والسيطرة في إدارة المعركة على الأصعدة العسكرية والسياسية والإعلامية، ورغم الدعم غير المحدود للعدو من السلاح والمال والتغطية السياسية فإن قرار وقف الحرب لاشك قد ولد من رحم المواقف في ميدان القتال مع مراعاة الاعتبارات السياسية الأخرى.

5- في محاولة لقراءة المدى الزمني، بدا يوم العشرين من يناير - وهو يوم تنصيب «أوباما» رئيسا ل« أمريكا»، ونهاية عهد «بوش» وفرقته ضاغطا على قيادة العدو لإنهاء عملياته العسكرية؛ ولذلك تصاعد إجرام العدو يوما بعد يوم، حتى إذا أرغمت إسرائيل على وقف العدوان تكون قد استولت على بعض المحاور الاستراتيجية في «غزة»، وتعزز موقفها في المفاوضات التي تلي ذلك، كما أن يوم 9 فبراير يعد ضاغطا من جانب آخر، وهو موعد الانتخابات البرلمانية في الكيان الصهيوني، التي تخوضها «ليفني» و«باراك».

6- تعتمد هذه القراءة على الإمكانات والوسائل ومعادلات الصراع، ويبقى قبل ذلك وبعده فضل الله سبحانه وتعالى وحوله وقوته ويقولون: متى هو ؟! عسى أن يكون قريبا، فهو القاهر فوق عباده، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى لذلك وجب الالتجاء إليه بإلحاح وانكسار.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

صياغة إرتريَّة للقرن الإفريقي

نشر في العدد 875

11

الثلاثاء 19-يوليو-1988

ملف العدد (2): المجتمع (2186)

نشر في العدد 2186

20

الجمعة 01-ديسمبر-2023