العنوان ماذا تعرف عن ضغط الدم؟
الكاتب د. محمد أبو شوك
تاريخ النشر الثلاثاء 29-سبتمبر-1970
مشاهدات 70
نشر في العدد 29
نشر في الصفحة 23
الثلاثاء 29-سبتمبر-1970
- هل يخبر الطبيب المصاب بأن عنده ارتفاعًا في ضغط الدم أم يخفي ذلك، إذ إنه من المعروف أن توتر الأعصاب وازدياد الاضطرابات النفسية يزيد من ارتفاع ضغط الدم؟
- يجب على المصاب أن يقلع عن التدخين ويقلع عن الشاي والقهوة ويتناول وجبات غير دسمة وأن يعطي جسده وفكره قسطًا وفيرًا من الراحة وأن يقضي عطلة الأسبوع بعيدًا عن العمل.
لعل قائلًا يقول: لقد تكاثرت الأمراض في هذه الأيام، ما كنا لنسمع عن مرض السكر ولا الضغط ولا الجلطة ولا إلى غير ذلك من الأمراض، فما هي يا ترى الأسباب التي جعلت مثل هذه الأمراض تزداد وتزداد؟
والرد على هذه التساؤلات سهل ميسور، فهذه الأمراض معروفة من قديم الزمان، ولكنها زادت في هذه الأيام.
أولًا-لنشر الوعي الصحي بين الناس وتعرفهم على هذه الأمراض ثم الذهاب إلى الأطباء عندما يحسون بأعراض هذه الأمراض.
ثانيًا-التزاوج بين العائلات المصابة بهذه الأمراض ولعامل الوراثة أثر في انتقال هذه الأمراض من السلف إلى الخلف وبالتالي تزداد بازدياد الإصابات بين الأسر.
ثالثًا-بينما كان السلف يكتفون من الطعام بقليل من التمر، وكوب من اللبن، وإذا تيسر قطعة من اللحم مع قليل من الخبز، إذا نحن في هذه الأيام تبسط الموائد وتزخر بما لذ وطاب من أنواع الطعام الدسم، وتكون نتيجة ذلك السمنة، بل البدانة المفرطة وما تجره وراءها من أمراض البول السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض.
رابعًا-وكنا في الماضي نمتلئ نشاطًا ونسير إلى أعمالنا وكلنا أمل وطمأنينة وتوكل على الله لا حقد ولا حسد ولا هموم بالليل والنهار إذا بالمدينة الحديثة تمد يدها وتعطي لنا كل ما نشاء من سيارات وما يتبعها من عدم الحركة، وطول السهرات -والقلق- والحسد -وكل هذه تجر وراءها الأمراض التي تحدث من اضطراب الأعصاب والتوتر الشديد وعلى رأسها- ارتفاع ضغط الدم ثم من هذه الأسباب ولأسباب أخرى يتضح جليًا لماذا زادت نسبة هذه الأمراض في هذه الأيام ثم نعود إلى موضوعنا -ما هو ضغط الدم الطبيعي؟ كلنا يعرف أن القلب يضخ الدم في الشرايين التي توصله إلى أعضاء الجسم المختلفة- والضغط في هذه الشرايين يعتمد على كمية الدم وعلى المقاومة التي يلزمها هذا الدم.
الضغط الطبيعي يتكون من شطرين:
الضغط الانقباضي=120/80 ملمتر من الزئبق ويمكن اعتبار الضغط طبيعيًا إلى المستوى الضغط الاسترخائي=150 /90.
وإذا زاد عن هذا المستوى عد مرتفعًا وفي بعض الحالات الطبيعية يكون ضغط الإنسان ١٠٠/١٠٠ وهذا يعد للضغط الطبيعي إذا لم يكن مصحوبًا بأعراض هبوط ضغط الدم، وفي بعض البلدان يقاس الضغط 12/8 للاختصار والذي يلاحظ أن الناس دائمًا يهتمون بالضغط الانقباضي ويقولون إن عندهم ضغطًا لأنه وصل إلى 170 أو إلى 180 -علمًا بأنه يكون ضغطه الانبساطي أقل من 90 وفي هذه الحالة لو أن أعصاب الشخص هدأت أو أخذ الضغط عدة مرات لرأينا أنه ينخفض إلى 150- أو أكثر قليلًا وهذا لا يحتاج إلى علاج -بل للملاحظة، والذي يهم هو الضغط الانبساطي الذي يدل على المقاومة التي يلاقيها القلب ساعة ضخه الدم في الشرايين وإذا زاد هذا المستوى الطبيعي فإنه يثبت وهذا نتيجة لمرض في الشرايين وفي الوقت نفسه كلما ازداد ارتفاعًا كان احتمال حدوث مضاعفات ارتفاع ضغط الدم كبيرًا تبعًا لذلك.
لذا يجب أن يكون الاهتمام منصبًا على الضغط الانبساطي.
أسباب ارتفاع ضغط الدم:
لقد وجد في معظم الذين يعانون من ارتفاع في ضغط الدم أنه لا يوجد أي مرض عضوي ظاهر والأبحاث ما زالت في تقدم للوصول إلى السبب المباشر لارتفاع الضغط في مثل هذه الحالات، لعامل الوراثة دخل في ذلك -فلقد وجد أن هناك عائلات تزداد فيها نسبة حدوث ضغط الدم، وهذا مما يجعلنا نفكر مليًا قبل التزاوج في العائلة الواحدة لنقلل من حدوث ارتفاع هذه النسبة.
وهناك أسباب أخرى لارتفاع ضغط الدم ولو أنها تشكل نسبة ضئيلة بالنسبة للسبب الأول ومن هذه الأسباب ما يمكن علاجه ولذلك كان من الواجب دائمًا أن نفحص مريض ارتفاع ضغط الدم فحصًا دقيقًا ثم نعمل له جميع الفحوصات اللازمة حتى نصل إلى هذا السبب وعلاجه إن أمكن.
وإذا لم نتوصل للسبب فيعتبر هذا الضغط من النوع الذي لا سبب ظاهرا له ومن هذه الأسباب ما يلي: -
١-أمراض الكلى - ومنها التهاب الكلى الحاد والمزمن والتهاب الكلى الذي يحدث من التهاب مرض حوض الكلى وانتشار هذا الالتهاب في الكلية، ثم مرض تكيس الكليتين، ثم مرض إحدى الكليتين مع ضمورها -وفي بعض حالات تضخم البروستاتا وانسداد مجرى البول وتأثر الكليتين تبعًا لذلك إثر التهاب أو تآكل بأنسجتها نتيجة لضغط البول عليها لعدم سريانه كما يجب.
٢-أمراض الغدد الصماء -وهي قليلة الحدوث، ولكن يجب على الطبيب أن يتذكرها لأن في علاجها علاجًا لارتفاع ضغط الدم.
٣-وهناك حالات يحدث فيها ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.
ويتضح جليًا الآن لماذا يصر الطبيب الحاذق على القيام بعمل الفحوصات لمريض ارتفاع ضغط الدم. لأن كل أمله أن يتوصل إلى سبب لذلك ليعالجه. وإلا استمر المريض على العلاج مدى الحياة بالعقاقير اللازمة والتي تساعد على خفض ارتفاع الضغط.
والسؤال الآن ما هي أعراض ارتفاع ضغط الدم؟
لعله من العجيب ألا يحس الإنسان بأعراض لارتفاع ضغط الدم ويكتشف ذلك صدفة أثناء فحص الجسم أو لأسباب أخرى -أو أثناء الكشف على الشخص طبيًا ليستلم عمله أو ليؤمن على حياته وهنا ينبري سؤال آخر هل يخبر الطبيب المصاب بأن عنده ارتفاعًا في ضغط الدم أم يخفي ذلك إذ إنه من المعروف أن توتر الأعصاب وازدياد الاضطرابات النفسية يزيد من ارتفاع ضغط الدم. وفي رأيي أنه يجب أن يعرف المريض أن عنده ارتفاعًا في ضغط الدم حتى يهتم بنفسه ويستمر على العلاج ليتجنب المضاعفات. وهناك أعراض أخرى ربما يشكو منها المريض -كالتوتر العصبي أو الشعور بالتعب عند القيام بمجهود عضلي بسيط وصداع شديد وتأثر الذاكرة وعدم القدرة على التركيز وهي كما تلاحظ جميعها من الممكن أن تكون أعراضًا لأي أمراض أخرى فليس معنى أن كل إنسان يشكو من الصداع مثلًا عنده ارتفاع في ضغط الدم، ولكن إذا استمر فترة ولم يتحسن باستعمال المسكنات وجب على المريض أن يستشير طبيبه فلعل الضغط يكون مرتفعًا فيمكن أن يعالج منه مبكرًا.
وعلى الجانب الآخر نرى أناسًا يهملون أنفسهم أو أنهم يخافون من أن يقاس لهم الضغط ويهربون من ذلك علما بأنهم يشكون من أعراض كثيرة وهؤلاء لا يكتشف أن عندهم ارتفاعًا في الضغط إلا متأخرًا بعد أن يصابوا بمضاعفات في المرض.
المضاعفات
ولارتفاع ضغط الدم مضاعفات خطيرة إذا تركها ولم يعالج منها: -
أولًا -هبوط القلب: فالقلب أمام هذه المقاومة التي يقابلها يبدأ في التضخم وفي النهاية يهبط ولا يكفي ما يضخه من الدم لتغذية الجسم. واحتقان الرئتين وسرعة التنفس، بل وفي بعض الحالات الشديدة تعتريه نوبات شديدة من ضيق التنفس في الليل مما يضطره لأن يستيقظ من نومه مع سعال شديد يكون مصحوبًا بخروج رغوة من الصدر وفي بعض الحالات تكون مدممة.
ثانيًا -المضاعفات التي تحدث بالمخ من تصلب في شرايين المخ إلى انسداد في شريان المخ وما يصحب الجسم من شلل في الأطراف، وفي بعض الحالات تزداد الحال سوءًا ويحدث نزيف داخل المخ يؤدي إلى الوفاة.
ثالثًا -المضاعفات التي تحدث في الشرايين الأخرى كشرايين القلب وما يصحب ذلك من جلطة قلبية أو جلطة في شرايين أخرى في الجسم.
رابعًا -تأثر الكليتين: تضعف ولا يمكنها القيام بعملها على الوجه الأكمل مما يؤثر على أملاح الجسم المختلفة وارتفاع نسبة البولينا وفي النهاية يحدث هبوط في عمل الكلى مما يودي بحياة المريضة.
خامسًا -تأثر العينين وما يصحب ذلك من تصلب في الشرايين ونزيف داخل العين وضعف في قوة الإبصار تزداد بمرور الوقت، ويتضح جليًا أن المضاعفات شديدة وخطيرة وما أحوج مريض الضغط إلى أن يراجع طبيبه ويستمر على العلاج ليتجنب هذه الأخطار.
العلاج: -
العلاج يتلخص في نقطتين هامتين: -
١ -البحث عن السبب وعلاجه.
٢ -إذا لم يوجد السبب «كما هو الحال في معظم الأحيان» فإن العلاج لا بد أن يستمر مدى الحياة وتحت ملاحظة الطبيب.
أما الأسباب فكما أوضحتها والتي يمكن علاجها كالتهاب حوض الكلى، أو ضمور إحدى الكليتين، أو تضخم البروستاتا، أو أمراض الغدد الصماء هذه كلها من الممكن علاجها وإذا شفي منها المريض فإن ضغط الدم يعود إلى حالته الطبيعية أو أقرب إلى الطبيعي ولا يحتاج بعد ذلك للعلاج.
أما في ضغط الدم الذي لا تعرف له أسباب فالعلاج هنا محاولة إقلال المقاومة داخل الشرايين بإعطاء الأدوية التي تساعد على توسع الشرايين وهذا يستمر لفترة قصيرة، لذا إذا لم تؤخذ الأدوية باستمرار فإن ارتفاع ضغط الدم يعود إلى ما كان عليه.
ولما كانت بعض هذه الأدوية تسبب هبوطًا شديدًا في الضغط خصوصًا عند الوقوف وما يتبع ذلك من دوار واختلال التوازن والسقوط على الأرض لذا كان من الواجب أن يقاس الضغط والمريض مضطجع وواقف، فإذا كان الهبوط شديدًا وجب التخفيف من الأدوية ولا يكون ذلك إلا بأمر الطبيب. لذا كان التردد على الطبيب واجبًا لوصف الكمية اللازمة من العلاج.
ولما كان لبعض هذه الأدوية مضاعفات أخرى فإنه يتوجب على المريض مراجعة طبيبه للحيلولة دون وقوع هذه المضاعفات واكتشافها مبكرًا وعلاجها.
ولكيلا يختلط على المريض فإني أرى لزاما علي ألا أخوض في تسمية هذه الأدوية وأنواعها وأترك أمرها للطبيب لأن كل مريض يختلف عن الآخر. ولذا كان اختيار الدواء يختلف باختلاف المريض وتأثر المريض بهذا العلاج. والذي يهم أن يستمر المريض على العلاج ولا يسمع لغيره من المرضى بأن هذا الدواء أحسن من ذلك ما دام تحت رعاية طبيبه.
ونصائح أخرى لمريض ارتفاع ضغط الدم هو أن يتقيد قدر الإمكان عما يثير نفسه، ويقلق باله، وإذا تعرض لمثل هذه التغيرات وجب عليه أن يأخذ بعض المهدئات بعد استشارة طبيبه.
ثم يجب أن يقلع عن التدخين وإذا كان لا يمكنه ذلك فليكن من ٥-٦ سجائر يوميًا ويقلع أيضًا عن الشاي والقهوة أو يقلل منها بقدر الإمكان. ويعوض نفسه على أخذ وجبات غير دسمة حتى لا يتعرض للسمنة وبالتالي يزداد ضغطه. وإذا كان بدينًا وجب عليه أن يخفف وزنه باتباع الأكل الخاص. ثم يعطي جسده وفكره قسطًا وفيرًا من الراحة. فيستريح بعد الوجبات، ويأوي إلى فراشه مبكرًا ويأخذ عطلة آخر الأسبوع بعيدًا عن العمل ثم لا بد له من إجازته السنوية يقضيها بعيدًا عن الجو الذي يعيش فيه، ولا يرهق نفسه لأن كل ذلك يساعد على ارتفاع الضغط. من هذا يتضح أنه يجب على مريض ارتفاع ضغط الدم أن يعيش حياة معقولة في كل شيء ويتبع نصائح أطبائه بذلك يحافظ على مستوى طبيعي للضغط دون أن يعرض نفسه لمخاطر المضاعفات وبذلك يمكنه أن يحيى حياة هنيئة مثله كمثل الذين يعانون من هذا المرض.