العنوان أحمد باقر يجيب على سؤال المجتمع: ماذا قدم مجلس الأمة بعد مرور سبعة أشهر على افتتاحه؟
الكاتب خالد حمد السليمان
تاريخ النشر الثلاثاء 15-يونيو-1993
مشاهدات 9
نشر في العدد 1053
نشر في الصفحة 12
الثلاثاء 15-يونيو-1993
أحمد باقر: بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على "رسول الله - صلى الله عليه وسلم". في الحقيقة مجلس الأمة في نظري قدَّم الكثير؛ وذلك إذا أخذنا في عين الاعتبار الظروف التي جاء فيها المجلس وظروف البلد.
أولًا: قام المجلس بإلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات مثل قوانين مقيدة الجمعيات النفع العام التي كانت تبيح حل الجمعية وتعطيل نشاطاتها وتصفياتها دون حق اللجوء إلى القضاء... وكذلك القوانين التي صدرت بالنسبة للمحاكمات العسكرية ومجموعة من القوانين التي صدرت خلال فترة حل مجلس الأمة. وأيضًا قدم المجلس قانون نفخر به وهو قانون المال العام، وركز هذا القانون على ثلاثة محاور:
المحور الأول: تشديد الرقابة على إدارة المال العام بتشريعات ورقابة لاحقة، وإخطار كل مؤسسة تستثمر في "الكويت" إخطارات لاحقة عن كل عملية استثمار واي شركة تساهم بها الدولة بـ ٢٥ أو أكثر.
المحور الثاني: تشديد العقوبة على سرقة المال العام والعقوبات مشددة جدًّا.
والمحور الثالث: قانون المال العام أعطى صلاحيات هائلة للسلطة القضائية في أنها تلاحق المال العام المسروق، وتبطل أي تصرفات تمت فيه وبأثر رجعي.. مثل إنسان سرق من المال العام، ثم حول المبالغ إلى اسم زوجته وأولاده، للسلطة القضائية أن تبطل كل هذه التصرفات والبيعات وتعيد المال العام. هذا في الحقيقة قانون نفتخر به.
من إنجازات المجلس أيضًا أنه من يحضر الجلسات أو يقرأ الصحف يلاحظ أن المواطن العادي أصبح بإمكانه أن يطلع على كل ما يحدث في البلد: السياسة المالية، السياسة الأمنية، السياسة الاجتماعية، أعمال اللجان، تقصي الحقائق وما يدور فيها. المواطن الآن أصبح يتتبع كل صغيرة وكبيرة في البلد، ويشاهد هذا ضمن عملية ديمقراطية متكاملة الحريات، وهذا بحد ذاته مكسب كبير يجب ألا نتجاهله، ونركز فقط على المكاسب المادية. وأنا اعتبره مكسبًا من أهم المكاسب في الحقيقة، ولكن لنلقي نظرة على الظروف التي جاء بها المجلس، فالحقيقة أننا أورثنا مرحلتين... المرحلة الأولى تعطيل مجلس الأمة عن فترة تزيد عن ست سنوات.
والأمر الثاني ورثنا تركة احتلال مدمر.
المرحلة الأولى والثانية في الحقيقة أثروا على مجلس الأمة بدرجة كبيرة جدًّا، فالمرحلة الأولى تسببت بمشاكل كبيرة للبلد، وأضرب على سبيل المثال مشكلة المديونيات الصعبة كانت موجودة قبل الاحتلال،وجاء الاحتلال وعمق هذه المشكلة، وأضاف لها أبعاد كبيرة وخطرة جدًّا. هذه المشكلة ورثها مجلس الأمة. في مشكلات لم تكن موجودة، ولكن الاحتلال
أوجدها من مثل مشكلة الأسرى والمرتهنين.
هذه المشكلة التي تعاني مئات البيوت الكويتية الآن. هذه مشكلة أصبح لزامًا على مجلس الأمة أن يتعامل معها، ولا شك أن حلها بيد الله سبحانه وتعالى، ثم بظروف خارجة عن "الكويت" كلها، وليس فقط مجلس الأمة مثل تغير النظام العراقي، كذلك الوضع الدولي.. الخ، ولقد شكل مجلس الأمة لجنة خاصة للأسرى من أول يوم. وأيضًا من المشكلات التي كانت موجودة
قبل الاحتلال وجاء الاحتلال وكشفها وعراها. قضية الأمن، كنا نقول: الأمن ضعيف وخاصة الأمن الخارجي وخاصة الدفاع عن "الكويت"، وكنا نعتقد أنه لا يوجد خطر على "الكويت"، وأن "الكويت" قادرة على الدفاع عن نفسها، ولكن اتضح أن هذا غير صحيح، وجهات الأمن فيها خلل كبير جدًّا، وعلى ذلك قام مجلس الأمة على الفور بتشكيل لجنة تقصي الحقائق والهدف الأساسي من هذه اللجنة أن تدرس الأوضاع الأمنية، وكيف نرقى بالوضع الأمني في "الكويت"، بحيث يكون ما تتكرر كارثة الاحتلال، ولا يتكرر الاعتداء على أمن الكويتيين وعلى أعراضهم وأرواحهم وأموالهم، وهذا من صميم عمل لجنة تقصي الحقائق يجب أن نتابع كل ما يتعلق بالقضية الأمنية بما في ذلك عملية التسليح والتدريب وعملية شراء الأسلحة والاتفاقيات الخارجة التي عقدناها، وكل هذا منصب على مجلس الأمة، وكذلك ورثنا ٦٠٠ مرسوم بقانون من فترة الحل تتعلق بمختلف الأمور بالصحة والشؤون الاجتماعية والجنسية والمواضيع المالية ومواضيع الداخلية والدفاع ومواضيع التربية والتعليم.. كلها المجلس أعاد فيها الغالبية العظمى من هذه القوانين أعدنا فيها النظر، فوافقنا ما وافقنا عليه، ورفضنا ما رأيناه سيئًا. وكل هذا تم خلال الدورة الأولى من عمر مجلس الأمة؛ لذلك أستطيع أن أقول: إن الدورة الأولى استهلكت في هذه الأمور التي شرحتها، ولا شك أن المجهود الذي بذل كبير وهائل، واللجان في مجلس الأمة كانت تعمل ليل نهار، ونأمل بإذن الله أن تنتهي خلال الدورة الأولى من مشكلة المديونيات ومشكلة الإسكان وبعض القوانين المتعلقة بخدمات المواطنين مثل بنك التسليف، وأقساط السيارات، نأمل أن تنتهي في هذه الدورة. وأيضًا من الإنجازات التي نحسبها لصالح المجلس أننا تقدمنا بمشاريع قوانين بمنتهى الأهمية، وهي محتاجة فقط للوقت؛ حتى ترى النور في الدورة الثانية بإذن الله، وبمجرد تقديمها ومجرد إجماع الكتل السياسية عليها يعتبر مفخرة. الحقيقة مثل قانون استغلال القضاء وقانون محاكمة الوزراء، وهذه في الحقيقة من الأماني التي كنا ننادي فيها من أيام فترة حل مجلس الأمة الآن مقدمة.
وكذلك هناك مشاريع قوانين إسلامية جدًّا مهمة مثل مشروع قانون من أين لك هذا، ومشروع قانون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومشروع قانون إعدام تاجر المخدرات، ومشروع قانون الزكاة. فهذه مشاريع قوانين إسلامية موجودة الآن على جدول الأعمال، وإن شاء الله ترى النور قريبا جدًّا. وهناك مشاريع تتعلق بالتنمية مثل مشروع مجالس الأحياء الذي جعل الخدمات التنموية في كل منطقة بيد مجلس حي منتخب، وهذا بلا شك سيجعل مناطق الكويت تتنافس، الأوجه الجمالية في المناطق، وكذلك مشروع قانون هيئة الصناعة وهو حلم الصناعيين الكويتيين منذ فترة طويلة تزيد عن ٢٠ سنةً.
وهناك مشروع قانون المناقصات العامة، وهناك مشروع إنشاء جامعة الكويت - جامعة جديدة على أساس غير مختلط في جامعة "الكويت"، وهناك قانون التعليم العالي، قانون أعدَّه نخبة من الأساتذة بالتعاون مع أعضاء مجلس الأمة سيرى النور قريبًا بإذن الله. المقصد أن هناك قوانين جدًّا طيبة وجدًّا ممتازة، وهناك قوانين تتعلق بالأمن، قانون أمناء الشرطة، قانون المحكمة الدستورية، قانون الجنسية، ومتى ما ننتهي من هذه التركة الثقيلة سنبدأ بالقوانين الجديدة، وأقول مجرد تقديمها عبارة عن إنجاز ومجرد أن الجماعات السياسية كلها تقول لازم ننجز كذا، وكذا في الدورة الثانية هو بحد ذاته إنجاز، وأنا أعتقد أنها نظرة متفائلة ولكنني على ثقة إن شاء الله أن المجلس يسير بشكل سليم، ولا يحول دونه ودون الإنجاز الكبير إلا مجرد الوقت.
وهناك حقيقة أحب أن أذكرها وهي أن بعض الناس ما يفرق بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، ويعتقدون أن كل شيء يحدث في البلد من مسؤولية مجلس الأمة، فمثلًا: قد تقع جريمة فيقولون: أين مجلس الأمة؟ فأقول: إن مجلس الأمة ليس مخول لتعقب الجريمة، لكن المجلس إذا لاحظ أن الأوضاع الأمنية غير سليمة ممكن يسأل الوزير، فمجلس الأمة يراقب وينبه الوزير، ولكن إذا لاحظ أن هذه الوسائل غير كافية ممكن يسأل الوزير ويستخدم وسائل أقوى شرعها الدستور، وهناك فئة من الناس تعتقد أن الإنجاز هو ما يقدم ماديًّا، وهذا في حقيقة الأمر خطأ، وأنا سبق أن ذكرت أن مجلس الأمة والكويت تمر في ظروف صعبة ماديًّا، فزيادة الرواتب تمت قبل فترة بسيطة وإسقاط كثير من القروض، وأحب أن أوضح في هذا الموضوع أن هناك حالات حرمت، ويجب إنصافها فمثلًا من سقط القرض عن أخيه وهو لم يسقط عنه القرض. وهناك من سقط عنهم أقساط السيارات وغيرهم لم تسقط عنهم الأقساط، فهؤلاء يجب أن ينصفوا، ولكن أرجو أن لا يقاس على مجلس الأمة من الجانب المادي؛ لأن في ظروف بالبلد تحكم ككل ظروف مادية تحكمنا، ولكن مجلس الأمة مطالب أمانة وهذه قدمت فيها اقتراحات تبين إن شاء الله في نقاش الميزانيات أن لا تمر النفقات التبذيرية ولا تمر كثير من مظاهر الترف والمكافآت الزائدة عن الحد والسيارات وغيرها والتليفونات المحتكرة على كبار المسؤولين. هذه يجب أن تقف، نحن شعب واحد جزء يتعب ويضحي وجزء يعيش بنعيم وترف، لا يجوز هذا الأمر، في تنافس وفي كفاءات تشغل المناصب القيادية بدون أن نغريها بكل هذه الإغراءات التي ليست لها لزوم، ونحن في مجلس الأمة مقبلون على وضع حد لهذه التصرفات، وهناك إجماع بين النواب بأن النفقات والتكاليف بالتبذير وخاصة للقياديين يجب أن تنخفض، وتأكيدًا على إنجازات مجلس الأمة أناشد المواطنين بصفتي عضو في لجنة تقصي الحقائق ورئيس اللجنة الخماسية للتحقيق بتقديم الأدلة على الفساد أو أدلة على الخطأ، وبهذه الطريقة يحصل تكامل بين المجلس والمواطنين، وينحصر كلام الناس بالدواوين، وإذا طلبنا شهادته في المجلس لا يتقدم بالشهادة لا نريد ذلك. فالمواطن رقيب والمجلس رقيب والحكومة كذلك رقابة ذاتيًّا، والمواطن يستطيع أن يقترح قوانين عن طريق عضو مجلس الأمة، والمواطن يستطيع أن يدرس القانون ويبين فوائد وعيوبالقانون الحالي، ويطلب تصليحه أو تعديله أو إنشاء قانون جديد، وذلك عن طريق أحد أعضاء مجلس الأمة الذين هم نواب عن الشعب
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل