الثلاثاء 30-مايو-1972
مجلة الأسرة
تقدمها: «أم ابتهال»
مذكرات زوجة
«17» الصداق ربع دينار
· لكن هذه الكلمات الدافئة التي حاول بها أبي أن يجعل منها حمامًا مهدئًا لثورة
أمي وانفعالاتها وهذا البيان السخي في إيضاح أسباب العجلة والتسرع، لم يمنعا الوالدة أن تسترسل فيما يدور بذهنها: هل اتفقتم على المهر؟ وكم استعد له من الآن؟ وما قيمة المؤجل؟
ولقد شدهني أنا الأخرى في أول الأمر هذا الموقف العجيب من أبي، إذ رأيته يجيب عليها في هدوء غير عادي: نعم.. اتفقتا.. اتفقنا على أن يكون المهر ربع 1/4 جنيه «دينار» عاجله وأجله.
ـ فصاحت أمي وهي تذرف الدمع الهتون: وحسرتاه، بينما أبي مسترسل في حديثه غير تارك لها فرصة المناقشة: يا أم «...» أن الزواج ليس صفقة تجارية على متاع مادي تظهر فيه براعة المساومة... وإلا أصبح الإعلان عن مناقصات الزواج لبنت فلان وفلان أكبر مصدر لربح الإعلانات في الصحف والمجلات.
وإنما هو ميثاق مصاهرة وعقد نسب.
ـ إن الزواج يا أم «...» ليس مناسبة لاستعراض القدرات والإمكانيات والتباهي بما دفع فلان وانفق فلان وإنما هو مناسبة كريمة لإعطاء الأبرار إمكانية الاستقرار وإسعاد النفوس عن طواعية واختيار بلا تکلف وإجهاد.
إن الزواج يا أم «...» ليس ساحة عرض تظهر فيها قيمة المعروضات بما وضع عليها من أثمان قابلة للتخفيضات والمساومات وإنما هو ساحة تظهر فيها أقدار الناس بأخلاقهم وتسامحهم، وثقتهم في بعضهم، وإيمانهم بأخوتهم الإسلامية التي تدنى الغنى من الفقير، وتقرب الفقير إلي الغني ولتوضيح هذا المعنى في نفوس البشر، حينما ذكر الله سبحانه وتعالى عقد الزواج لم يذكره بكلمة عقد، ارتفاعًا به عن مستوى العقود المادية فيما اعتقد فقال: ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾ (سورة النساء: 21).
یا عزيزتي: لقد عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم زواج أحد أصحابه على ما معه من القرآن الكريم.. هل تعرفين كم كان صداق ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين من علي بن أبي طالب؟ لقد كان صداقها درعة الحطمية! ولذا قال عليه السلام: التمسوا ولو خاتمًا من حديد! فأين ابنتنا من بنت النبي: وأين «احمد» من علي؟ وأين أنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم «وأين أنت من أم المؤمنين خديجة بنت خويلد»
هوني الأمر عليك، واعلمي أننا نحاول أن نسن بسنة السلف الصالح لعلنا نبلغ منزلتهم عند الله وليبارك الله خطواتنا.
· وتحاملت أمي على نفسها، وتغالبت على الصراع الدائر في داخلها ثم قالت: ماذا سيعد لها من جهاز؟ وهل هذا الوقت كاف لتأثيث البيت؟
الأمر متروك إليه يا عزيزتي فالجهاز لبيته، والأثاث لداره، وما يرضاه لنفسه لابد أن نرضاه نحن، والمحلات ملأي بكل مطلوب معد وجاهز ولا ضير أن يستكمله بعد بنائه بابنتنا ويتعاونان سويًا في الذوق والاختيا وبالمناسبة لقد قرأت فيما أخرجه الإمام النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهز فاطمة في خميل أي توب له خمل ووبر من أي شيء، وقربة للماء ووسادة حشوها نبات طيب الرائحة يسمى الأذخر، يسرى يا أم «...» فخير النكاح أيسره ثم وجه كلامه لي:
ألست راضية بذلك يا ابنتي؟
· وطأطأت رأسي، ولم انطق بكلمة واحدة، فقد كنت مشدوهة بالحديث، ولم
أكن أتصور الوضع بما حدثنا به أبي، بل كثيرًا ما كنت أسرح بخيالي فيما سيدفعه العريس من مهر يكون ملكًا لي أتصرف فيه كيفما أشاء من ملابس وحلي دون أن أكلف أهلي شيئًا والأثاث الذي سأختاره من حجرات متعددة على أحسـن طراز «والديكور» الذي سأزين به منزلنا، شأن قريباتي من بنات حواء!
لكن الحديث الذي دار بين أبي وأمي أمامي ذهب بأحلامي أدراج الرياح.
«ك. أ. ع»
تأملات في حديث
• روى البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخادم مثل ذلك، لا ينتقص بعضهم من أجر بعض شيئًا».
· صدقت يا رسول الله، وبررت، ونصحت الأمة، فجزاك عنا خيرًا..
كأني بك تمسك زمام نفوسنا أن تغوى وتهوى في أتون شهواتها، التي تحرق أموالها بيديها!! أليست المرأة التي تعد الطعام صنوفًا متعددة تزيد عن حاجة الأسرة أو ضيوفها لتلقى بقاياه في سلال القمامة «الزبالة» مفسدها؟! أليست المرأة التي تجهز مائدة ضيوفها متباهية بالكثرة والتنوع لتتركه بعد ذلك ليفسد «ليحمض» مفسدة؟ أليست المرأة التي لا تفقد حسن التقدير للطعام من حيث الكم والكيف مفسدة؟! أليست المرأة التي لا تجيد حفظ الطعام في «التلاجات» أو الغليان وتتركه ليتلف مفسدها؟
إن فن إعداد الطعام بالقدر الكافي فن إسلامي، وأن المهارة في حفظه من غير تلف مهارة إسلامية، ثم أن الإسراف فيه حرام، والتسبب في تلفه حرام أيضًا. فاحذري يا أختاه المسلمة، أن تقعي في الحرام «فالمؤمنة كيسة فطنه».
الإنفاق من الطعام للجيران والفقراء عادة إسلامية حسنة تشعر بالمودة، وتكون شكرًا لله سبحانه الرزاق، وسبيلًا إلى متوبة الله، ورجاء في البركة والزيادة﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ ﴾ (إبراهيم : 7) فلا تحرمي جيرانك والمعوزين من فضل الله سبحانه.
• واذكري يا أختاه أن الإنفاق من أموال الأسرة ولو في صدقة وبر، يحتاج إلى موافقة رب الأسرة ورضائه.. وحينئذ يكون له أجره، ولك أجرك، وللخادم الذي طهى أو قدم أو حمل أجره! لا ينقص أجر أحدكم من أجر الآخر شيئًا، شكرًا أن الرحمة والمثوبة عند الله سبحانه وتعالى واسعة، فهل تعاهديني يا عزيزتي أن نجعل من هذا الحديث إحدى مواد الدستور المنزلي، ونتعاهد سويًا على أن تأخذ مكانها في التطبيق والتنفيذ؟
فهل تعاهديني يا عزيزتي أن نجعل من هذا الحديث إحدى مواد الدستور المنزلي، ونتعاهد سويًا على أن تأخذ مكانها في التطبيق والتنفيذ؟
الرسول وزوجه في سباق
· يا لروعة هذا الإنسان الجليل في منزلته، السامق في مكانته، حينما يتصوره
المرء وهو في طريقه لحومة الوغى على رأس جنده قائدًا مرهوب الجانـب عزيز المنزلة وهو يعطيهم درسًا عمليًا في الحياة الأسرية وضرورة أن تقوم على أسمى معاني المحبة والمودة، ها هي زوجه عائشة رضى الله عنها تقول :
خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم «أي كانت نحيفة آنذاك» فقال صلى الله عليه وسلم للناس: تقدموا، فتقدمنا، ثم قال: تعالي حتى أسابقك! فسبقته فسكت، حتى إذا حملت اللحم «أي سمنت» وكنا في سفرة أخرى قال صلى الله عليه وسلم للناس: تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك! فسابقته، فسبقني! فجعل يقول: هذه بتلك.
· فهل يعي هذا بعض من العسكريين المسلمين وأصحاب الأعمال الذين يحسبون
المنزل ميدانًا أخر للأمر والنهي وعلو الصوت؟ وهل يفهم هذا بعض الرجال الذين يلبسون مسرح الجد في خارج المنزل وداخله، ويتقمصون شخصية أبعد ما تكون عن نهج الرسول صلى الله عليه وسلم؟
· وهل يدرك الآباء والأزواج الذين يصنعون بأيديهم حاجزًا كثيفًا من القسوة والتجهم مع زوجاتهم وأولادهم أنهم ضلوا عن هدى الرسول صلى الله عليه وسلم؟
· هذا رسول الله كان في سفر إلى غزوولم یکن لنزهة أو ترويح ومع ذلك
لا ينسى أهله وحظهم من الترويح والسرور.
· ما أتعس هؤلاء الذين يتزمنون بالجد في غير موضعه، ووضع الكلفة وافتعال
الوقار في غير مكانهما حتى تسببوا بجهلهم في فشل الحياة الزوجية والأسرية، إنها تقاليد بعيدة عن الإسلام وروحه ومنهجه، مهما أضفوا عليها من أردية ولبسوها من ثياب.
عائشة عليان– الرابطة النسائية الإسلامية– طرابلس– لبنان
كيف وأد ابنته؟
· روي أن رجلًا من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام كان جالسًا مهمومًا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له: «مالك محزون؟»، فقال: «يا رسول الله: إني أذنبت ذنبًا في الجاهلية، وأخاف ألا يغفر الله لي حتى بعدما أسلمت!»، فسأله الرسول عن ذنبه فقال: «لقد كنت ممن يُؤَدُّون بناتهم وقد ولدت لي بنت فأردت قتلها لكن أمها تشفعت إلي وطلبت مني تركها فتركتها حتى كبرت، وصارت من أجمل النساء وجاء من يخطبها، فلم يحتمل قلبي أن أزوجها فاحتلت على أمها بأني سأصحبها لزيارة قبيلة كذا من أقربائها، ففرحت الأم وزينت ابنتها بأحسن الثياب، وأخذت على المواثيق ألا أخونها فيها، فذهبت بها إلى بئر ونظرت فيه وإليها، فأدركت أني قاتلها، فالتزمتني وجعلت تبكي وتضرع إلي أن أتركها، فرحمتها، ولكن عندما تذكرت زواجها عزمت قتلها، فلما أمسيت بها، قالت لي بصوت لا يزال صداه في أذني: «يا أبت لا تضيع أمانة أمي، لا تقتلني، أنا ابنتك، وأخيرًا غلبني الشيطان فألقيتها في البئر، ولم أبرح المكان حتى انقطع صوتها وخمدت أنفاسها».
· أليس ذلك اتفاقًا مع أفكار رجال الدين -غير المسلمين- في بعض العصور؟ إنها أحبولة الشيطان ولا تدخل الجنة؟
أين هذا من رحمة الإسلام بها وعد كرمها وأجزل مثوبتها من ربها كرمها بقوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (سورة النحل: 97).
وأجزل المثوبة بقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة».
· شكاوى من رئيسة الهيئة التمريضية بوزارة الصحة
· وصلت المجلة شكاوى من رئيسة الهيئة التمريضية بوزارة الصحة خلاصتها:
إنها وضعت نظامًا للدوام من 7 صباحًا حتى الثانية بعد الظهر، ومن الثانية حتى العاشرة مساءً، ومن العاشرة مساءً حتى السابعة صباحًا، بعد أن كان الدوام من 1:7، 7:1، من 7 : الصباح. وكان دوام المساكن حتى الساعة الثامنة مساءً. وكل موظفة تدخل السكن بعد هذا الموعد تعرض نفسها لأقسى العقوبات.
• والشكاوى تعترض بأن هذا الدوام الجديد يحرم المتزوجات من رؤية أولادهن تمامًا، حيث لا يصلن إلى بيوتهن إلا بعد العاشرة مساءً، وكيف تمنح أولاد الناس العطف والرعاية من حرمتها رئيسة الهيئة التمريضية من رعاية أولادها؟ وكيف تذهب البنات إلى سكنهن في هذا الوقت المتأخر من الليل؟
إن هذا النظام يفتقر إلى الإنسانية والرعاية الأخلاقية، فهل يعيد المسؤولون في وزارة الصحة النظر فيه؟
• وشكاوى أخرى من تدريس اللغة الإنجليزية إجباريًا على الممرضات فإذا كان من حق رئيسة الهيئة التمريضية رفع مستواهن الثقافي، فالأجدى أن يكون البرنامج معدًا من الجانب التخصصي حتى يفيدن منه ولا يكون عبئًا آخر يضاف إلى متاعبهن.