; مراكز التجسس الإسرائيلية الرسمية في دول العالم الإسلامي | مجلة المجتمع

العنوان مراكز التجسس الإسرائيلية الرسمية في دول العالم الإسلامي

الكاتب أحمد منصور

تاريخ النشر الثلاثاء 18-مايو-1993

مشاهدات 4

نشر في العدد 1050

نشر في الصفحة 27

الثلاثاء 18-مايو-1993

·       إسرائيل تقيم في جزيرة دهلك الإريترية أحدث مركز تجسس إسرائيلي في قلب العالم الإسلامي

 

الاختراق الذي تقوم به إسرائيل لدول العالم الإسلامي لم يعد يقف عند حد الجاسوسية أو استقاء المعلومات عن طريق العملاء، وإنما أخذ بعدًا جديدًا يتمثل فى وجود مراكز تجسس رسمية ترفع العلم الصهيوني - أو لا ترفعه - على أجزاء متفرقة في دول العالم الإسلامي تعمل بشكل رسمي وبصفة دبلوماسية أو أكاديمية، وأصبحت العواصم العربية أو الإسلامية التي لا تستطيع إسرائيل أن تضع فيها موطئ قدم رسمي أو غير رسمي، ترصد التحركات والأحداث فيها بالصوت والصورة من أقرب مركز تجسس تقيمه إسرائيل للمعلومات والرصد، فعلاوة على سفارات الكيان الصهيوني المفتوحة رسميًا فى كل من القاهرة وباكو عاصمة أذربيجان وبيشكيك عاصمة قيرغيزستان، تعد إسرائيل الآن لافتتاح سفارتها في كازاخستان أكبر الجمهوريات الإسلامية فى آسيا الوسطى.

وفي السادس من مايو الجاري نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن وزير الخارجية الأسترالي غاريث إيفانز بأن بلاده حثت دول جنوب شرق آسيا المسلمة وبينها ماليزيا وإندونيسيا وباکستان على الاعتراف «بإسرائيل»، وتبادل العلاقات الدبلوماسية معها، وأضاف إيفانز أن «أستراليا تعمل بدبلوماسية هادئة بهذا الشأن منذ قرابة ثلاث سنوات وقد كنا نلبي طلب الحكومة الإسرائيلية التي تحاول إقامة علاقات مع البلدان الآسيوية المسلمة».

وتدور الآن مفاوضات في واشنطن وجنيف لترتيب افتتاح سفارات «مراكز تجسس واختراق» لإسرائيل في كل من بيروت ودمشق وعمان لتكون هذه خطوة لسفارات إسرائيلية يتم الإعداد لإقامتها في دول عربية وإسلامية أخرى.

وفي بعد آخر لتحركات إسرائيل في اختراق العالم الإسلامى من العمق الأفريقي، طفت على السطح فجأة في أواخر يناير وأوائل فبراير الماضي (1993) أبعاد العلاقة الحميمة بين إسرائيل وإريتريا حينما قام أسياس أفورقي الرئيس الحالي للحكومة الإريترية بزيارة إلى إسرائيل بدعوى العلاج من الحمى الدماغية استغرقت ثلاثة أسابيع، علق عليها شمعون بيريز وقتها قائلًا: «لقد كسبنا صديقًا مهمًا لإسرائيل فى منطقة البحر الأحمر»، ثم قام أفورقى بزيارة أخرى في نفس الفترة إلى إسرائيل تمت خلالها ترتيبات واتفاقيات مختلفة ظهرت آثارها في الأسبوع الماضي حينما نقلت صحيفة «الحياة» التي تصدر في لندن عن مصادر دبلوماسية غربية بأن جزيرة دهلك الإريترية قد أصبحت قاعدة تجسس إسرائيلية على الدول الإسلامية في المنطقة لا سيما السودان، وأن هناك تعاونًا أمنيًا بين الحكومة الإريترية المؤقتة وإسرائيل ترعاه الولايات المتحدة.

وكشفت المصادر الدبلوماسية أن عددًا كبيرًا من الخبراء العسكريين الإسرائيليين وصل تباعاً إلى دهلك حيث يوجد مطار بناه السوفيات هناك في السبعينات، وعن الأهمية الاستراتيجية لدهلك يقول خبراء عسكريون إنه في إمكان أجهزة رصد تقام فيها أن تراقب معظم المنطقة العربية خصوصًا الدول الواقعة على البحر الأحمر.

ونقلت الصحيفة عن مصادرها بأن مركز التجسس الإسرائيلي الجديد عبارة عن طائرة حطت على أرض الجزيرة منذ شهرين - أي بعد زيارة أفورقي الثانية مباشرة لإسرائيل -  وطليت بنفس ألوان طلاء طائرات «ميج» الإثيوبية المقاتلة التي غنم الإريتريون بعضًا منها، وإن إمكانات التجسس الهائلة التي تتمتع بها هذه الطائرة تمكنها من رصد تحركات دقيقة عبر دائرة يبلغ قطرها عدة مئات من الكيلو مترات بحيث تستطيع أن ترصد ما يدور في الخرطوم، ومن ثم مناطق أخرى تريد  أن تصل إليها إسرائيل بأي ثمن.

 وفي المقابل فقد كانت إسرائيل من أوائل الدول التي أعلنت اعترافها باستقلال إريتريا، وأكد شيمون بيريز وزير الخارجية الإسرائيلي أن اسرائيل ستفتح سفارة لها في إريتريا حينما تعلن استقلالها رسميًا فى 24 مايو الجاري، كما أعلن مسؤولون فى الحكومة الإريترية المؤقتة أنهم سيطلبون من إسرائيل مساعدتهم فى مجال الزراعة والري، وأكد مسؤولون اسرائيليون تجاوبهم مع طلب إريتريا التي تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة، إذ علاوة على عشرات الجزر التي تملكها قبالة سواحلها فإن شواطئها على البحر الأحمر تمتد مسافة ألف كيلو متر.

  لقد أصبحت جزيرة دهلك مركزًا جديدًا من مراكز التجسس تضيفه إسرائيل إلى مراكز تجسسها المنتشرة فى طول العالم الإسلامي وعرضه، ولكن الأمر لن يقف عند حد إريتريا وجزيرة دهلك فرئيس وزراء إثيوبيا لاين تاميرات بدأ زيارة لإسرائيل فى التاسع من مايو الجاري، وأكد شمعون بيريز وزیر الخارجية الإسرائيلي فى أعقاب استقباله أنه بإمكان إثيوبيا أن تلعب دورًا هامًا لدى الدول المطلة على البحر الأحمر، وسيتم خلال الزيارة التوقيع على اتفاقية (تعاون) بين إسرائيل وإثيوبيا ستكشف الأيام القادمة عن تفصيلاتها، كما كشفت عن اتفاقية التعاون التي وقعها أفورقي مع إسرائيل في فبراير الماضى.

 وفيما تمرح إسرائيل في طول العالم الإسلامي وعرضه فتفتح سفارة هنا ومركزًا رسميًا للتجسس هناك، أصبح من الواضح أن معظم دول العالم الإسلامي قد نفضت يدها من عملية المواجهة مع إسرائيل، وتفرغ بعضها لتحقيق حلم «إسرائيل» بالقضاء على الصحوة الإسلامية، فيما دخل آخرون في مفاوضات ستكون «إسرائيل» هي الرابح الأول والأخير من ورائها، فيما يستعد فريق ثالث لأخذ دوره في جولات قادمة من لعبة المفاوضات وتقدير حجم التنازلات التي سيقدمونها لإرضاء شامير وبيريز.

فإلى متى سيستمر هذا الهرج على ساحتنا العربية والإسلامية؟ وإلى أي عمق ستنفذ إسرائيل سهامها في قلب العالم الإسلامي؟

الرابط المختصر :