; مسائل ومشاكل: الماء الذي يتطَّهر به المسلم | مجلة المجتمع

العنوان مسائل ومشاكل: الماء الذي يتطَّهر به المسلم

الكاتب د. عمر سليمان الأشقر

تاريخ النشر الثلاثاء 09-مارس-1971

مشاهدات 48

نشر في العدد 50

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 09-مارس-1971

 المسلم مطالب بأداء الصلاة ومفتاح الصلاة الطهور فلا بد لمن أراد الصلاة من الغسل من الجنابة إن كانت، ولا بد له من الوضوء متى وُجدت أسبابه ولا بد له من الطهارة من النجاسات وكلّ ذلك يكون بالماء إذ هو الأصل؛ ولذلك وجب على المسلم أن يعرف الماء الذي يجوز له أن يتطهَّر به غسلًا ووضوءًا وإزالة للنجاسة والماء الذي لا يجوز أن يستعمله في ذلك.

الماء الصالح للطهارة:

هو الماء الذي يُسمَّى ماء مُطلقًا كماء العيون وماء الآبار وماء الأنهار وماء المطر ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾، ﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ﴾، وفي ذلك الثلج والبرد وقد كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم فيه «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» ويدخل في النوع أيضًا ماء زمزم وما ادَّعى البعض من كراهة التوضؤ والغسل منه غير صحيح، رُوِىَ علي عليه السلام «أنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم دعا بسجل من ماء زمزم فشَرب منه وتوضَّأ به» أخرجه أحمد، ومن ذلك الماء الذي قد استعملناه في الوضوء والغسل فهو ماء طهور لقوله صلَّى الله عليه و سلَّم «إنَّ الماء طَهورٌ لا ينجِّسه شيء، والمؤمن لا ينجس».

الماء غير الصالح للطهارة:

وهو قسمان: قسم خالطه طاهرة فغيَّره كالشاي والقهوة والحبر ومرق اللحم والمشروبات مثل «الكند دراي» ونحوها فهي وإن كانت طاهرة إلَّا أنَّه لا يُطلَق عليها اسم الماء منفردًا، أمَّا إن كان ما خالط الماء بغيره كقليلٍ من الشاي أو كان ممَّا لا يختلط بالماء كماءٍ وُضِعَ فيه قمحٌ أو عدسٌ أو فولٌ من غير طبخ فالماء صالح للطهارة.

القسم الثاني غير الصالح للطهارة «الماء النجس»..

متى يكون الماء نجسًا:
نستطيع القول إنَّ هناك قسمًا اتفق العلماء على نجاسته إذا لاقته النجاسة، وقسمًا اتفقوا على طهوريَّته إذا لاقته النجاسة، وقسمًا اختلفوا فيه.
فالقسم المتّفق على نجاسته: الماء الذي لاقته نجاسة فغيَّرت طعمَه أو لونَه أو ريحَه كثيرًا كان أم قليلًا، والمتّفق على طهوريَّته: الماء الكثير إذا لاقته النجاسة فلم تُغيِّره، والمُختلَف فيه: الماء القليل إذا لاقتـه النجاسة ولم تُغيِّره، والصحيح أنَّه ماء طهور لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «الماء طَهور لا ينجّسه شيء» قاله لمن سأل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يُلقى فيها الحيص ولحوم الكلاب والنتن، فقال صلى الله عليه وسلم: «الماء طَهور لا ينجّسه شيء» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصحَّحه الإمام أحمد وهو صحيح بمجموع طرقه، وبذلك تكون القاعدة أنَّ الماء قليلًا كان أم كثيرًا لا يكون نجسًا إلَّا إذا تغيَّر بالنجاسة، والماء المتغيِّـر بالنجاسة مُجمعٌ على نجاسته نقل الإجماع غير واحد من العلماء.

الماء الفاضل في شرب الآدمي وغيره:

إذا فضل ماء من آدمي سواء كان مؤمنًا أم كافرًا، رجلًا أم امرأة، حائضًا أم غير حائض، وسواء أكان الإنسان جنبًا أم غير جنب وسواء أكان المتبقّي من الماء متبقيًّا من شرب أم من غسل فهل يجوز للمسلم أن يتطهَّر منه؟ وما حكم المـاء المتبقّي من شرب الحيوان؟
أمَّا المتبقّي من الآدمي سواء كان مؤمنًا جنبًا رجلًا أم غير ذلك فهو صالحٌ للطهارة إذ لا دليلَ على النجاسة وقد أحلَّ الله لنا طعام أهل الكتاب، وكان المسلمون يأكلون من طعام اليهود ويضيّفونهم، وكانت وفود الكفار ترِد على المسلمين وتأكل من طعامهم، وقد ربط الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ثمامةً في سارية المسجد ثلاثة أيام وكان كافرًا يشرب من آنية المسلمين، ولم ينقل لنا ما تبقّى من شرابه وطعامه كان يُلقَى ولا يستفيد منه المسلمون.
 أمَّا الحائض فقد ثَبُتَ أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُخالط نساءه وهنّ حيض وكانت المرأة الحائض تعمل عمل المنزل من طبخ وغيره، بل روَت لنا عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم أنَّها كانت تشرب وهي حائض فتناوله الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيضع فاه على موضع فاها: أي يشرب من المكان الذي شربت منه. وكانت تتعرّق العرق أي تأكل ما عليه من اللحم، فتناوله الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيضع فاه أيضًا على موضع فاها: أي يأكل من المكان الذي أكلت منه. روی الحديث مسلم وغيره وفي صحيح مسلم أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «اصنعوا كل شيء إلَّا النكاح» أي مع الحائض، وقد كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يغتسل بفضل ميمونة، روى ذلك مسلم وأحمد وعن ابن عباس أنَّ بعض أزواج النبي اغتسل في جفنة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضَّأ منها أو يغتسل فقالت له: يا رسول الله إني كنت جنبًا فقال: «إن الماء لا يجنّب» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وقال حديث حسن صحيح. وعن أم سلمة إنّها كانت تغتسل مع رسول الله من إناء واحد من الجنابة، روى ذلك البخاري ومسلم.

الماء الفاضل من الحيوان:

أمَّا الماء المتبقِّي من شرب كلب فهو نجس لا يجوز التطهير به ولا الاستفادة منه لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم «إذا وَلَغ الكلبُ في إناء أحدكم، فليُرقِه ثم ليغسله سبع مرات» رواه مسلم وأحمد. ومعنى وَلَغ: إدخال الكلب لسانه في الماء وتحريكه شرب أم لم يشرب، وفي بعض روايات الحديث «إحداهن بالتراب».

أمَّا بقيَّة الحيوانات فإنْ كانت مأكولة اللحم فليس هناك خلاف في طهوريّة الماء المتبقّي من شربها، فإن كانت غير مأكولة اللحم فالصحيح أنَّ ما أبقته طَهور، لحديث عائشة أنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يصفي إلى الهرّة الإناء حتى تشرب ثم يتوضّأ بفضلها.

وقال فيها الرسول أيضًا «إنّها ليست بنجس، إنّها من الطوَّافين عليكم والطوَّافات» قال الترمذي فيه حديث حسن صحيح.

وسُئِلَ الرسول صلّى الله عليه وسلّم «أنتوضأ بما أفضلت الحُمر؟  قال: نعم وبما أفضلت السباعُ كلّها» أخرجه الشافعي والدار قطني والبيهقي في المعرفة، وقال له أسانيد إذا ضمّ بعضَها إلى بعض كانت قوية.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 56

62

الثلاثاء 20-أبريل-1971

تبسيط الفقه (56)

نشر في العدد 1345

44

الثلاثاء 13-أبريل-1999

بريد القراء.. عدد 1345

نشر في العدد 1403

41

الثلاثاء 06-يونيو-2000

صحة الأسرة (العدد 1403)