; مطالعات في الأخبار (العدد 594) | مجلة المجتمع

العنوان مطالعات في الأخبار (العدد 594)

الكاتب إحسان السيد

تاريخ النشر الثلاثاء 09-نوفمبر-1982

مشاهدات 11

نشر في العدد 594

نشر في الصفحة 24

الثلاثاء 09-نوفمبر-1982

المؤسسات الأمريكية والجماعات الإسلامية

الاتفاقية اليمنية العمانية

المضحك المبكي!!

عصمت السادات.. والسرقة في وضح النهار

والولاء الشرق وغرب

بقلم د. إحسان السيد

. ما مغزى اهتمام المؤسسات الامريكية بالجماعات الإسلامية؟

. الوفاق بين اليمن الجنوبي وعمان .... واختلاف الولاء!

. الخلاف بين رئيس عدن والسلطان قابوس خلاف بين نظامين لا شعبين

. بين ما يسرق ليأكل من جوع.. ويسرق الملايين في وضح النهار...

أكد الدكتور أحمد خليفة رئيس المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لجريدة «القبس» أن أحد الباحثين في المركز قام بنشر عدة دراسات عن الجماعة الإسلامية في مصر في المجلات الأمريكية، وقدم أوراقًا بحثية عنها إلى المؤتمرات الدولية، كما ألقى بعض المحاضرات عنها في الجامعات الأمريكية، وأضاف الدكتور خليفة أن هذه الدراسات والبحوث سرية للغاية ويحظر نشرها أو التحدث عنها مهما كانت الأسباب!

وقال: إننا نبحث الآن عن ضمان لعدم تسرب مثل هذه الدراسات والمعلومات إلى خارج البلاد، وبخاصة أن هناك سؤالًا مهمًا لا نجد إجابة

عليه: ما هو مغزى اهتمام المؤسسات الأمريكية بالجماعات الإسلامية...؟

إذا كان الدكتور أحمد خليفة لا يجد إجابة على سؤاله الأخير، فإننا نتطوع لإجابته عنه فلبين مغزى اهتمام المؤسسات الأمريكية بالجماعات الإسلامية؟

هناك حقيقة، نذكرها ونعيدها، وهي أن اليهودية العالمية التي تشرف على تلك المؤسسات، والصليبية الدولية التي لها مراكز ناشطة في أمريكا، تدركان جيدًا أن الخطر الوحيد عليهما، وخصمهما القوي الذي لا تتمكنان منه هو الإسلام، الإسلام الذي ينتقل من الكتب إلى العقول، الإسلام الذي يتمثله الشباب في سلوكه وحياته، ويصبح همه وهدفه، هذا الإسلام هو الذي يخيف أعداءنا ويتأبى على خططهم ومكائدهم، وهو الذي يَحُول دون اكتمال غزوهم الثقافي والاجتماعي لنا.

فإذا عرفنا هذا وأدركناه، فهل نجد صعوبة في الإجابة على السؤال الذي لا يجد له الدكتور خليفة جوابًا؟؟

إن الجماعات الإسلامية التي ترسل التقارير والدراسات عنها إلى تلك المؤسسات، هي الهدف الحالي للمؤسسات اليهودية والصليبية، إنها -المؤسسات- تريد أن تعرف كل شيء عن الجماعات الإسلامية: أعدادها - مناهجها - مستويات أتباعها - وظائفهم - نظرة الناس إليهم وموقفهم منهم - وغير ذلك من المعلومات التي تساعدها على معرفة أين يكمن مقتل هذه الجماعات؟ كيف يمكن إضعافها؟ ما السبيل إلى الإيقاع بين أتباعها؟ أية وسيلة تفرق صفوفها؟ وهكذا.

«لعلنا أجبنا على السؤال» ولعل الحركة الإسلامية تعِي الخطر المحدق

بها، وتحذر كيد أعدائها المتربصين بها، فترص صفوفها، وتخلص عملها، وتتقي ربها فيترك أبناؤها كل شقاق.

الوفاق بين اليمن الجنوبي وعمان .... واختلاف الولاء!

اليمن الجنوبي وسلطنة عمان، وقَّعتا في الكويت اتفاقية لتطبيع العلاقات بين البلدين، بعد مداولات بدأت منذ أشهر، وجاء في البيان الصحفي المُعلَن «تنفيذا للرغبة المشتركة لكل من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وسلطنة عُمان في تدعيم العلاقات الثنائية بينهما، وإزالة جميع أسباب الخلاف، وفتح صفحة جديدة من العلاقات تُضفي مزيدًا من الأمن والاستقرار والتعاون بينهما، وللمنطقة بصفة عامة، فقد تمت عدة اجتماعات على مستوى الخبراء». «وكانت ثمرة هذه المداولات الأخوية التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ بين الأطراف المعنية».

لا شك في أن الوفاق خير من الخلاف وجمع الكلمة خير من تفرقها، ولا شك أيضًا في أن الكويت بذلت جهودًا كبيرة للوصول إلى هذه الاتفاقية التي لم تعلن بنودها بعد....

ولكننا نريد أن نسأل: لماذا كان هذا الخلاف بين البلدين في الأصل؟ وهل تلغِي هذه الاتفاقية أسباب الخلاف بينهما، وهل يمكن أن يستمر هذا الوفاق الجديد زمانًا طويلًا؟

لعل حقيقة أسباب الخلاف بين البلدين هو في اختلاف ولاء كل منهما، فاليمن الجنوبي «عدن» موالية للاتحاد السوفييتي، ويحكم نظامها البلاد وفق العقيدة الشيوعية، في حين أن سلطنة عمان توالي الولايات المتحدة الأمريكية، ونظامها نظام يميني رأسمالي.

ولقد أدى ولاء كل من البلدين إلى تواجد عسكري أمريكي في عمان وتواجد عسكري روسي في عدن، كما ارتبطت عُمان باتفاقية تسهيلات مع أمريكا، وارتبطت عدن باتفاقية صداقة مع روسيا، ومما يذكر هنا أيضًا أن اليمن الجنوبي ليس لها علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة وعمان ليس لها علاقات دبلوماسية مع روسيا!!

في حقيقة الأمر، إذن ليس هناك خلاف بين شعبي عدن وعُمان، فكلاهما شعب عربي مسلم، إنما الخلاف هو خلاف نظامين تابعين لشرق وغرب، نظامين يخدم كل منهما معسكرًا يريد أن يجعل من هذه الأرض العربية المسلمة قاعدة عسكرية له، وحليفًا يشق له الأمة المسلمة الواحدة، ويبذر فيها بذور الشقاق الدائم، ويعمل باستمرار على تغيير ولاءات أبنائها من الإسلام إلى شرق وغرب.

وعليه، فإن هذه الاتفاقية لن تنجح في إلغاء أسباب الخلاف، إلا إذا نجحت في إلغاء ولاء كل من البلدين لغير الإسلام، إذ ستبقى روسيا، وستبقى أمريكا، في صراعهما -أو في اصطناعه- على المنطقة العربية المسلمة، وستحاول كل من أمريكا وروسيا أن تقاتل في سبيل مبادئها ومصالحها برجالنا وأسلحتنا.

وإذا لم تنجح الاتفاقية في إلغاء أسباب الخلاف، فهذا يعني أن الوفاق الجديد لن يستمر طويلًا، مثله مثل أي اتفاق عربي آخر لم يكن الإسلام أساسه الأول، وصدق الله العظيم:

﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ (الأنفال:63)

. بين ما يسرق ليأكل من جوع.. ويسرق الملايين في وضح النهار.

تتمثل ثروة عصمت السادات، شقيق الرئيس المصري الراحل في العشرات من الشركات والمكاتب والمصانع والأراضي والعقارات والورش وأساطيل النقل، وذكرت مصادر التحقيق أن ما تم حصره – حتى الآن من هذه الثروة، يقدر بحوالي ثلاثمائة مليون جنيه، تتوزع داخل مصر في ٨ محافظات، وإن جزءًا من هذه الثروة يتداخل مع شركاء آخرين له، بعضهم من أسرة أنور السادات!!

هذا نموذج من نماذج أقارب الحاكم في الأنظمة العربية التي ابتليت بها شعوبنا، يمتلكون، ويتاجرون، ويثرون من أموال الشعب عبر التسهيلات الخاصة التي تُعطى لهم.

وشهادات الاستيراد التي لا تمنح لغيرهم، والسرقات المختلفة التي يغض الطرف عنها، ولا يجرؤ أحد على الكشف عنها، مادام السارق قريبًا للحاكم.

والذي يزيد في فداحة هذه المصيبة، أن هؤلاء الحكام يتشدقون بالشعارات، ويرددون في كل حين مبادئ العدل والحق، والحرص على مال الشعب الذي يسرقونه -وأسرهم- في وضح النهار.

والمضحك المبكي أنك تجد ذلك الحاكم يلاحق من يسرق ليأكل من جوع، فینزل به أقسی عقاب ويشهِّر بسرقته، ويجعل منها مثالًا على نزاهة النظام، وحفاظه على أموال الشعب المسكين.

وعصمت السادات هذا كان يسرق منذ أن تسلم شقيقه رئاسة الحكم في مصر عام ١٩٧٠ وإلى ما بعد أن نفذ فيه الإسلاميون القصاص في 6/۱۰/۱۹۸۱، ولو بقي السادات حاكمًا لمصر لما استطاعت يد قضاء أو يد شرطة أن تمتد إلى عصمت السادات، أو تنال منه بل حتى النظام الحالي لم يقم بالحجز على أموال عصمت السادات، هذا إلا بعد أكثر من عام على قتل شقيقه.

وإذا كانت المقارنة غير عادلة بين أنظمة اليوم والحكم الأسْمَى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلافة الراشدة، وإذا كان عرض النماذج الإسلامية يحتاج إلى صفحات وصفحات، فلا بأس من الاكتفاء بعبارة واحدة من حديث المعلم القائد الرسول صلى الله عليه وسلم:

«لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» ....

وهذا يكفي .…

الرابط المختصر :