·
غربة المبادئ الاشتراكية أفرزت البواعث
الحقيقية لرفضها.
·
عندما عجز اليساريون عن التشكيك بالمبادئ
الإسلامية التفتوا إلى دعاة الإسلام.
- ما أهمية الكشف عن طبيعة أساليب
اليسار سواء على المستوى العربي أو المحلي للتصدي للممارسات الإسلامية في الساحة الكويتية
والعربية؟
إن كشف
هذه الأساليب والممارسات اليسارية من شأنه أن يحقق ما يلي:
1- أن يساعد هذا الكشف على فهم الأهداف الحقيقية للجماعات اليسارية من وراء تصديهم
لممارسات بعض الجماعات الإسلامية والقائمين عليها.
2- أن يتم فرز وتمييز نقد الممارسات الإسلامية بهدف إعادتها إلى الحظيرة
الإسلامية، وبين نقد تلك الممارسات بهدف الترويج لخيارات أخرى علمانية ويسارية من خلال
التشكيك في هذه الممارسات، أي إن اليسار قد يركب موجة حرية النقد لتطبيقات الجماعات
الإسلامية للترويج لمبادئه وتسويقها في الساحة.
3- سيساعد على الكشف على إبراز الطبيعة اللاأخلاقية لليسار للطعن على القائمين
على العمل الإسلامي؛ لأن هذا الطعن هو أحد الأساليب المعتمدة للترويج للأفكار اليسارية.
والآن نأتي
إلى توضيح هذه الأساليب.
فمنذ أن من الله على هذه الأمة في تلمس هويتها الإسلامية، وتصورها أن يكون الإسلام
منهج عمل دأبت الحركة اليسارية على اقتناص أية فرصة تتاح لها للتشكيك بفاعلية الممارسات
الإسلامية.
إن عجز اليسار للتصدي للمبادئ الإسلامية والخاصة بمعاملات وعلاقات المجتمع، المستقاة
أساسًا من كتاب الله وسنة رسوله- قد جرده من القدرة على مواجهة المد الإسلامي، على
عكس الجماعات الإسلامية التي تصدت للمبادئ الاشتراكية الطفيلية على المجتمع الإسلامي،
فغربة هذه المبادئ الاشتراكية قد أفرز البواعث الحقيقية لرفضها. وليس
للجماعات الإسلامية بها في هذا الرفض؛ لأن الله تعالى قد حسم في هذا الأمر، وفرض حكم
الله على غيره من المبادئ، ويتماشى مع تعاليمه حين سمى تلك الجماعات التي ترفض حكم
الله بأنها إما جماعات كافرة، أو فاسقة، أو ظالمة؛ فيقول في سورة المائدة: ﴿وَمَن لَّمْ
يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (المائدة: 44)، ﴿ومن
لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون﴾ (المائدة: 45)، ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا
أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (المائدة: 47).
إذن عندما نرفض المبادئ الاشتراكية؛ فمن شأن ذلك
رفض جميع ممارسات هذه المبادئ.
أما اليساريون فإنهم عاجزون عن الطعن في المبادئ
الإسلامية؛ لأن ذلك من شأنه أن ينبذهم مجتمعهم، وإن كان ذلك هو حقيقة التمسك بالمبادئ
الاشتراكية وترجيحها على الإسلام كمنهج حياة.
نقول إن اليسار لا يتجرأ أن يحاكم المبادئ، فيذهب
لمحاكمة الممارسات التي حادت عن الفهم الصحيح للإسلام، فليس غريبًا أن نجد اليساريين
في بعض الكتابات يعطون الانطباع على حرصهم على الإسلام وتطبيقاته، مع حرصهم على ألا
يشوب الإسلام أية شائبة؛ لأن ذلك الأسلوب هو المدخل والجسر الذي يعبرون من فوقه للتشكيك
أولًا في التطبيقات الإسلامية، وعدم مواكبتها روح العصر.
وثانيًا:
جعل القضية المطروحة أن يكون الحل الإسلامي خيارًا قائمًا أمام خيارات أخرى منها الخيار
الاشتراكي، فيكفي أن تطرح القضية بهذا الشكل لكي ينجح اليسار في خطواته وأهدافه في
إبراز الخيار الإسلامي الذي يستتبعه مجموعة خيارات أخرى، والابتعاد عن طرح حتمية العمل
الإسلامي كإطار عام، لا يسمح لتعدد المبادئ ومنها المبادئ الاشتراكية.
إن الجماعات الإسلامية عندما تطرح تفرد الساحة
بالعمل الإسلامي، إنما هي تمتثل لتعاليم الله تعالى في مجموعة آيات كثيرة.
هذه الحقيقة عجز اليساريون أو تكاسلوا عن فهمها،
وبالتالي مازالوا مستمرين في تسليط الضوء على ممارسات هذه الجماعات؛ بهدف التشكيك في
ممارساتها، وبالتالي التشكيك في المبادئ التي تسلكها جماعات الدعوة الإسلامية.
إن هذه الأساليب هي إحدى الوسائل للترويج للعمل
السياسي لفئة اليسار، أما الأسلوب الآخر الذي تتبعه هذه الفئات للوصول إلى أهدافها
الحقيقية، فهو الأسلوب الذي يتمثل في التشكيك في القائمين على العمل الإسلامي.
فهم تارة يلصقون التهم الجزافية في حق بعض القيادات
الإسلامية الذين جعلوا من الدعوة وأعبائها شغلهم الشاغل، وما فتئت الجماعات اليسارية
على إلصاق هذه التهم دون دليل كأسلوب لمواجهة المد الإسلامي، وللتشكيك في قيادات العمل
الإسلامي، وبالتالي يسهل الطعن في حتمية الحل الإسلامي.
على العكس من الجماعات الإسلامية الذين قد لا
يشكون في إخلاص زعماء الاتحاد السوفييتي مثلًا، أو أية دولة اشتراكية أخرى، فقد لا
يشكون في إخلاصهم لمبادئهم الشيوعية، إلا أن تلك الجماعات ترفض هذه المبادئ، وتنبذها
وبالتالي ترفض جميع الممارسات الناجمة عنها، هذا الرفض يتماشى ولا يتناقض مع الإسلام
وتعاليمه المستمدة أساسًا من القرآن والسنة.
إننا لا ننزه لا الممارسات الإسلامية وتطبيقاتها
عن أن تتجاوز الصواب، ولا ننزه القائمين على هذه الممارسات من الخطأ لأنهم بشر، وعلى
العكس فإن القاعدة هي الاجتهاد خصوصًا بشأن معاملات الأفراد المتجددة التي تتطلب الاجتهاد
للقائمين على العمل الإسلامي، هذا الاجتهاد قد يصيب وقد يخطئ.
إذن فالساحة الإسلامية مؤهلة لممارسات إسلامية
قد تصيب في أحيان، وقد تخطئ في أحيان أخرى.
وديمقراطية العمل الإسلامي تتيح المجال للكشف
عن الأخطاء، وذلك بهدف تصحيح هذه الممارسات، ولكن الساحة الإسلامية ترفض أن يكون للاشتراكيين
دور في تصحيح هذه الممارسات؛ لأنهم لا ينتمون إليها، وفاقد الشيء لا يعطيه.
وما نقدهم لتلك الممارسات إلا مدخل وجسر يعبرون
من فوقه للتشكيك في المبادئ مثلما قدمنا، فهم لا يستطيعون أن يمسوها بشكل مباشر، إنما
يلجأون إلى الشباك بدلًا من الباب، من خلال الطعن في ممارسات الجماعات الإسلامية؛ لكي
يصلوا إلى التشكيك بالحتمية الإسلامية، والترويج للخيار الاشتراكي والمبادئ الاشتراكية.