; مكتبة المجتمع.. الإسْلام يتحَدّى تأليف: الأستاذ وحيد الدين خان | مجلة المجتمع

العنوان مكتبة المجتمع.. الإسْلام يتحَدّى تأليف: الأستاذ وحيد الدين خان

الكاتب عبد الرحيم عبد الخلاق

تاريخ النشر الثلاثاء 31-أغسطس-1971

مشاهدات 14

نشر في العدد 75

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 31-أغسطس-1971

مكتبة المجتمع

الإسْلام يتحَدّى

تأليف: الأستاذ وحيد الدين خان

تعريب: الأستاذ ظفر الإسلام خان

عرض وتلخيص: الأستاذ عبد الرحيم عبد الخلاق

 

شهد الإسلام منذ ظهوره على مدى الأربعة عشر قرنًا حروبًا متنوعة الميادين متباينة الأسلحة.. وفي كل مرة تتكسر نصال أعدائه وترتد إلى نحورهم، ويخرج الإسلام منتصرًا تتحقق به وفيه آية الله ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.

 

عصر الإلحاد

لكن رياح الإلحاد التي عصفت بالأديان وخاصة المسيحية في العصر الحاضر كانت عاتية وجبارة -تجبر الإنسان في استخدام العلوم والمعارف ووسائل الدعاية لإشباع أهوائه ونزواته- حاولت أن تغزو ساحة الإسلام في معقله وكتابه.. وتمتد إلى عقائده وأفكاره مستغلة حالة التأخر العلمي والحضاري التي أصابت المسلمين.. فأصبحوا تبعًا، مبهورين بكل ما تنتجه عقول غيرهم، ووقفوا أمام هذا الغزو جامدين على أساليب الدعوة في قرون مجدهم، يوم كانوا يتحدثون فتنصت لهم القلوب قبل الآذان، جاهلين أو متجاهلين أسلوب العصر وأفكاره وعقائده وثوراته.

والانقلابات الاجتماعية والفكرية التي صاحبت الثورة الصناعية، لكن الإسلام لم يعدم رجاله ولم يفقد دعاته الذين وقفوا حياتهم له يجلون حقيقته، ويسلطون ضوءه الباهر، يكشفون به الزيف الذي ألبسته أفكار الإنسان ثوب الحقائق المسلّم بها، فإذا بها سرابيل من خيط العنكبوت وأوهام من صنع القلق الذي أوجده «عصر الإلحاد» كما أسماه المؤلف.

 

أمنية

ولذلك كان كتاب «الإسلام يتحدى» أمنية راودت كل مسلم وداعية.. لتمده بالحقائق موضحة بأسلوب العصر يخاطب بها عقلية، شحنتها كل الأجهزة والأدوات بطريقة ماكرة وخادعة ضد الأديان عمومًا، وضد الإسلام خصوصًا.. من ذلك ما ذكره المؤلف من أن «الدراسة التطورية» لا تهدف إلى إثبات نظرية ما أو إنكارها، وإنما هي منهج خالص في البحث، أثبت لأصحابه أن الدين باطل، ويمكن أن نفهم هذه الطريقة الجديدة فيما قاله ت. ز. مايلز:

إن الدراسة الجديدة هي تكتيك ومنهج ونمط معين لمواجهة الأسئلة، وهي لا تستهدف وضع إجابات قطعية، وهو -من هذا الوجه- تغير طرأ على الفلسفة في النصف الأخير من هذا القرن، ولسوف يبقى هذا التغير مستمرًا، دون أمل في توقفه على المدى البعيد.

فلا بد للباحثين المسلمين إذا ما أرادوا البحث في العلوم الحديثة دفاعًا عن الدين، ألا يغيب عن أذهانهم هذا التفسير سواء اعتبرناه تفسيرًا علميًا محضًا، توصل إليه المفكرون المحدثون أو اعتبرناه مجرد ملجأ ركنوا إليه، حين أخفقوا في البحث عن التفسير المادي للكون بعد إنكار الدين.

 

نفس الأسلحة

- ولقد نهج المؤلف في كتابه منهجهم وأسلوبهم.. وحاربهم بنفس أسلحتهم ليغمدها أخيرًا في عقولهم فتأتي على أفكارهم من أصولها وجذورها.. لیجلي أمامهم شجرة الحق يانعة سامقة، وأرفة الظلال تؤتي أكلها إيمانًا ويقينًا، من ذلك ما عرضه في قضية معارض الدين صفحة ٣٣ قولهم «كل معرفة حقة مرتبطة بالتجارب، بحيث يمكن فحصها أو إثباتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة» ليخلصوا من ذلك إلى أن الأفكار المتطورة الحديثة تؤكد أن «الحقيقة» ليست إلا ما يمكن فحصه وتجربته علميًا، وقد قام الدين على «حقيقة» لا سبيل إلى مشاهدتها وفحصها علميًا.. لينتهوا إلى أن الدين باطل لا حقيقة له، وترتب على ذلك أن «الدين تفسير زائف لوقائع حقيقية».

وعرض المؤلف الأسس الثلاثة التي قامت عليها قضية معارض الدين: من قانون الطبيعة إلى «أن الدين مفتاح اللاشعور الإنساني» وأن «ليس الإله سوى انعكاس للشخصية الإنسانية على شاشة الكون، وما عقيدة الدنيا الآخرة إلا صورة مثالية للأماني الإنسانية، وما الوحي والإلهام إلا إظهار غير عادي لأساطير الأطفال المكبوتة، إلى قولهم إن القضايا الدينية وُجدت لأسباب تاريخية أحاطت بالإنسان، وأن العقل الإنساني خلق الدين في حالة الإنسان، وعجزه عن مواجهة القوى الخارجية.

- ثم بدأ المؤلف من صفحة ٤١ إلى صفحة ٥٩ في الباب الثاني «نقد قضية المعارضين للدين» بنفس الطريقة التي قاموا بها دعاواهم، متخذًا من أقوال علمائهم أدلة ضدهم، من ذلك ما أورده على لسان العالم الأمريكي سيسيل: إن الطبيعة لا تفسر شيئًا من «الكون» وإنما هي نفسها بحاجة إلى تفسير، وما قاله البروفسور هريز ناقدًا فكرة داروين عن النشوء والارتقاء: إن الاستدلال بقانون الانتخاب الطبيعي يفسر عملية «بقاء الأصلح»، ولكنه يستطيع أن يفسر حدوث هذا الأصلح.

- ثم يقول المؤلف: نحن نعرف أن مادة «الجنين» التي لا تشاهد إلا بالمنظار تنبئ في ذاتها عن إنسان طوله ۷۲ بوصة، وأن «الذرة» التي لا تقبل المشاهدة تحتوي نظامًا رياضيًا كونيًا، يدور عليه النظام الشمسي، فلا عجب إذًا أن يكون النظام الذي نشاهده على مستوى الإنسان في الجنين، وعلى مستوى النظام الشمسي في الذرة موجودًا أيضًا وبصورة أكمل على مستوى الكون، فلو كان هذا الأمل صدى لعالم حقيقي، فلست أرى في ذلك أي ضرب مــن ضروب الاستحالة.

- ثم قال: كل حديث في التاريخ الإنساني مصدره «الشعور» فضلًا عن «اللاشعور» لا يخلو من الأغلاط والأكاذيب والأدلة الباطلة.. أما الكلام النبوي فإنه بريء ولا شك من كل هذه العيوب رغم اتصاله بجميع العلوم.

- وفي مجال نقد التفسير التاريخي أورد الفكرة الماركسية التي تنفي بشدة إرادة الإنسان.. وتحيل الأحداث إلى تأثير عوامل الزمن الاقتصادية.. ومعنى ذلك أن الإنسان لا شخصية له، فهو يصاغ في مجتمعه كما يصاغ الصابون في المصنع، ولا طریق أمامه كي يشق أفكارًا وطرقًا جديدة، وإنما هو ينطلق مفكرًا على النهج الذي سمحت له به حياته الاقتصادية، فتساءل: إذا كانت هذه القضية صحيحة، فكيف تمكن كارل مارکس -وليد النظام الرأسمالي- من أن يفكر ضد العوامل الاقتصادية الرائجة في عصره؟ هل صعد القمر لكي يبحث في أحوال الأرض؟

 

الطبيعة تشهد بوجود الإله

واستمر يدحض هذه الأباطيل ويكشف زيف هذه الأفكار، ليخلص بالنتيجة الحتمية التي ذكرها، وهي أن الطبيعة والعلم يتحدثان عن الله.

- ففيما ذكره المؤلف عن أزلية الخالق أم المادة، وعن الكشوف الفلكية وعن الأنظمة المعقدة في «الذرة»، وعن «مخ الإنسان» كمركز لنظام المواصلات في الإنسان، حيث يوجد به ألف مليون خلية عصبية، ومن كل هذه الخلايا تخرج «الأنسجة العصبية»، وفي هذه الأنسجة يجري نظام استقبال وإرسال للأخبار بسرعة سبعين ميلًا في الساعة، وبوساطة هذه الأنسجة نتذوق ونسمع ونرى ونباشر سائر أعمالنا، بل إن هناك ثلاثة آلاف من الشعيرات المقذوفة، ولكل منها سلك عصبي خاص متصل بالمخ، وبوساطة هذه الشعيرات نحس بالمذاقات المختلفة.

- وفيما ذكره عن تقليد الطبيعة ووقوف الإنسان مقلدًا ومحاكيًا ومستفيدًا من خلق الله: مثل عدسة «الكاميرا» التي حاكى فيها شبكة العين الخارجية والحجاب الحاجز هو قزحية العين، والفيلم إنما هو شاشة العين، التي توجد فيها خطوط وأشكال مخروطية ترى الأشياء المعكوسة.. ومثل الآلة النموذجية التي ابتكرتها جامعة موسكو لالتقاط وقياس «الذبذبات تحت الصوتية» لتستقبل وتلتقط أخبار الفيضانات والزلازل وما أشبهها من الكوارث قبل حدوثها بمدة تتراوح بين اثنتي عشرة ساعة وخمس عشرة ساعة.. لقد جاء هذا التفكير للعلماء واستنبطوه من سمكة قنديل البحر التي تسمى هلامي.. فقلد المهندسون أعضاءها وهي شديدة الحساسية حتى لتحس بالذبذبات تحت الصوتية.

- فيما ذكره المؤلف في هذه الصفحات يشهد بوجود الإله الأزلي الخالق المنظم لهذا الكون العجيب البديع.. وهكذا سار الأستاذ العلامة وحيد الدين خان يعرض «روح الكون الغريبة» والتوازن المدهش في الأرض «وقانون الضبط والتوازن» والسنن الرياضية المحكمة ونظام العناصر الدورية.

ويعرض الأدلة على «إمكان الآخرة» والحياة بعد الموت، وضرورة الآخرة والحاجة إليها كضرورة نفسية وضرورة أخلاقية وسلوكية... إلخ، وأورد شهادة بها تجربة تثبت الحياة بعد الموت.

 

إثبات الرسالة

وبنفس الطريقة العلمية الحديثة أثبت ضرورة الرسالة ومقياس الرسالة، ليخلص بأن القرآن صوت الله سبحانه وتعالى، وأورد إعجازه ونبوءاته ودلائل صدقه من الكشوف العلمية الحديثة، سواء في علم الفلك أو علم طبقات الأرض أو علم الأغذية.

 

الدين ومشكلات الحضارة

وحينما تعرض لأولى مشكلاتها ألا وهي التشريع أو الدستور، لم يدع فرصة لرجال القانون والتشريع في العالم ليبحثوا عن دستور مثالي، حتى أوضح للعالم أجمع أنه ليس سوى الإسلام بمصدره الحاكم الطبيعي وهو الله سبحانه وتعالى.. ولا بعناصر التشريع الأساسية.. إلا وجلاها في صدق وأوضح بيان حتى مشكلة القانون والعدل، والمرأة والمجتمع والجريمة والمجرم ومشكلات المعيشة.

 

الحياة التي ننشدها

وأنهى العلامة وحيد الدين خان كتابه «الإسلام يتحدى» بفصل عن الحياة التي ننشدها مجيبًا على الأسئلة الأولى التي يسعى الإنسان إلى معرفة جواب عنها في حياته:  

· من أنا؟

· وما هذا الكون؟

· وكيف بدأت حياتي؟

· وإلى أين ستنتهي؟

 

من هو المؤلف؟

بقي أن تعرف أيها القارئ العزيز أن مؤلف هذا الكتاب هو المجاهد العلامة «وحيد الدين خان»، من علماء القارة الهندية المجاهدين، وأنه كتبه بتوجيه غير مباشر -كما ذكر- من مولانا «أبو الأعلى المودودي» أمير الجماعة الإسلامية، وبحمل على القيام بهذا العمل من مولانا أبو الحسن الندوي رئيس جمعية علماء الهند، وترجمه للعربية الأستاذ ظفر الإسلام خان.

 

رجاء وأمل

وإذا كان هذا الكتاب يسد فراغ الجيل من ناشئة الإسلام، الذين لم يجدوا ردودًا مقنعة على ما يثيره دعاة الإلحاد من شكوك وأباطيل في عقيدتهم، فإنه في نفس الوقت يعطيهم من الأدلة والشواهد ما يرسخ إيمانهم ويقوي يقينهم، ويملأ قلوبهم وأفكارهم بحقيقة الإسلام الذي تربّوا في دياره وعلى أرضه، ويسلحهم ضد غوائل الإلحاد والتمرد.. فجدير بوزارة التربية في الكويت أن تقرره على طلابها وطالباتها في منهج التربية الإسلامية ابتداءً من هذا العام، وإذا كان العام الدراسي قد أوشك على البداية فليكن الإسراع بأن يكون الكتاب بين يدي أساتذة الدين، يملون تلخيصًا له على طلبتهم ويكون مرجعًا للمدرسين والمدرسات.

 

الرابط المختصر :