العنوان مكتبة المجتمع .. هذا الدين بين جهل أبنائه وكيد أعدائه
الكاتب عبد الرحيم عبد الخلاق
تاريخ النشر الثلاثاء 28-سبتمبر-1971
مشاهدات 12
نشر في العدد 79
نشر في الصفحة 24
الثلاثاء 28-سبتمبر-1971
مكتبة المجتمع
هذا الدين بين جهل أبنائه وكيد أعدائه
تأليف الأستاذ محمد السيد الوكيل
عرض وتلخيص الأستاذ عبد الرحيم عبد الخلاق
لأول وهلة لمحت عيني عنوان الكتاب.. أحسست أنه ثالث ثلاثة كتب ظهرت خلال العشرين عامًا الماضية للمدرسة الإسلامية المعاصرة، والتي ترجم بها مؤلفوها الفكر الإسلامي الحق بعيدًا عن الروافد الدخيلة التي حاولت على مدى العصور أن تلوث مياه النبع الصافي أثناء سیرها..!!
والكتاب الأول الذي صدر في أوائل الخمسينيات هو: «الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه» لمؤلفه القاضي الشهيد «عبد القادر عودة» رحمه الله.
- والكتاب الثاني الذي صدر في أوائل الستينيات هو «هذا الدين» لمؤلفه الأستاذ الشهيد «سيد قطب» رحمه الله.
- فكان هذا الكتاب الذي أصدره في أوائل السبعينيات فضيلة الأستاذ محمد السيد الوكيل أطال الله عمره.
وقد نهج المؤلف في كتابه هذا إيضاح الشبهات التي حاول الفكر المسموم أن ينفذ به إلى عقول كثير ممن نهلوا من الثقافات الغربية والشرقية، حتى تلوثت بها أفكار كثير من ينتسبون للإسلام، وحمل الميكروب شباب هذه الأمة؛ فأصبحوا يغذونها بالدعاية لها وترديدها.. وهم جاهلون حقيقتها، وأبعاد الخطورة الكامنة فيها والداعية لها.. وأنها ستدمر عاجلًا أو آجلًا وجودهم وكيانهم، وتفقدهم مقومات حضارتهم التي كانوا بها أساتذة خير ودعاة سلام للعالمين!!
وقد حاول المؤلف بما تربى عليه ونشأ فيه ـوهو قد تربى في محض الحركة الإسلامية المعاصرة ونشأ في ميدان الدعوة الإسلامية الحقة- أن يلقي الضوء الإسلامي الكاشف على هذه الأفكار ليبين زيغها.. ويضع میكروبها تحت المجهر، ليظهر واضحًا للعيان، ويظهر للناس أصالة الفكر الإسلامي ومنهجه في أمور الدنيا والدين..!!
§ وكانت بداية حديث المؤلف للمؤمنين الذين التبس عليهم الأمر، وتأثروا بطعنات الأعداء التي وجدت مستقرًا في قلوبهم حينما أصابتها المحن والفتن..!! فاهتزت أمامهم صورة الحقيقة.. وبدأوا يقيسون طريقهم بطرق الآخرين، فتراءى أمامهم تأخر النصر، وتكاثر الأعداء، وعلوهم في الأرض، واستمرار الأشواك في طريق الحق ودعاته..
- فردهم إلى المسيرة الصحيحة.. وهي أنهم مطالبون بالعمل وليسوا مطالبين بالنصر؛ لأن النصر من عند الله.. وأن لله نواميس وقوانين لا تخضع لمقاييس البشر ولا لأهوائهم..
- وضرب لهم من السنة الصحيحة مثلًا فصلت به مجمل القرآن الكريم في قصة أصحاب الأخدود.. فيما لو تصور بعض المؤمنين «إن هؤلاء الذين ألقوا أنفسهم بأنفسهم في الأخاديد لو إنهم أخفوا إيمانهم، وستروا عقيدتهم، وداهنوا الملك فيما آراد؛ لحفظوا دعوتهم، ولم يتعرضوا لتلك المحنة العاتية القاضية، ونجوا بأنفسهم من هذا الهلاك المحقق «لكن مؤمني الأخدود لو ترددوا مجرد تردد لبادوا، وبادت دعوتهم إلى الأبد؛ ذلك لأن الطاغية الذي داهنوه، لن يسمح لهم بفرصة ليتمردوا عليه، وأن موقفًا واحدًا يظهر فيه ضعف المؤمنين أمام الباطل؛ سيكون سبة في جبينهم إلى يوم الدين.. ولذلك حذر الله نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ﴿وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ (سورة الإسراء: ٧٣)
- ولذلك كانت وصية المعلم صلوات الله عليه للمؤمنين:
«كما صنع أصحاب عيسى، نشروا بالمناشير، وحملوا على الخشب، والذي نفس محمد بيده لموت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله عز وجل»
الإسلام والسياسة
§ واستمر المؤلف يوضح دوافع اتهام المسلمين بالرجعية، وإنهم مخدرون؛ ليصل إلى القضية التي تركزت فيها جهود الأعداء وهي: فصل الدين عن السياسة، لتسلم السياسة من الضوابط الأخلاقية، ولتحطم كل المقاييس الإنسانية، ولتعربد في الشعوب كما تشاء استعمارًا ونهبًا، وقتلًا وذبحًا، وإبادة وليسلم الطريق للطغاة سواء كانوا حكامًا أو أحزابًا أو طبقة.. لا يشعرون بمؤاخذة دنيوية أو محاسبة أخروية.. فقال: إنما حاولوا ذلك للأسباب الآتية:
أولًا: إبعاد المسلمين عن الحكم..
لأن حينما يحكمون بالسياسة الشرعية الرشيدة تتهاوى حصون الأعداء، وتتساقط عروشهم، ولا تقوم لهم قائمة ويردون على أعقابهم خاسرين، من البلاد التي استولوا عليها في غفلة من المسلمين.
ثانيًا: إفساح المجال لتلاميذهم من المستغربين..
لأنهم سيصرفون الأمور تبع أهواء سادتهم من الغرب أو الشرق؛ وبهذا يظل الاستعمار الفكري قائمًا بعد انتهاء الاستعمار العسكري، وبالتالي تظل دولة الأعداء تؤدي رسالتها في تجهيل المسلمين والكيد للإسلام.
ثالثًا: القضاء على فكرة الدولة الإسلامية في رءوس المسلمين..
- وأخذ يوضح كيف سار مخطط الأعداء إلى التنفيذ على أيدي الذين تسموا بمسلمين من أمثال أتاتورك وغيره.
الإسلام والسلام
§ وانتقل بعد ذلك المؤلف يشرح نظام الإسلام في السلم والحرب، ودور «الجزية» كضريبة مفروضة مقابل الدفاع عن المجتمع كله بمختلف دياناته والذي يتكفل المسلمون وحدهم بالدفاع عنهم... وأخذ المؤلف يوضح بعضًا من قوانين الإسلام الحربية، ويدعم ذلك بالوثائق والنصوص.. ويدفع الباطل الذي أشاعه الحاقدون والمحاربون لدين الله.
الفتح الإسلامي
§ واستمر الأستاذ محمد الوکیل يرد على الزاعمين؛ بأن المسلمين ما خرجوا غازين ولا فاتحين إلا بحثًا عن الطعام، وأن الذي أخرجهم هو سوء الحالة الاقتصادية في بلادهم، بما أثبته التاريخ أن سعد بن أبي وقاص قائد حملة القادسية رفض العرض السخي من «يزدجرد» ملك الفرس وهو أن يقدم لهم الطعام والكسوة من غير حرب ولا عناء بقوله: الإسلام أو الجزية أو المناجزة..!!
- وأخذ يقارن بين السياسة الاستعمارية التي سارت عليها إنجلترا في كل بلد وطئتها بأقدامها، وما فعلته روسيا الشيوعية في جمهورية «أذربيجان» الإسلامية وغيرها من محو الآثار، وإبادة المعالم، وطمس التاريخ، وإعلان حرب التجويع مدعمًا ذلك بالأرقام والإحصائيات... وكيف أن الاستعمار نشر الفساد في ربوع البلاد التي نكبت به من رشوة ومحسوبية، واستغلال نفوذ، وإفساد لمناهج التعليم واستبداد الحكام، وسيطرة رأس المال، وإفساد أخلاق الأمة بتزكية اختلاط الجنسين، وسفور المرأة في ميدان الشهوات المسعورة...
- ثم أوضح الصورة المشرقة للفتح الإسلامي من مثال الوثيقة التي نشرت عنه: «لقد كانت معاملة عمرو بن العاص «الفاتح الإسلامي» للقبط «سكان مصر» تدل على كثير من التسامح، ولا غرو فقد أمدوه فأحبهم وأقام العدل بينهم، ونظر في عمران بلادهم، فتألف بحسن سياسته قلوب المصريين عامة والقبط خاصة، حتى صاروا له أعوانًا، وللمسلمين إخوانًا، وتمتعوا بالهدوء والطمأنينة، وتخلصوا من عسف الروم وظلمهم! حتى قال البطريرك «بنيامين» معبرًا عن ارتياحه: «لقد وجدت في مدينة الإسكندرية الطمأنينة التي كنت أنشدها بعد الاضطهادات والمظالم التي قام بتمثيلها الظلمة المارقون»
الإسلام في وجه الطغيان
§ وينتقل المؤلف في الباب التاسع تحت هذا العنوان؛ ليوضح أن المسلمين لم يخلقوا لفترة محدودة من الزمان يؤدون فيها دورهم ثم تنتهي مهمتهم.. بل أن رسالتهم خالدة.. وليس زوال السلطة من أيديهم حينًا من الدهر معناه انتهاء مهمتهم! ثم عرج على الصور الرائعة المشرقة التي جعلهم الإسلام بها حراسًا على نظام الدولة، وأعطى كل فرد حق تقويم الخطأ مهما كان المخطئ، وذلك في جميع العصور على تباين حكامها من خلفاء راشدين وغيرهم، حتى كان الشيخ عبد القادر الجيلاني يتناول الخليفة والملوك والأمراء بالنقد والملامة، ويذم ظلمهم، ولا يحابي أحدًا، ولا تمنعه منه وجاهة ولا سلطان!
الإسلام والتقاليد
§ وأوضح المؤلف أن الإسلام يريد أن ينشئ أمة متميزة بعاداتها وتقاليدها، أمة لها شخصيتها المستقلة، وطابعها الخاص، أمة لها خصائصها، ولها تصوراتها، حتى تكون فريدة يتبعها غيرها ولا تكون تبعًا لأحد.. وأبان الأسباب التي جعلت بلاد المسلمين تموج بالتقليد للبلاد الأجنبية عنها في المعتقدات والحضارة.. وسرد عوامل الانهيار ومظاهره في الحضارة الغربية التي فشلت في إمكان إسعاد البشر وتحقيق العدالة.. وأن ثوبها البراق الذي تقدمت به في العلوم المادية لم يخف الهمجية والغابية التي سعرت روح الشر بين الناس...
§ ثم ختم المؤلف كتابه بفصل عن ازدواجية التعليم -مدني وديني- والهدف من وراء ذلك: ليتم التمكين في السلطة لمن لا دين له، ويقبع الدينيون في المساجد، وينزوي بالتالي الإسلام عن شئون الحياة.. وجلي كيف أن الإسلام يصنع علماءه صنعة خاصة تعمل في الأرض بقلوب موصولة بالسماء، وأن هذا الصنف الممتاز من العلماء هو الذي أضاء للغرب شمس المعارف في عصورهم المظلمة من أمثال: ابن الهيثم، والخوارزمي، والرازي.. حتى قد اعترف بعض المنصفين من علماء الأفرنج بفضل العرب.. فهذا الأستاذ فاران الفرنسي يقول: إن الفضل في تفوق الملاحة البرتغالية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين يعود إلى العرب.. وثبت لبعض علماء أوروبا أن «فاسكو دي جاما» استعان بابن ماجد في تشييد أسطوله الذي طاف به حول الأرض من مالندي على ساحل إفريقيا الشرقية إلى فاليفوت بالهند.
خاتمة
وإذا كان الشيخ الوكيل في مائة وأربعين صفحة قد استطاع أن يفتح الطريق لأبناء الإسلام ليرتادوا سبيل المعرفة بدينهم، ويتبينوا مخاطر الطريق الذي حاول الأعداء أن ينحرفوا بالسائرين فيه إلى منعرجات التيه والبعد عن الصراط المستقيم..!!
فإن الأمل أن يقرأه شبابنا بوعي، وأن يتفهموه بدقة، وأن يكونوا على بينة مما يدبر لهم على أيد ماكرة خبيثة..
عبد الرحيم عبد الخلاق
في ظِلالِ النبوَّة
إعداد: أسامة عبد العزيز علي
في الباقة الماضية تناولت بعض أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- المتعلقة ببر الوالدين وودهما وصلة الرحم، أما عن هذه البـاقة فهي تدور حول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن مكانتهم منه صلوات الله وسلامه عليه.
وسبب انتقائي لهذا الموضوع هو أن المسلمين -ونحن منهم- في حاجة إلى معرفة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن لم تكن تلك الدراية متوسعة فعلى الأقل معرفة سطحية بهم رضي الله تعالى عنهم، وإقدامهـم في المعارك، وفضلهم الذي لا يُنكر في حماية الإسلام، والمساهمة في رفع شأنه، ونشره في أنحاء المعمورة.. شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا، وما لهم من حسن الجزاء يوم تقوم الساعة.
راجيًا من الله أن تكون هذه الباقة بمثابة شيء يذكرنا بهم وبأعمالهم المجيدة، وتحثنا على التزود بمعرفتهم، بل ومحاولة اتباع سبيلهم المجيد والاتصاف بصفاتهم الحميدة.
فضائل «أبو بكر»
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر فقال: «عبد خيره الله بین أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده»، فبكى أبو بكر رضي الله عنه وبكي، وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا به، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن أمنَّ الناس عليَّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا، لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر». (رواه مسلم).
أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
عن أبي عثمان قال: أخبرني عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت:- أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة، قلت من الرجال؟ قال: أبوها، قلت ثم من؟ قال: «ثم عمر فعد رجالًا». (رواه مسلم).
عن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: «ادعي لي أبا بكر أباك، وأخاك حتى أكتب كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر». (رواه مسلم).
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بينما أنا نائم إذ رأيت قدحًا أتيت به فیه لبن فشربت منه، حتى إني لأرى الري يجري في أظافري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب». قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: العلم. (رواه مسلم).
فضيلة عمر بن الخطاب
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما أنا نائم إذ رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب. فذكرت غيرة عمر، فولیت مدبرًا». قال أبو هريرة فبكى عمر ونحن جميعًا في ذلك المجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أعليك أغار؟». (رواه مسلم).
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه: وافقت ربي عز وجل في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر».(رواه مسلم).
البقية صفحة «٢٩»
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل