; الإسلاميون في مجلس الأمة | مجلة المجتمع

العنوان الإسلاميون في مجلس الأمة

الكاتب د. عبد الله فهد النفيسي

تاريخ النشر الثلاثاء 21-يوليو-1981

مشاهدات 30

نشر في العدد 537

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 21-يوليو-1981

ينبغي أن نعي بشكل جلي أن دخول الإسلاميين لمجلس الأمة يعتبر عملًا سياسيًا شأنه شأن خوضهم الانتخابات وتعبئة قواهم البشرية خلالها تعبئة ناجحة. غير أننا ينبغي أن نعي أيضًا بأن النجاح في الانتخابات والدخول إلى مجلس الأمة لا يعني بالضرورة بالنجاح في تحقيق الهدف. والنجاح في الدخول إلى مجلس الأمة شيء، لكن النجاح داخل مجلس الأمة شيء آخر وفرق كبير بين ما ينبغي أن نريد من مجلس الأمة- کإسلاميين- وما يريدونه منا في مجلس الأمة!!

 وحيث إن الدخول إلى مجلس الأمة يعتبر عملًا سياسيًا محضًا، فينبغي إذن أن نعرف مقومات العمل السياسي السليم حتى لا تصير الرحلة الإسلامية داخل مجلس الأمة هباء منثورًا.

من أهم مقومات العمل السياسي السليم هو أن نحدد مشاكل المجتمع الكويتي التي يعايشها ويكتوي بها ويعاني منها، من خلال واقعه هو لا من خلال تمنياتنا نحن، ثم بعد ذلك ينبغي أن نعكس أحاسيس الناس وآلامهم وآمالهم وتشخيص تطلعاتهم وتكون لدينا قدرة عملية على تحليل تلك الآلام والآمال والأحاسيس وقدرة حركية على تعبئة الشارع تعبئة سياسية تتوافق مع الحلول التي تطرح داخل مجلس الأُمة، والمجتمع الكويتي هو من ضمن المجتمعات التي نجحت إلى حَد بعيد في حل مشكلة رغيف الخبز، ولكنه حتى الآن فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير والمشاركة الفعلية في صناعة القرار السياسي مجتمع متخلف تخلفًا ذريعًا، إن من خلال تركيبة إدارته السياسية أو من خلال قوانينه ونخص بالذكر قوانين: الخدمة المدنية، وقانون التجمعات، وقانون المحكمة الإدارية، وقانون الجزاء، وقانون المطبوعات

وهذا التخلّف الذريع في تراكيب الإدارة السياسية الكويتية والأبنية القانونية التي تتكئ عليها لممارسة ذلك التخلّف هو السلبية المركزية التي تعيق استئناف حياة سياسية إسلامية سليمة في الكويت. ومن يراقب الإسلاميين داخل مجلس الأمة لا يخرج بنتيجة أنهم يعون تمام الوعي خطورة الوضعية هذه، ولا تتحصل لديه القناعة بأنهم فرغوا بالفعل من مهمة تحديد المشاكل في المجتمع الكويتي؛ دع عنك القدرة العلمية على تشخيصها أو القدرة الحركية على التعبئة السياسية للناس، نسأل- ويحق لنا الآن وبعد مرور أشهر من مسيرة مجلس الأمة- ما هو الخط السياسي للإسلاميين داخل مجلس الأمة؟ وما هي هويته السياسية لا العقائدية؟ هل هو خط سياسي معارض؟ هل نستطيع تصنيفه سياسيًا في هذا الإطار؟ أم أنه يظل- رغم كل الجلبة- ضمن الخط الرسمي للحكومة؟ هذا سؤال جوهري وهام وينبغي طرحه الآن قبل فوات الأوان، ذلك لأن تحديد الخط السياسي من أدق وأهم وأخطر العمليات وتعتبر- في تصوّري- تحديًا أساسيًّا يتعيّن على الإسلاميين مواجهته بجسارة اليوم قبل الغد نظرًا لآثاره الكبيرة التي سنضطر إلى التعامل معها في مستقبل العمل الإسلامي في الكويت

نسأل سؤالًا آخر: ما هي الأهداف البعيدة والحيوية للعمل السياسي الذي يقوم به الإسلاميون اليوم في مجلس الأمة؟ هل ثمة أهداف واضحة ومحدّدة؟ وما القوى الاجتماعية المختلفة- داخل المجلس وخارجه- وموقفها ودورها في مواجهة تلك الأهداف؟ وما هي بالتحديد المهام اللازم تحقيقها في هذه المرحلة داخل المجلس وخارجه؟ وما القوى التي تحركت بهذا الاتجاه؟ وأين وصلت؟ ومن المعيق الرئيسي للعمل الإسّلامي اليوم داخل المجلس وخارجه؟ وهل هناك قوى وسط؟ وهل ثمة قوى حليفة؟ كل هذه أسئلة جوهرية ينبغي دراستها من طرف الإسلاميين بمنطق علمي وموضوعي داخل مجلس الأمة حتى لا يتحول عملهم إلى نداءات مکررة -لا صدی سياسي لها- بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في الكويت.

أخْوف ما أخاف منه أن يصير وجود الإسلاميين في مجلس الأمة- وبالصورة التي هم عليها- حجْة علينا لا حجْة لنا عندما نلقى الله.. وأخوف ما أخاف ألا يكون وجودهم في مجلس الأمة صفحة ناصعة البياض عندما يبدأ الناس في المستقبل يؤرخون للعمل الإسلامي في هذا البلد. 

نقول هذا فوق منبر إسلامي ومن منطلق إسلامي لأننا- في الأول والآخر- نحب في الله ونبغض في الله والله على ما نقول شهيد.

الرابط المختصر :