العنوان من أحاديث الثلاثاء: الروح والنفس
الكاتب الشيخ حسن البنا
تاريخ النشر الثلاثاء 11-مايو-1982
مشاهدات 18
نشر في العدد 570
نشر في الصفحة 43
الثلاثاء 11-مايو-1982
يا أخي نريد أن نتناول ناحية.. عرض لها القرآن الكريم بصفة خاصة وهي ناحية الروح الإنساني.. هذه الروح يا أخي هي في الواقع لب الإنسانية.. وهي لذلك تقع موقع القلب من بحثنا هذا.. وهي النتيجة العملية لهذا الحديث.. أنت تعلم يا أخي أن لك تكوينًا روحيًا.. وإن الله تعالى قد نفخ فيك من روحه.. حقيقة هذه الروح لا تعنيك.. لأن الله - تبارك وتعالى- قد أمر نبيه أن يجيب السائلين عن أمر الروح بأنها من أمر الله.. ولا شك أن الروح عنصر عظيم.. جليل.. مشرق.. مستنير.. لأنه من أمر الله.. ولا شك أنه عالم فوق المادة.. فوق هذه النواميس الأرضية.. عالم كله نور.. كله إشراق.. كله صنعاء.. ولكن عندما يذكر القرآن الكريم النفس الإنسانية فإنه يذكر صفاتها فيقول الله -تبارك وتعالى- ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ (البلد: 10) ويقول ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ (سورة الشمس: 7-8).. فالنفس المجردة يا أخي.. هي نفس مخيرة تفعل الخير وتفعل الشر.. تقدر على الخير.. وتقدر على الشر.. وقد وضع الله تعالى بين يديها الوسائل التي تستخدمها وتستعين بها إلى الخير.. إن اتجهت إليه..وتستخدمها إلى الشر أن اتجهت إليه.. هذه اللطيفة الربانية هي التي تقدر.. وتتدبر.. تستطيع بها يا أخي أن تدرك الخير والشر.. وتميز بينهما.. وهذه اللطيفة الربانية مستعدة دائما للترقي العلمي والعرفاني إلى أقصى الحدود الممكنة.. فلست يا أخي ملكًا.. كل اتجاهك إلى الخير كما أنك يا أخي لست شيطانًا كل اتجاهاتك إلى الشر.. ولكنك مهيأ بحكمة الله للاتجاهين، فنفسك الإنسانية واسعة الحدود مرنة الطبيعة.. تقبل الخير.. كما تقبل الشر..
هذا.. ونلاحظ يا أخي أنه مع التسامي بالنفس الإنسانية في القرآن الكريم.. ومع أن هذه النفس عالمة فاضلة.. مع أنها مشرقة مستنيرة.. فإن الإنسان لا يذكر في القرآن إلا ومعه الميل إلى الشر.. ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ (الأحزاب: 72) ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ (العاديات: 6).. ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ (العصر: 1-2) ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ (المعارج: 19-21).. وذلك يا أخي.. لأن النفس الإنسانية حينما احتلت هذا الجسم.. وهي بوضعها الرباني.. نسيت وجهلت وتطبعت بطابع الإناء والوعاء الذي نزلت فيه. تطبعت بميول المادة وبخصائصها..ليس هذا فحسب.. بل إن الشيطان قد سيطر عليها.. وما زال يسيطر عليها ويزين لها...
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
شخصية «الحمار في الفكر والأدب«۱۰»- مختارات من الشعر الإسباني.. « أنا وحماري»
نشر في العدد 1986
14
الجمعة 20-يناير-2012