; من الحياة.. التغيير طريق الترقي | مجلة المجتمع

العنوان من الحياة.. التغيير طريق الترقي

الكاتب أ. د. سمير يونس

تاريخ النشر السبت 07-يوليو-2007

مشاهدات 15

نشر في العدد 1759

نشر في الصفحة 57

السبت 07-يوليو-2007

 لقد صار التغيير علما له أهله وأصوله واستراتيجياته وفنياته وآلياته، وغدت جامعات العالم تدرس هذا العلم وتجري فيه دراسات وبحوثاً كثيرة متعددة.

 وما صار التغيير علما له ثقله وأهميته إلا لكونه طريقاً لترقي الفرد ورقي المجتمعات والأمم، ينطق بذلك واقع الأفراد والمجتمعات والأمم. وحسبي في هذا السياق أن أذكر القارئ بما حدث في عام ١٩٥٧م عندما أطلق ما كان يسمى بـ الاتحاد السوفييتي، أول سفينة فضاء وهنالك قامت ثورة تغيير تعليمية بالولايات المتحدة الأمريكية قامت بتغيير المناهج التعليمية والقائمين عليها، وما هي إلا سنوات حتى غدت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر تفوقا من الاتحاد السوفييتي في علوم الفضاء

ماهية التغيير

يقال في اللغة تغايرت الأشياء أي اختلفت والتغيير هو الانتقال من حال الواقع الراهن إلى حالة منشودة ومأمولة.

ولقد دعانا القرآن إلى التغيير، فقال الحق سبحانه وتعالى ﴿إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم (الرعد ۱۱). من هنا تتضح أهمية التغيير وضرورته على المستويين الفردي والجماعي.

 فعلى المستوى الفردي إذا أردت أن تغير ذاتك فيجب عليك أن تديم سؤال نفسك: هل أنا راض عن علاقتي بربي؟ هل أنا راض عن علاقتي بنفسي؟ هل أنا راض عن علاقتي بالآخرين، خاصة والدتي وإخوتي وذوي رحمي ؟ هل أنا راض عن إنجازاتي في حياتي؟ هل حققت كل أهدافي في حياتي ؟ ماذا تحقق ؟ وماذا بقي ؟ وبم أحلم؟

 إن الفرد الذي يديم سؤال نفسه هكذا هو القادر فعلاً على تغيير ذاته، فهو دائما - حتى بعد تحقيق نجاحاته . يقول: أنا سعيد، لكن يجب أن أكون أسعد.. أنا أنجزت لكن ينبغي أن أنجز أكثر، والمسلم لا تنقطع آماله وأحلامه أبداً ولا تتوقف، إنها ترنو إلى آفاق عليا، ترقى وترقى إلى أن تجاوز السماوات. إنه يتطلع إلى عيشة هنيئة أعظم وأمتع من حياته على الأرض، فهو لا يحلم بالجنة فحسب بل يحلم بالفردوس الأعلى ويعمل لنيل هذه المرتبة الرفيعة.

النبي صلى الله عليه وسلم وسلم في الأحزاب

روى البخاري عن جابر قال: «إنا يوم الخندق، فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي فقالوا هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل .. ثم قام وبطنه معصوب بحجر - ولبثنا ثلاثة لا تذوق ذواقا - فأخذ النبي صلي الله عليه وسلم المعول، فضرب فعاد كتيبا أهيل أو أهيم». (رواه البخاري ) ومعنى فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم: أي صار رملاً لا يتماسك.

 فانظر إليه صلى الله عليه وسلم كيف غير حال المسلمين من الخوف . الذي وصفه أحدهم بأنه حال بينهم وبين قضاء الحاجة . إلى حالة من الشجاعة والثبات، وكيف غير حالهم من اليأس إلى الأمل. قال البراء لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم  : فجاءه وأخذ المعول فقال: «بسم الله ، ثم ضرب ضربة وقال الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة ، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن ، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله ، فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني» (رواه أحمد).

فالقادرون على التغيير - كما رأينا رسولنا الكريم - يمتلكون العزائم القوية والهمم العالية، ويبادرون بالتغيير مهما كانت الظروف، وهذا على عكس ديدن القاعدين الكسالى وهؤلاء قال فيهم شاعرنا

 قالوا السعادة في السكون وفي الخمول وفي الخمود

في العيش بين الأهل لا عيش المهاجر والطريد

في لقمة تأتى إليك بغير ما جهد جهيد

 في المشي خلف الركب يداس وفي خطو جهيد

 في أن تقول كما يقال فلا اعتراض ولا ردود

 في أن تسير مع القطيع وأن تقاد ولا تقود

 في أن تعيش كما يراد ولا تعيش كما تريد

 قلت الحياة هي التحرك لا السكون ولا الخمود

 وهي التفاعل والتطور لا التحجر والجحود

 وهي الجهاد وهل يجاهد من تعلق بالقعود

 وهي الشعور بالانتصار ولا انتصار بلا جهود 

وهي التلذذ بالمتاعب لا التلذذ بالرقود

 هي أن تذود عن الحياض وأي حر لا يذود ؟

 هي أن تحس بأن كأس الذل من ماء صديد

 هي أن تعيش خليفة في الأرض شأنك أن تسود

 وتقول لا بملء فيك لكل جبار عنيد

 هذي الحياة وشأنها من عهد آدم والجدود

 فإذا ركنت إلى السكون فلذ بسكان اللحود

لماذا التغيير؟

لرافضي التغيير حجج داحضة واهية باطلة، فهم تارة يقولون ليس في الإمكان أبدع مما كان، وتارة أخرى يتحججون بأن أوضاعهم الراهنة لا تمكنهم من أي تغير وبعضهم من العوام يقولون، كده وأقل من كده رضا، وما أحوجهم إلى مدارسة فقه الرضا والقناعة، لأنهم يستخدمون المفاهيم في غير مواضعها، فهم في حالة النجاح يظنون أن نجاحا صغيرا هو بلوغ المراد وغاية الإنسان، وعند الفشل يتذرعون بضيق الإمكانات وسوء الظروف، ولا يلتفتون إلى أن رب العزة أمرهم بالمبادرة بالتغيير لا انتظار تحسن الظروف،﴿إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم (الرعد: ۱۱).

يقول أينشتاين لن تستطيع أن نحل المشاكل المزمنة التي نواجهها بنفس العقلية التي أوجدت المشكلة.. وتلك دعوة صريحة وقوية من أينشتاين إلى التغيير، في حالة الفشل وتراكم المشكلات وسوء الظروف .. فهل لرافضي التغيير بعد ذلك من حجة أو ذريعة؟!!

([1])  أستاذ المناهج وأساليب التربية الإسلامية المساعد.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

عبر من موقعة أحد

نشر في العدد 8

52

الثلاثاء 05-مايو-1970

الأمير.. أجير؟!

نشر في العدد 31

24

الثلاثاء 13-أكتوبر-1970