العنوان من الحياة - امتحانات بلا قلق
الكاتب أ. د. سمير يونس
تاريخ النشر السبت 03-مايو-2008
مشاهدات 21
نشر في العدد 1800
نشر في الصفحة 59

السبت 03-مايو-2008
تعتري أولادنا وبيوتنا في أيام الامتحانات وقبلها أجواء من الخوف والقلق، ويعرف علماء النفس قلق الامتحانات بأنه: «حالة نفسية تتصف بالخوف وتوقع الإحباط والفشل، تؤدي إلى انفعالات مبالغ فيها، تشغل الطالب عن التركيز، بسبب إدراك الطالب -خطأ- أن الإمتحان هو تهديد شخصي له.
ويفرق علماء النفس بين نوعين من القلق، قلق طبيعي وهو المألوف في درجاته المعتادة غير المبالغ فيها، ويعد ذلك دافعًا إيجابيًا نحو النجاح والتفوق فالطالب الذي لا يوجد لديه أدنى قلق من الاختبار هو طالب مصاب باللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية، وتلك معضلة يعانيها كثير من الطلاب، ويكتوي بنارها أولياء الأمور، أما إذا تضخم القلق لدى أولادنا، وزاد على معدله الطبيعي، فذلك هو القلق الذي لا نريده، وغالبًا ما تصاحبه بعض المظاهر والأعراض.
مظاهر وأعراض القلق السلبي
غالبًا ما يصاحب هذا القلق فقدان الشهية للطعام، وضعف التركيز، وتسلط بعض الوساوس، وجفاف الحلق، وسرعة التنفس، واضطراب ضربات القلب، وكثرة العرق، وارتعاش اليدين وبرودة الأطراف، والغثيان، وكثرة دخول الحمام، والسرحان، وكثرة التفكير في الامتحانات وعواقبها السلبية، وقد يتساءل الطالب أو الآباء: ما الأسباب المؤدية إلى هذا القلق؟
العوامل المؤدية إلى القلق
ثمة أسباب وعوامل متعددة يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بقلق الامتحانات، أهمها:
أ- شخصية الطالب: فقد يكون الطالب من ذوي الشخصيات القلقة، أي يحمل صفة القلق في أموره المعيشية، ومن ثم يأتي الامتحان فيزيده قلقًا، وهذا على خلاف الشخصية الهادئة المطمئنة.
ب- طبيعة موقف الامتحان: فموقف الامتحان في ذاته يثير الخوف والقلق، وخاصة لدى ضعيفي الإيمان، أو ضعيفي الثقة بالنفس.
جـ- المبالغة في حرصه على التفوق، سواء أكان هو المبالغ أم أسرته، فشدة الحرص وزيادته قد تؤدي بالطالب إلى الإصابة بالقلق.
د- عدم الاستعداد للامتحانات: فالطالب الذي لم يذاكر دروسه طوال العام، ولم تكن لديه خطة لذلك، ولم يهيئ نفسه للاختبار ولم يتدرب على حل أسئلة الاختبارات يتوقع أن يصاب بالقلق.
هـ- تهديدات المعلمين للطلاب: فبعض المعلمين قد يثيرون الخوف لدى طلابهم، وخاصة عندما يتوعدونهم بوضع امتحانات صعبة، عقابًا لهم.
و- ممارسات الآباء وقسوتهم: فبعض الآباء يرهبون أولادهم ويتوعدونهم إذا لم يحصلوا على درجات معينة، وهذا يصيب الأولاد بالذعر، حيث يخافون سوء النتائج، ومن ثم غلظ العقوبة.
و- انتقال العدوى: فقد يصاب الطالب بقلق الامتحانات من أصدقائه المعروفين بالقلق، وخاصة إذا كانوا مقربين إليه، ويتعامل معهم كثير.
والسؤال الآن هو: ما الطريق إلى وقاية الأبناء من القلق وعلاجه؟
1- تجنب الأسباب المؤدية إلى القلق، والتي سبق ذكرها آنفًا.
2- الحرص دائمًا على زيادة الإيمان، لما يبثه في النفس من طمأنينة القلب، وسكينة النفس، ولزيادة الإيمان وسائل عملية كثيرة، من أهمها:
- الإكثار من تلاوة القرآن الكريم. قال تعالى: ﴿كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ (الفرقان: 32).
ب-ترديد الأدعية المأثورة والأذكار، قال تعالى، ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: 28)
جــ- التفكر في نعم الله تعالى وآياته ورحمته وتفريجه للهم والكرب.
د- المواظبة على العبادات بشمولها فرائضها ونوافلها، بما في ذلك الطمع في كرمه سبحانه وتعالى والاعتراف بفضله.
ه- مصاحبة الأخيار من الطلاب ذوي الطمأنينة والسكينة والإيمان.
و- الإكثار من الاستغفار، فيه نحصل خيري الدنيا والآخرة، قال تعالى حكاية عن نوح عليه السلام لقومه: ﴿فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا *يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا * وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا *﴾ (نوح: 10:12).
ز- الاستقامة: فهي من أعظم أسباب الرزق وعطاء الله سبحانه، قال تعالى، ﴿وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا﴾ (الجن: 16).
3-مساعدة الطلاب على اختيار تخصصاتهم من وقت مبكر، وتجنب أولياء الأمور إجبارهم على تخصص معين لا يلبي ميولهم واهتماماتهم.
4-حرص أولياء الأمور على توفير بيئة هادئة تملؤها السكينة وتجنب أي أسباب تؤدي إلى توتر الطالب وإصابته بالقلق.
5- تدريب الطالب على اجتياز الامتحانات، سواء من قبل المعلم، أم من قبل ولي الأمر، أم ذاتيًّا بمبادرة من الطالب، فهناك النماذج ذات الإجابات التي تمكن الطالب من ذلك.
6- استخدام القدوة أو النموذج، كمشاهدة الطالب لبعض الطلاب الناجحين الواثقين بأنفسهم، أو القراءة عن سيرتهم وشجاعتهم ونجاحاتهم، وكذلك القراءة في سير القادة المسلمين والأبطال.
7-ممارسة بعض أنماط الاسترخاء المعالجة للقلق، كأن ينام الطالب مسترخيًا، مغمض العينين، في مكان هادئ، ويحاول تذكر مواقف نجاحه في الامتحانات والحياة، ولذلك أيضًا تمارين بدنية معروفة.
8- تذكر يوم الامتحان الأكبر، حتى يهون على نفسه من وقع هذا الامتحان الدنيوي.
9- تعويد الطالب أن الاختبار ما هو إلا أداة لقياس تحصيله الدراسي، وليس هدفًا في ذاته، وليس موقفًا انتقاميًّا من شخص.
۱۰- اتباع الطالب للطرق الفعالة للمذاكرة والمراجعة.
ولأهمية الطرق الفعالة في الاستذكار والمراجعة، فسوف أفرد لها المقال القادم بمشيئة الله تعالى.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

