العنوان من قصص الحج- حين خشع قلب التركماني وكيف استعاد الخراساني ماله؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 27-فبراير-2001
مشاهدات 12
نشر في العدد 1440
نشر في الصفحة 57
الثلاثاء 27-فبراير-2001
﴿ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ (آل عمران: 97)
"قصد البيت الحرام لأداء أعمال مخصوصة في زمن مخصوص لمن استطاع إليه سبيلًا" هذا هو الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، الذي فرضه الله تعالى على كل بالغ عاقل مستطيع. يقول عز وجل: ﴿ ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ ﴾ (البقرة: ۱۹۷).
ويقول تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ﴾ (البقرة: ١٩٦)
ويقول سبحانه:
﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾(آل عمران: 97)
ويقول جل ذكره :
﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)﴾ (الحَج : 27)
وعن الحج المبرور يقول رسول الهدى: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (متفق عليه)، ويقول الرسول الكريم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» "متفق عليه". إن الفريضة الحج، وفي موسمه وأيامه من الروائع والفضائل ما يعجز المرء عن وصفه، بيد أنه يمكن إيراد بعض المواقف والقصص لاستجلاء الدروس والعبر.
بين عمر وعبد الله
يقول أبو سعيد الخدري- رضي الله عنه .. حججنا مع عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- في أول خلافته، فدخل المسجد الحرام حتى وقف على الحجر ثم قال: إنك حجر لا تضر ولا تنفع لولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك. وعن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما – أن رجلًا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله بن عمر وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه، قال ابن دينار فقلت له أصلحك الله إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير، فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان ودًا لعمر بن الخطاب، وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه». ومن هاتين القضيتين نفهم كيف يكون التأسي والاقتداء برسول الهدى ﷺ وكيف يكون بر الوالدين بعد موتهما، ويا لها من دروس وحكي عن معروف القاضي أن الحجيج كانوا يجتهدون في الدعاء وفيهم رجل من التركمان ساكت لا يحسن أن يدعو فخشع قلبه وبكى فقال بلغته اللهم إن كنت تعلم أني لا أحسن شيئًا من الدعاء، فأسألك ما يطلبون منك بما دعوا فرأى بعض الصالحين في منامه أن الله قبل حج الناس بدعوة ذلك التركماني لما نظر إلى نفسه الفاقة والعجز.
ابن القيم.. وابن الجوزي
وقال ابن قيم الجوزية- يرحمه الله-: «عندما كنت مقيمًا بمكة، كان يعرض لي آلام مزعجة بحيث تكاد تنقطع الحركة مني، وذلك في أثناء الطواف، وغيره فأبادر إلى قراءة الفاتحة، وأمسح بها على محل الألم فكأنه حصاة تسقط جربت ذلك مرارًا، وكنت أخذ قدحًا من ماء زمزم، فأقرأ عليه الفاتحة مرارًا فأشربه فأجد من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء..
نعم الناس دون رحمة الله تعالى عاجزون ضعفة، فقراء مرضى، وبقوة الإيمان وصحة اليقين والاعتماد عليه عز وجل تلبي الدعوات ويشفى المرضى.
قال ابن الجوزي- يرحمه الله- : حدثت أن بعض التجار قدم من خراسان ليحج فتأهب للحج، وبقي من ماله ألف دينار لا يحتاج إليها. فقال إن حملتها خاطرت بها وإن أودعتها خفت جحد المودع، فمضى إلى الصحراء فرأى شجرة خروع، فحفر تحتها، ودفنها، ولم يره أحد ثم خرج إلى الحج وعاد، فحضر المكان فلم يجد شيئًا فجعل يبكي ويلطم وجهه، فإذا سئل عن حالته، قال الأرض سرقت مالي. فلما كثر ذلك منه قيل له: لو قصدت عضد الدولة فإن له فطنة. فقال أو يعلم الغيب؟ فقيل له: لا بأس، فقصده فأخبره قصته فجمع الأطباء وقال لهم هل داويتم في هذه السنة أحدًا بعروق الخروع فقال أحدهم أنا داويت فلانًا، وهو من خواصك، فقال: علي به فجاء فقال له هل تداويت في هذه السنة بعروق الخروع، قال: نعم، قال: من جاءك به؟ قال فلان الفراش قال علي به، فلما جاء قال من أين أخذت عروق الخروع فقال من المكان الفلاني، فقال: اذهب بهذا معك فأره المكان الذي أخذت منه، فذهب معه بصاحب المال إلى تلك الشجرة. وقال من هذه الشجرة أخذت فقال الرجل: ههنا والله تركت مالي، فرجع إلى عضد الدولة فأخبره، فقال للفراش: هلم بالمال، فتلكأ فأوعده وهدده، فأحضر المال. يا لها من فراسة، وفطنة، وذكاء، وحذق ولله در عضد الدولة.
العائن.. وصاحب الفاقة
يقول أبو عبد الله الساجي . يرحمه الله . كنت في بعض أسفاري للحج، وأنا أركب ناقة فارهة. وكان في الرفقة رجل عائن، قلما نظر إلى شيء إلا أتلفه، فقيل لأبي عبد الله: احفظ ناقتك من العائن، فقال ليس له إلى ناقتي من سبيل، فأخبر العائن بقوله، فتحين غيبة أبي عبد الله فجاء إلى رحله، فنظر إلى الناقة، فاضطربت وسقطت فجاء أبو عبد الله فأخبر أن العائن قد عانها، وهي كما ترى، فقال: دلوني عليه، فدل فوقف عليه، وقال: بسم الله حبس حابس، وحجر يابس، وشهاب قابس وردت عين العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه:
﴿فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ ٣ ثُمَّ ٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ كَرَّتَيۡنِ يَنقَلِبۡ إِلَيۡكَ ٱلۡبَصَرُ خَاسِئٗا وَهُوَ حَسِير﴾ (المُلۡك : 3- 4)
فخرجت حدقتا العائن وقامت الناقة لا بأس بها.
أين هذا العائن، وأمثاله من هدي رسول الله ﷺ القائل: «إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه شيئًا يعجبه، فليدع بالبركة، فإن العين حق»
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل