; بريد المجتمع- العدد 1034 | مجلة المجتمع

العنوان بريد المجتمع- العدد 1034

الكاتب بأقلام القراء

تاريخ النشر الثلاثاء 19-يناير-1993

مشاهدات 18

نشر في العدد 1034

نشر في الصفحة 62

الثلاثاء 19-يناير-1993

من محن المسلمين

يعيش المسلمون في هذه السنين في محن وابتلاء، وهذه سنة الله في خلقه فالله يبتلى عباده بالضراء كما يبتليهم بالسراء، يقول جل وعلا: ﴿الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ(العنكبوت: 1- 3) والابتلاء يظهر الصادق في إيمانه من الكاذب، ومن ابتلاء الشعوب الإسلامية تولي بعض الظلمة والمنحرفين عن طريق الحق والصواب ومعاونة أعداء الإسلام لهم في تصرفاتهم وتسلطهم على شعوبهم؛ إما بطريق مباشر أو غير مباشر، وتظاهرهم بأنهم في صف الشعوب وحقوق الإنسان يمدونهم بالغذاء والكساء والدواء ويغرون الطغاة من المتولين على شعوبهم بالنار والحديد على ضربهم باسم الإصلاح وقمع الخارجين على النظام. وقد يكون النزاع بين أكثر من سلطة والضحية في كل الحالات هم الشعوب المغلوبة على أمرها فيحصل التشريد للضعفاء من أطفال ونساء وكبار السن بعد إيقاد، فإن الحروب وإذكائها بالأسلحة والمواد الفتاكة فيتباكى الأعداء على ما يحصل للشعوب الإسلامية باسم حقوق الإنسان، في حين أنهم يطعنون الشعوب من الخلف بحرابهم المسنونة من الطغاة الظلمة والمتعاونين مع الأعداء على قمع الإسلام والقضاء عليه وعلى شعوبه، وما يحصل ويدور في البوسنة والهرسك والصومال نموذجان من تخطيط الأعداء. ومن المأسوف له أن الولاة من المسلمين يقفون موقف المتخاذل إن لم يكن المتعاون مع الأعداء.. إنها الذلة والمهانة والعار على المسلمين مع ما لديهم من قوة معنوية ومادية وكثرة شعوب، فهل يعوا ما هم فيه وما وصلوا إليه من انحطاط فيرجعوا إلى الله ويصدقوا في نصره ويمسحوا ما علق بهم من عار، أرجو ذلك قريبًا إن شاء الله، والله جل وعلا ينصر من ينصره؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (الحج: 39- 41).

عبد العزيز محمد العقيل

الرياض- محكمة التمييز

مأساة الحجاب في تونس

إنه من المؤسف اليوم أن تكون كلمة الحق مغتصبة في بلاد الإسلام، تحارب في كل مكان ويشدد الحصار عليها باسم التطرف والإرهاب والأصولية وغيرها من الألفاظ الأيديولوجية المصطنعة، ولكن مهما ضيق الحصار عليها وزرعت الأشواك في طريقها ستبقى دائمًا رسالة كل مؤمن ومؤمنة اعتزوا بهذا الدين ودخل الإيمان قلوبهم فصارت كلمة الحق عندهم مسئولية عظيمة اليوم، وحسابًا ثقيلًا في اليوم الآخر.

نعم إن حلم كل مؤمن من هؤلاء هو أن يعيش في ظل الحق، والحق بالنسبة له هو مجتمع إسلامي نظيف يحس من خلاله بإسلامه ويبرهن لإخوانه «المتمسلمين» الذين خدعهم بريق الحضارة الغربية وجرفهم التيار، بل للعالم كله، أن الإسلام ليس تاريخًا نعتز بروايته ونتفاخر بمجده وأبطاله، وليس مجرد روحانيات وابتهالات نلجأ إليها عندما تخدعنا المادة ويظهر لنا إفلاسها، بل إن الإسلام اليوم هو جهاد نواصله لإعلاء كلمة الله في الأرض ولإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.. وتونس الخضراء تزخر بهؤلاء المجاهدين الذين وهبوا حياتهم للإسلام، وها هم اليوم أكثر من ثلاثين ألف رجل يقفون وراء القضبان يعانون التعذيب والحرمان، وقد تركوا وراءهم مأساة أفظع وأروع من مأساتهم! مأساة أطفال أبرياء فقدوا حنان الأبوة وزوجة تشكو الضياع والحرمان بعد أن شدد الحصار عليها، فقد منعت عنها المساعدة خوفًا من أن يتهم صاحب اليد الكريمة بتهمة مساعدة المتطرفين ويودع إلى السجن، وكيف المصير والشغل يقابل بشرط أفظع وهو نزع الحجاب؟!

إن نزع الحجاب اليوم في تونس مأساة فظيعة نجح الظلام في التخطيط لها بفضل أياد غربية ماكرة، فقد أعلن رسميًّا منع الحجاب في تونس بعد أن كان يحارب بطريقة خفية على أساس أنه لباس طائفي متطرف، لذلك فقد طردت كل المتحجبات من المدارس والمعاهد والكليات، ومنع منعًا باتًّا تشغيلهن، بل الأفظع من ذلك كله أنه لا يجوز لهن استخراج أي أوراق رسمية من ذلك جواز السفر أو شهادة ولادة وغيرها من الوثائق الهامة!

لقد صارت المتحجبة في تونس مرفوضة ولا يعترف رسميًّا بوجودها وحتى المستشفيات والمستوصفات العامة فقد منعت عليها إلا بذلك الشرط اللعين وهو نزع الحجاب. وفي المقابل يزداد عدد مشاريع الملاهي الليلية والنزل السياحية وأماكن الفساد والرذيلة بقروض من فرنسا، ثم لا عجب أن يقول البعض: إن تونس تحافظ على دينها الإسلامي الحنيف.

وأمام هذا الوضع المشين أضم صوتي إلى صوت بقية المتحجبات في تونس لننادي رجال أمتنا الإسلامية كي يوقفوا هذه المأساة وينتصر الحق ولا تنتصر فرنسا التي تريد أن تجعل من المجتمع التونسي مجتمعًا إسلاميًّا على الطراز الفرنسي!

ولكن أعود فأقول: إننا نرفض هذه المهزلة، ومهما زرعوا لنا الأشواك وضيق الحصار علينا فإننا صامدون في وجه الباطل، ونرى النصر قريبًا بإذن الله، مرددين آية عظيمة في كتاب الله: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (التوبة: 32).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أم شيماء- تونس

ردود خاصة

بمناسبة مرور خمس سنوات على الانتفاضة المباركة كتب أحد الإخوة يقول: أيها المجاهدون في أرض الإسراء والمعراج، إني لأشم عبق النصر من أكفكم المتوضئة وجباهكم الساجدة، فيا من أعدتم لنا العزة ورفعتم رؤوسنا وزرعتم فينا نبت الأمل، اثبتوا واصبروا وصابروا واضربوا، إن الله معكم، ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج: 40) كنا نود نشر الرسالة كاملة لكن صاحبها أغفل ذكر اسمه عليها، مما منعنا من نشرها عملًا بما التزمنا به في مثل هذه الحالة.

• الأخت أم مهاجر- السعودية: نشاركك الهم والأسى لما حل بالأطفال في البوسنة والهرسك، وإذا كان العالم قد تخلى عنهم تبعًا لمصالحه وأهوائه، فإن الله تباركت أسماؤه لن يتركهم وسيسخر لهم من يرعاهم ويعتني بهم، ندعو الله أن يحفظهم ليكون منهم بإذن الله تعالى من يعيد الأمل لأهله وبلاده والجيل الواعي المزود بكل وسائل المواجهة الثقافية والمادية لئلا تتكرر مأساة أمته ثانية.. وما ذلك على الله بعزيز.

• الأخ/ ظافر بن فرحان القرني- السعودية: سبق أن نشرنا تعقيبًا على الفتوى المذكورة وردًّا على التعقيب من الدكتور صاحب الفتوى.. والمسألة فيها خلاف من قديم، وهي اجتهادية، ولكل مجتهد أجر إن أخطأ، وأجران إن أصاب، وليسعنا ما وسع سلف الأمة رضوان الله عليهم الذين كانوا يختلفون ويشتد الخلاف بينهم؛ لكنهم كانوا يحافظون على أدب الخلاف واحترام الرأي الآخر.. مع التحية.

• الأخ مروان بن علية- الجزائر: نرحب بك أخًا عزيزًا وصديقًا مخلصًا، ونرجو أن يستمر التواصل، داعين الله أن يلهمك الرشد ويسدد لك الخطوات ويحقق لك ما تصبو إليه من آمال.

• الأخ/ علي السليمان الحويسي- السعودية: لا نظن أن الأخت قصدت من كلامها ما فهمته من أن المرأة في البيت تكميل عدد؛ وإن كانت عبارتها توحي بشيء من ذلك، وقد حولنا رسالتك للأخت الكاتبة لترى رأيها فيها، والله يحفظك ويرعاك.

تحية إلى المجتمع

تفاعلا مع افتتاحية العدد ۱۰٢٧ أكتب لكم هذه الكلمات القليلة تعبيرًا عن شكري لكم وللعاملين على مجلتكم الغراء لكل المجهود المثمر والبناء والمبذول من أجل الارتقاء بمجلة المجتمع إخراجًا وتحريرًا ومادة، فلكم منا أصدق التبريكات على ما حققتموه من تطور للمجلة، وأسأل الله العلي القدير أن يوفقكم ويسدد خطاكم لما يحبه ويرضاه.

أخوكم/ عائض العمران

مدير مشاريع إدارة الهندسة الصناعية- الخطوط السعودية- جدة

هدية غالية

هديتك الغالية وصلتنا، وها نحن اليوم نحتفل بالهدية وسنبقى نحتفل كأننا في عرس حتى تصبحين أنت الهدية. أرسلت لنا رجالًا كنا نقرأ عنهم في تاريخ كتبته أيد وفية، وكنا نحسب أن تاريخنا من الماضي وأنه لم يبق منه بقية، وكنا نذرف الدمع سخيًّا ونسأل الله أن يخفف عنا البلية، فشر الناس طرًّا يعيثون فسادًا في بلاد قدسية.

وكنا ندعو الله أن يزيح عنا شعار العتمة والظلمة والعنجهية، ونتساءل عن النور: متى يحين وقت إشعاعه ليعم الدفء البشرية؟ فنحن في صقيع حتى يمن الله بالنور على البرية تلمسنا منابع النور في أماكن كثيرة وفيرة وغنية، وانتظرنا وطال انتظارنا ونحن نرمق الأفق ببصائر محمدية، ويحين الوقت ويخرج الشعاع من جنوب لبنان آت من إسرائيل هدية، وتشاء الأقدار الإلهية أن تسخر من إسرائيل الغبية!

فأنت لم ترسلي لنا شبابًا أو رجالًا عاديين كالبقية؛ وإنما أساتذة يعلمون الإنسان كيف يمتهن صنعة الحرية، إيمانهم لو وضع في كفة وجبال الأرض في أخرى لرجحت كفتهم الإيمانية، والصبر أصبح تلميذًا يتعلم كيف يكون الثبات في الملمات العصية، العذابات والجراح تحولت مع أولاء إلى دواء ناجع لأمتنا الإسلامية، وجرائم الإبعاد نعمة فاستبشري با غزة واغمري الضفة الغربية، وتهللي يا قدس فمسرى نبيك أضحيا اليوم مفتخرًا برجالاته الأبية، وتكلل يا مرج الزهور بأغراس إسلامية تنمو في أحشائك نباتات ربانية، واستبشري يا جموع المرج بإحدى الحسنيين: نصر أو جنات علية، واعلمي أن أكف إخوانك في مشارق الأرض تدعوا لك نهارًا وعشية: ربنا هؤلاء فتية آمنوا بك واتبعوا نهجك فاكتب لهم الحرية.

جيوش حق تصرخ: الله أكبر، فيرتعد يهودي ويختبأ خلف يهودية، فوعد الله آت لا تؤخره عمليات إبعاد وممارسات تعسفية.

سلام الأمين- صيدا- لبنان

ثناء وتشجيع

الإخوة أسرة التحرير بمجلة المجتمع الغراء- الكويت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

يصلنا صوتكم كل أسبوع فنستبشر به خيرًا ونحرص على تلقي مجلتكم الحبيبة كغائب يأتينا بعد شوق له، وما ثناؤكم الذي نشرتموه على إقبال القراء في السعودية إلا دليل نجاح لكم، ودليل على تنامي الوعي لدى القراء في العالم العربي بشكل عام؛ مما يزيد عليكم التبعة في التحسين المتواصل.

أرسل هذه الرسالة بعد قراءتي للعدد ۱۰۲۸ حيث اطلعت على المقال الذي هو بعنوان «إسرائيل والموعد» بقلم القارئ عبد الرحمن عبد الوهاب من المدينة المنورة، لأبدي رأيي في المقال، وأرجو أن تصله نسخة من هذه الرسالة:

أخي الحبيب.. جزاك الله خيرًا على المقال، وقد أعجبني فيه حسن التجميع ومتابعة الأخبار والربط العقائدي، وهذه النظرة السديدة لحقيقة العداء.

فإلى المزيد من العطاء، وأرجو أن تحاول جاهدًا نشر مثل هذه المقالات في الصحف والمجلات المحلية، وأن تصطبر على ذلك.

تمنياتي للجميع بالتوفيق والسداد.

أخوكم/ د. صالح سعد الأنصاري

السعودية- الخبر- مستشفى الملك فهد الجامعي

رسالة من قارئ

النفخ في النار لحساب من؟

بقلم: أبو بكر ذكري- الكويت

بادئ ذي بدء أتوجه بمجموعة أسئلة لكل ذي عقل لبيب، وفكر مجرد عن الهوى: «هل ما يسمى بالتطرف أو الإرهاب حقيقة واقعة في المجتمعات الإسلامية؟».

وإذا كان الجواب بنعم، «فهل له مثل هذا الحجم الذي تبرزه به وسائل الإعلام المحلية والأجنبية؟ وهل هو قاصر على فئة واحدة في المجتمع المسلم -هي فئة ما يسمى بالأصوليين أو الإسلاميين؟ وهل وجوده قاصر على البلاد الإسلامية فقط؟ وفي العشرين عامًا الأخيرة بالذات؟ وهل توجد بقعة على خريطة العالم -قديمًا وحديثًا- تخلو من حوادث العنف؟

إن المستقرئ لصفحات التاريخ يجد أنه لا يخلو مجتمع في أي عصر من الغلو والشطط، بل يمكن القول بأن الإفراط أو التفريط إحدى السنن الكونية.

وكلما اشتد التطرف -إفراطًا أو تفريطًا- قامت دعوات المصلحين تنادي بالوسطية. ومن أجل صفات الأمة الإسلامية في أكثر من موضع في القرآن الكريم صفة الوسطية: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا (البقرة: 143) لذا يمكن القول بأن التطرف غريب على المجتمع المسلم، وليس من الإسلام في شيء، فكيف لو وصف التطرف بالإسلام «التطرف الإسلامي»، وكيف لو التصقت تهمة التطرف بالإسلاميين «المتطرفون الإسلاميون»، بل لقد أصبحت كلمة التطرف مرادفة لكلمة الإسلام، فكلما ذكر التطرف أو الإرهاب في إحدى وسائل الإعلام تبادر لذهن القارئ أو السامع أنهم المسلمون.

كيف نحارب ديننا بأنفسنا؟! وكيف نعطي غير المسلمين هذه الفكرة المشوهة عن الإسلام؟!

أليس هذا هو الصد عن سبيل الله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (محمد: 1). أليس هذا هو فتنة غير المسلمين عن الإسلام وتضليلهم عنه: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(الممتحنة: 5).

كلما وقعت جريمة بادرت أجهزة الأمن بالتصريح أن وراءها مخططا إرهابيا، وبادرت أجهزة الأمن بترويج هذه التصريحات ونشرها.

جرائم عادية من قتل أو سرقة أو نهب تقع في كل مجتمع وفي كل عصر من الأشقياء والمارقين عن سطوة القانون؛ لكن يبدو أن المجتمعات الإسلامية تطهرت من السارق والقاتل وقاطع الطريق والمعتدي على الأعراض، تطهرت المجتمعات الإسلامية من كل هذه الفئات، وذلك بفضل أجهزة الأمن التي أرسلتها العناية الإلهية الحماية هذه المجتمعات، فطهرتها من كل الخارجين على القانون إلا من فئة واحدة هي فئة «الإرهابيون» «الإسلاميون» لذلك حصرت كل جهدها وحشدت كل عدد وعدة لمكافحة هذه الفئة التي أصبحت آفة العصر. بل أصبحت الشماعة التي يعلق عليها كل فشل لأجهزة الأمن في وضع يدها على الجناة الحقيقيين، وبذلك يختفي الفاعل الحقيقي، وتقيد الجريمة «ضد إرهابي»، كما نرى في المسلسلات «وقيدت ضد مجهول».

انفجار في قطار: تشير أصابع الاتهام أن وراء الحادث متطرفين! وكذلك إن وقع اعتداء على أتوبيس أو سرقة محل مجوهرات، أو واقعة ثأر بين عائلتين إحداهما مسيحية، تشير أصابع الاتهام أن وراء الحادث متطرفين!

يا أجهزة الأمن.. يا وسائل الإعلام: اتقوا الله في دينكم ولا تكونوا أنتم أشد المحاربين له.. لا توقدوا نار الفتنة بين طوائف المجتمع، ولا تنفخوا فيها إذا بدا دخانها

أرى تحت الرماد وميض نار     ويوشك أن يكون لها ضرام

لقد وقعت حادثة ديروط بصعيد مصر في وقت متزامن مع حادث اعتداء أحد من الشرطة الأمريكان على زنجي. وقامت عدة ولايات على قدم وساق، وتفجرت فتنة أسفرت عن عشرات القتلى ومئات الجرحي وآلاف ألقي القبض عليهم؛ لكن كيف تناولت وسائل الإعلام العالمية -وفيها إعلامنا- كلتا الواقعتين؟

ذكرت الواقعة الأمريكية على هيئة خبر دون تعليق وانتهى في حينه. أما واقعة ديروط فأصبحت مادة الإعلام الخصبة منذ ما يقرب من عام، ولا زال العزف على أوتارها مستمرًّا.

لا يكاد يمر شهر دون أن يقع في المملكة المتحدة -وهي مهد الحضارة الغربية- حادث تفجير أو اغتيال؛ فيذكر خبرًا في إحدى نشرات اليوم، ولا يتكرر.

ولا نسمع عن تهمة تطرف أو إرهاب اجتاحت هذا المجتمع، فلماذا تلصق تهمة التطرف عمدًا بالمجتمعات الإسلامية؟!

وأين تهمة التطرف من أفعال أجهزة الأمن: مثل اعتقال آلاف الأبرياء وتعذيبهم ثم إخلاء سبيلهم لعدم ثبوت دليل ضدهم؟ ومثل ضرب عامل بسيط في مخبز حتى الموت لأنه باع لسيادة الشرطي خبزًا مثل الخبز الذي يأكله عامة الناس، ومثل... ومثل...

نسأل الله تعالى لكل من ولي أمرًا من أمور المسلمين أن يلهمه رشده ويجعل الحق على قلبه ولسانه ويده، ويكفي المجتمع المسلم شره.

الرابط المختصر :