; مهارات تعينك على التذكر.. الحلقة الثانية | مجلة المجتمع

العنوان مهارات تعينك على التذكر.. الحلقة الثانية

الكاتب د. نجيب الرفاعي

تاريخ النشر الثلاثاء 20-أكتوبر-1992

مشاهدات 21

نشر في العدد 1021

نشر في الصفحة 48

الثلاثاء 20-أكتوبر-1992

1- استخدام قدرات المخ الأيمن

إن المخ الأيمن يتميز عن المخ الأيسر بأنه يقوم بالأعمال التالية:

      -       الألوان.

      -       الخيال.

     -       أحلام اليقظة.

     -       الأبعاد.

     -       الألحان والأصوات.

فعلى قدر تشغيلك طاقة هذه المخ على قدر ضمان استرجاع المواد المخزنة فيه، فأنت كلما تخيلت الشيء المراد تذكره بألوانه الطبيعية وبأبعاده سواء الطبيعية أو المصطنعة كأن تتخيل هذا الشيء كبيرًا جدًّا كلما كانت نسبة استرجاع المعلومة أقوى.

أنت مثلًا لا تنسى اسم أقرب الناس إليك، أمك مثلًا.. والسبب الواضح لذلك أن صورة هذه الأم حالما تراها أمامك حتى ترجع إلى الملفات الكثيرة في مخك وتستخرج منها صورة الأم وتتخيلها ثم تذكر اسمها.. إن هذه العملية التي تظن أنها بسيطة ولم تأخذ جزءًا من الثانية إنما هي عملية مرت عبر أطوار ولكن بصورة سريعة جدًّا.. خذ مثالًا آخر.. الصديق منذ زمن لم تره..

قد يكون صديق الطفولة في قرارة نفسك تعرفه.. ولكن الاسم.. الاسم نسيته.. وتأتي مرحلة تقليب الملفات داخل المخ والبحث عن اسم هذا الصديق التي قد أحيانًا تأخذ وقتًا طويلًا وأحيانًا أخرى تأخذ وقتًا أقل.. جرب على كل حال تخيل هذه الصورة مع تلوينها ما أمكنك.. فإن ذلك سيساعدك كثيرًا في التعرف على ما نسيته.

2- الاهتمام والحماس

إن حماس الإنسان لهدف ما في حياته يعينه كثيرًا على عدم نسيان العناصر المرتبطة بهذا الهدف.. فكلما تحمس الإنسان لما يريد الوصول إليه تذكر الأمور المرتبطة والمتصلة بهذا الهدف فإذا كان أحد الموظفين على سبيل المثال في أحد المؤسسات التجارية يجد في حياته الوظيفية الحافز المادي والمعنوي حال إنجاز أعماله المكلف بها فإن ذاكرة هذا الموظف ستكون قوية، وتزداد قوة كلما أحب هذا الموظف وظيفته.. وعلى العكس من ذلك الطالب الذي يدرس مادة لا يحبها إما بسبب صعوبتها أو بسبب تعقيد المدرس من خلال شرحه للمادة أو غير ذلك من الأسباب مما يؤدي إلى ضعف في الحماس من هذا الطالب لدراسة هذه المادة، وبالتالي إلى النتيجة الطبيعية ضعف التذكر في تفاصيل هذه المادة.

3- الترابط

نستطيع أن نتذكر الأسماء بسهولة جدًّا إذا تم ربط هذه الأسماء بأشياء ملموسة ومحسوسة فلو أنك قابلت صديقًا جديدًا وكانت أشباه هذا الصديق تنطبق إلى حد كبير مع أشباه أبيك وكان اسم الصديق الجديد كذلك هو نفسه اسم أبيك فمن الأفضل ربط الشكلين مع بعض بمعنى لو قابلت هذا الصديق مرة أخري.. بعد شهر مثلًا فإنك تستطيع أن تذكر اسمه بربط شكله وشكل أبيك.. حيث يعطيك مخك اسم صديقك الجديد.

4- الترتيب والتنظيم

تستطيع أن تذكر الأشياء المترتبة والمنظمة بصورة أكبر لو كانت هذه الأشياء غير منظمة بشكل منظم سليم.. تقول كيف؟ دعني أطبق معك هذا الاختبار القصير: أخرج ورقة وقلمًا.. وبصورة سريعة وبدون إعادة حاول أن تقرأ الفقرة التالية ثم أعد كتابتها على الورقة التي معك:

(برتقال - قلم - بصل - كرسي - تفاح – سبورة - بطيخ - قرع - مدرسة – خيار) بعد المحاولة الأولى من هذا الاختبار دعني أعطك نفس المعلومات السابقة ولكن بطريقة أخري وحاول كذلك أن تعيد كتابها.

(برتقال - بطيخ – تفاح) (بصل- قرع- خيار) (كرسي - قلم - سبورة – مدرسة)

ستجد أنك في المحاولة الثانية استطعت استرجاع وتذكر المعلومة أكثر من المحاولة الأولى.

5- الاستماع

إن مكان الاستماع والتلقي يؤثر تأثيرًا بالغًا في حفظ أو فقدان المعلومات، فعلى سبيل المثال الطالب إن وجد فصلًا هادئًا يستطيع أن يستوعب المعلومات ويحفظها بل ويسترجعها أسرع من ذلك الطالب الذي يستمع إلى شرح المدرس وبجوار الفصل مصدر مزعج من الضجيج كآلات البناء وغيرها.

6- الصلاة والخشوع

الإنسان عندما يُهرَع إلى الصلاة ويتوجه إلى الله بالعبادة تتنازعه أفكار متعددة فيحاول أن يطردها ليحل محلها استحضار عظمة وروعة مناجاته، وإن هذا العمل الذي يتحمله المصلي لطرد الأفكار التي تتنازعه يحتاج إلى قوة ما ورهبة من الله وهو ما يسمى الخشوع.

والقرآن رتب على الخشوع في الصلاة الفلاح في الدنيا والآخرة قال الله تعالى: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ. ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ (المؤمنون:1-2) فالخاشعون هم الخاضعون لله والخائفون منه، وفسر الفخر الرازي الخشوع في الصلاة بأنه جمع الهمة لها والإعراض عما سواها. وهذا الخشوع هو وسيلة لتنمية ملكة حصر الذهن التي لها أكبر الأثر في نجاح الإنسان في هذه الحياة، ولهذا يحسن بنا أن نعرفها ونرى مبلغ أهميتها في نجاح الفرد.

يقول وليم ملتون مارسن الأخصائي في علم النفس: القدرة على تركيز الخواطر تجري مجرى العادة عند كل رجل بارز في كل باب من أبواب الحياة ففي أية لحظة معينة يركز الزعيم أو الرجل الفائق في أمر ما خواطره كلها في العمل المفرد الذي يكون عليه أن ينهض به، وأكثرنا تنقصه هذه القدرة على التركيز ويحيره ويفسد عليه أمره الاضطراب والشواغل والأهواء المتعارضة.. ثم يقول: والعقل الإنساني يستطيع أداء مدهش الكفاءة إذا ركز تركيزًا قويًّا حادًّا وهذه القدرة تكتسب بالمرانة، والمرانة تتطلب الصبر، فإن الانتقال من الشرود إلى حصر الذهن حصرًا بينًا محكمًا هو ثمرة الجهد الملح، فإذا استطعت أن ترد عقلك مرة بعد أخرى وخمسين مرة ومئة مرة إلى الموضوع الذي اعتزمت معالجته فإن الخواطر التي تتنازعك لا تلبث أن تخلي مكانها للموضوع الذي آثرته بالاختيار والعناية ثم تلقى نفسك آخر الأمر قادرًا على حصر ذهنك بإرادتك فيما تختار.

7- التقوى

أو ما نسميها بالنظافة النفسية الداخلية ولعل سائلًا يقول: وما هو أثر التقوى في الحفظ أو الذاكرة؟ والجواب أن التقوى تحدث حالة نفسية عجيبة هي مزيج من الهدوء والاهتمام والخشوع، والتقدير والتأمل، والتدبر، ووزن الأمور، وهذا المزيج ينتج حافظة هائلة.

8- التكرار

ومن جملة العوامل التي تتدخل في تنمية الذاكرة التكرار، فتكرار قطعة من الشعر أو من النثر (۲۰) مرة يثبتها في الذهن أكثر ما لو كررت (۱۰) مرات هذا إذا تدخل عنصر الترداد فقط.

9- الارتباط بالأحداث

إن ارتباط حادثة بخوف أو فرح أو حزن أو معركة ترسخ الذكريات أكثر، وهذه طريقة القرآن الكريم لأنه كان يتنزل مع الأحداث سورة الأنفال: غزوة بدر، قسم من سورة آل عمران: غزوة أحد، سورة الحشر: غزوة بني النضير، قسم من سورة النور: حادثة الإفك وهكذا...

10- فهم الكلام

كلما ازداد فهم القطعة كانت أسهل في الحفظ وكلما تعقدت تعسر حفظها.

11- الجرْس الموسيقي

إن صيغة الكلام الجميلة تساعد في الحفظ ولذا كان العلماء ينظمون العلوم بقصائد شعرية وقبل هذا الجرس القرآني فهو جرس موسيقي يعين على الحفظ.

12- مصدر الكلام

إن سماع الكلام من قائد غير سماع الكلام من رجل عادي، ومعرفة أن الكلام وحي من الله يعطي سلطانًا على القلوب غير كلام البشر.

13- السلامة الجسمية

الجوع يحرم الإنسان من تركيز فكره، وبالتالي جودة الحفظ، والاضطراب العام يحرم الانسان من الانكباب على الحفظ، وكذا المرض والضعف والوهن.

14- الوقت

الصباح قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، أوقات اعتدال للحفظ والمذاكرة، والربيع فصل طيب للمذاكرة، وهدوء الليل وقت جميل للتأمل وهكذا ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ( طه:130).

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 422

34

الثلاثاء 05-ديسمبر-1978

نشر في العدد 1990

17

الجمعة 24-فبراير-2012