العنوان موضوع الغلاف.. التعليق الأسبوعي: ملاحظات.. حول نتائج الانتخابات.. مسئولية النيابة.. والدرس المستفاد
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 04-فبراير-1975
مشاهدات 21
نشر في العدد 235
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 04-فبراير-1975
موضوع الغلاف
التعليق الأسبوعي
ملاحظات..
حول نتائج الانتخابات
مسئولية النيابة.. والدرس المستفاد
في الأسبوع الماضي جرت الانتخابات العامة في الكويت لانتخاب ٥٠ خمسين عضوًا لمجلس الأمة.
وفي نفس الأسبوع ظهرت- أيضًا- نتائج الانتخابات معلنة فوز خمسين نائبًا.
وإذ نتمنى للمجلس الجديد التوفيق والسداد في عمله ونشاطه ومواقفه.. نرجوا للذين خاضوا الانتخابات ولم يحرزوا أنصبة تؤهلهم لدخول المجلس نرجوا لهم كذلك التوفيق والسداد في خطاهم في المستقبل.
ولا يكتمل صدق الأمنية بالتوفيق للمجلس الجديد.. إلا بإخلاص النصح له..
إن إعلان فوز النائب يعني تحميله مسئولية كبرى.. ففي الفترة الفارقة بين آخر جلسة للمجلس الماضي.. وبين إعلان الانتخابات الجديدة.. في هذه الفترة كان المرشح فردًا عاديًّا يتحمل مسئولية عادية.. أما بعد أن أصبح نائبًا فإن المسئولية عظمت والتبعة ثقلت.. وموازين الحساب تغيرت.
فالمسئولية تدور مع حجم التكليف.. كبرًا وصغرًا.
والتفويض النيابي في بلد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
ويصلي أهله ويصومون ويحجون.
ويرتكز تاريخه وحضارته على عقيدة الإسلام وتاريخه وحضارته وثقافته وينتمي في نسبه الأصيل إلى الأمة الإسلامية. - - - - -
التفويض النيابي في بلد كهذا.. يتميز بمسئولية خاصة ويحمل معنى فريدًا.. مسئولية التعبير عن خصائص هذا الشعب.. ومعنى الوفاء له والتجاوب مع نزوعه الإسلامي.
ومن خلال دراسة البرامج واللافتات والدعايات الانتخابية المتنوعة يدرك المرء أن المرشحين قد دخلوا على هذا الشعب من هذا الباب.. وفتحوا شخصيته بهذا المفتاح الإسلامي.
فكانت البرامج واللافتات تصدر بـ:
•«بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ»
•«وبعد التوكل على الله».
•«وبإذنه تعالى عزمنا على ترشيح أنفسنا»
وتتوسط هذه البرامج واللافتات بكلمات:
• خدمة ديننا وأمننا
• تدعيم قيمنا الدينية
• المحافظة على تراثنا وشخصيتنا ثم تختم البرامج واللافتات.. والإعلانات في الصحف بعهود واضحة:
• «نعاهد الله أن نكون عند حسن ظنكم».
• «نعاهد الله على خدمة أمتنا» وفي الحقيقة أن الخطاب الديني أو الإسلامي هو مفتاح شخصية الأمة.
بيد أن الخطوة التالية- بعد المفتاح- هي التجاوب الحقيقي مع مطالب الشخصية التي فتحت بالإسلام من هنا قلنا: إن التفويض النيابي في بلدنا هذا يتميز بمسئولية خاصة، ويحمل معنى فريدًا.
وينشأ عن هذه المسئولية... مسئولية أخرى هي: الإجماع على الإسلام والدفاع الجماعي عن قضاياه
إن الإسلام هو «العقيدة» المشتركة.. وهو «الطريق» المشترك وهو: «الهدف» المشترك.
إن الاختلاف على برامج التنمية- مثلًا- شيء طبيعي ومعتاد.
أما الإسلام فهو المنهج الجامع.
إن الإسلام حين يكون طرفًا في قضية ما ينبغي أن ينحاز الجميع إلى جانبه وأن يناصروا قضيته.
والجدال في هذا الموضوع.. إنما هو خروج عن الإطار العام للشعب الكويتي.
وما ينبغي أن يتخذ التفويض الشعبي وسيلة للخروج على إجماع الشعب.. أو تجاوزًا لمنهجه المختار.
والالتزام بالإسلام كعقيدة مشتركة.. وطريق مشترك وهدف مشترك.
لا يحقق معنى الأمانة في التعبير عن خصائص الشعب واتجاهاته.. فحسب.. وإنما يحقق كذلك «وحدة الأمة» وتماسكها القوي: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (آل عمران:١٠٣).
إن «وحدة» أبناء الكويت.. ضرورة حيوية سواء في تنمية البلد وتوفير الاستقرار أو في التصدي بحزم للتدخلات الخارجية على قلب رجل واحد.
ولا شيء يحقق ذلك مثل الإسلام.. فإن أهل الكويت لا يجمعون على شيء مثل إجماعهم على هذا الدين.
وإذا ألقينا النظر.. على من حولنا لوجدنا أن لكل أمة أهدافًا مشتركة تجمع عليها.. مع الاحتفاظ بنوع من الاختلاف حول البرامج التي تخدم نفس الأهداف المشتركة.
• في بريطانيا يختلف الحزبان.. العمالي والمحافظ حول البرامج التفصيلية أو حول أحسن الأساليب في العمل والإنتاج.
ولكن الحزبين على اتفاق تام.. على الأهداف المشتركة وهي خدمة المصالح العليا للإنجليز.
• وفي أمريكا نفس الشيء.
• وفي روسيا يجمع الحزب على أهداف مشتركة.. لكن أعضاءه يختلفون حول أفضل وأنسب الوسائل لتحقيق الهدف المشترك.
• واليهود في فلسطين المحتلة.. تجمع أحزابهم على فلسفة الوجود اليهودي في فلسطين.. وتجمع على تحقيق غاية الهجرة والاحتلال وهي: إقامه «ملك إسرائيل» ولكن هذه الأحزاب تختلف على أحسن الوسائل.. وأنسب الأوقات لخدمة الهدف المشترك.
وما الخلاف بين رابين وبيريز- مثلًا- إلا كالخلاف بين كيسنجر.. وبيريز.. اختلاف على الوسائل.. وإجماع على الهدف الجماعي.. والاستراتيجية الثابتة.
• إننا في الكويت تعتنق دينًا واحدًا.. ونؤمن برب واحد وبرسول خاتم. وبكتاب مهيمن على كافة الكتب السماوية السابقة.. ونؤمن بقبلة واحدة.. ونؤمن بمصير واحد هو لقاء الله- عز وجل.
وفي ضوء هذه الأصول الجامعة.. ينحاز مجلس الأمة إلى جانب الإسلام.. ويدعم قضاياه في التشريع والتربية والتوجيه والإعلام والمال.. والاهتمام بمشكلات الناس.. ومواجهة الظالمين الطامعين في بلادنا.. بالجهاد.
هذه هي المسئولية النيابية باختصار- نسأل الله أن يعين عليها وأن يضيئ الطريق بنوره الذي لا يخبو.
والدرس المستفاد
ثم إن هناك درسًا مستفادًا من الانتخابات العامة؛ ذلك أن الانتخابات تتعامل مع البشر لا مع الأشياء.. والتعامل مع البشر فن دونه كل الفنون.
والانتخابات من جانب آخر ممارسة لوسائل حديثة. أو هي شكل حديث لأصل جوهري من أصول السياسة في ديننا وهو: «الشورى»
وسنضغط الدرس المستفاد من الانتخابات في نقطتين اثنتين:
• التعامل مع البشر.
• التكيف مع الوسائل الحديثة. في تطبيق مبدأ ثابت عندنا.
• النقطة الأولى وهي التعامل أو فن التعامل مع الناس. تبين من الانتخابات أنها لن تتحقق إلا:
۱ - بالصلة الدائمة بالناس. ففن التعامل مع الناس يقتضي إقامه علاقات ثابتة ومستمرة معهم. بمعنى أنه إذا أردت أن تجني شيئًا في موسم الانتخابات.. ينبغي أن تغرس أولًا غرسك المناسب في وقت مبكر جدًّا.
وفي دائرة الإسلام تتم هذه الصلة بنية تبادل التعرف الحقيقي.. لا بدافع الاستغلال.
فإن من تمام الإنصاف عرض نفسك وأفكارك على الناس حتى يعرفوك أكثر.. ومن ثم يتم الاختيار على أساس سليم.
إن التقوقع والعزلة؛ يؤديان إلى انسحاب تدريجي من معركة الصراع على كسب «الإنسان».
٢ - والتعامل مع الناس لا يتحقق إلا.. بتلمس مشاكلهم والاهتمام بها.. وهذا الاهتمام يسبق بمعرفة واسعة واطلاع شامل على هذه المشكلات والقضايا.
٣ - وفن التعامل مع الناس لا يتحقق- في نطاق إسلامنا- إلا بإبراز مبدأ جليل إلى مجال التنفيذ وهو أن الدعوة ينبغي أن تعمم على جميع الناس.. ولا تحصر في أضيق نطاق.
والانتخابات موسم طيب من مواسم الدعوة.
إن التأمل في سورة «عبس..» يزودنا برؤية واضحة عن ضرورة نقل الدعوة إلى جميع الفئات.. وكافة المستويات.. والرجل المدعو إلى الاقتراع- بهذا المقياس- إنما هو مدعو إلى الله- تعالى-.
• النقطة الثانية هي: التكيف أو: ضرورة التكيف مع الوسائل الحديثة المشروعة.
والانتخابات وسيلة حديثة.. والاقتناع المبدئي والعميق بهذه الوسيلة هو الذي يحدد درجة الاهتمام بهما.. والتكيف معها، ومدى الحماس في ممارستها.
والاقتناع بهذه الوسيلة هو الذي يوضح مدى يقين الإنسان بمبدئه وثقته بما عنده من قيم ومنهج.
فالانتخابات ساحة كبيرة تتصل فيها الناس مباشرة وتبشرهم بما تحمل من مبادئ ومناهج.. وبقدر قدرتك على الاقتناع.. وإخلاصك الحار لهداية البشر يكون تأثيرك في الناس وكسبك لهم.
وليس صحيحًا أن الناس ضدنا.. بدليل أن المناخ الحر في أي بلد هو الذي مكن الناس من الالتفاف حول الإسلام.. وبدليل أن ما بيننا وبين الأمة من وشائج أقوى وأعظم ملايين المرات مما بينها وبين غيرنا ممن انفصل عنها وزاغ عن اتجاهها.
إن التفريط في وسيلة مشروعة كالانتخابات هو حرمان للإسلام من أرض جديدة.. ومجال جديد.. ومنبر جديد.. وتأثير جديد.
ولعل ما سيستقبل من أيام يكون خيرًا مما استدبر.
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل