; المجتمع تكشف في مواجهة ساخنة مع الصادق المهدي: أبعاد المؤامرة دولية على السودان ودور المعارضة السودانية فيها | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع تكشف في مواجهة ساخنة مع الصادق المهدي: أبعاد المؤامرة دولية على السودان ودور المعارضة السودانية فيها

الكاتب د. محمد البصيري

تاريخ النشر الثلاثاء 11-فبراير-1997

مشاهدات 15

نشر في العدد 1238

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 11-فبراير-1997

  • دورنا في العمليات العسكرية دور محدود.. وجارانج هو الذي يقود عملياتنا الحربية
  • وافقت على حمل السلاح… والحرب ممتدة حتى يتم إخضاع النظام
  • قد تكون هناك أجندة مخفية لجارانج وأجندة أخرى للقوى السياسية السودانية
  • لو حدث اجتياح أجنبي للسودان فسوف أعلن موقفي وقتها.. فإن لكل حدث حديث
  • لو خيرت بين وحدة السودان مع حكم البشير وبين تقسيمها مع زواله... فإنني أختار شيئًا ثالثًا

لم يعد خافيا على أحد أن ما يحدث في السودان ليس بالأمر البسيط فمجريات الأحداث لم تتوقف إطلاقًا عند حدود خلاف مشتعل بين نظام حكم وجماعات معارضة، وإنما تطورات الأحداث تجاوزت ذلك بمراحل لتضع المنطقة أمام واقع خطير تهدده غزوة صليبية صهيونية خبيثة مستخدمة أراضي إثيوبيا، وإريتريا، وأوغندا كمواقع انطلاق، ومستخدمة المعارضة كستار، ويومًا بعد يوم تتكشف ملامح جديدة ترسم معالم هذه الغزوة.

ولعل الصادق المهدي رئيس الوزراء السوداني السابق؛ هو محور ومحرك أساسي في تلك الأحداث، خاصة بعد خروجه من السودان وإعلانه الانضمام للقوى السياسية المعارضة والمتمردين في القتال المسلح ضد الحكومة السودانية.

كيف وضع الصادق المهدي يده في يد جارانج لينصبه مع غيره قائدا في القتال ضد حكومة السودان؟ ما الذي تغير في جارانج أو الصادق؟ وما هي أبعاد المؤامرة الدولية ضد السودان بالضبط ودور المعارضة السودانية فيها؟ وماهي رؤية الصادق المهدي للتدخل الأجنبي في السودان والمخططات الصليبية والصهيونية فيه؟ وإلى أي مدى يريد الوصول بالضبط بالسودان؟

هذه التساؤلات وغيرها من الأسئلة المُلحة كان لا بد أن نوجهها وجها لوجه للصادق المهدي خلال زيارته للكويت الأسبوع الماضي.

فجاءت هذه المواجهة التي أجراها معه الأستاذ محمد البصيري. رئيس التحرير.

فجاءت هذه المواجهة التي أجراها معه الأستاذ محمد البصيري رئيس التحرير وشاركه فيها الأستاذ شعبان عبد الرحمن. سكرتير التحرير وإلى التفاصيل...

 

  • كان خروجكم من السودان إلى إريتريا متزامنًا مع تفجر التوترات العسكرية على الجبهات الشرقية والجنوبية للسودان.. فهل يمكن اعتبار ساعة خروجكم هذه بمثابة ساعة الصفر لتفجير هذه التوترات؟
  • حقيقة الكفاح المسلح بدأ عام ١٩٩٣م. وعندما وقع الانقلاب عام ۱۹۸۹ بدأ يمارس معنا أساليب هي نفس الأساليب التي تمارسها نظم أوتوقراطية في المنطقة، وأقام في البلاد دولة بوليسية، وصار يعاملنا معاملة البغاة من حيث الاستجواب ومصادرة الأموال والمحاكمات والسجن والتعذيب.. إلخ، لكن رغم هذه المعاملة السيئة فقد قررتُ وأعلنتُ أنني سأبقى في السودان كي أنصح لعل وعسى أن يتزحزح النظام عن موقفه، وبقيت في السودان سبع سنوات ونصف السنة، وحدثت معي عشر محاولات تفاوضية، ولكن بعد هذه المحاولات ظهر لنا أن الذين استولوا على السلطة يتعاملون كأنما هم الأمة الإسلامية وليس كشريحة من الأمة الإسلامية، وكأنما هم الإسلام وليس اجتهاد إسلامي، ولذلك يرفضون أي نوع من الزحزحة عن موقفهم، وبالتدريج وبعد هذه الأحداث اقتنعت عناصر كثيرة بضرورة حمل السلاح ضد هذا النظام لأنه لا يفهم إلا هذه اللغة، وبدا في موقفه هذا شيء من المنطق فأصبح يردد أنه لا يدخل في تفاوض إلا مع الجهات التي تحمل السلاح وبالفعل حدث ذلك، وأصبح هناك كثيرون على قناعة بأن هذا النظام لا يفهم إلا هذه اللغة.. لغة السلاح.. وأنا كنت آخر من يوافق على حمل السلاح، وكنت أقول إن السلاح ليس مأمونا، وأنه حتما يجر إلى التدخل الأجنبي، والسلاح لا يقف عند حد معين ومن الممكن أن يتجاوز أي حدود.

وكانت هناك دعوة لي من كثير من الأوساط التي اقتنعت بحمل السلاح بالخروج من السودان محذرة بأن هذا النظام سيقتلني، وكنت أرد بالرفض .. لكن النظام بدأ يتخذ تدابير لخروجي عام ۱۹۹۲ م وكنت ضد هذا الأمر باستمرار، حتى بدأ يتضح لي أن النظام - بصرف النظر عما أقول وأفعل - سوف يحملني مسؤولية ما يحدث من تحركات، وبالفعل ففي مجلس تحقيق أمني عقد لي في مايو ١٩٩٥م قال لي عميد اسمه صلاح بوش في حضرة آخرين يا أخي نحن نرى أن هناك تحركات تستهدف أمن البلاد وسنحملك مسؤولية هذه التحركات وعلى أي حال فقد تقرر اعتقالك لحين هدوء هذه الحالة واعلم أن أي رصاصة تنطلق في الخرطوم سنوجهها ضدكم أنتم في داخل الخرطوم، فاعتقلت وبقيت في السجن لمدة 3 شهور (حتى شهر أغسطس ١٩٩٥م) كل هذا أعطى مصداقية للرأي القائل بأن هؤلاء الناس سيتعاملون معي بهذه الطريقة وحتى ذلك الحين لم أكن قد قررت أن أخرج من السودان، ولم أفكر في الخروج إلا عندما استأنفوا معي المتابعة اللصيقة وبدا لي أنهم يريدون أن يجددوا معي فكرة الرهينة، ومن هنا فقد قررت يوم 5 نوفمبر ١٩٩٦م الخروج من السودان.

  • نحن نسأل عن السر في تزامن خروجك مع التحركات العسكرية الأخيرة؟
  • التحرك العسكري أصلًا موجود، فمنذ عام بدأت المعارضة الشمالية تخطط بعد أن تم الاتفاق على ضرورة مواجهة النظام بالوسيلة التي يفهمها، وأنا في الحقيقة - والله يعلم- لم أكن مُلمًّا بالتحركات العسكرية التي يخطط لها كثير من الذين يقومون بهذا العمل في الخارج لكني كنت أعلم منذ عام أنهم سيصعدون العمل العسكري ومع ذلك رفضت الخروج، لكن عندما تأكد لي أنهم سيحملونني هذه المسؤولية قررت أن أخرج من البلاد دون أن يكون هذا مرتبط بأي تخطيط حول التوقيت، لأن التخطيط في عمل عسكري لا يمكن أن يتم في ظرف أسبوعين أو ثلاثة، هل كانوا منتظرين أن أخرج لكي يبدؤوا هذا العمل، أنا لم أكن أعلم بذلك وحتى الآن لم يقل لي أحد بذلك، وفي تقديري أنه كان هناك تخطيط من لوازمه بالنسبة لهم أن أخرج أنا من البلاد ولكن في رأيي فإنهم كانوا مصممين على هذا العمل سواء خرجت أم لم أخرج ولكن لا شك أن خروجي قد ساعد على التعجيل بتحركهم العسكري.
  • نفهم من إجابتكم أنكم تعلمون أن المعارضة كانت تخطط لعمل عسكري منذ عام وأنكم كنتم على علم بهذا القرار؟
  • نعم.. فالمعارضة قد قررت القيام بعمل عسكري وأعلنت ذلك علنًا في الصحف.
  • إذن كان هناك تنسيق بينكم وبين المعارضة المسلحة وأنتم في الداخل؟
  • لا ... لم يكن هناك أي تنسيق، لكن نحن في الداخل والمعارضة في الخارج لنا هدف واحد مشترك وهو السعي والدعوة لنظام ديمقراطي في السودان، لكن الأساليب التي تسلكها فصائل المعارضة والقوى السياسية السودانية الشمالية والجنوبية لتحقيق ذلك تختلف فيما بينها، وفي هذه الجزئية اتفقنا على حرية الاختلاف.. هم يسعون بما يشاءون من قتال عسكري، ونحن نسعى بما سميناه الجهاد المدني، ولذلك فإن هذا كان محل خلاف بيننا نحن في الداخل والمعارضة في الخارج لأن المعارضة الشمالية نفسها لم تكن مقتنعة بحمل السلاح مثلي ولم تقتنع إلا بعد 7 سنوات، ورغم أنهم قرروا حمل السلاح كنت أقول لهم مازال الأمل في الجهاد المدنِي موجودا، ولذلك فأنا غير موافق على هذا الأسلوب، ولكن كما قلت إنني وُضعت في موقف كان لابد أن أخوضه.
  • هل يمكن أن نقول الآن إنه يوجد تنسيق كامل بين جميع القوى السياسية السودانية المعارضة على حمل السلاح بما فيها أنتم؟
  • نعم يوجد الآن تنسيق كامل بين كل القوى السياسية ماعدا الجبهة الإسلامية.
  • لكن كيف يصل التعاون بين المعارضة السودانية لأن يكون زعيم المتمردين جون جارانج هو الذي يقود الجناح العسكري في هذه المعارضة؟

جارانج موجود في القيادة ضمن ترتيبات تضم آخرين كقيادة عُليا ونحن نتولى القيادة الميدانية لقوى المعارضة.

  • وما دوركم إذن كأحزاب وقوى سياسية في القتال العسكري الذي يتم الآن؟
  • الأحزاب السياسية تشترك في العمل العسكري، لكن كما تعلمون فإن الأحزاب السياسية الشمالية الموجودة في الساحة العسكرية الآن محدودة، لأن جارانج يعمل في هذه الساحة منذ أعوام، والقوى الأخرى مساهماتها العسكرية محدودة.
  • إذن الجناح العسكري لكم هو بقيادة جارانج وقواته؟
  • الجناح العسكري يتكون من لجنة عسكرية رباعية عليا يتولى جارانج قيادتها الميدانية.
  • أي جارانج هو القائد... عفوًا الأخ الصادق.. أنتم تعرفون جارانج وكنتم في يوم من الأيام على رأس حكومة كان بينها وبين جارانج حروب، وتعرفون جيدًا أهداف جارانج وعلاقاته المشبوهة مع الصهيونية والغرب، كما أنه معروف بأيديولوجيته العلمانية التي يريد أن يحكم السودان بها، فكيف توافق الأحزاب السودانية الشمالية ذات التوجهات السياسية والتي لم تلجأ إلى حمل السلاح من قبل أن يصبح جارانج بمثابة وزير الدفاع أو رئيس الأركان لعملياتها العسكرية وهي تعلم أن هذا الرجل قاد حروبا لإسقاط الحكومات السودانية المتعاقبة وكنتم إحدى هذه الحكومات، فما الذي تغير إذن.. جارانج أم أنتم؟ وبمعنى آخر هل أصبح جارانج وطنيًّا من الطراز الأول لكي يقودكم عسكريا.. أم أن التغيير من جانبكم؟
  • حنانيك .. بعض الشر أهون من بعض.

أولًا: جارانج واقع سياسي سوداني ومن يعتقد غير هذا - في رأيي فهو واهم، فجارانج ممثل لقيادة سودانية ذات قاعدة كبيرة لاسيما في جنوب البلاد وكنا قاب قوسين أو أدنى للوصول معه ونحن في السلطة إلى اتفاقية سلام، وعندما حدث الانقلاب كان هناك مؤتمر دستوري مقرر أن ينعقد في ١٨ سبتمبر عام ۱۹۸۹م للتوصل إلى اتفاقية سلام، وعندما حدث الانقلاب، أدى ذلك إلى خلق ظروف موضوعية جمعت بين كل القوى السياسية في الساحة، لكن جارانج بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الاتفاق صار يعتبر هو ومن معه كفارا، أو يعتبرهم النظام في الخرطوم كفارا يتقرب إلى الله بقتلهم، ونحن نقول بأن الحرب مع جارانج ليست جهادًا لماذا؟لأننا نعتبر الجنوبيين حقيقة أهل عهد وليسوا أهل ذمة، لأننا لم نفتح الجنوب لكي نعتبرهم أهل ذمة ونقيم عليهم الإسلام على هذا الأساس، ولكن ما حدث أنه عام ١٩٤٨م كان واردًا في ظل الإنجليز أن ينفصل الجنوب ويصبح دولة مستقلة، لكن الجنوبيين في ذلك الوقت اتفقوا فيما سمي بمؤتمر «جوبه» عام ١٩٤٧م على أن يظل السودان موحدًا (الجنوب مع الشمال في قطر واحد) هذا هو بداية العهد.

ثانيًا: كان هناك قرار بريطاني مصري بما سمي الاتفاقية المصرية البريطانية، عام ١٩٥٣م، هذه الاتفاقية ضمن بنود تقرير المصير السوداني اتفق الجنوب والشمال على العمل على استقلال السودان وصوت الجنوبيون معنا داخل البرلمان السوداني على استقلال السودان، وذلك هو بمثابة معاهدة بيننا وبينهم في إطار قُطر واحد نعتبر أن بيننا وبينهم هذا العهد. 

لكن النظام الذي قام في السودان غيَّر كل هذه المعطيات، واعتبر أن الحرب ضد الجنوبيين جهادًا كأنما ألغي هذه المواثيق والعهود واعتبر أن من واجبه أن يقاتلهم، وهذا أدى إلى تفاقم المشكلة وجعل الجنوبيين غير الأعداء من قبل يعتبرون أنفسهم الآن أعداء لأن إعلان الجهاد مثلما حمس معك بعض المسلمين حمس ضدك أيضا غير المسلمين.

ثالثا: اتفقنا على أن النظام الحالي حرمهم وحرمنا من حقوقنا، حرمهم من حقوقهم في السلام وحقوقهم كمواطنين وحرمنا من حقوقنا السياسية؛ لذلك فنحن وهم نسعى لكي يسترد كل مواطن سوداني حقه، وبعد ذلك نقيم السودان بالطريقة التي يتفق عليها الجميع.

  • لكن جارانج الآن هو الذي يقود العمليات العسكرية وبيده السلاح والقوة، بينما أنتم أحزاب الشمال هي أحزاب سياسية - وأنت كما ذكرت من قبل مشاركتها محدودة. ما الذي يضمن أن يستمر جارانج معكم في الاتفاق وألا ينقلب على الأحزاب الشمالية؟
  • الأحزاب الشمالية تشكو ممن انقلب عليها من أهلها، أما أن ينقلب جارانج علينا فهذا وارد، وإن الجنوبيين ونحن بداخل كل منَّا تساؤل ما هي الضمانات والإجابة: لا توجد ضمانات، والضمانة الوحيدة هي أننا واعون ولدينا قدرات وعزيمة، وإن أي تنكر لما نقوم به ليس سببه أننا عديمو التسليح أو أن ذلك ضعف منا، فقلة تواجدنا العسكري حدثت لأننا لم نقرر خوض هذا الطريق إلا منذ وقت قصير، إذ تأكد لنا أنه لابد من القيام بعمل عسكري يؤكد للنظام الحالي أن القوى السياسية غير مستكينة، وأنها تستطيع أن تواجه تحديه بتحدٍّ مماثل، وأن القوة ليست هي الحل، ولا توجد لدينا أي صعوبة الآن في دعم حجمنا العسكري، وقد يفتح ذلك الطريق أمام النظام للجوء إلى حل آخر غير الحل العسكري، وأن النظام عاجز عن أن يفرض إرادته على المعارضة بالقوة، وإثبات هذا يمكن أن يؤدي إلى حركة في الشارع مثلما حدث في الماضي عندما انحازت القوات المسلحة لهذه الحركة وحسمت الموضوع، هذا هو أحد الخيارات الممكنة، والذي نعول عليه كثيرًا ونعتبره الخيار الأساسي.

أما الخيار الثاني فهو أن يتحول النظام إلى الديمقراطية.

  • هل نفهم من ذلك أنكم لن تستمروا في العمليات العسكرية حتى تتم الإطاحة

بالنظام السوداني، وإن ما يحدث ما هو إلا ورقة رابحة للضغط على النظام السوداني؟

  • أنا لم أقصد ذلك، ولكنني قلت إن العمل العسكري سيستمر حتى تحدث الانتفاضة الشعبية أو يتحول النظام إلى النهج الديمقراطي.
  • لكننا نرى أن الشعب السوداني انتفض في الاتجاه المعاكس والتف حول النظام الحاكم أكثر من ذي قبل؟
  • يا أخي انا كنت أمشط السودان ومعي سيارة الأمن، وكنت أحظى بتأييد شعبي لا مثيل له من عامة الناس، كنت ألاحظه في تلويحهم وتحياتهم لي، والجامعات كلها متحركة ضد النظام، لذا لجأ النظام إلى تعطيلها قبل هذه الأحداث، ليس لكي يرسل بعضهم إلى جبهات القتال، ولكن لكي يمنعهم من أي تحرك في اتجاه الانتفاضة، كذلك قام النظام بإجراءات وقائية عديدة منها: اعتقال كل من له نشاط سياسي حتى لا يتحرك ضد النظام وما تقوله عن تأييد الشارع السوداني للنظام، فصحيح أن هناك مظهرا هستيريًّا في الشارع السوداني لصالح النظام ولكن كل هؤلاء من فئة مؤيدي النظام.

وإن كان كل الشعب مع النظام كما تقول إذن فلنحتكم إلى الشعب ونحن لا نريد

  سوى الاحتكام إلى الشعب.

  • الأخ الصادق.. ما رأيناه من خلال متابعتنا للأحداث داخل السودان ومن خلال مراسلينا هناك، لم نلمس أي انتفاضة، ولا أي تحرك شعبي يؤيد العمليات العسكرية التي قامت بها المعارضة، بل بالعكس كل التقارير تقول بالتفاف شعبي حول الحكومة ضد هذه العمليات. نعود إلى التحالف مع جارانج.. قلتم إنكم بصدد توقيع اتفاق مع جارانج عام ۱۹۸۹م، لكننا نقول لك إن انتصارات جارانج العسكرية عليكم وقتها كانت وراء ذلك، فقد كان جارانج على وشك الوصول إلى الخرطوم... هذه واحدة.

ثانيًا: تقول إن الاحتلال الإنجليزي ترك حرية الاستقلال للسودان، ونحن قررنا مع الجنوبيين أن نستقل وكان الجنوبيين كانوا شيئًا آخر وليسوا جزءا من السودان، وقد كان الكلام من الإنجليز عن سودان موحد لكن الجديد هو أن جارانج جاء لكي يلغي السودان ويفتتها، لذلك فقد خاضت هذه الحكومات حروبًا عديدة، وما نسمعه منك بأنه قد أصبح شيئا واقعًا يعني التسليم للجنوبيين بأن يستقلوا ويكون لهم حكم مستقل.

  • أقول لك: إن القول بأن جارانج كان على وشك دخول الخرطوم ما هو إلا كلام دعاية ليس له أي معنى وعارٍ تماما من الصحة، لأن القوات المسلحة السودانية كانت موجودة وبكامل قدراتها وكانت كل المواقع العسكرية في الجنوب ٥٣ موقعا، كان جارانج يسيطر فقط على ٦ منها، وما زادت على ستة ويمكنني أن أعطيك قائمة بها.

أما فيما يتعلق بموضوع الإنجليز فقد كان معروفًا جدًّا أن الإنجليز يطبقون ما يسمى بسياسة المناطق المقفولة، وهذه انطبقت على الجنوب وكانت فكرتهم أن الجنوب يفصل عن الشمال، لأنهم مختلفون عن الشمال دينيًّا وعرقيًّا وثقافيًّا، إما أن يستقل وإما أن ينضم إلى واحدة من بلاد شرق إفريقيا - هذا كان رأيهم - لكن فاجأتهم ظروف ما بعد الحرب أنهم لن يستطيعوا البقاء في السودان فترة طويلة، رغم أنهم أيام الحرب كانوا يعتقدون أنهم سيظلون لأكثر من عشرين سنة بعد سنة ١٩٤٨ م لكي يستطيعوا أن يثبتوا هذه الأشياء، لكن اتضح لهم أن هناك حركات كثيرة ستؤدي إلى انسحاب الإمبراطورية البريطانية، ولذلك رأوا أنه لابد أن يتخذوا قرارًا بشأن الجنوب، وهو القرار الذي اتخذ عام ١٩٤٧م، ولذا فإن الجنوبيين باختيارهم ودون قصر منَّا فضلوا أن يقوم السودان موحدا (جنوبًا وشمالا) لذلك أنا أقول إن هذا كان بمثابة عهد أو معاهدة بيننا وبينهم على بلد واحد.

جارانج حقيقة هو كقيادة سياسية كان لا يريد الانفصال ولا يريد حتى تقرير المصير، ولكنه كان يرى أن المسيحيين مظلومون في السودان - هذا كان كلامه - إلى أن جاء رياك مشار وقال: نحن نريد تقرير المصير، وقد لقي هذا الكلام شعبية لدى النوبيين، لأنهم يعتبرون أن هذا شيء يميزهم عن الشماليين ولذلك حدث بعد ذلك كلام كثير فقد عقد جارانج مؤتمرا في توريت في سبتمبر قرروا فيه ثلاثة أشياء:

  • الوحدة الطوعية المتفق عليها.
  • الكونفدرالية (العلاقة الكونفدرالية).
  • تقرير المصير.

لكن للأسف في هذا الوقت حاولت الحكومة أن تقوم بعمل مزايدات مع العناصر التي انشقت ضد جارانج، ولذلك اجتمع د. علِي الحاج في فرانكفورت مع ممثل للفئة التي انشقت عن جارانج وهو د. لام أكول، وفي يناير عام ١٩٩٢م وافقوا على إعطائهم حق تقرير المصير، حتى يكرسوهم ضد جارانج، ودخلت كلمة «حق تقرير المصير» في الوسط السياسي الجنوبي وكانت عبارة جديدة لم تكن موجودة من قبل، ومن أهم التحولات التي حدثت للجنوبيين أنه حتى قيام هذا الانقلاب لم يقل جنوبي واحد نحن نريد تقرير المصير، والآن لا يوجد سوداني جنوبي واحد إلا ويردد كلمة حق تقرير المصير ويطالب بها.

  • نقف عند كلام الجنوبيين، وكلام جارانج من أنه ضد الانفصال وأنه يريد سودان موحد وهذا صحيح، لكن السودان الموحد الذي يعنيه هو سودان علماني لا ديني، وسودان إفريقي لا عربي، إذن عندما يقرر رياك مشار الانفصال لا يمكن أن نقول إلا أنه أقل خطرًا مما يعنيه جارانج، لأن جارانج يريد أن يبسط سيطرته على السودان كله لكي يكون سودانًا لا دينيًّا، وإفريقيا لا عربيًّا، وهذه هي الخطورة؟
  • إذا كان السودان قابلًا لهذا فسيحدث... لكن الحقيقة أن الإسلام والعروبة في السودان ليسا ضعيفين بحيث يستطيع أحد أن يضيعهما مهما كان، والذي يعتقد بهذا فهو لا يعرف حقيقة السودان، من الممكن أن يكون هناك سوداني «جارانج»، أو غيره يريد للسودان أن يكون علمانيًّا.
  • هل توافق جارانج على ما يعلنه من سعيه لإقامة سودان علماني لا ديني وإفريقي لا عربي؟
  • ... ليس هذا هو الظرف الذي نعلن فيه إدانتنا لمن تتحالف معهم الآن، ولكني أقول: إننا نتحالف مع جارانج من أجل سودان ديمقراطي هذا السودان الديمقراطي يؤمن للجنوبيين حقوق المواطنة وأيضًا يؤمن للمسلمين حقوقهم، ولذلك فإن الإرادة الإسلامية والثقافة العربية في السودان ستفرض نفسها بقوة وجودها وليس بوجود قوانين مكتوبة أو غيرها، صحيح يوجد رأي يريد أن يسلخ الإسلام والعروبة من السودان، وجارانج يقول أنا أسعى للحصول على حق المواطنة، وأحترم إسلامكم وعروبتكم، هذا هو الصراع الموجود، ربما يكون أناس آخرون غير جارانج عندهم أجندة أخرى، ونحن ربما يكون من بيننا أناس لديهم أجندة أخرى، لكننا نتحدث عن الحد الأدنى من الوفاق حاليا.
  • الأخ الصادق المهدي.. قلتم إن الأحزاب الشمالية والأحزاب الجنوبية بقيادة جارانج ليس لها أجندة موحدة، وأن الأحزاب السياسية مازالت أجندتها تخفي أكثر ما تعلن وأيضًا الجنوبيين لهم أجندة معلنة وأخرى غير معلنة مخفية، بدليل أنهم لم يكن بينهم أي اتفاق سوى هدف واحد هو إسقاط النظام في الخرطوم، أما ما عدا ذلك فكل حزب وكل تجمع سياسي لديه أجندته الخاصة.. هل لا يزال جارانج على أفكاره المعلنة نفسها خاصة وأننا لم نرَ منه أي تغيير؟ وقد سألنا في بداية اللقاء عن، ما الذي تغير.. هل المعارضة الشمالية تغيرت أم أن جارانج هو الذي تغير؟
  • سبق وأن قلت لك إنه تغير.. لكن اسمح لي أن أعود إلى سؤالك ما الذي يجمع بين المعارضة السودانية والجنوبيين الآن وأقول ما يجمع بينهما هو إسقاط النظام، وعقد اتفاقية سلام ونظام ديمقراطي تحت سودان موحد، وجارانج متفق معنا على هذه الأهداف، ولكني قلت لك إنه عندما نحقق هذه الأهداف ويقوم النظام الديمقراطي ليس هناك ما يمنع التنافس الديمقراطي بين القوى السياسية الموجودة عندما توجد التعددية السياسية وحينئذ يمكن لكل قوة سياسية أن تبدأ بأولويات أجندتها السياسية.

وأحب أن أشير إلى أن النظام الحالي وقع على اتفاق في أبريل عام ١٩٩٦م مع درياك مشار - صاحب حركة استقلال السودان - وفي هذا الاتفاق قبلوا كل أطروحات المعارضة ومنها:

  • الحرب ليست حلًّا.
  • السودان الموحد تنشأ الحقوق والواجبات فيه من المواطنة.
  • الموافقة على استفتاء تقرير المصير.
  • اعترافهم بالتعددية السياسية التي كانوا يرفضونها بتوقيعهم اتفاقية مع أحزاب الجنوب.
  • مادام النظام قد وقع اتفاقية مع د. رياك مشار خاصة بتقرير المصير، وحق المواطنة كأساس كما تقول.. إذن فلماذا تحركت المعارضة في الآونة الأخيرة؟
  • المشكلة أن المعارضة تقول إنه لا يوجد طريقة للفصل بين اتفاقية السلام وشرعية الحكم أولًا لأنه إذا أردنا عمل اتفاق فلابد أن يكون هذا الاتفاق وطني بين كل الأطراف، وهو ما لم يحدث لأن الأطراف الأخرى لا يمكن الاعتراف بها إلا من خلال وضع دستوري، والنظام الآن لا يعترف بها وهذه مشكلة.

نعم
* هناك أطماع أجنبية في السودان
* إريتريا وإثيوبيا وأوغندا تتدخل في السودان
* أقبـل بأن يكون جارانج حاكمًا للسودان

والمشكلة الثانية أن النظام اتفق مع حركة رياك مشار على أن يكون هناك استفتاء، لكن كيف يجرى الاستفتاء في غياب الحريات، وقضية الحريات هي قضية دستورية، وهب أننا اتفقنا مع الجنوبيين على وضع كونفدرالي أو أي شيء هل سيكون ذلك قرارا سياسيًّا أم سيكون ثابتا في الدستور؟ لابد أن يكون ثابتا في الدستور، إذن هذه قضية دستورية ولا يمكن الفصل ما بين قضية السلام وقضية الدستور.

  • السيد الصادق المهدي.. هل تقبل بأن يحكم جارانج السودان، وأن تعيش في ظل حكومة سودانية يرأسها هذا الرجل؟ 
  • نعم أقبل.. إذا كان ذلك هو اختيار الشعب في ظل حكم ديمقراطي.
  • لكن هل تخفى عليك صلاته المشبوهة بالصهاينة وتاريخه الطويل في الاتصال بالغرب؟
  • كل له توجهه.. واتفاقنا معه جاء من أجل هدف مشترك هو إزالة نظام الحكم العسكري وإقامة نظام ديمقراطي.
  • لو خيرت بين وحدة أراضي السودان مع وجود البشير والترابي على رأس حكم السودان، وبين تقسيمها إلى قطع مع ذهاب هذا النظام.. فماذا تختار؟
  • لا هذا .. ولا ذاك.

ماذا إذن؟

هناك خيار ثالث.

ما هو؟

يعلن في حينه.

  • ألم يسبق العمليات العسكرية الأخيرة بقيادة جارانج أي اتفاق سياسي بينكم كأحزاب شمالية ومتمردي الجنوب؟
  • الاتفاق على هذه الأشياء تم في مؤتمر سمي مؤتمر القضايا المصيرية، عقد في يونيو 1995م في أسمرة، ومن وقتها تم اتخاذ القرار بحمل السلاح، وحمل السلاح الذي تم الآن لولا التحضير له ما كان قد تم.
  • هل كنتم طرف في هذا الاتفاق الذي تم عام ١٩٩٥م؟
  • لا .. أنا قلت لك أنا كنت مختلفا معهم عندما كنت في الداخل، فقلت: أنا موافق على كل هذه القرارات إلا حمل السلاح، لأنه مازال هناك أمل لهم في أن نحقق أهدافنا دون حمل سلاح.
  • هل وصلتم الآن إلى قناعة حمل السلاح؟ 

القناعة التي وصلت إليها هي أن نجرد النظام من وجوده.

عفوًا .. أكرر.. هل وصلت قناعتكم إلى حمل السلاح أم لا؟

نعم... نعم.. ولكن هذا تم عبر مراحل.

  • أخذتم على حسن الترابي أنه يحاول أن ينشر فكر تغيير الأنظمة بقوة السلاح بينما أنتم الآن تؤمنون بنفس الفكر، تغيير الأنظمة بقوة السلاح؟
  • لا أبدًا.. نحن نحمي أنفسنا من نظام فرض نفسه بقوة السلاح، ونحن لا نريد تغيير أي نظام بقوة السلاح، بل أنا أعتقد أن العمل بقوة السلاح يأتي بنتائج عكسية.. لكن نحن أجبرنا.. فما نريده هو أن نبطل أثر نظام قام بقوة السلاح.
  • ألا تخشى من أن استخدام السلاح الآن في السودان قد يؤدي إلى آثار سلبية وخطيرة؟

طبعًا .. ولكن ماذا أفعل.

  • حتى ولو أدى ذلك إلى تقسيم السودان إلى دويلات؟ 

استمرار هذا النظام وسياسته الحالية سيؤدي إلى تقسيم السودان واحتراب السودان

       مع جيرانه من منطلقات سياسات النظام نفسه.

  • وهل تعتقدون بإسقاطكم لهذا النظام أنكم ستعيدون للسودان وحدته وتجانسه السياسي والعرقي والديني والثقافي والدستوري.... إلخ؟
  • نعم.. نعتقد ذلك.. ونعتقد أن المشكلة ما بين العناصر السودانية المختلفة.. مشكلة مطالب.. ونحن نقول في نهاية المطاف في مؤتمر دستوري إن كل الناس قبلنا مثل لبنان، ونيكاراجوى اختلفوا وتحاربوا ثم اتفقوا.
  • في تصريح لكم في القاهرة نقلته الصحافة الكويتية ذكرت بأنه لا مانع لديكم من إقامة دولة أخرى في جنوب السودان؟ 

أنا أعتقد أن فصل أي جزء من السودان خطر وخطأ، ولا أوافق عليه، لكن أنا مشعلى كيفي!! فهناك معطيات في الواقع، وهناك ثلاثه خيارات في الجنوب، ولابد أن نكون واضحين جدا، إما حرب إلى نهزمهم، وإما تراض معهم، وإما انفصال، وليس هناك خيار رابع.وفي رأيي أنا .. حرب إلى أن نهزمهم... مستحيل.. للأسباب التي ذكرتها سابقا، ويبقى خيارين، إما تراض معهم أو انفصال، وفي رأيي أيضًا وجود النظام الحالي بحكم الأمر الواقع سيؤدي إلى الانفصال، فالجنوبيون موحدون الكلمة ويريدون الانفصال، وعندهم سند من دول الجوار الإفريقي، ومن الأسرة الدولية، فإذن قضيتهم بفضل هذا النظام، أصبح هناك زخم وقوة كبيرة للانفصال، وأنا أقول نحن أمام خيارين تراض لنحفظ الوحدة، وإما الانفصال.

  • ألا ترى أنكم بوضع أيديكم بيد الجنوبيين في هذه المرحلة ستعطونهم الشرعية والمظلة السياسية وسوف تستقطبون لهم الدعم من الدول العربية والدول الأخرى ليستقطعوا جنوب السودان؟ 
  • الجنوبيون كانوا يسيرون في هذا الاتجاه سواء أردنا أم لم نرد... الجنوب ووضعه القوي الآن هو نتيجة طبيعية ومباشرة لسياسات النظام لأن النظام بسياساته الطاردة وحد الجنوبيين ضده، وليس هذا فقط بل وحد معهم دول الجوار وخلق لهم مظلة عالمية.

ونحن نحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ونقول للجنوبيين إذا كانت السياسات السودانية هي سياسات هذا النظام، فلكم ألف حق.. ولكن النظام في السودان لا يمثل الأغلبية السودانية، وهو نظام أقلية، ونحن كأغلبية المسلمين وأغلبية العرب لنا خيار آخر، بأن نعيش في سودان موحد، وعلى أي حال فمن الممكن أن ننجح أو لا ننجح، فإذا نجحنا فالحمد لله نكون قد أنقذنا ما يمكن إنقاذه، وإذا لم ننجح فما كان سيحدث.. سيحدث.. لأن النظام بسياسته الحزبية الضيقة هي التي وحدت الجنوبيين، واستعدت دول الجوار، واستعدت الأسرة الدولية، وهي التي أنت بهذا الخطر!! وبدون محاولتنا هذه.. أصلًا النظام بسياساته الراهنة أوجد حتمية للانفصال.

  • تحالف المعارضة تزامن مع هجوم امريكي وغربي على السودان مع تقديم دعم مادي لدول الجوار، وأنتم تشاركون في ذلك.. رضيتم أم أبيتم تعلمون أو لا تعلمون، فأصبحتم طرف في هجمة عالمية على السودان؟

إثيوبيا، وإريتريا، وأوغندا حاربت هذا النظام، وأنا أشهد بأن هذا لا دخل له بأمريكا، هذه البلاد كانت لها علاقة طيبة مع السودان، والنظام السوداني هو الذي استعداها، وإثيوبيا، وإريتريا، وأوغندا يعملون ضد هذا نظام ليس لحساب أمريكا بل لحسابهم وصراعهم مع هذا النظام، ثم إن أمريكا تريد الاستقرار في القرن الإفريقي، لأنها تعتبر القرن الإفريقي كخط دفاع ثان للخليج، وهم الآن يتبعون سياسة تقوم على أن يكون هناك سلام واستقرار في إفريقيا .. (دول القرن، والسودان، وكينيا، وأوغندا)، والأمريكان عندما يتحدثون معي يؤكدون على:

1-نحن ضد انفصال الجنوب.. ليس حبًّا فينا.. بل خوفًا من أن يزيد الانفصال الحروب الداخلية في الجنوب.. وهناك سبب آخر، يعتبرون ربط الشمال بالجنوب يقلل من اندفاع الشمال الإسلامي، فمصدر رأي الأمريكان يرى مصلحته في الارتباط وليس الانفصال.

2-لا يريدون حرب بل يريدون صيغة للتفاهم والحوار، حتى إنهم يطلقون عليها سوفت لاندج، هذا كلامهم لنا، لأن في رأيهم إذا تم بالقوة سوف يؤدي إلى مشاكل تجعل عناصر الجبهة الإسلامية في السودان تعمل للنظام السوداني مستقبلا كما تفعل الجماعات الإسلامية في الجزائر.

فالأمريكان لا يريدون الانفصال ولهم أهدافهم.. والمشكلة أن هناك تناقضًا سودانيًّا، ووجود طرف يستغل هذا التناقض لصالحه هو أمر وارد ومن ثم يمكن لأي دولة أن تتدخل، ولا يمكن أن نوقف هذا التدخل الأجنبي أو الخارجي إلا إذا أوقفنا هذا التناقض السوداني.

  • ما هي تصوراتك للدور الذي تقوم به إريتريا، وإثيوبيا، وأوغندا في المنطقة وعلاقة ذلك بمخططات الغرب لضرب السودان وتركيع المنطقة؟

إثيوبيا وإريتريا تحكمهما حكومتان كانتا من أصدق أصدقاء النظام السوداني لدرجة أنهما

كانا يعاملان المواطن السوداني كمواطنيهم الأصليين، لكن النظام بسياساته غير المحسوبة تسبب بتدخلاته في دول جواره إريتريا، وأوغندا، وإثيوبيا بصورة حركتهم للدفاع عن أمنهم الوطني.

  • لكن المسألة أكبر من خلافات وسياسات.. المسألة أن الدول الثلاث متسترة بالمعارضة السودانية، فتحت أراضيها للهجمات ضد السودان لتنفيذ مخطط غربي صهيوني ضد السودان.. فما تصورك لذلك؟

قد تكون هناك أطماع أجنبية، وقد تكون هناك مخططات أجنبية ضد السودان، ولا أستطيع أن أنكر هذه الأطماع، ولكننا لسنا السبب فيها، وإنما النظام هو السبب، وسواء حاربنا ضد النظام أم لم نحارب فهذه الأطماع موجودة.

  • تنكر دائمًا أن هناك تدخلًا اجنبيًّا صريحًا في الحرب الدائرة، بينما شهادات السودانيين الهاربين من معسكرات التدريب في إريتريا أكدت لمراسلنا في السودان بأن هناك سلاحا إسرائيليا وخبراء ذو بشرة بيضاء يشرفون على العمليات العسكرية ضد السودان؟

هذا الكلام غير صحيح.

  • صحيفة لوفيجارو، الفرنسية ذكر ت يوم 15 يناير نقلًا عن المخابرات الفرنسية أن هناك تورطا بريطانيا أمريكيا إسرائيليا في أحداث القارة الإفريقية، وصحيفة «التايمز» البريطانية كشفت يوم ١٧ يناير أن هناك تنسيقًا بين رؤساء دول إريتريا، وإثيوبيا، وأوغندا للتحرك ضد السودان، والنشرة البريطانية العسكرية البريطانية EIR ذكرت أن هناك تنسيقًا أمريكيا بريطانيا للإطاحة بالنظام السوداني.. ما رأيك في هذا الكلام؟

لا علم لي بهذا الكلام.

  • وماذا عما نشرته التايمز أيضًا من أن الولايات المتحدة قدمت عتادا عسكريا بـ ٢٠ مليون دولار للدول الثلاث.. أليس كل ذلك دليل على وجود أطماع أجنبية وتدخل أجنبي؟

الأطماع الأجنبية موجودة والتدخلات من أطراف أخرى موجودة، ولكن كما قلت إنني لست السبب في وجودهما وسواء كنا موجودين أو غير موجودين فهذه الأطماع موجودة.

  • بصراحة.. نحن نقول إن السودان اليوم يتعرض لهجمة غربية صهيونية تستخدم فيها عميلها جارانج كستار وتستخدم أراضي دول الجوار الموالية لها .. ورضيت أم أبيت علمت أم لم تعلم فإنك أيضًا تُستخدم كرأس حربة.. وهذا شيء سيسجله التاريخ؟

دعنا من التاريخ، فنحن لا نتحدث عن المتاحف التاريخية، فذلك لا يهمني، وإنما الذي يهمني هو مصلحة شعبي الذي يتعرض للخطر بسبب هذا النظام.

  • السيد الصادق المهدي.. إلى أي مدى تريدون الوصول بالسودان بالضبط ولو حدث أنكم أسقطتم نظام الحكم فأين سيكون موقعك؟ وماذا لديك حتى تقدمه للسودان، خاصة أنك حكمت من عام١٩٨٥م حتى ۱۹۸۹م، وأدت سياسات حكمك لانقلاب عسكري؟

أنا لا أسعى للحكم، وأنا على استعداد لكتابة تنازل عن أي حكم.

  • لكنك أعلنت؛ كما نشر في الصحف أنك بصدد تشكيل حكومة بالمنفى؟ 

هذا غير صحيح، وإنما أنا سمحت للمعارضة باستخدام اسمي في أي تشكيلات تقوم بها.

  • هل هناك أي مبادرات للتوفيق ووقف الحرب؟

لا .. لكني أطالب الحركات الإسلامية بعقد مؤتمر تقيم فيه ما يحدث في السودان وتخرج بحلول.

الرابط المختصر :