; موضوع الغلاف «دليل عمل».. أمام صندوق تنمية أفريقيا | مجلة المجتمع

العنوان موضوع الغلاف «دليل عمل».. أمام صندوق تنمية أفريقيا

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 14-مايو-1974

مشاهدات 15

نشر في العدد 200

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 14-مايو-1974

مشروع صندوق «تنمية إفريقيا ومساعدتها»- المزمع إنشاؤه- مشروع جيد ويستحق الإشادة والتقدير.

أفريقيا في أشد الحاجة إلى العون والمساعدة.

فهي قارة فقيرة- من حيث الإمكانات المالية والفنية- ولقد أضيف إلى هذا الفقر مشكلات مرهقة.

منها أن مخزون العالم من الحبوب- كما أعلنت ذلك منظمة الأغذية العالمية- لا يكفي العالم إلا لأسابيع محدودة.

وبالتحديد ثلاثة أسابيع. ومن هذه المشكلات أن البلاد الصناعية قد رفعت سعر طن السماد من ٤٠ أربعين دولارا- عام ۱۹۷۱- إلى ٢٦٠ دولارا عام ١٩٧٤. وبذلك تناقصت مساحات زراعة الحبوب في أفريقيا وقل إنتاجها بشكل حاد جدا. ومن هذه المشكلات استئثار الدول الصناعية بأموال الاستثمار في العالم.

ومن هذه المشكلات «العقلية الاستعمارية» التي تريد أن تبقى أفريقيا موردا لخامات مصانعها وسوقا لبضائعها.

إن الـ ٣٥٠ مليون أفريقي لا يساوون- في نظر هؤلاء الاستعماريين- أكثر من حراس غابات أو رعاة ماشية، أو أجراء لدى بعثات التنقيب عن المعادن.. وحتى المعونات التي يقدمونها لأفريقيا مشوبة بأغراض التبشير- الذي هو طلائع الزحف الاستعماري على أفريقيا- أو مرتبطة بامتيازات استعمارية.. سياسية واقتصادية. وإستراتيجية.

فإذا علمنا أن أفريقيا هي «قارة الإسلام» من حيث الأتباع والنسبة المئوية في السكان «70 % من أتباع الديانات مسلمون. ومن بين كل عشرة وثنيين يدخلون في الديانات المختلفة يظفر الإسلام بسبعة أشخاص».

إذا علمنا ذلك أدركنا سببا جديدا وعميقا. يحمل القوى المعادية لأمتنا على اضطهاد الأفارقة. إن صندوق «التنمية الكويتي الأفريقي» بادرة تستحق التشجيع. فهو مؤسسة تلبى حاجة الفقراء وتؤدي واجب الأغنياء.

ولكن تبقى هناك حقيقة بالغة الأهمية وهي أن «واجب الإنفاق» يجب أن يقترن تماما بواجب «توجيه الإنفاق».

فلا يكفي أن ننفق.. بل لابد أن  نعرف كيف ننفق؟ وأن نعرف.. لمن نعطي المال أولا؟

فإن الإنفاق.. واجب.. وترتيب الواجبات.. واجب. مثلا الإنفاق في قوله الله تعالى :﴿وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ (سورة الحديد: 7) مشروط بالإنفاق في مجالات الحلال. ليس هذا فحسب بل إنه مشروط  بالنهوض بالواجبات العامة والفروض الكفائية إذا قصر في أدائها المسلمون أثموا جميعا.

ومن هذه الفروض الكفائية. إنقاذ مسلمي أفريقيا من المجاعات وتحريرهم من المظالم.

وفي دائرة أداء هذا الفرض الكفائي ينبغي أن يعمل صندوق «التنمية الكويتي الأفريقي».

إن الاستعمار عمد إلى خلخلة التوازن. وتعويق النمو الإسلامي في أفريقيا.. وذلك عن طريق مجالين:

١- المجال المالي والاقتصادي حيث ركز الأموال وفرص الاستثمار ووسائل التنمية الاجتماعية في يد النصارى.

٢- المجال التعليمي، حيث كثف التبشير مدارسه وجهوده في التعليم، ذلك إلى جانب أن معظم البعثات الممنوحة لإفريقيا كانت تعطى لأبناء النصارى. لإكمال تعليمهم في الخارج.

ونتج عن هذا الوضع - بطبيعة الأسباب- مشكلتان في غاية الشذوذ والكآبة. 

  • مشكلة استيلاء الأقلية النصرانية على مقاليد الحكم في البلاد يشكل المسلمون فيها الأغلبية الساحقة. مثل تشاد والسنغال وأثيوبيا ، بحجة أن هؤلاء متعلمون وأن المسلمين جهلة!! 
  •  ومشكلة ضيق الفرص الاقتصادية أمام الأغلبية المسلمة واتساعها أمام الأقليات النصرانية !! 

وأي دعم اقتصادي ومالي لأفريقيا لابد أن يعمل على تصحيح هذه الأوضاع الجائرة. وإلا فإنه سيزيد المشاكل حدة وعمقا ومرارة  .

وثمة مجالات عديدة ينبغي أن يوجه إليها المال من أجل إحداث التوازن ، ورفع المظالم. وحتى يكون المال قربى إلى الله. الذي تفضل فأنعم.. ورزق فأغدق. 

  • مجال المال والاقتصاد.. هنا ينبغي أن يعطى المسلمون درجـة 

« المجموعة الأفضل » في التعامل والإقراض والدعم ، ففي حقل القطاع الخاص.. يجب أن يظفر التجار ورجال الأعمال المسلمون بأوسع وأكبر الفرص. وأعظم وأوفر التسهيلات. 

  •  وفي مجال التعليم ينبغي أن تزود قرى المسلمين وأريافهم بالمدارس والمعاهد ومراكز التدريب المهني والطبي وأن تزود مدنهم بالجامعات والمؤسسات التعليمية والثقافية الكبيرة .
  • وفي مجال الإنقاذ من الجوع والإسعاف من الكوارث ينبغي أن يكون وضع المسلمين الجياع في تشادو أثيوبيا- مثلا- واضحاً أمام خبراء وإدارة صندوق «التنمية الكويتي الأفريقي» إن المجاعة الطاحنة التي نزلت بالمسلمين في تشاد دفعتهم دفعاً إلى الهجرة إلى المدن. بحثاً عن لقمة الخبز. وغذاء الرضيع. وهناك لاقوا عدم الاكتراث وواجهوا الإهمال فافترشوا الطرقات وتوسدوا الأرصفة والأحجار. فمنهم من مات. ومنهم من يحتضر. و«ثورة الجياع» في أثيوبيا- التي انفجرت منذ أسابيع ولا تزال - كان قوامها المسلمون المحرومون.

 وهذه أمثال فحسب.. ويمكن للصندوق أن يقوم بدراسة شاملة تضع أمامه صورة كاملة عن الأوضاع المحزنة التي يعيشها المسلمون في أفريقيا. 

إن جسراً من التفاهم والتعاون يجب أن يقوم بين مسلمي أفريقيا. 

وبين الكويت وغيره من الدول العربية. فالمسلمون هم القوة الضاربة في أفريقيا. 

ولئن فرض عليهم الاستعمار الأوضاع الظالمة فإن قوة التحرير الإسلامية النامية ستزيل هـذه الأوضاع بحول الله. 

ولنقل بصراحة: إن التعاون ينبغي أن يبرم مع الشعوب المسلمة في إفريقيا.. لا مع الحكام. وإن الدعم يجب أن يقدم لهذه الشعوب أولا وأخرا.

إن التعامل مع حكام هم من بقايا آثار الاستعمار، أمر لا ينطوي على وعي، ولا على بعد نظر.

إن هؤلاء سيأخذون الأموال لدعم مكانتهم. وتعزيز النفوذ التبشيري الذي يحميهم. وحرام أن تذهب أموال المسلمين لأناس يعملون بدأب على طي رايات الإسلام، ويخططون باستمرار لإذلال المسلمين.

إن أموالنا ينبغي أن تخدم أهدافنا. ولا قيمة للمال.. ما لم يخدم قضية ويحقق هدفا.

مثل.. وشروط

  • أما المثل فهو: أن الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة- وهو لا يملك مثل إمكانات العرب من البشر والمال- استطاع أن يتغلغل في إفريقيا بطريقة خدمت فيها أمواله أهدافه. ففي نيجيريا والحبشة وغانا أنشأ شركات مختلطة. واستخدم الاستثمار المباشر في الزراعة والماشية في أرتريا. وفي الستينات كان في أفريقيا ٤٨ شركة مولت برأسمال يهودي إفريقي مشترك.

ولكن الأموال الصهيونية هذه أحيطت بكتائب بشرية مدربة في فلسطين المحتلة.. كتائب تحمي الأموال وتحقق أقصى كسب سياسي وإقتصادي من ورائها.

ففي فلسطين المحتلة معهدان يعنيان بمستقبل الطاقة البشرية في أفريقيا.. هما «معهد وايزمان للتكنولوجيا» «والمعهد الآسيوي الأفريقي».

وخلال خمس سنوات فحسب بلغ عدد الأفارقة القادمين إلى المعاهد اليهودية ٤٥٠٠ أربعة آلاف وخمسمائة إفريقي. جاءوا للتدريب على فنون الزراعة والهندسة والري والصناعة إلخ.

فهل ينبغي أن نكتفي نحن بتصدير الأموال وإرسال القروض؟

لا: فمن الضروري أن يكون الدعم متكاملا. فنخصص للأفارقة أكبر عدد من المنح الدراسية في الجامعة والمدارس والمعاهد ومختلف شؤون الحياة. خدمة لإخواننا. 

وضماناً لأموالنا.. وحتى لا يستثمر هذه الأموال صهيوني أو ممالیء للصهيونية.

  • أما الشروط فهي:
  • أن يكون الإقراض بلا ربا. فالفائدة قلت أو كثرت فهي حرام
  •  أن لا يتوجه فلس واحد إلى حركة التبشير النصراني. 
  •  أن يكون مع القرض أو الدعم المالي خبراء منا. يجمعون إلى الخبرة الفنية أمانة الإسلام.. الخبرة الفنية لسلامة الاستثمار.. وأمانة الإسلام.. لحسن التوجيه نحو الهدف. 
  •  أن يكون القرض أو الدعم المالي بطريقة مباشرة.. فليس من كرامة المسلم. ولا من معاني الاستقلال. أن تمر القروض العربية إلى أفريقيا في قناة صندوق النقد الدولي. 

إن لعبة «الوسيط» قد كشفت تماما.

فصندوق النقد الدولي- تحت ستار جمع الأموال لمساعدة الدول الفقيرة- يريد أن ينقذ الدول الصناعية من العجز الخطير الذي تعانيه في ميزان مدفوعاتها.

أليس من المذهل أن نقرأ بعد انكشاف اللعبة- أن دولا عربية دفعت لصندوق النقد الدولي ألف مليون جنيه إسترليني!!

إن صناديقنا ينبغي أن تكون صناديق حقيقية في المنبع والمجرى والمصب. . لا جداول تحتويها أطماع مصاصي خيرات الشعوب.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

خبر وتعليق

نشر في العدد 8

40

الثلاثاء 05-مايو-1970

لقاءات المجتمع

نشر في العدد 61

27

الثلاثاء 25-مايو-1971

النشاط الإسرائيلي في أفريقيا!

نشر في العدد 64

35

الثلاثاء 15-يونيو-1971