; موظفون | مجلة المجتمع

العنوان موظفون

الكاتب أحمد محمد عبد الله

تاريخ النشر الثلاثاء 22-أبريل-1975

مشاهدات 45

نشر في العدد 246

نشر في الصفحة 13

الثلاثاء 22-أبريل-1975

أيها المسئول.. هذا خطاب موجه إليك..

أيها الموظف.. هذا حديث أناجيك به..

لا تنزعج أيها المخاطب.. فكثير من الناس تبنى في الضجيج، وآخرون يبنون في ظل الصمت؛ والذين لا يعجبهم الحديث.. وتقلقهم الكتابة هم الذين يتوارون خلف مكاتبهم حتى إذا انقشع غيم التوجيه.. عاودوا الظهور والبروز!

لماذا نقول بحزن.. موظفون!!

نعم.. لأن كثيرًا منهم لا يشعر بقيمة العمل، ولأن الضمير قد نام، وحتى الوازع الحي المتحرك والمسئول قد غفا.. فمن شأن هذا الإنسان أن يلهو ومن شأنه أن يستبد.

حكمة «روتين» هي الشائعة على ألسنة الناس.. حتى العامي الذي لا يقيم حروف كلمة عربية.. يحفظها.. فإذا تأفف من معـاملة موظف.. قال: الروتين يهلك الناس!

لم يعد الأمر روتينًا.. ولم يعد كسلًا ولكنه بكل بساطة تلمسه بكلمات قلائل.. إنه الإهمال. ثم اختفاء مراقبة الضمير.. فإذا مات الضمير في إنسان مات كل أمل فيه.. لأنه لا ينظر إلى مراقبة الله- عز وجل.. بقدر ما ينظر إلى معاملة ومراقبة مسئوله في العمل.. حتى إذا جاءه هذا المسئول وجدته كدس الأوراق والمعاملات.. ونحى كل ما له علاقة بالمأكل والمشرب عن أدراجه وخزاناته.. فإذا غادر المسئول القادم لاحتساء فنجان من القهوة.. عاد الشقي إلى طبيعته المهلكة»

ومن اليسير أن تلمس هذا.. كلا.. سوف تقول معي نعم.. إذا كنت مخلصًا في عملك.. ومن الذين لا يخلصون أيضًا.. وتلم بهم أمثال هذه الأمور.. لأن من مر على مماثلة ولمس أذاها.. أدرك قيمة الكلمة.

أقول من اليسير أن تذهب إلى موظف.. تحمل أوراقك.. تدخل الغرفة.. تلقى التحية.. يقابلك بوجه متجهم.. لا تهمنا تفاصيل ما هو عليه.. إنما غالب الوقت تدخل عند الموظف فتجده قد أدار ظهره للناس.. لا يرد التحية.. تقتضب في سؤالك.. ويحس بثقله.. فلربما سمعت منه ما تكره.. غالبًا تؤثر السلامة وتلجأ إلى مسئول في المكان.. لعله أن يقدم لك النصيحة أو يؤدي لك عملك!

آخر.. تسأل عنه.. يقال لك ذهب في مهمة.. تنتظر.. وتنتظر.. ختام الأمر أنه جالس يحل الكلمات المتقاطعة مع زميله في الغرفة المجاورة!

المسئولون.. الذين نوجه إليهم الحديث عبر الصحافة.. عبر هذه المجلات ونحن نرصد ونتتبع ما يدور.. ثم نقدم السؤال تلو السؤال وبانتظار الجواب نجد أن السؤال يكبر ويكبر.. ولكنه لا يلد جوابًا!

إذا حدث وأن قابل التلفزيون أحدًا منهم. لمدة ساعة أو أقل في البرنامج.. نفض هذا المسئول كنانته واختار كلماته الموفقة الموشاة وبرز أمام المشاهدين كأنفع إنسان للأمة وأصدق رجل في الدولة ويجلس هو ليشاهد صورته في التلفاز بعد أن ضحك على الناس الذين يثنون عليه ويشيدون بنزاهته وصدقه وحبه للخير والعمل!

مشاهد من النفاق، وصور من الأكاذيب، وقضايا بلا ردود أشكال وألوان من البشر والهوايات.. وأنواع من الدجل والألاعيب تنطلي على الناس ويروج لها المبطلون. وكل هذا تحت اسم «خدمة الشعب» أيها الشعب المخدوع.. لا تصدق القول ما لم تر العمل واضحًا مجسدًا فإن الذي يأمرك بالصلاة ولا يصلي يستأهل التأديب.. لأنه غاش كذاب! والذي يدعوك إلى العمل الجاد.. ثم يسرق ويلعب.. يستأهل الطرد.. لأنه سارق! لن تحمل هذه الصفحة المسكينة صور النفاق ولا تتسع لتعليقها على أسطرها ولكن كن على ثقة أن كل ما يدور عند أمثال هؤلاء الموظفين.. إنما هو نوع من الظلم المنظم ضدك.. ورحم الله حافظ إبراهيم إذ يقول:

لقد كان فينا الظلم فوضى فهذبت /// حواشيه حتى صار ظلما منظما

لن تجد راحة في تعاملك مع هؤلاء- ونستثني العاملين المخلصين- ما لم يكن كل مسئول يحمل في قلبه إيمانًا مشرقًا يجعله لا يقدم على خطوة إلا بعد أن يكون الله ملء سمعه وبصره.. وقلبه.

إن هذه الحالات.. أمراض.. والأمراض فتاكة.. فإذا استشرى المرض تسبب في انهيار الجسد كله.. فإلى أطباء الأجساد الكبيرة؛ هل لكم أن تحملوا أدويتكم وتطوفوا بحزم على هؤلاء المرضى لتنقذوا البلد من شرهم. إن ظاهرة الإهمال.. طغت وغدت للناس آهات تردد..

فرحمة بالناس وأطالب المسئولين أن يتنبهوا.. فكفى نومًا وغفلة! وأبادر فأقول: أدركوا الجرح قبل أن يكبر وداووه قبل أن ينفجر. وحتى لا يتسع الخرق على الراقع.. كانت هذه الكلمة!

الرابط المختصر :