; موقف الحركة الدستورية من حل «الأمة».. والحكومة المؤقتة.. والانتخابات المقبلة | مجلة المجتمع

العنوان موقف الحركة الدستورية من حل «الأمة».. والحكومة المؤقتة.. والانتخابات المقبلة

الكاتب محمد عبد الوهاب

تاريخ النشر الثلاثاء 18-مايو-1999

مشاهدات 16

نشر في العدد 1350

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 18-مايو-1999

في حوار مع عيسى ماجد الشاهين الناطق الرسمي باسم الحركة:

  • ليس من العدل أو الحكمة أن تعمم الحكومة اتهاماتها على النواب جميعًا
  • المحرك الحقيقي للحل تفاعلات داخل الحكومة ناتجة عن موقفها من الديمقراطية والمشاركة الشعبية
  • الحكومة تملك أغلبية في المجلس تمكنها من تقويمه وترشيده.. فلماذا لم تفعل؟

فرضت المستجدات الطارئة على الحالة السياسية الكويتية بدءًا من القرار المفاجئ بحل مجلس الأمة، والاستعداد لانتخابات برلمانية تجري يوم 3 يوليو المقبل، مع ما واكب ذلك من توتر العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فرضت على الحركة الدستورية الإسلامية ضرورة أن تحدد مواقفها من هذه المستجدات خاصة أن البعض يحاول إثارة جو من الشكوك والريب حولها. 

وهذا الحوار مع عيسى ماجد الشاهين الناطق باسم الحركة يتناول الموقف من القضايا المذكورة إزالة للبس وإبراء للذمة.

  • بداية ما موقف الحركة الدستورية الإسلامية من قرار حل مجلس الأمة؟
  • المادة ۱۰۷ من الدستور تنص على حق الحل فلا يستطيع أحد إلا أن يحترم النص الدستوري، ومن ثم فلا محابة فيه، ولكن تبقى مبررات الحل كما ساقتها رسالة الحكومة، وبين المبررات المعلنة منها والحقيقية مساحة واسعة للحوار والتحليل بغية الوصول إلى الحقيقة لتفادي مسببات الحل في المستقبل، من أجل مصالح الوطن والمواطنين، وتقوية للمشاركة الشعبية والممارسة الديمقراطية، وترشيدًا للعلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتفاديًا لأي توترات محتملة في المستقبل بين هاتين السلطتين.

لقد وردت في رسالة الحكومة المرفوعة إلى سمو أمير البلاد المبررات التالية إثر استجواب وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وانحصرت في ثلاثة اتهامات موجهة إلى مجلس الأمة:

الأول: التعسف في الأدوات الدستورية. 

الثاني: انحراف الحوار الإيجابي إلى مساجلات ومشاحنات، وتسجيل للمواقف على حساب صالح الوطن والمواطنين.

 الثالث: تداعيات استجواب وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. وفي رأيي إن هذه الاتهامات يجب أن يتحملها عدد محدود جدًا من أعضاء مجلس الأمة وليس من العدل والحكمة تعميمها على المجلس بأكمله إضافة إلى أن الحكومة كذلك بوزرائها وسياساتها ونوابها قد أسهمت بصورة مباشر  في تهيئة الأجواء، وزرع المسببات للحل.

 وما جرى في اللقاء المسمى لقاء التعاون ونزع فتيل الأزمة، الذي عقد بين أعضاء مجلس الأمة والحكومة في ۲۸ أبريل الفائت، وخصوصًا ما طرحه النائب الفاضل الدكتور ناصر الصانع من قولة الحق التي جاء فيها: هناك أمور يجب أن نواجهها بشيء من الصراحة، حيث إن إنتاجية المجلس ضعيفة وإنتاجية الحكومة ضعيفة أيضًا فلابد من تطوير الآليات البرلمانية، فأداء الحكومة أقل من المطلوب بكثير والناس تتذمر من مستوى الخدمات والأداء العام للجهاز الحكومي ضعيف جدًا، أما قضية الاستجوابات فعلى الحكومة أن تتقبلها بصدر رحب. 

لقد عبر النائب الفاضل في قولته تلك عن حقيقة الواقع الذي نعيشه بتجرد وحيادية، وقدم رؤية مستقبلية لما يجب أن تكون عليه الأوضاع. 

إن رد الحكومة في ذلك اللقاء يختصر موقف الحكومة من قضايا الدستور والمشاركة الشعبية ويبرز كيف تدير الحكومة علاقاتها مع مجلس الأمة. وهذا مثال واقعي واضح من ضمن أمثلة عدة على هذا الموقف الحكومي. لذا يمكن القول إن المحرك الحقيقي لهذا الحل سلسلة من التفاعلات والانفعالات داخل الحكومة ناتجة أولًا عن موقف مبدئي تجاه الديمقراطية، ورؤية خاصة عن المشاركة الشعبية وكذلك هو تغطية على تقصير الحكومة في إدارة علاقاتها مع مجلس الأمة بموجب الدستور والقوانين والمصالح الوطنية، وتغطية على عدم مقدرتها تحقيق المنجزات الشعبية والتعاون مع مجلس الأمة على ذلك.

وإضافة إلى كل ما سبق جاء حل مجلس الأمة لتفادي احتمالات فشلها في تخطي استجوابات مهمة مقبلة نظرًا لتقصير عدد من وزرائها في ضوء ما أعلن عنه عدد كبير من أعضاء مجلس الأمة.

إن اتهام الحكومة لمجلس الأمة بالتعسف في استعمال الأدوات الدستورية وانحراف الحوار الإيجابي هو اتهام لا أساس له فالحكومة من جانب تملك أغلبية واضحة في مجلس الأمة تستطيع من خلالها التقويم والترشيد متى مـن رغبت ذلك، ومن جانب آخر فهي تقدر على الدفاع عن ممارسات وزرائها لما تحت يديها من قدرات وإمكانات، وقبل كل ذلك لابد للجميع من القبول والالتزام بالدستور وأدواته، ونصوصه.

 أما عن مبرر تداعيات الاستجواب الأخير فمن الواضح أنه استجواب حكومي، وقد تم استغلاله في التمهيد والتبرير لمثل هذا الحل، ولا أقول إنه قد قدم من أجل ذلك.

 

  • آثار خطيرة.. ومسؤولية كبيرة
  • ما الآثار المباشرة لحل المجلس؟
  • أرى أن أول الآثار المحتملة التي يجب مواجهتها والتحذير منها ولفت الانتباه إليها هو ما تقدم عليه الحكومة من خطوات وإجراءات قد تتعارض مع التوجهات الشعبية والأسس الدستورية، لذا على جميع أبناء الشعب الكويتي أفرادًا وجماعات مناشدة حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله أن يحمل على كاهله الكريم مسؤولية أخرى عظيمة خدمة لشعبه الوفي وهو الكفيل بها والقادر عليها بإذن الله تعالى وهي ألا تتجاوز الحكومة المؤقتة خلال فترة الحل صلاحياتها الدستورية، ولا التوجهات الشعبية بشأن العديد من القضايا التي على رأسها المديونيات الصعبة، ومناقصات التسلح والمشاركة النفطية والرسوم والاستثمارات الخارجية ومشاريع بيع ثروات وممتلكات الدولة تحت ستار الخصخصة، هذه القضايا التي لابد من مشاركة الشعب الكويتي في اتخاذ الرأي بشأنها من خلال مجلس الأمة المنتخب القادم حفاظًا على المال العام وثروات الدولة وسيادة الدستور والقوانين ومصلحة الوطن والمواطنين. 

ما مسؤولية القوى السياسية تجاه هذا الحدث وتداعياته؟

تبقى المسؤولية الكبرى ملقاة على الشعب الكويتي وعلى القوى السياسية بصورة محددة في وضع التصورات لترشيد العلاقات بين السلطة التنفيذية والتشريعية ولتطوير الأداء الحكومي والنيابي ولإقامة آليات رصد وتجاوز الأزمات تحقيقًا لمصالح الوطن والمواطنين، وتقوية لبناء المشاركة الشعبية والمؤسسات الدستورية. 

هذه التصورات إذا تم الاتفاق عليها والتحرك بموجبها في الساحة السياسية فستكون كفيلة بإذن الله تعالى بتجاوز مسببات التوتر، وسوء الفهم وتعقد التفاهم والتنسيق والتعاون، وقبل ذلك لابد من توافر القناعة الحقيقية لدى جميع أطراف المجتمع الكويتي بضرورة الالتزام بقواعد الديمقراطية والمشاركة الشعبية، وبتفهم أهمية القبول بنتائجها وإفرازاتها أينما صبت وأدعو القوى السياسية الكويتية للحوار والتنسيق والتعاون من أجل تحديد التصورات والأولويات للإصلاح والاستقرار السياسي لكي لا نمر بمثل هذه الأزمات الدستورية وغيرها بين فترة وأخرى. 

واقترح أن يكون الحوار والتنسيق والتعاون في هذه المرحلة بين القوى السياسية حول ثلاث قضايا مركزية:

الأولى: الحل ومبرراته ودوافعه، وموقع نص الحل الدستوري في مستقبل الحياة الدستورية والسياسية في البلاد خاصة في ضوء سلبياته وإيجابياته وتأثيره على أداء أعضاء مجلس الأمة وتكلفته السياسية والاجتماعية.

الثانية: الإصلاح السياسي الوطني المرتكز على تطوير وتقوية المشاركة الشعبية وتفعيل دور مجلس الأمة.

الثالثة: الانتخابات القادمة وضرورة التنسيق بين القوى السياسية بشأنها والأخذ بالاعتبار التحرك القوي والمنظم المستهدف تخريب النهج الديمقراطي، ومحاربة القوى الوطنية الخيرة بأكملها.

وأخيرًا لابد من أن تعي جميع القوى السياسية مسؤولياتها التاريخية، وأن نستفيد من دروس الماضي لنستقبل القرن الجديد بوحدة الصف، ووحدة الرؤية بعد نبذ الخلافات الهامشية التي تفرقنا وتبعدنا عن التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة الكبرى التي يتطلع إليها الكويتيون من أجل تمكين المشاركة الشعبية وتطويرها، وتقوية الحياة الدستورية وحمايتها.

وأود أن أشير هنا إلى حدث سياسي له وقع مبارك وفعال في الساحة الانتخابية هو بداية أعمال وأنشطة اللجان الشعبية المحاربة لشراء الأصوات والحركة الدستورية الإسلامية تشيد بهذا التطور وبالمشاركة الجادة من قبل القوى السياسية فيها، وتدعو الجميع - أفرادًا. وجماعات - إلى مساندة هذه اللجان ماديًا ومعنويًا حفاظًا على الممارسة الديمقراطية السليمة، ودعمًا للمواجهة واجتثاث المخططات والتحركات الهادفة إلى تخريب المشاركة الشعبية.

  • الحركة... والاستجواب
  •  ما موقف الحركة الدستورية الإسلامية من استجواب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية؟
  •  بينت الحركة موقفها الواضح والصريح من قضية استجواب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير العدل في تصريح صحفي صدر بتاريخ السابع من محرم الماضي الموافق ١٣ من أبريل وقد جاء فيه:

أولًا: الحركة ليست بحاجة لتأكيد موقفها من قدسية كتاب الله وضرورة العناية به، هذا الموقف الذي يحمله ويتبناه كل مسلم حريص وغيور على دينه، فكتاب الله سبحانه له حرمة كاملة وشاملة وأدنى خطأ في طباعته مرفوض ومستهجن ومطلوب تداركه ومحاسبة المتسبب به.

 ثانيًا: تأكيد الحركة دعمها ومساندتها لاستخدام وتفعيل كل أداة دستورية متى كانت هذه الأداة في موقعها وزمانها المناسبين خاصة تلك التي توسع من المشاركة الشعبية، ومن مراقبة ومحاسبة الإدارة التنفيذية عن أعمالها.

ثالثًا: سعادة الحركة بمشاركة الجميع في الدفاع عن الدين، والحرص على كتاب الله تعالى هذه المشاركة التي تؤكد المدى العميق والصلب لتمسك الشعب الكويتي بمختلف طوائفه وفئاته بالدين ومرتكزاته آملة في الوقت نفسه أن تكون بواعث هذا الاستجواب خالصة لله عز وجل وبعيدة عن المصالح الفئوية الضيقة ومتجردة من تصفية الحسابات الناتجة عن استجواب سابق.

 رابعًا: مطالبة الحركة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير العدل الاستعجال في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحفظ وحماية القرآن الكريم من أي تحريف أو خطأ طباعي فني أو غيره ومحاسبة المقصرين.

خامسًا: إن موقف الحركة الدستورية الإسلامية من تحميل الوزير المعني المسؤولية السياسية سيتحدد بعد تقويم مرافعته ورده على الاتهامات الموجهة إليه في صحيفة الاستجواب.

وعلى الرغم من هذا الوضوح الكامل للموقف الشامل للحركة إلا أن البعض كان قاصرًا عن استيعاب وفهم هذا الموقف وكان البعض الآخر يحرف ويقلب جوانب من هذا الموقف حسب هواه وجميعهم سعوا فاشلين محاولين جر الحركة إلى معارك وهمية ومهاترات، وإلى إقحامها في مواقف تخيلها هذا البعض ونسجها بما يتناسب مع أهوائه وأهدافه.

وقد أكدت الحركة رفضها بشدة للدفع الشرير الهادف جعل ذلك الاستجواب منصة للتطاول على الحركة الإسلامية، وتجريح أبناء الدعوة الإسلامية والتهجم على المؤسسات الإسلامية شعبية كانت أو رسمية. واتضحت للحركة أهداف البعض القبيحة من وراء ذلك الاستجواب، إذ كان الأمر بالنسبة لهم ليس قدسية كتاب الله عز وجل وليس الخطأ الفني المطبعي الذي وقع في نسخ منه ولكن تصفية الحسابات سياسية وانتخابية ومحاولة للتلميع الانتخابي، وتحقيق غايات ضيقة، وتطويق العمل الإسلامي المتنامي، وإجهاض لاستجوابات جادة قادمة.

كما حذرت الحركة الدستورية الإسلامية من الطرح الموحي جهلًا أو خبثًا بالقوة الخارقة للحركة، وأنها المهيمن على نتيجة الاستجواب وعلى إجراءات الوزير المعني إذ كان هذا الطرح يحمل فيما يحمل التحريض ضد الحركة الإسلامية بصورة عامة، والتأليب على التيار الإسلامي في المجتمع من خلال زرع المخاوف الوهمية والشكوك غير المبررة تجاه الحركة الإسلامية، ووضحت الحركة أن مثل هذا الطرح المرفوض يؤدي إلى بث الشقاق في المجتمع الكويتي وإلى تقليص فرص نجاح التعددية السياسية، وإلى تحويل الساحة السياسية إلى میدان صراعات تهدر فيه جميع الطاقات الوطنية المتطلعة إلى الإصلاح والتطوير، وتمهد السبيل للانقضاض على الديمقراطية والمشاركة الشعبية وتقود المجتمع في النهاية إلى ما آلت إليه مجتمعات أخرى حيث تم فيها إلغاء نهج الحوار وإسقاط الرأي الآخر واستبدال سلاح التسلط والتصفيات بهما.

ولخصت الحركة الدستورية الإسلامية في الأول من مايو الجاري موقفها للمرة الثالثة من استجواب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير العدل بما يلي: 

إن الحركة حريصة كل الحرص على مكانة القرآن الكريم وترفض كل تحريف أو خطأ فيه مقصودًا كان أو غير ذلك، وهذا استمرار من الحركة في دعم المواقف الشرعية، وتبني القضايا الإسلامية، كما تؤكد الحركة دعمها ومساندتها لممارسة كل الحقوق الدستورية بما فيها حق الاستجواب ويسعدها مشاركة الجميع بما فيهم النواب الحكوميون واليساريون في حماية الإسلام وحفظه والدفاع عن قضاياه، وتأمل أن تستمر هذه المشاركة، وتتنامى داخل مجلس الأمة وخارجه، وتدعو الحركة إلى دعم ومساندة مادة الاستجواب المتعلقة بالقرآن الكريم والمشاركة الفعالة بما يحقق الضمانات الكفيلة بالمحافظة على قدسية القرآن الكريم والحفاظ عليه حاضرًا ومستقبلًا.

وأكدت الحركة الدستورية الإسلامية رفضها الانسياق وراء الآخرين، وأنها لا تجد نفسها مضطرة إلى تحديد موقفها من المساءلة السياسية للوزير المعني إلا بعد تقويمها لمرافعته ورده على صحيفة الاستجواب وأن أي تكهنات برلمانية كانت أو صحفية بهذا الشأن تبقى مجرد تكهنات إلى يوم الاستجواب.

الرابط المختصر :