العنوان نائب بريطاني يحذِّر من تزايد المسمين في "بريطانيا" ويشن عليهم حملة
الكاتب فهد العوضي
تاريخ النشر الثلاثاء 15-يونيو-1993
مشاهدات 12
نشر في العدد 1053
نشر في الصفحة 42
الثلاثاء 15-يونيو-1993
أثار تصريح النائب البريطاني "ونستون تشرشل" المحذر من تزايد الاستنكار على المستوى السياسي والشعبي، وصلت إلى الحد الذي جعل البعض يطالب رئيس الوزراء "جون ميجور" بفصله من البرلمان، فقد حذَّر "ونستون تشرشل" - وهو حفيد رئيس الوزراء السابق "تشرشل" - في خطاب له يوم الجمعة الماضي من الآثار والتقاليد البريطانية، وضرب على ذلك مثلًا بانتشار الأذان في كثير من شوارع المدن، "كبرادفود" و"مانشستر"، وأضاف بأن نسبة المسلمين في بعض المدن تجاوزت نسبة الـ 50 % وعلى الحكومة إجراء اللازم للحد من تدفق المهاجرين، الأمر الذي سيؤدي - على حد زعمه - إلى عواقب وخيمة في المستقبل.
هذا ولم يلق تصريح النائب استحسانًا، بل على العكس، استنكرته العديد من الرموز والشخصيات السياسية والغربية حتى أن البعض طالب رئيس الوزراء بفصله من البرلمان، غير أن التصريح الأخير "لجون ميجور"، ووزير الداخلية، الخاص بهذا الموضوع لم يكن سوى رفض أي دعوة عنصرية على أساس من لون أو جنس أو دين، ولم يأت ذكر تشرشل في سياق التصريح، الذي رأته دوائر رقابية بأنه كان أميل إلى الدبلوماسية منه إلى المباشرة الجريئة في الاستنكار.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن نائب مدينة "مانشستر - ونستون تشرشل" - لا يعتبر في أعين الكثير من المحللين، ذا ثقل وأهمية كبيرة في البرلمان الأمر الذي حدا بالبعض إلى اتهامه بأنه ابتغى من تصريحه الأخير هنا لفت الانتباه إليه، وكسب الشهرة، وإعادة المجد الذي حظي به جده في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وقد دعاه بعض المحللين السياسيين في إحدى الجرائد اليومية، إلى عدم وضع نفسه في مثل هذه المواقف الحرجة، وذلك حفظًا على الأقل - على سمعة جده "تشرشل" - الذي يكن له الشعب الإنجليزي كل فخر واحترام.
على المستوى الإعلامي، فنَّدت جريدة "الصنداي تايمز"، الأحد الماضي التصريح، وأتهمته بأنه مناف للحقيقة، وذكر التقرير الذي كتبه "تشارلز هيمان" إلى أن نسبة الجالية الإسلامية لا تكاد تتعدى الـ 20 % في أي مدينة، وذلك على خلاف ما ذكره النائب من أن نسبتهم تفوق الـ 50 % في بعض المدن، "كبرادفورد وليدز"، وعزَّز "هیمان برهانه" فذكر أن نسبة المسلمين في "برادفورد" لا تتجاوز الـ 15 % أما في "ليدز" فتصل إلى 5 % وعن تحذيرات النائب للحكومة، ومطالبتها بتنظيم عملية تدفق المهاجرين، أشار التقرير إلى أن تنظيم العملية تم في عام 1971 بدرجة استحالت معها عملية الهجرة أو الإقامة بصورة كبيرة، أما تلفزيون البي. بي. سي، فقد أجرى عدة حوارات مع أعضاء من أحزاب المعارضة «العمال والديمقراطيين» أكدوا فيها على أن مثل هذه التصريحات تعزز من التفرقة العنصرية، وتوسع الفجوة بين المجتمع البريطاني والأقليات.
من ناحية أخرى استنكرت القيادات الإسلامية مثل هذه التصاريح واتهمت النائب بالعنصرية، وهددت بأنها تنوي إرسال رسالة استنكار إلى رئيس الوزراء "جون ميجور"، وأشار "عبد الكريم جاويوالا" أحد أفراد الجالية الإسلامية بمدينة "ليستر" بأن هذا التصريح يضاهي في حدته ما نسمعه الآن من تصاريح عنصرية في أوروبا الشرقية، أما "بارنوس تريلا" فيقول بأن تصريح النائب يعني في مجمله «إنه لا يريد أن يرى أي وجه أسمر».
هذا وقد جاء في تعليق «الصنداي تايمز» أن الأجانب جاءوا إلى "بريطانيا" واستوطنوها منذ 200 سنة، فأصبحوا بذلك مواطنين إنجليز أكثر من إنجليزية النائب "تشرشل" نفسه.. وأضاف التعليق «إننا فخورون بوجود الأجانب بيننا، وفخورون بإنجازاتهم، ولكننا وبالمقابل لسنا فخورين بالنائب "ونستون تشرشل"، الذي لم يعمل إلا على تشويه اسم الرجل - يقصدون جده "تشرشل" - الذي جعلنا يومًا فخورين بكوننا إنجليز».
ويعزو بعض المسلمين في "لندن"، موقف أغلبية الشعب البريطاني الإيجابي من تصريح "تشرشل" إلى أن المهاجرين صاروا الآن جزءًا من تركيبة الإنجليز وذلك على النطاق الاقتصادي دون الاجتماعي من خلال وجود المشاريع التجارية التي يمتلكها عدد غير قليل من الهنود والباكستانيين، البعض الآخر لا ينفي وجود العنصرية في عقلية الإنجليز، ولكنها إلى حد ما، ومقارنة بعنصرية دول مثل "فرنسا وألمانيا"، تعتبر معقولة، واستنكار التصريح، لم يأت كما يرى البعض، لأنه دفاع عن الجالية الإسلامية، ولكنه دفاع عن العقلية الإنجليزية من أن تتهم بالعنصرية، خصوصًا وأن توقيت مقولة تشرشل جاءت في الوقت الذي أحرق فيه أفراد من الجناح اليميني المتطرف بألمانيا بيتًا كاملًا تقطنه عائلات تركية، مات على إثر ذلك خمسة أفراد «امرأتان و 3 بنات» فإذا كان التطرف العنصري جاء على مستوى الشعوب في ألمانيا، فالأحرى به ألا يأتي من "بريطانيا" ليكون على مستوى الساسة والقادة.
من هذا المنطلق أيضًا نفهم موقف، الأقلية اليهودية، من التصريح، فقد أدانته هي الأخرى، لا خوفًا على مصالح الجالية الإسلامية طبعًا، وإنما خوفًا من أن يلحقها التصريح مستقبلًا، فتوضع في خانة المهاجرين الأجانب.
على المستوى السياسي، قد يكون المطلوب من سفراء الدول العربية والإسلامية موقفًا حاسمًا من مثل هذه التصاريح وذلك حتى لا تتكرر، فتكون الضحية لا الجالية الإسلامية في "بريطانيا" وحدها، وإنما الجالية الإسلامية في الغرب بأكمله.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
خروجًا من المشاكل والمآسي التي تعاني منها الأسرة_ اعتماد الطلاق في البرازيل
نشر في العدد 363
21
الثلاثاء 16-أغسطس-1977