; ندوة العلماء ودار العلوم | مجلة المجتمع

العنوان ندوة العلماء ودار العلوم

الكاتب أبو أنس

تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1970

مشاهدات 31

نشر في العدد 38

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 08-ديسمبر-1970

ندوة العلماء ودار العلوم

واحة الإسلام في مدينه لكهنو

- ثمانون سنة قضتها ندوة العلماء بالهند تخرج أجيالًا عديدة من الرجال.

- ندوة العلماء جامعة إسلامية عرف رجالها بالفهم العميق للدين والملكة الناضجة في الكتابة والخطابة العربيتين.

- خرجت رجالًا كأبي الحسن الندوي، وسليمان الندوي وغيرهم كثيرًا.

- قال بعض الزائرين العرب عن الندوة: إنها للعربية بمثابة واحة في الصحراء.

- توخت الندوة الجمع بين القديم الصالح والجديد النافع.

كيف أنشئت الندوة؟

لما تدلى الحال بالمسلمين في أنحاء الدنيا عامة وفي الهند بصورة خاصة، ولما كانوا أحد رجلين، رجل لهث وراء الحضارة الغربية يأخذ عنها كل شيء، خيرها وشرها ورجل مؤمن بالدين الخالد وانعزاله أدى إلى الوقوع فريسة الخلافات والأخطاء.

لذلك تداعت نخبة من خيرة رجال الهند من المسلمين في مدينة لكهنو لتأسيس جمعية ندوة العلماء ودار العلوم، لتكون مركز إشعاع لنشر النور بين الظلمات، كان ذلك في عام ۱۳۱۱ من الهجرة أي قبل ٧٩ سنة تقريبًا.

دار العلوم

أنشأت جمعية ندوة العلماء مدرسة دينية عربية أسمتها «دار العلوم»، وقد عنيت هذه المدرسة أكثر ما عنيت بالقرآن الكريم وتدريسه، كما عنيت باللغة العربية باعتبارها مفتاح كنوز الكتاب والسنة ومفتاح المكتبة الإسلامية الذاخرة، ولأن اللغة العربية هي الرابطة الأدبية الوثيقة التي تشد الشعوب الإسلامية إلى بعضها.

وبالجملة اجتهدت ندوة العلماء في أن تخرج من دار العلوم رجالًا يضطلعون بأعباء الدعوة الإسلامية في هذا العصر المتجدد المتطور، ويستطيعون أن يشرحوا مزايا الشريعة الإسلامية وجمال مدينة الإسلام وخلود رسالة الإسلام بلغة يفهمها أهل العصر وبأسلوب يستهوي القلوب، ويكونوا أمة وسطًا بين طرف الجحود والجمود وفي صراع القديم والجديد.

ماذا قدمت ندوة العلماء؟

وقد يتساءل المرء: ماذا قدمت ندوة العلماء خلال ثمانين عامًا من عمرها للمسلمين في الهند وفي العالم عامة؟ فنقول: لقد قدمت الشيء الكثير، قدمت عشرات الرجال الأفذاذ من الدعاة المخلصين، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، رجال خدموا الدعوة الإسلامية بمدادهم وبيانهم وتجوالهم، كانت الندوة ولازالت مهبطًا للطلاب المسلمين من كافة أنحاء العالم وخاصة من بلاد أفريقية التي لا يجدون فيها ما يروي غليلهم وتعطشهم لعلوم الدين، فنزلوا في دار العلوم وأقاموا ولا يزالون يقيمون في ضيافتها يتعلمون فيها ويقيمون بالمجان، وهم أفواج أفواج منهم من تخرج وعاد إلى بلاده حاملًا لواء الدعوة، ومنهم من لا يزال يتم علومه، ويزداد الإقبال عليها كل يوم هذا مع العلم بأن خريجي ندوة العلماء ويسمى الواحد منهم «الندوي» نسبة إليها، هؤلاء الخريجون لهم سمت خاص.

فهم أقرب ما يكون المسلم إلى السنة علمًا وعملًا، كل ذلك بفضل المناهج الممتازة التي اتخذتها دار العلوم لنفسها.

 المكتبة العامرة

ومن منجزات الندوة أيضًا تلك المكتبة العامرة الضخمة الزاخرة بعشرات الآلاف من الكتب والمراجع والمخطوطات، إذ يقدر عدد الكتب التي تضمها المكتبة ما يقارب الأربعين ألف كتاب، بالإضافة إلى ألف وثمانمائة مخطوط نادر، وهذه المكتبة يؤمها طلاب الندوة فينهلون منها ما يروي ظمأهم إلى علوم الدين المختلفة.

 صحيفتان عربيتان

كذلك آلت ندوة العلماء على نفسها إصدار صحيفتين عربيتين هما: «مجلة البعث الإسلامي» الشهرية وصحيفة «الرائد» النصف الشهرية، وتنشر الصحيفتان مقالات قيمة يحررها كبار العلماء والكتاب من أنحاء العالم الإسلامي وتحمل كل منهما للقراء زادًا فكريًا نيرًا.

ومن منجزات الندوة غير المنظورة أنها تعتبر حصنًا منيعًا للإسلام في بلد علماني يحاول إذابة المسلمين وصهرهم والقضاء على كيانهم، فكانت الندوة ولا تزال قلعة حصينة يتزود المسلمون فيها بأقوى سلاح يعينهم على الثبات على دينهم ويمكنهم من مقارعة الخصوم ونشر الدعوة بالحجة والبرهان، ولقد قامت بنشر عدد كبير من المؤلفات القيمة بالعربية والأوردية، وهي لذلك تتضمن دارًا للتحقيقات والنشريات ولها مطبعة خاصة بها.

رجال الندوة:

ولئن حق للندوة أن تفخر فلها الحق في الفخار كل الفخار لا بالأبنية الضخمة التي شيدتها وتشيدها ولا بالكتب الكثيرة التي تحتويها مكتبتها ولا بقطعة الأرض الشاسعة التي تحتلها لا بشيء من ذلك، وإنما لها أن تفخر بأنها قدمت للعالم الإسلامي رجالًا من خيرة الدعاة إلى الله، منهم المعروفون ومنهم الجنود المجهولون الذين لا ينسون انتسابهم للندوة حتى يظن المرء أن كلمة ندوي جزء من الواحد منهم، ولنأخذ شخصية واحدة من الشخصيات الإسلامية التي خرجتها الندوة وهي شخصية الأستاذ أبو الحسن على الحسن الندوي.

أبو الحسن الندوي:

وفي سطور نقول، بأنه رغم أنه لا يحسن التحدث عن رجل لا يزال على قيد الحياة، وذلك تأدبًا مع الحق والتاريخ، إلا أننا رغم ذلك نستطيع أن نقول بأن هذا الرجل، مد الله في عمره، من الأعلام الأفذاذ الذين وهبوا أنفسهم وأوقاتهم لخدمة المسلمين في الهند وفي العالم الإسلامي بأسره، ويكفي أن نبين للقارئ الكريم أن مؤلفات الأستاذ أبو الحسن الكثيرة قد ترجم معظمها إلى عدة لغات وله رسائل تعادل المجلدات، لا في عدد صفحاتها، فهي معدودة، ولكن بالروح الطيبة التي تملأها، ومن مؤلفاته «يا زهرة الصحراء» وهي رسالة يخاطب بها الكويت، وكتاب «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين»، إلى غير ذلك، وهو كثير التجوال يشحذ الهمم وينادي بأعلى صوته أن يا مسلمين أفيقوا.

هذا نموذج من خريجي دار العلوم التابعة لجمعية ندوة العلماء في مدينة لكهنو العامرة، بقي أن نعلم أن الندوة تواجه الآن صعوبات مالية ضخمة، فهي بحاجة إلى توسيع رقعة بنائها لاستيعاب العدد المتزايد من الطلاب وهي بحاجة إلى معونة مالية منتظمة لتغطية نفقات التدريس، خاصة بعد أن تضاءل حجم الأوقاف التي كانت مخصصة لها منذ نشأتها.

وفي الختام نقول، إن من واجب أغنياء المسلمين أفرادًا وحكومات أن يمدوا يد العون بسخاء للندوة لتؤدي رسالتها بنجاح، ولأن ساهمت الكويت حكومة وشعبًا بشيء من ذلك في الماضي فمن المؤمل أن تواصل -الإسهام بالمزيد، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، والله الموفق إلى ما يريد.

أبو أنس     
 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الاختلاط في الجامعات!

نشر في العدد 32

33

الثلاثاء 20-أكتوبر-1970

لعقلك وقلبك (44)

نشر في العدد 44

19

الثلاثاء 19-يناير-1971

لعقلك وقلبك (46)

نشر في العدد 46

25

الثلاثاء 02-فبراير-1971