العنوان هذا الانجيل لماذا حاربته الكنائس؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 11-يوليو-1972
مشاهدات 19
نشر في العدد 108
نشر في الصفحة 18
الثلاثاء 11-يوليو-1972
§ هذا الانجيل لماذا حاربته الكنائس؟
§ بشر بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام.
§ دعا إلى توحيد الله توحيداً خالصاً.
§ أبطل مزاعم بنوّة عيسى -علیه السلام- لله سبحانه.
§ أبطل دعوى صلب وقتل المسيح عليه السلام.
§ أثبت أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام.
يعلم المسلمون أن المسيح هو عيسى بن مريم نبي الله ورسوله إلى بني إسرائيل وأنه بعث هاديًا لقومة ومبشرًا بنبيِّ من بعده اسمهُ أحمد وأنه دعا إلى عبادة الله الواحد بلا شريك وأنه رُفع إلى السماء ولم يقتل ولم يصلب ولكن شبها لأعدائه. ولو كان النصارى على هذا الاعتقاد الذي جاء به عيسى بن مریم -عليه السلام- إذا لتوحدت دعوة السماء على الأرض كما نزلت من السماء واحده، ولكنهم أنكروا هذه الدعوة وكذبوا محمدًا- صلى الله عليه وسلم- وكذبوا القرآن وناصبوه العداء تمامًا كما فعل اليهود مع الرسالة المسيحية والرسول عيسى بن مريم عليه السلام، فقد ابتدعوا الرهبانية واعتقدوا بالتثليث وزعموا أن المسيح قتل مصلوب.
ومع ذلك فقد كان من بين المسيحيين من أنكر شططهم واستقام على الحق وان كانت تلك ومضات في تاريخ النصرانية فقد كان الراهب «بحيرا» الذي التقى بقافلة في مشارف الشام على هدى من ربهِ وعلي علمٍ وإيمان ببعثة الرسول العربي محمد- صلى الله عليه وسلم- كذلك كان ورقه بن نوفل، وفي العصر الحديث حمل الكاتب الروسي تولستوی على الكنيسة وأنكر دعوة التثليث ورفضها. ودخل الرسام الفرنسي المسيو أنين دينية الإسلام لأن تأمله الذكي قاده إلى رفض العقيدة المسيحية المعاصرة، والإيمان بالمسيح عليه السلام عبر العقيدة الإسلامية. وانتقد الدكتور نظمي لوقا الأفكار الكنسية المنحرفة وأعلن إيمانه بالرسالة الإسلامية واتفاقها مع المسيحية الحقة على الرغم من بقائه على نصرانيته، مؤثرًا أن يكون من الذين قال الله تعالى فيهم:
﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ (سورة المائدة / 82 – 83) فهل وجدت أبدًا في المراجع التاريخية أصول الديانة المسيحية تدعم هؤلاء المعتدلين وتكشف عن حقيقة الديانة المسيحية كما جاء بها عيسى بن مريم عليه السلام وكما وردت حقائقها في القرآن الكريم الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام؟
مصادر المسيحية:
المعروف أن مصادر الدين المسيحي المعترف بها حاليًا في مختلف الكنائس والمؤسسات المسيحية هي كالآتي:
1. التوراة أو كما يسميها المسيحيون «العهد القديم» وهم يعترفون بها ويعتبرون رسالة المسيح مكملة لها.
2. الأناجيل: ويسمونها «العهد الجديد» أو الأسفار التاريخية فهي تعني بشرح الظروف التاريخية لحياة المسيح عليه السلام. وهي كثيرة ولكن الكنائس اعترفت بأربعة فقط منها هي:
1- إنجيل متی ۲- إنجيل مرقص ٣- إنجيل لوقا ٤- إنجيل يوحنا. وجاء هذا الاعتراف في القرن الثالث بعد المسيح.
3- الرسائل: ويسمونها الأسفار التعليمية وهي تشرح وتوضح تعاليم المسيحية وقد كتبت على يد شخصيات مسيحية كبيرة.
وبصفة عامة فإن مراجع المسيحية تنحصر في الأناجيل والرسائل، أما الأناجيل الأربعة فلم يسلم واحد منها من الطعن من المسيحيين أنفسهم، فأصولها جميعًا ضائعة وكاتبوها مختلفًا في حقيقتهم وبعضها متهمًا بأنه مزور ومرفوض أصلًا واختلف في تواريخ وضعها، والشيء الثابت الوحيد هو أن المسيح لم يشهدها ولم يرها. وقد ثبت من هذه الأناجيل نفسها أن السيد المسيح كان له إنجيل يبشر بنصوصه. جاء في الإصحاح الأول من رسالة بولس إلى أهل رومية:
«فإني الله الذي أعبده بروحي في إنجيل ابنه شاهدا لي كيف -بلا انقطاع- أذكركم» وفي إنجيل متى الإصحاح الرابع يقول: «وكان يسوع يطوف أنحاء أرض جاليلي يعلم الناس الصلاة، وينقل إليهم بشارة إنجيل ملكوت الله» إذن أين هو إنجيل عيسى الأصلي؟ فيما يبدو أنه اندثر وضاع. على أن هنالك وثيقة مسيحية أخرى تلقى ضوءًا قويًا على حقيقة المسيحية الأولى وتناقض جميع المصادر المسيحية المسلم بها اليوم وتتفق اتفاقًا تامًا مع حقائق الإسلام حول المسيحية. وهي وثيقة موثوقة ولعل في رفضها من جانب الكنائس تأكيدًا لصدقها أكثر من قدح فيها. تلك هي:
إنجيل برنابا.
من هو برنابا؟
في رسالة الأعمال المنسوب تدوينها إلى لوقا يقول في الإصحاح الرابع: «ويوسف الذي يلقبه الرسل ببرنابا والذي يترجم بابن الوعظ، وهولواي قبرصي الجنس، إذ كان له حقل فباعه وأتى بالدراهم، ووضعها عند أرجل الرسل»
ويقول الإصحاح التاسع من الرسالة «ولما جاء شاول إلى أورشليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ، وكان الجميع يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ، فأخذه برنابا، وأحضره إلى الرسل وحدثهم كيف أبصر الرب في الطريق.» وفي الإصحاح الحادي عشر يقول في نفس الرسالة:
نسمع الخبر عنهم في آذان الكنيسة التي في أورشليم فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى أنطاكية... لأنه كان رجلًا صالحًا وممتلئا من الروح القدس والإيمان. وفي الإصحاح الثالث عشر يقول في نفس الرسالة:
وكان في أنطاكيا في مجلس يوم الجمعة لعدد من الأنبياء منهم: برنابا، وسمعان الذي يدعى نيجر ولويكوس القيرواني، وبينما يخدمون الرب، ويصومون قال الروح القدس: افرزوا لي برنابا، وشارل للعمل الذي دعوتهما إليه. ويقول: وكان معهما يوحنا خادمًا.
ويقول بولس في رسالته إلى أهل كولوس، الإصحاح الرابع «يسلم عليكم استرخص المسجون معي، ومرقص ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا من هذه النصوص الدينية– لا سيما التي في سفر الأعمال، وهي الرسائل التي يعتمد عليها في شرح ماهية التعاليم المسيحية أكثر من الأناجيل من هذه النصوص تظهر للباحث شخصية برنابا بأنه رجل كريم ومخلص وطاهر ممتلئ بالروح القدس واختاره الروح القدس مع شاول «بولس» لنشر الدعوة. وهو على كل حال أستاذ مرقص بل مرقص خادم له وهو حارات وقديس من الرسل على أقل تقدير.
إنجيل برنابا:
اتفق المؤرخون على أن النسخة الأولى من هذا الإنجيل كانت باللغة الإيطالية عثر عليها الراهب كريمر عام (1709) م ومثل هذا الاتفاق نادر في الأناجيل الأخرى. ثم انتقلت هذه النسخة من راهب مسيحي إلى البلاط الملكي في فيينا فكانت في حماية دولة مسيحية عام ( ۱۷۳۸) م. ووجدت نسخة أسبانية مترجمة عن الإيطالية وهي نفسها التي نقلها المستشرقون إلى الإنجليزية ويقول الراهب اللاتيني فرانينو إنه اطلع على رسالة لآريانوس استنكر فيها ما كتبه بولس مستشهدًا بما كتبه برنابا فدفعه حب الحقيقة إلى البحث عن إنجيل برنابا، فعمل وجد وجاهد حتى وصل إلى مرتبة سامية من نفس البابا سكت الخامس فوجد إنجيل برنابا في مكتب البابا، فأخذه وطالعه وتفهمه ثم أسلم وزمن البابا سكت الخامس هو «آخر القرن السادس عشر الميلادي» إذن فهذه هي أهمية إنجيل برنابا. إن الذي يقرؤه يكون له شأن آخر مع تعاليم الكنيسة المنسوبة إلى المسيحية فهو لذلك مرفوض وغير معترف. وحتى نُلقي ضوءًا أكثر على ذلك نقدم بالآتي:
1- أن برنابا هو قديس له مكانة رفيعة في التاريخ المسيحي.
2- مؤمن بعدم القول بألوهية المسيح.
3- يرى أن الذبيح من أبناء إبراهيم -عليه السلام- هو إسماعيل وليس إسحاق.
4- يبشر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- بالنص.
5- لا يتفق مع الأناجيل الأخرى بأن المسيح قد صلب.
٦- لا يؤمن بالتثليث، ولا يرى ذلك إلا اختراعًا من عمل الناس.
وهذه الأفكار الخطيرة مأخوذة من إنجيله:
ابن الله:
فهو يدحض الزعم بأن المسيح ابن الله: «يا أيها الأعزاء، أن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الأيام بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة، للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثير بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر، داعين المسيح ابن الله وأفضى الختان الذي أمر الله به دائمًا، مجوزین کل لحم نجس، الذين ضل في عدادهم أيضًا بولس الذي لا أتكلم عنه إلا مع الأسى وهو السبب الذي لآجلة أسطر ذلك الذي رأيته.
الوحدانية أم التثليث:
وينفي عقيدة التثليث عن المسيحية فيقول في أخر الفصل الثالث والتسعون: «أجاب الكاهن: أن اليهودية قد اضطربت لآياتك، وتعليمك حتى أنهم يجاهرون بأنك أنت الله، فاضطررت بسبب الشعب إلى أن آتى إلى هنا مع الوالي الروحاني والملك هيرودس فنرجوك من كل قلبنا أن ترضى بإزاله الفتنة التي ثارت بسببك لأن فريقًا يقول أنك الله، وآخر يقول أنك ابن الله، ويقول فريق أنك بني، أجاب يسوع: وأنت يا رئيس الكهنة لماذا لا تخمد الفتنة، وهل جننت أنت أيضا، وهل أمست النبوات وشريعة الله نسيًا منسيًا، أيتها اليهودية الشقية التي ضللها الشيطان، ولما قال يسوع هذا عاد فقال: أني أشهد أمام السماء وأشهد كل ساكن على الأرض أني برئ من كل ما قال الناس عني من أني أعظم من بشر لإني بشر مولود من امرأة وعرضه لحكم الله، أعيش كسائر البشر عرضة للشقاء العام.»
ويقول كذلك في نفسي نبوته لله تعالى: «أجاب يسوع: وما قولكم أنتم؟ أجاب بطرس: إنك المسيح ابن الله، فغضب حينئذ يسوع وانتهره بغضب قائل: أذهب وانصرف عني لأنك أنت الشيطان، تريد أن تسيء إلي.»
«الفصل السبعين»
الذبيح هو اسماعيل:
وحول إثبات أن الذبيح هو اسماعيل -عليه السلام- يقول برنابا: «الحق أقول لكم، إذا أمعنتم النظر في كلام الملاك جبريل تعلمون خبث كتبنا، وفقهائنا لأن الملاك قال: یا أبراهيم: سيعلم العالم كله كيف يحبك الله، ولكن كيف يعلم العالم محبتك لله، حقًا يجب عليك أن تفعل شيئًا لأجل محبة الله أجاب إبراهيم ها هو ذو عبد الله مستعد أن يفعل كل ما يريد الله، فكلم الله حينئذ إبراهيم قائًلا: خذ ابنك البكر، واصعد إلى الجبل لتقدمه ذبيحة، فكيف يكون اسحاق البكر وهو لما ولد كان إسماعيل ابن سبع سنين».
ولكن شبه لهم:
ونفى القول بصلب المسيح يقول في ذلك:
«الحق أقول إن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن اعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة أنه يسوع، كذل خرج بعضهم من تعاليم يسوع، معتقدين أن يسوع كان نبيًا كاذبًا، وإنما الآيات التي فعلها بصناعة السحر لأن يسوع قال إنه لا يموت إلى وشك انقضاء العالم، لأنه سيؤخذ في ذلك الوقت من العالم». ويقول برنابا أيضًا في عودة عيسى بعد رفعه ليؤدب تلاميذه «تحسبونني أنا والله كاذبين لأن الله وهبني أن أعيش حتى قبيل انقضاء العالم، كما قد قلت لكم، الحق أقول لكم أني لم أمت، بل يهوذا الخائن، احذروا، لأن الشيطان سيحاول جهده أن يخدعكم ولكن كونوا شهودي في كل بني إسرائيل، وفي العالم كله- لكل الأشياء التي رأيتموها وسمعتموها.
ومبشرًا بنبي يأتي من بعده:
أما اعتراف إنجيل برنابا بالنبوة المحمدية فقد ورد كالآتي:
«أن الآيات التي يفعلها الله على يدي تظهر أنى أتكلم بما يريد الله، ولست أحسب نفسي نظيري الذي تقولون عنه، لأني لستُ أهًلا لأن أحل رباطات أو سيور حذاء رسول الله الذي تسمونه مسي الذي خلق قبليا وسيأتي بعدي بكلام الحق، ولا يكون لدينه نهاية»
«يقول الدكتور سعادة بك إن المراد من مسي هنا محمد، ويقول، إن برنابا ذکر محمدًا باللفظ الصريح في عدة فصول، ووصفه بأنه رسول الله، وذكر أن آدم لما طرد من الجنة رأی سطور كتبت فوق بابها بأحرف من النور «لا إله إلا الله محمد رسول الله.» ولعل هذه الحقائق المذهلة التي تتعارض مع التفكير الكنسي وتتفق مع ما جاء به الدين الإسلامي من حقائق حول المسيحية هي الدافع الخفي الذي جعل المجامع والبابوية والكنسية تحرم إنجيل برنابا مع أن برنابا يحتل منزلة رفيعة في المسيحية من حيث المكانة والزمان والثقافة والتقوى وهي مكانة أكبر وأعرق وأقدم من أصحاب الأناجيل الأخرى التي اعترفت بها المجامع الكنسية وجعلتها أصولًا للعقائد النصرانية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالنشاط الصليبي .. الباخرة لوغوس.. حلقة في مؤامرات الصليبيين!
نشر في العدد 229
12
الثلاثاء 10-ديسمبر-1974