العنوان هذا مَا نريده يا وزارة الإعلام
الكاتب المحرر المحلي
تاريخ النشر الثلاثاء 06-يوليو-1971
مشاهدات 31
نشر في العدد 67
نشر في الصفحة 11
الثلاثاء 06-يوليو-1971
هذا مَا نريده يا وزارة الإعلام
التلفزيون أداة لتعميق القيم الفاضلة والتثقيف العِلمي
في اجتماع اللجنة السياسية والاجتماعية المنعقد بتاريخ )7-6-1971م(، وبحضور وكلاء وزارات الإعلام والتربية، والشئون الاجتماعية والعمل، جرى بحث خطة الإعلام في الدولة، وقد تقدمت وزارة الإعلام بتقرير حول هذه السياسة، كما نوقش البرنامج الذي تزمع وزارة الاعلام القيام به لاستطلاع آراء الناس حول برامج التلفزيون، والذي أطلق عليه اسم «التلفزيون والمشاهد».
وقد تبين للجنة من دراسة تقرير خطة الإعلام أن نسبة المدد الزمنية للبرامج التي يبثها تلفزيون الكويت حاليًا هي كالآتي:
· البرامج الترويجية والمنوعة ٦٨,٩% من فترة الإرسال.
· البرامج التثقيفية ۱٩,٥% .
· البرامج الاعلامية، والإخبارية. 11,6 %.
وإننا حيال هذا التقرير الذي أعدته وزارة الإعلام، وحيال المهام والمسئوليات الكبيرة والخطيرة، التي تقع على عاتق اللجنة السياسية والاجتماعية، وانطلاقًا من الإحساس الأليم بواقع الأمة السيء والمتمثل بالانقياد التام والأعمى لكل ما يصدر عن الغرب من موجات فكرية، وتيارات ثقافية مضللة، وتقليعات اجتماعية فاسدة، لكل ذلك، كان لابد لنا أن نقول كلمة الاسلام في برامج التلفزيون على نحو ما ذكرت اللجنة السياسية والاجتماعية.
أربع نقاط على الطريق
إن التلفزيون شكل من الأشكال التقدم المادي، ونتاج هام للتقدم العلمي والمدني، وإبداع فذ ورائع للعقل البشرى الذي من الله -سبحانه وتعالى- به على الإنسان، وهو وسيلة هامة من وسائل الإعلام والتوجيه.
ولذلك كان -شأنه شأن كل العلوم، والاختراعات- سلاحًا ذا حدين، يمكنه الارتفاع بالأمة بنفس القدرة على الانحطاط بها وتفريقها.
* إن عمل التلفزيون هو نقل الوقائع والبرامج المصورة إلى المشاهدين، وهؤلاء
هم المجتمع برجاله ونسائه، وکباره وصغاره، على اختلاف مستوياتهم الفكرية، وقدراتهم على الفهم والاستيعاب، والأخذ والعطاء، ونزعاتهم السلبية منها والايجابية، وواقعهم الفاعل، أو المنفعل.
* إن الانسان فيه الغرائز، والحاجات العضوية، وهذه إما أن تكون محكومة للعقل عند الإنسان الناهض، أو أنها تحكم العقل عند الانسان المنخفض فكريًا، وهذه الغرائز لابد من إشباعها، والاشباع إما أن يكون صحيحًا، أو خاطئًا، أو شاذًا.
والاشباع أيًا كان نوعه لابد أن يكون مرتبطًا بمفهومات الانسان عن الحياة، وبالمؤثرات المادية المحيطة بهذا الانسان.
* إن علم النفس، والواقع العلمي، يثبتان أن كثرة التركيز والتكرار على
موضوع ما لابد أن يؤثر مع مرور الزمن على تفكير ونفسية المشاهد أو السامع لهذا الموضع المتكرر مع التركيز، بحيث تتأثر تصرفات هذا الانسان بهذا الموضوع سواء أكان هذا التأثر إراديًا، أو لاإراديًا.
ومثال حي على ذلك أن إسرائيل في نهاية حرب «حزيران» كانت تردد قولها: هنا إذاعة «أورشليم القدس»، وكانت كل معاني الألم والحزن ترتسم على وجوه المسلمين؛ لسماعهم هذه العبارة، ولكن ومع مرور الزمن أصبحت هذه التسمية شيئًا مألوفًا لا يثير أية ردة فعل لدينا، وكأنه لم يكن بالأمس القريب رمزًا للمأساة، وإحساسًا بآلام الخزي والعار.
لقد وضعت هذه النقاط على الطريق لأقول:
«إن العقل عند الانسان، وبالتالي تصرفات هذا الإنسان، تكون متأثرة دائمًا بالمعلومات السابقة الموجودة لديه، ولذلك فإن هذه المعلومات تكون من الخطورة بمكان، وخاصة لدى الأطفال؛ لأن المحاكمة الفعلية، والتمييز بين الخطأ والصواب والغث والسمين، يكون لديهم ضعيفًا، ولذلك فهم يأخذون كل ما يعطى إليهم كمسلمات لا تحتاج إلى براهين، وقد قيل -العلم في الصغر، كالنقش في الحجر-، فإذا كانت المعلومات التي يزود بها الطفل سليمة، كان تصرفه سليمًا، والعكس بالعكس».
والإنسان إما أن يسير في دائرة الشعور، وذلك بالتفكير والمحاكمة بغض النظر عن صحتها أو فسادها، أو أنه يسير بدائرة اللاشعور، وذلك بالتأثر أو التقليد.
وقد أدرك الغرب المستعمر هذه الحقيقة، ودرس نفسية الشعوب الإسلامية دراسة وافية، ووضع مخططاته وجهوده؛ لإفساد هذه الشعوب وجعلها ذيلا له في التفكير، وطريقة العيش، وجعل نفسه مثالًا يحتذى، مما يسهل عليه استعمار هذه الشعوب، واستنزاف خيراتها.
وقد وضع لذلك خطة خبيثة تهدف إلى إبعاد المسلمين عن الإسلام من الناحية الموضوعية، وإبقائهم مسلمين من الناحية الشكلية فقط، ويبدو أنه قد نجح إلى حد ما في خطته هذه، ولا أدل على ذلك من أن أبناء المسلمين اليوم يعرفون عن نابليون، وماركس، ومونتغمرى، والثورة الفرنسية، أكثر مما يعرفون عن موسى بن نصير، وقتيبة بن مسلم الباهلي، وغيرهم من أبطال المسلمين، ومواقعهم. فهل تم للغرب ذلك إلا بواسطة البرامج الاعلامية، ومناهج التربية والتعليم التي وضع سياستها مستشرقون غربيون حاقدون على الاسلام والمسلمين، وقام بتنفيذها المتنفدون في بلاد المسلمين بحسن أو سوء نية.
ويعتبر التلفزيون اليوم من أهم الوسائل التي يستعملها الغرب لتلقيح أبناء المسلمين بسمومه، ولإبعادهم عن الإسلام، وجعلهم يتقمصون شخصيته وطريقة عيشه على أسوأ اشكالها.
أطفالنا والمعرفة
إن أطفالنا لن تنهض بهم الأفلام الكرتونية المليئة بسموم الغرب، كما أن اللهو واللعب ليس كل ما يعطى الطفل، فبقدر حاجة أطفالنا إلى ساعات من اللهو الموجه والمدروس، هم بحاجة لمعرفة المبادئ البسيطة السهلة لأسرار الكون، وبحاجة لتسيير خطاهم على طريق العلم، وسلم الإبداع، نلفت أنظارهم بسهولة ويسر إلى
«جيمس واط»، وكيف لاحظ تأثير البخار في إبريق الشاى، وكيف نتج عن هذه الملاحظة الآلة البخارية، وإلى القوانين البسيطة للجاذبية الأرضية، والتي بني عليها الكثير من النظريات الرياضية، والميكانيك، فمثل هذه المعلومات السهلة القيمة، لو قدمت لأطفالنا عن طريق التلفزيون، لكانت لديهم الدافع والحافز للبحث والملاحظة والجد والابتكار، ولكانوا بذلك خیر عدة لأمتهم في المستقبل.
القدوة وصناعة الأجيال
إن أبناءنا بحاجة إلى برامج عن رافع وسمرة، طفلين يتسابقان للجهاد في سبيل الله. فيكونان مثلا يحتذى في الشجاعة، وحب التضحية، لا إلى تلك البرامج التى تعلمهم الفسق، وغزو قلوب المراهقات.
وإن نساءنا بحاجة إلى برامج تعلمهم الأصول التي يستطيعون بها أن يخلقوا جيًلا واعيًا مؤمنًا بربه، فاهمًا لقضيته، كما هم بحاجة إلى البرامج التي توجههم ليكونوا أمهات، وربات بيوت، يتقن فنون السعادة وصناعة الأبطال.
تلك هي برامج التلفزيون التي نرید.
من شاهد في التلفزيون برامج عن عدالة عمر، وعن مواقف أبي بكر الخالدة في حروب الردة، وعن فتح الأندلس على يد طارق بن زياد، وفتح الشام على يد خالد بن الوليد، وعن صبر آل ياسر وبلال على العذاب في سبيل الله.
أيها المسئولون:
لقد وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عشيرته خطيبًا، فقال: «إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو غششت الناس جميعًا، ما غششتكم».
إن البرامج الترفيهية التي تقطر خنوثة، وميوعة، لن تخلق جيلًا محاربًا، قد باع دنياه بآخرته.
وإن خلاعة «توم جونس» لن تخلق الجيل الذي سيحرر الأقصى، والديار المقدسة ويعلى كلمة الإسلام والمسلمين، أما آن الأوان لنستيقظ من هذا السبات العميق، أما آن الأوان لكشف الغشاوات عن العيون، أما آن الأوان لنغسل الصدأ عن قلوبنا، أما آن الأوان أن ندرك أن الأموال التي ننفقها على هذه البرامج تذهب أدراج الرياح، والأهم منها خسارة أبنائنا الذين أصبحوا بتأثير أفكار الغرب، وغزوه الثقافي، عقولًا خاوية، إلا من التوافه، في أجسام بالية.
أعتقد أنه قد آن الأوان.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
برقية جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى مؤتمر وزراء التربية العرب في ليبيا
نشر في العدد 3
112
الثلاثاء 31-مارس-1970