العنوان هل تتوجه الوفود العربية إلي واشنطن؟؟
الكاتب عاطف الجولاني
تاريخ النشر الثلاثاء 02-مارس-1993
مشاهدات 15
نشر في العدد 1040
نشر في الصفحة 30
الثلاثاء 02-مارس-1993
هل تتوجه الوفود العربية إلي واشنطن؟؟
بات في حكم شبه المؤكد أن تتوجه الوفود العربية إلى الجولة التاسعة للمفاوضات في واشنطن في الموعد المقترح لذلك أواسط شهر نيسان (أبريل) القادم على الرغم من استمرار معاناة المبعدين في جبال مرج الزهور وعدم التوصل إلى حل لقضيتهم. وينتظر أن تعلن الوفود العربية قرارها بهذا الشأن خلال اجتماع وزراء خارجية دول الطوق المعنية المقرر عقده عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي وارن كروستوفر للمنطقة، والتي تأتي بهدف دفع العملية التفاوضية التي تراجعت بسبب قضية الإبعاد والضغط على الوفود العربية من أجل حضور جولة المفاوضات القادمة.
ولعل أهم التطورات التي ساهمت في تمهيد الأجواء وتذليل العقبات أمام استئناف المفاوضات المعلقة إعلان مجلس الأمن الذي اعتبر أن الصفقة الإسرائيلية – الأمريكية القاضية بإعادة مائة مبعد وتخفيض فترة الإبعاد بحق القسم المتبقي خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح تنسجم مع قرار المجلس رقم ۷۹۹، فقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي. عقب صدور المجلس بأن قضية المبعدين قد انتهت وأن العقبات أمام استئناف المسيرة السلمية قد زالت. ومما يعزز الاعتقاد السائد بأن الأطراف العربية ستتوجه إلى واشنطن لإجراء جولة جديدة من المفاوضات مواقفها الجديدة التي تشير بشكل واضح إلى عدم معارضتها استئناف المفاوضات رغم عدم تطبيق (إسرائيل) لقرار مجلس الأمن ٧٩٩ القاضي بعودة جميع المبعدين وبشكل فوري.
فعلى الجانب الفلسطيني جاءت تصريحات حنان عشراوي المتحدثة باسم الوفد الفلسطيني خلال زيارتها لواشنطن والتي قالت فيها إن الفلسطينيين سيوافقون على عودة المبعدين على مراحل دون أن تحدد فترة زمنية لهذه المراحل جاءت لتؤكد تصريحات سابقة - يعتقد أنها جاءت بإيحاء من قيادة المنظمة – لكل من نبيل شعث وبسام أبو شريف من المطبخ السياسي لقيادة المنظمة أعلنوا فيها ضرورة عدم الربط بين قضية المبعدين وبين استمرار التسوية السياسية ومع ذلك فإن موقف قيادة المنظمة ووفدها سيكون الأصعب ولاشك بين الأطراف العربية، حيث إن موافقتها على حضور المفاوضات في ضوء استمرار أزمة المبعدين رغم تصريحاتها وتأكيداتها السابقة والمتكررة بربط عودتها إلى طاولة المفاوضات بعودة جميع المبعدين، سيضعها في موقف حرج أمام حركة حماس والقوى الفلسطينية المعارضة والأهم من ذلك أمام الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات والذي لا يزال يظهر تفاعلا قويا مع قضية المبعدين ويعتبرها قضيته الأساسية والأولى في الوقت الراهن.
وعلى الجانب الأردني الذي يرتبط إلى حد ما بالموقف الفلسطيني في إطار الوفد المشترك، فلا شك أن الأمر سيكون بالنسبة له أكثر صعوبة من الموقفين السوري واللبناني، ولكن بدرجة أقل من الطرف الفلسطيني، وفي مقابلة صحفية مع رئيس الوفد الأردني لمفاوضات السلام، قال في رده على سؤال حول موقف الأردن فيما إذا قررت الوفود العربية في اجتماعات دول الطوق المشاركة في المفاوضات- رغم استمرار قضية المبعدين – أن الأردن سيلتزم بالقرار وأضاف أن المفاوضات عامة والاستمرار بها هام أيضا مع أننا نعي أن هذا الاستفزاز – الإبعاد – لا يحمل دلالة إيجابية.
وعلى صعيد آخر قام وزير الخارجية الأردني بزيارة إلى دمشق التقى خلالها مع الرئيس السوري ووزير الخارجية فاروق الشرع.
ويعتقد أن هذه الزيارة جاءت لتنسيق المواقف فيما يتعلق بموضوع المشاركة في الجولة القادمة.
أما على الجانب اللبناني، فقد صرح رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري خلال زيارته لمصر وعقب لقائه مع حسني مبارك، أن عملية السلام يمكن أن تستمر رغم عدم التوصل إلى حل لقضية المبعدين، وأنه يمكن طرح قضيتهم على طاولة المفاوضات، ولا يعتقد أنه سيكون هنالك أية إشكالات بالنسبة للجانب السوري الذي كان موقفه باهتا إزاء قضية المبعدين، ولم يرق إلى الحد الأدنى من الدعم والتضامن، وقد أعلن وزير الإعلام السوري استعداد دمشق تلبية الدعوة الأمريكية لحضور المفاوضات وأكد تمسكها بخيار المفاوضات.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر قد لعبت دورا كبيرا في إقناع مختلف الأطراف العربية بضرورة استئناف المفاوضات وعدم ربطها بقضية المبعدين، فقد شهدت الفترة السابقة نشاطا مصريا ملحوظا في هذا الاتجاه حيث رحب وزير الخارجية المصري بالصفقة الإسرائيلية -الأمريكية وكان أول من اعتبرها خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح!! كما التقى حسني مبارك بالرئيس السوري حافظ الأسد وبرئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وبرئيس اللجنة التنفيذية ل (م ت ف) ياسر عرفات الذي زار مصر مرتين خلال أسبوع واحد. وكانت بعض المصادر قد أشارت في وقت سابق إلى أن مصر هي صاحبة الاقتراح بحل قضية المبعدين على مراحل وهو ما تحاول (إسرائيل) والإدارة الأمريكية تسويقه حاليا.
لكن وعلى الرغم من الأجواء السائدة والاعتقاد شبه المؤكد باستئناف المسيرة السلمية التي أثبتت حتى الآن عجزها عن التقدم خطوة نحو الأمام، فإن الموقف البطولي والمشرف للمبعدين الرافض لكل المساومات على قضيتهم، ربما كان له دور كبير في مواجهة الموقف المتخاذل للأطراف العربية والسؤال المطروح الآن على الوفود العربية المناضلة على موائد المفاوضات هو إذا كانت الإدارة الأمريكية (راعي المفاوضات النزيه!!) والمجتمع الدولي قد قاموا بالالتفاف على قرار مجلس الأمن رقم ۷۹۹ الصادر قبل أيام، والذي لا يحتمل التأويل والتفسير وأفرغوه من مضامينه، فكيف سيتم التعامل مع قرارات ٢٤٢ و۳۳۸ الصادرة منذ عشرات السنين والتي يختلفون حول تفسيرها مع (إسرائيل)بشكل جذري حتى قبل بدء المفاوضات؟؟
إن زيارة وزير الخارجية الأمريكي وصدور موقف عربي بالمشاركة في المفاوضات مع تجاهل قضية المبعدين الرابضين على قمم الجبال، سيرافقه بالتأكيد تعتيم إعلامي من قبل وسائل الإعلام العربية الرسمية في الفترة القادمة لتمهيد الأجواء أمام انعقاد جولات مفاوضات مريحة دون إثارة مشاعر الشعوب العربية، وهو ما يفرض على وسائل الإعلام الإسلامية بشكل خاص تركيزا خاصا واهتمامًا مضاعفا بمتابعة قضية المبعدين بهدف إبقائها حية في الحس والوجدان العربي والإسلامي.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل